< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

34/02/13

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: نقصان الطواف سهواً
 البحث في سابع واجبات الطواف، وهو إنه يجب طواف سبعة أشواط.
 ووصلنا إلى المسألة السادسة عشرة والسابعة عشرة، وهي أنه إذا أنقص شخص سهواً من طوافه فماذا يجب عليه أن يفعل.
 المشهور يقول بالتفصيل فاذا كان قبل الشوط الرابع فطوافه باطل، ويجب أن يعيد السبعة أشواط من البداية، وإلا ففي الباقي يمكن التدارك.
 قلنا أنه لا توجد روايات للتفصيل المذكور، ولكن يمكن إيضاح المسألة من خلال الروايات الواردة في الموارد الأخرى وهي الروايات الواردة في باب في المريض.
 هذه الروايات فرقت بين كون الطواف في الشوط الرابع عدم كونه، الأفضل من هذه الروايات حديث يحتوي على تعليل.
 عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ عَمَّنْ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) عَنِ امْرَأَةٍ طَافَتْ أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ وَ هِيَ مُعْتَمِرَةٌ ثُمَّ طَمِثَتْ قَالَ تُتِمُّ طَوَافَهَا وَ لَيْسَ عَلَيْهَا غَيْرُهُ (يعني لا يجب عليها أن تعيد) وَ مُتْعَتُهَا تَامَّةٌ وَ لَهَا أَنْ تَطُوفَ بَيْنَ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ (لأنه لا يجب أن يكون الشخص طاهراً عند ذلك) لِأَنَّهَا زَادَتْ عَلَى النِّصْفِ (هذه العلة يمكن تعميمها لتشمل كل موارد العذر) وقَدْ قَضَتْ مُتْعَتَهَا فَلْتَسْتَأْنِفْ بَعْدَ الْحَجِّ (تأتي ما بقي لها بعد الحج) وَ إِنْ هِيَ لَمْ تَطُفْ إِلَّا ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ فَلْتَسْتَأْنِفِ الْحَجَّ (أي تنقل حجها إلى حج أفراد بعد بطلان عمرتها) [1] .
 الحديث سنداً: إبراهيم بن إسحاق مشترك بين الثقة وغير الثقة ولكن هناك احتمال قوي أن يكون الذي ورد في سند هذه الرواية هو إبراهيم بن إسحاق الأحمري النهاوندي، إلاّ أننا لا نعرف له أستاذة ولا تلاميذه حتى نعينه من خلال ذلك.
 وعليه هناك إشكال في سند هذا الحديث ولكن دلالته واضحة.
 بالإضافة إلى ذلك يستشم من السند رائحة الإرسال لأن عبارة (عمن سأل أبا عبدالله) قد تفيد أن هناك من سأل وكان الراوي حاضراً، أو أن هناك من سأل ثم سمع الراوي من السائل.
 زائداً على الرواية يمكن التمسك بالأصل لأن: الشخص الذي سهى وهو لا يدري هل يجب عليه أن يعيد السبعة أشواط من البداية أو عليه أن يكمل فقط؟ والأصل يقتضي البراءة في أنه بعد اجتياز النصف لا يجب عليه إلاّ الإكمال.
 ولا تجري أصالة الاشتغال هنا لأنه من موارد باب الأقل والأكثر.
 وهناك رواية أخرى تبرز الحكم المطلق لأنها لم تفصل بين الأقل من أربعة أشواط والأكثر من ذلك والإمام (عليه السلام) على نحو الإطلاق يقول: يجب الرجوع وإتمام الأشواط الباقية:
 عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) رَجُلٌ طَافَ بِالْبَيْتِ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّفَا فَطَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ فَبَيْنَمَا هُوَ يَطُوفُ إِذْ ذَكَرَ أَنَّهُ قَدْ تَرَكَ بَعْضَ طَوَافِهِ بِالْبَيْتِ قَالَ يَرْجِعُ إِلَى الْبَيْتِ فَيُتِمُّ طَوَافَهُ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ فَيُتِمُّ مَا بَقِيَ [2] .
 هذه الرواية صحيحة وطبقاً لها أنه في حالة السهو حتى ولو كانت الأشواط التي أديت أقل من النصف، فإنه يمكن تدارك الأشواط الباقية، إلاّ أن يقال إن كلمة (بعض) في عبارة الإمام حيث يقول: قد ترك بعض طوافه، يستفاد منها أن الباقي ليس هو أكثر الطواف بل بعضه ومقدار قليل منه وهذا يعني تجاوز النصف، على أية حال إذا كان هذا الحديث مطلقاً فإنه يقيد بالأحاديث السابقة، وهذه الرواية تحمل على تجاوز النصف، وإذا لم يكن فيها إطلاق تصبح مؤيدة.
 بقي هنا أمور:
 الأول: يقول السيد الماتن: لو نقص من طوافه سهوا فان جاوز النصف فالاقوی وجوب إتمامه الا ان یتخلل الفعل الکثیر.
 نقول إن السيد يحصر وجوب الإتمام في حالة لم يتخلل بين الأشواط الفعل الكثير.
 ونحن نقول: إذا لم يتخلل الفعل الكثير فإنه ممكن من الإتمام حتى إذا لم يكمل النصف، عليه لماذا فرق الإمام (قدس سره) بين تجاوز النصف وعدمه؟
 مضافاً إلى ذلك أن الدليل على التفصيل بين أربعة أشواط وعدمه هي روايات المرأة الحائض، والمريض، وأمثال ذلك، حيث لا توجد موالاة في هذه الحالات.
 الثاني: يذهب السيد الماتن في هذه المسألة إلى الاحتياط، ويقول: فالأقوى وجوب إتمامه‌ إلا أن يتخلل الفعل الكثير، فحينئذ الأحوط الإتمام و الإعادة.
 في حال كون الأشواط قبل النصف يلزم الاحتياط بالإتمام، والإعادة البداية، مع أن احتياطه وجوبي، وهذا كله يعني أنه متوقف في المسألة.
 نقول: برأينا لا حاجة الأمر إلى الاحتياط.
 على أية حال أن السيد (قدس سره) في كثير من الموارد في تحرير الوسيلة يذهب إلى الاحتياط، ولعل السبب هو أنه كيف الكتاب في المنفى ولم تتوفر لديه المصادر الكافية.
 الثالث: لا يخلو كلام السيد (قدس سره) في المسألة السابعة عشرة من إبهام.
 فإنه يقول: لو لم يتذكر بالنقص إلا بعد الرجوع إلى وطنه مثلا، يجب مع الإمكان الرجوع إلى مكة لاستينافه و مع عدمه أو حرجيته تجب الاستنابة، و الأحوط الإتمام ثم الإعادة.
 يقول (قدس سره): لو لم يتذكر بالنقص إلا بعد الرجوع.
 ولم يفصل في النقص بين ما يكون التذكر بعد النصف وقبله.
 وفي المقطع الثاني من كلامه وردت كلمة (استئناف) حيث يقول: يجب مع الإمكان، الرجوع إلى مكة لاستينافه. بمعنى أنه يجب أن يعيد الطواف من البداية.
 لماذا لم يكرر الإمام (قدس سره) في هذه المسألة ما قاله في المسألة السابقة حيث يقول بالتفصيل مع وجوب الاحتياط.
 وهل أن الحكم يتبدل بالعودة إلى الوطن؟
 وللبحث صلة.
 
 


[1] وسائل الشیعة، باب 85 من أبواب طواف، حدیث 4.
[2] وسائل الشیعة، باب 32 من أبواب طواف، حدیث 2.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo