< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

34/03/14

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: حكم قطع الطواف
 كان البحث في التاسع عشر من مسائل الطواف وقد أسلفنا أنه لا دليل على حرمة قطع الطواف وأن الروايات لا تساعد على ذلك.
 
 بقي هنا أمور:
 الأمر الأول: قد يظن أن الآية التالية تدل على الحرمة: يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا أَطيعُوا اللَّهَ وَ أَطيعُوا الرَّسُولَ وَ لا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ [1] .
 إن الباري سبحانه في هذه الآية نهى عن أبطال الأعمال وعليه قد استدل بهذه الآية على حرمة قطع الصلاة والصوم والطواف وما شابه ذلك.
 ولكن يرد عليه أن الآية تعني بطلان آثار الأعمال بالعجب والمنة والرياء حيث بها تحبط الأعمال والشاهد على ذلك هو ما يلي:
 الَّذينَ كَفَرُوا وَ صَدُّوا عَنْ سَبيلِ اللَّهِ وَ شَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدى‌ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً وَ سَيُحْبِطُ أَعْمالَهُمْ [2] .
 إن هذه الآية تقول أن الكافرين بصدهم عن سبيل الله وشاقة الرسول قد أحبطوا أعمالهم ثم تأتي الآية موضع البحث خطابا للمؤمنين بأن لا تحبطوا أعمالكم فيصبح النهي بذلك إرشادياً!
 الشاهد الثاني: هو الآية: يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَ الْأَذى [3] .
 إن بطلان الصدقة لا يعني قطعها لأنها ليست كالصلاة والصوم والطواف حتى يصدق عليها القطع ولذلك تعني الآية بالبطلان هو حبط العمل وسحق الثواب.
 والشاهد الثالث: هو سبب النزول لأن بني أسد عندما آمنوا أرادوا أن يمنوا على الرسول بإسلامهم فالآية خاطبتهم بأنهم لا يبطلوا عملهم ولا يمحقوا ثوابهم بذلك.
 الشاهد الرابع: إن الآية من سورة محمد وهي ليست بصدد بيان الفروع مثل الصوم والصلاة والطواف بل هي تتحدث عن أصول الدين وفروعه الهامة مثل أصل طاعة الله وطاعة الرسول (صلى الله عليه وآله) بطل الأعمال بعصيانهما فالآية تتحدث عن قضية جامعة وليست معنية بالمفردات مثل الصوم والصلاة والطواف فإنها لا تنسجم مع السياق. والظاهر من الإبطال أو هبط الأعمال.
 حتى إذا شككنا في مراد الآية بأنها ترمي إلى ما نحن نقوله أو ما يقوله صاحب الرأي الآخر، تصبح الآية مبهمة لنا ولا يمكن الاستدلال بآية مبهمة لإثبات المدعى.
 الأمر الثاني: إن السيد الماتن قال بالاحتياط في ذيل المسألة البعض قال أنه (قدس سره) يريد الاحتياط الوجوبي وبعض آخر قال أن الاحتياط في الحكم الوضعي. نحن بعد دراسة الموضوع ثانية خلصنا إلى أن الاحتياط استحبابي، فسماحته يقول: يجوز قطع الطواف المستحب بلا عذر، و كذا المفروض على الأقوى، و الأحوط عدم قطعه بمعنى قطعه بلا رجوع إلى فوت الموالاة العرفية.
 إن السيد الماتن في واقع الأمرين يريد أن في قطع الطواف صورتان، ففي صورة لا تلغى الموالاة، في هذه الصورة يعود ويتم طوافه، هذا القطع ليس بحرام ولا مبطل.
 وفي صورة تلغى الموالاة، وهذه هي التي قال البعض فيها بأن القطع يحرم في حين أن السيد الماتن قال فيها بالجواز ثم أردف القول بالاحتياط الاستحبابي بأن يكون القطع إلاّ بعد إلغاء الموالاة.


[1] سورة محمد، الآية: 33.
[2] سورة محمد، الآية: 32.
[3] سورة البقرة، الآية: 264.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo