< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

34/03/11

بسم الله الرحمن الرحیم

 المحاضرة الأخلاقية
 عن الإمام الهادي (عليه السلام): خَيْرٌ مِنَ الْخَيْرِ فَاعِلُهُ وَ أَجْمَلُ مِنَ الْجَمِيلِ قَائِلُهُ وَ أَرْجَحُ مِنَ الْعِلْمِ حَامِلُهُ وَ شَرٌّ مِنَ الشَّرِّ جَالِبُهُ وَ أَهْوَلُ مِنَ الْهَوْلِ رَاكِبُهُ [1] .
 إن الإمام في كلامه هذا يشير بثلاثة جمل إلى القيم وبجملتين إلى الأعمال المنافية للقيم كما انه تنبه في عباراته هذه إلى قانون العلية ليفيد انه عند معالج الأمور يجب أن تبدأ بالأسباب قبل المسببات فعندما نشاهد أعمالاً طيبة فيلزم أن نشجع أهلها ليرغب الإنسان فيها، وإذا ما رأينا أعمالاً خبيثة فلابد من قلع جذورها فإن الذي ينشر الخوف والشر وعدم الأمان في المجتمع يجب القضاء عليه!
 فما أشار إليه الإمام (عليه السلام) قاعدة اجتماعية وسياسية واقتصادية وعقلانية.
 ومن هنا يتبين انه لا يكفي في معالجة المنكر ونشر المعروف لا يكفي أن ندعم المعروف وننكر المنكر بل يجب أيضاً أن نتعامل مع الفاعل لهما أيضاً ونعالج الجذور لكي لا ينتشر الفساد من طرق أخرى.
 والدلالة الأخرى للحديث هو إن فاعل الخير أفضل من فعل الخير فعلك لأن في الفاعل ملكة تترشج منها الأعمال الخيرية والمعاني الطيبة، وعليه، إلى جانب النفور من الظلم واستنكاره يلزم أن ننفر أكثر من الظالم لأنه هو أصل الظلم ومنشأه وهو سبب في مظالم أخرى أكثر فداحة وضرراً.
 * * *
 عنوان البحث الفقهي: حكم إضافة شوط سهواً
 البحث في المسألة الثامنة عشرة من مسائل الطواف وهو أن يضيف الطائف شوطاً سهواً وقد أسلفنا أن يضيف ستة أشواط لتبلغ أربعة عشر شوطاً!
 كان البحث في أن الواجب هل هو الطواف الأول أو الثاني؟ قلنا أن ذلك كان موضع اختلاف بين الفقهاء، إن قلنا أن الثاني مستحب تترتب عليه أحكام معينة مثلاً يجوز قطعة ولا يشترط فيه الوضوء والغسل، وإن كان واجباً فاذا طمثت المرأة مثلاً من دون علم فإذا كان قبل الأربعة فطوافها باطل وان كان بعد الأربعة فيجب أن تقطع الطواف ثم تكمله في حين أنه لو كان مستحباً لا تجري فيه هذه الأحكام.
 قد ذكرنا أدلة الطرفين وانه لو تصفحنا أدلة الذين قالوا إن الطواف الأول هو المستحب والثاني هو الواجب لرأينا أنهم لم يتمسكوا بدليل رصين.
 فتارة تمسكوا بمرسلة مأخوذة من فقه الرضا وأخرى رواية من فقه الرضا أيضاً ولكن لم يثبت انتسابها للأئمة وثالثة رواية من علي بن أبي حمزة وهي ضعيفة سنداً. والرابع ما ورد من الأمر في الروايات من إضافة ستة أشواط والأمر ظاهر في الوجوب والخامس رواية لزرارة وهي صحيحة سنداً إلاّ إن ذيلها يعارض صدرها وهي:
 عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ حَرِيزٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) قَالَ إِنَّ عَلِيّاً (عليه السلام) طَافَ طَوَافَ الْفَرِيضَةِ ثَمَانِيَةً فَتَرَكَ سَبْعَةً وَ بَنَى عَلَى وَاحِدٍ وَ أَضَافَ إِلَيْهِ سِتّاً ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَلْفَ الْمَقَامِ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ السَّعْيِ بَيْنَهُمَا رَجَعَ فَصَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ تَرَكَ فِي الْمَقَامِ الْأَوَّلِ [2] .
 ففي الصدر تقول: فَتَرَكَ سَبْعَةً وَ بَنَى عَلَى وَاحِدٍ وهذا يعني انه لا يعد السبعة الأولى شيئاً من الأساس ويبني على الشوط الواحد فيكمله سبعاً! فإذا كان الطواف الأول باطلاً وحتى لا يكون مستحباً فلا يحتاج إلى صلاة الطواف ولكن في ذيل الرواية يقول: ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَلْفَ الْمَقَامِ و فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ السَّعْيِ بَيْنَهُمَا رَجَعَ فَصَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ.
 أي انه يصلي لكل طواف ركعتين.
 ثم إن في هذا القول مخالفتين للقواعد:
 أولاً: لو قلنا باستحباب الطواف الأول فهذا يستلزم العدول في حين إن الطائف قد نوى الوجوب وأتم الطواف أسبوعاً ومثل هذا العدول لا يوجد حتى في الصلاة لأن العدول في الصلاة لا يكون إلاّ في الأثناء لا بعد الإتمام فلو صلى المكلف صلاة الظهر بنية صلاة العصر وأتمها مثلاً لا يستطيع العدول بها إلى الظهر بل إن صلاته باطلة، هذا وان قال صاحب العروة بالعدول هنا إلاّ انه لم يتبعه أحد في ذلك!
 وفي ما نحن بصدده، إن الطائف أتى بالطواف واجباً في سبعة أشواط لكنه يقلبه إلى طوافاً مستحباً!
 وثانياً: ان الشوط السهوي ليس فيه عزم جدي وإنما أتى به خطأ فكيف يكون يصلح لأن يكون هذا الشوط أول شوط من طواف واجب؟!
 أجل يتبقى ظهور الأمر في الوجوب وهو ليس بشيء إلى جانب كل نقاط الضعف والمخالفات للقواعد ولاسيما نحن لا نعتبر الخبر الواحد حجة فيما لو كان مخالفاً لقاعدة فقهية هامة ففي مثل هذا لابد أن تقوم أخبار متعددة لكي نستطيع بها أن نخالف القاعدة!
 لكن أدلة القائلين بأن الطواف الأول هو الواجب رصينة وذلك لأجل الاعتماد على روايات متعددة تقول بأن الطواف الأول هو الفريضة مضافاً إلى إنه نوى الطواف سبعة أشواط وقد أكملها أسبوعاً زائداً إلى إن القائلين بهذا الرأي أكثر عدداً وأكثر شهرة في عالم الفقه!
 


[1] بحار الأنوار، ج 75، ص 370.
[2] وسائل الشیعة، باب 34 من أبواب طواف حدیث 7.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo