< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

34/02/08

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: حكم الطواف في الفاصل بين المقام والبيت
 كان البحث في وجوب الطواف بين البيت والمقام وعدمه وهو الخامس من واجبات الطواف؛ قلنا أنه لا يجب ذلك بل نتمكن الطواف في أي نقطة من المسجد حتى في غير حال الضرورة.
 ثم انتقلنا إلى بحث حول المقام فكان الموضوع الأول هو وجه التسمية بمقام إبراهيم وقد انتهينا منه والثاني في أن مقام نبي إبراهيم (عليه السلام) في عصر الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) في أي موضع كان هل كان في مكانه الحالي أم كان ملتصقاً بمقام إبراهيم؟
 في ذلك فرضيتان متعارضتان:
 الأولى: أن المقام في عصر الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) كان متصلاً بالبيت واستمر ذلك في عهد أبي بكر حتى زمن عمر حيث أمر بفصله عن البيت ونقله إلى موضعه الحالي وهو الموضع الذي كان على عهد النبي إبراهيم (عليه السلام).
 وقد ذهب إلى ذلك مالك والطبري وآخرون!
 ولكن يرد عليه:
 أولاً: من إين علم الخليفة الثاني بموضع الحجر في عصر النبي إبراهيم؟ الطريق الوحيد للعلم بذلك هو الوحي ومن طريق الوحي لم يكشف عن شيء من ذلك.
 ثانياً: لو كان انتقال الحجر إلى موضعه الأول واجباً فلم لم ينقله الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) نفسه؟ فإن الرسول كان أولى بذلك!
 ثالثاً: لو كان المقام في عصر الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) ملتصقاً بالبيت فكيف كان الفاصل بين البيت وموضعه الحالي يحدد لأن المفروض كانت المسافة في ذلك الوقت أيضاً تراعى، ولو كان ذلك ملتزم به حقاً فلم لم يرد في كتب التاريخ والروايات؟!
 يبدو إن البعض اختلق هذه الفرضية ليثبت فضيلة للخليفة الثاني، لم تثبت حتى للرسول نفسه!
 الفرضية الثانية:
 أن المقام في عصر الرسول (صلى الله عليه وآله) بل في زمن الخليفة الثاني أيضاً كان في هذا المكان إلاّ انه قد جرى سيل ونقل المقام من موضعه إلى محل آخر ولكنهم لفترة قصيرة وضع ملتصقاً بالبيت، وبعد ذلك اعتمر عمر في شهر رمضان في إحدى السنين فأمر أن يوضع في المكان الذي كان فيه على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم سأل عن المسافة بينه والبيت فقال رجل أختلف في اسمه بأنه قاس المسافة لأنه توقع السيل فوضع المقام على حد المسافة التي ادعاها ذلك الشخص، هذه الفرضية ليست بعيدة عن الواقع وقد نقلها صاحب الجواهر في كتابه كما نقل مصدرها!
 إن هذه الفرضية وإن كانت راجحة إلاّ أن هناك روايتين أو ثلاثة تفيد أن المقام كان ملتصقاً بالبيت!
 إحدى رواية ياسين الضرير التي تقول:
 قَالَ كَانَ النَّاسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ وَ الْمَقَامِ وَ أَنْتُمُ الْيَوْمَ تَطُوفُونَ مَا بَيْنَ الْمَقَامِ وَ بَيْنَ الْبَيْتِ... [1] .
 ومنها صحيحة إبراهيم بن محمود:
 مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي مَحْمُودٍ قَالَ قُلْتُ لِلرِّضَا (عليه السلام) أُصَلِّي رَكْعَتَيْ طَوَافِ الْفَرِيضَةِ خَلْفَ الْمَقَامِ حَيْثُ هُوَ السَّاعَةَ أَوْ حَيْثُ كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) قَالَ حَيْثُ هُوَ السَّاعَةَ [2] .
 فالراوي يسأل الإمام (عليه السلام) هل أن ركعتي الطواف وفقاً للآية: وَ اتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهيمَ مُصَلًّى [3] . تصلى خلف المقام حيث الآن أو حيث كان على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ فقال حيث هو الساعة وللكليني رواية أخرى لم ترد في الوسائل فهي تقول:
 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ عَنْ زُرَارَةَ عن أبي جعفر (عليه السلام) كَانَ مَوْضِعُ الْمَقَامِ الَّذِي وَضَعَهُ إِبْرَاهِيمُ (عليه السلام) عِنْدَ جِدَارِ الْبَيْتِ فَلَمْ يَزَلْ هُنَاكَ حَتَّى حَوَّلَهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي هُوَ فِيهِ الْيَوْمَ فَلَمَّا فَتَحَ النَّبِيُّ (صلى الله عليه وآله) مَكَّةَ رَدَّهُ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي وَضَعَهُ إِبْرَاهِيمُ (عليه السلام) فَلَمْ يَزَلْ هُنَاكَ إِلَى أَنْ وَلِيَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَسَأَلَ النَّاسَ مَنْ مِنْكُمْ يَعْرِفُ الْمَكَانَ الَّذِي كَانَ فِيهِ الْمَقَامُ فَقَالَ رَجُلٌ أَنَا قَدْ كُنْتُ أَخَذْتُ مِقْدَارَهُ بِنِسْعٍ فَهُوَ عِنْدِي فَقَالَ ائْتِنِي بِهِ فَأَتَاهُ بِهِ فَقَاسَهُ ثُمَّ رَدَّهُ إِلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ [4] .
 والسؤال هو: ما السبب الذي كان يدعو عمر أن يصر على إرجاع المقام إلى ذلك الموضع؟! الأمر الذي لم يصنعه حتى الرسول (صلى الله عليه وآله)؟!
 مهما يكن من شيء لا نستطيع أن نتخذ قرار صحيحاً بشأن تحديد موضع المقام إلاّ أن الراجح هو ان المقام كان في موضعه الذي هو فيه الآن ولاسيما انه في مصادر الجمهور لم يرد تحديداً للفاصل بين البيت والمقام! وبما أن القضية لم تكن مسألة سياسية فعدم وجوب الالتزام بالمسافة عندهم تصلح لأن تكون قرينة على عدم الوجوب.
 * * *
 يقول السيد الماتن عن السادس من واجبات الطواف: السادس: الخروج عن حائط البيت وأساسه فلو مشى عليهما لم يجز ويجب جبرانه كما لو مشى على جدران الحجر وجب الجبران وإعادة ذاك الجزء ولا بأس بوضع اليد على الجدار عند الشاذروان والأولى تركه؟!
 ماذا يعني السيد الماتن بـ (الخروج عن حائط البيت..)؟! ان الفقهاء الآخرون عبروا بـ (حائط الحجر...) لأن البحث عن المشي عن أساس البيت وليس حائطه!
 مهما كان ففي المسألة فرعان:
 الأول: لا يجري الطواف على أساس البيت وأما وضع اليد على الأساس أثناء الطواف فلا بأس به.
 الثاني: لو مشى الطائف على حائط الحجر لا يجزي أيضاً ويجب عليه الجبران!
 في الشاذروان وهو أساس البيت بحوث:
 الأول: لم سمي الأساس الشاذروان ويبدو ان اللفظة ليست عربية!
 الثاني: ما المراد من الشاذروان هل هو ما تبقى من الأساس أثناء إعادة بناءه؟
 الثالث: هل أن الشاذروان هو من جميع الجوانب أو بعضها؟ طبقاً في وقتنا هذا لم يبقى منه إلاّ ما في جانب الحجر الأسود وكذلك جانب البيت وهو بارتفاع نصف متر وعرضه ثلاثين أو أربعين متراً حيث تستطيع أن تصعد عليه وتلصق وجهك وبطنك بالحج منه، وفي الجوانب الأولى فما عليه ه منحني بيت لا تستطيع المشي عليه.
 وللبحث صلة.


[1] الوسائل، ج 9، باب 28 من أبواب طواف حدیث 1.
[2] الوسائل، ج 9، باب 71 من أبواب طواف حدیث 1.
[3] سورة البقرة، الآية: 125.
[4] الکافي، ج 4، ص 223، کتاب الحج باب فیه آیات بینات حدیث.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo