< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

34/02/14

بسم الله الرحمن الرحیم

 بحث أخلاقي بمناسبة موسم صفر التبليغي
 يقول الله (عزوجل) في القرآن الكريم: وَ مَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ وَ عَمِلَ صالِحاً وَ قالَ إِنَّني‌ مِنَ الْمُسْلِمينَ [1] .
 في هذه الآية يعرف الله أفضل المسلمين وأحسنهم قولاً وهم الذين يراعون ثلاثة أمور:
 الأول: دعوتهم إلى الله والعمل على تقريب الناس إليه (عزوجل).
 الثاني: تؤيد أقوالهم بالاعمال وتدل عليها بأنهم يعتقدون ويؤمنون بما يقولون.
 الثالث: أنهم يستسلمون أمام الحق (عزوجل) ويعلنون ذلك بشكلٍ صريح أن الذين يبلغون رسالات الله عليهم أن يكونوا خاضعين للحق (عزوجل) بعض أسباب النزول تقول أن الآية تشير إلى بلال حيث كان يرفع نداء التوحيد في بيئة مظلمة بأعلى صوته.
 يمكن اعتبار بلال أحد مصاديق هذه الآية، بالإضافة إلى أنها تشمل جميع الأنبياء والأوصياء والفضلاء والخطباء الذين عملوا على رفع راية الحق خفاقة.
 والآية التالية أكملت معنى الآية السابقة: ادْفَعْ بِالَّتي‌ هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذي بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَميمٌ [2] .
 يعني يا أيها المبلغون والداعون إلى الله، لا تقابلوا أذية الناس بنفس الأذى، وبدلوا الإساءة بالإحسان، ومن خلال هذا الطريق استقطبوا الناس وأدعوهم إلى الله (عزوجل).
 إن أوضاع الناس اليوم تختلف عما كانوا عليه في الأمس، فإنه في السابق كان الأشخاص العاديين والمبشرين يثيرون بعض الشبهات عن الإسلام ولكن اليوم فإن الهجمة ضد الإسلام تدار من قبل كبار الساسة ورجال الأعلام.
 أعمال مثل إنتاج معادية للإسلام، إلقاء الشبهات، نشر الفواحش على صفحات الانترنت، وفي الفضائيات وما إلى ذلك من أعمال عدوانية مشبوهة.
 في الوقت الراهن الآلاف الآلاف من صفحات الانترنت، وشاشات الفضائيات مشغولة بالإعلام ضد الإسلام وضد مذهب أهل البيت (عليهم السلام).
 يجب أن لا تشعرنا هذه الهجمة باليأس أبداً في كل سنة يرتقي الإسلام من داخل هذه الدول، فيجب أن لا نيأس فحسب بل يجب علينا أن نشد عزيمتنا ونواصل عملنا بعزم وإرادة قويتين.
 ويلزم أن نعرف شبهاتهم ونرد عليها، وأن نبين أحكام الإسلام كما هي وفي نفس الوقت يجب أن نقوي إيماننا من خلال العمل بهذه الأحكام.
 إن التبليغ في هذه الظروف جهاد أكبر لأنه في نفس الوقت الذي هو مكافحة هوى النفس كذلك هو تصدي لمخططات العدو الشريرة!
 وهنا يجب الانتباه إلى أن أحياء مجالس العزاء يلزم أن لا يختلط بالخرافات. من الأعمال الهدامة في هذا الشأن محاولة حفظ حب الإمام الحسين (عليه السلام)، بالممارسات الخرافية واللاخلاقية.
 يجب على المبلغين الرساليين أن يطلعوا الناس على هذه الأمور ويذكروهم بها من طريق حملة إعلامية مدروسة وعقلانية.
 * * *
 عنوان البحث الفقهي: حكم زيادة أقل من شوط سهواً
 كان البحث في الطواف، وقلنا أن الطواف يجب أن يكون سبعة أشواط، والآن نعالج مسألة الزيادة في الطواف (وتقدم البحث في النقص السهوي) في هذه المسألة تفريعان:
 الأول: زيادة أقل من شوط.
 والآخر: زيادة شوط وأكثر.
 في الفرع الأول يقول السيد الماتن: لو زاد على سبعة سهوا فان كان الزائد أقل من شوط قطع و صح طوافه....
 لا يبين السيد حكم الزيادة العمدية لأن حكمها واضح، وفي خصوص الزيادة السهوية يقول إذا كانت الزيادة السهوية أقل من شوط يدعها وطوافه صحيح.
 قد تطرق صاحب الجواهر إلى بحث الزيادة العمدية في المجلد التاسع عشر ففي ص 308، بين حكم الزيادة السهوية التي تشمل زيادة شوط كامل في حدود حوالي خمسين إلى ستين صفحة، في نفس الوقت لبحث في هذا المجلد في ص 364. كما انه يبين حكم الزيادة السهوية التي تقل عن شوطٍ في ص 384.
 عجباً كيف عالج صاحب الجواهر وباقي شراح الشرائع هذه المسائل بهذه الطريقة المبعثرة.
 الأقوال في زيادة أقل من شوط سهواً.
 يقول صاحب الجواهر: صرح به الشیخ (أي أنه يقطع طوافه من نفس المكان وطوافه صحيح) و بنو زهره و براج و سعید والفاضل وغیرهم علی ما حکی عن بعضهم بل هو المشهور بل لا أجد فیه خلافا الا من بعض متاخري المتاخرین بناء علی أصل فاسد و هو عدم انجبار الخبر الضعیف بالعمل [3] (وسيأتي أن المستند رواية ضعيفة)..
 يقول صاحب كشف اللثام: لو کان الزیادة سهوا قطع فعلا او نیة (يعني أنه يقطع أو يكمل بدون نية الطواف). إن ذكر قبل بلوغه الركن العراقي [4] (يعني هنا الحكم يجري إن تذكر قبل الركن العراقي أي أنه مشى ضلعاً واحداً من إضلاع الكعبة ولم نجد لهذا الشرط أثراً في كلام غير المؤلف).
 دليل المسألة:
 الروايات:
 عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ أَبِي كَهْمَسٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) عَنْ رَجُلٍ نَسِيَ فَطَافَ ثَمَانِيَةَ أَشْوَاطٍ قَالَ إِنْ ذَكَرَ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ الرُّكْنَ فَلْيَقْطَعْهُ [5] .
 في سند الرواية أبي كهمس وأسمه هيثم بن عبيد أو هيثم بن عبدالله وهو مجهول الحال، وعلى هذا فسند الرواية ضعيف وكما أن دلالتها غير واضحة فما المراد من قوله: قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ الرُّكْنَ فهل هو ركن الحجر الأسود، بحيث يكون المقصود الركن العراقي وهو الذي الحجر الأسود؟
 المشهور قد فهم من الركن الحجر الأسود والشاهد على ذلك هو نفس الرواية وقد نقلت بسندٍ آخر وهي مطابقة للرواية السابقة ولكن مع زيادةً وهذه الزيادة تعتبر قرينة على أن المراد من الركن هو ركن الحجر الأسود، يعني شخص أتى بشوطٍ كامل وهذه الرواية:
 بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ مِثْلَهُ وَ زَادَ وَ قَدْ أَجْزَأَ عَنْهُ وَ إِنْ لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى بَلَغَهُ فَلْيُتِمَّ أَرْبَعَةَ عَشَرَ شَوْطاً وَ لْيُصَلِّ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ.
 مثل هذه الرواية روايات كثيرة، بأنه إذا أصبح الطواف ثمانية أشواط فيجب الإتيان بستة أشواط أخرى حتى تصبح أربعة عشر شوطاً.
 يظهر أن صاحب كشف اللثام لم يلتفت إلى هذه القرينة، وعلى هذا تصور أن المراد من الركن في الرواية الركن الأول بعد الحجر الأسود، الذي هو الركن العراقي.
 وعلى كل حال فإن الرواية المذكورة ضعيفة السند، وضعفها مجبور بعمل المشهور ولكن لهذه الرواية معارضان:
 الأول:
 الرواية الخامسة في هذا الباب وهي رواية معتبرة:
 عَنْ مُوسَى بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ مَنْ‌ طَافَ بِالْبَيْتِ فَوَهِمَ حَتَّى يَدْخُلَ فِي الثَّامِنِ فَلْيُتِمَّ أَرْبَعَةَ عَشَرَ شَوْطاً ولْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ [6] .
 يظهر من هذه الرواية أنه دخل في الشوط الثامن ولم يكمل الشوط بشكل نهائي.
 بعدها يقول الإمام: إذا دخلت الشوط الثامن فيجب أن تكمل حتى تنهي سبعة أشواط كاملة.
 يجب من باب أعراض المشهور أن ندع هذه الرواية جانباً أو أن نحملها على معنى آخر وأن كان خلاف الظاهر ونقول: المراد من الدخول هو الدخول في كامل الشوط الثامن، لا بعضه بحيث يصبح الدخول في الشوط الثامن شوطاً كاملاً.
 على كل حال نحن نذهب إلى أن أعراض المشهور كافياً لرفض الرواية.
 الثاني:
 الرواية الحادي عشر من نفس الباب:
 عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ (عليه السلام) قَالَ الطَّوَافُ الْمَفْرُوضُ إِذَا زِدْتَ عَلَيْهِ مِثْلُ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ إِذَا زِدْتَ عَلَيْهَا فَعَلَيْكَ الْإِعَادَةُ وَ كَذَلِكَ السَّعْيُ [7] .
 يعني الطواف الواجب مثل الصلاة الواجبة إذا زدت عليها شيئاً يجب عليك إعادتها، إن هذه الرواية تدل على مطلق الزيادة وحتى ولو كانت الزيادة أقل من شوط.
 ومن هنا يتضح أن هذه الرواية مطلقة ويمكن أن تقيّد برواية أبي كهمس التي تقول أن الإعادة يجب أن تكون إذا لم تكن أقل من شوط.
 والصلاة تبطل كذلك إذا كانت الزيادة ركعة كاملة، إذا فالبدء في الركعة قبل الوصول إلى الركوع لا تضر بالصلاة.
 وللبحث صلة.
 
 
 
 
 


[1] سورة فصلت، الآية: 33.
[2] سورة فصلت، الآية: 34.
[3] الجواهر، ج 19، ص 384.
[4] کشف اللثام، ج 5، ص 424.
[5] الوسائل، أبواب طواف، باب 34، حدیث 3.
[6] الوسائل، أبواب طواف، باب 34، حدیث 11.
[7] الوسائل، أبواب طواف، باب 34، حدیث 5.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo