< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

34/01/25

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: استحباب الاقتصاد في المشي
 البحث في المسألة الحادية عشرة في الطواف، قد أسلفنا إن الفقهاء يجوزون الطواف بأي نحو كان ولكن المستحب هو الاقتصاد في المشي! ثم قلنا أن الروايات تدل على الاقتصاد في ذلك وقد بحث بعضها وفي محاضرة اليوم نبحث أحاديث أخرى منها:
 مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَيَابَةَ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) عَنِ الطَّوَافِ فَقُلْتُ أُسْرِعُ وَ أُكْثِرُ أَوْ أُبْطِئُ قَالَ مَشْيٌ بَيْنَ مَشْيَيْنِ [1] .
 هذه الرواية أوضح دلالة من الروايات الأخرى لأن الإمام (عليه السلام) يقول بوضوح مشي بين مشيين يعني الاقتصاد في المشي.
 وَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَأَيْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ (عليه السلام) يَمْشِي وَ لَا يَرْمُلُ [2] .
 في هذه الرواية لا يبين أن المشي وعدم الهرولة هل هو في الطواف أم في السعي، إلا أن الفقهاء حملوها على الطواف لقرينة!
 إلى هنا كانت الروايات التي تدل على قول المشهور وهو استحباب الاقتصاد في المشي!
 وأما الروايات الدالة على الهرولة والترمل:
 وَ فِي الْعِلَلِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ ثَعْلَبَةَ عَنْ زُرَارَةَ أَوْ مُحَمَّدٍ الطَّيَّارِ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عليه السلام) عَنِ الطَّوَافِ أَيَرْمُلُ فِيهِ الرَّجُلُ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) لَمَّا أَنْ قَدِمَ مَكَّةَ وَ كَانَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ الْمُشْرِكِينَ الْكِتَابُ الَّذِي قَدْ عَلِمْتُمْ أَمَرَ النَّاسَ أَنْ يَتَجَلَّدُوا وَ قَالَ‌ أَخْرِجُوا أَعْضَادَكُمْ وَ أَخْرَجَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) ثُمَّ رَمَلَ بِالْبَيْتِ لِيُرِيَهُمْ أَنَّهُ لَمْ يُصِبْهُمْ جَهْدٌ فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ يَرْمُلُ النَّاسُ وَ إِنِّي لَأَمْشِي مَشْياً وَ قَدْ كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عليه السلام) يَمْشِي مَشْياً [3] .
 قد قرأنا هذه الرواية سابقاً واجبنا على الاستناد إليها وقد ورد في الرواية نفسها بأن الترمل يختص بزمن الرسول حيث انه (صلى الله عليه وآله) كان يريد أن يظهر يبرز قوة المسلمين واقتدارهم، كما ان في ذيل الرواية يقول الإمام: أني لأمشي مشياً وقد كان علي بن الحسين (عليه السلام) يمشي مشياً. هذه الرواية من جملة الروايات التي تكشف عن تأثير الزمان والمكان في الحكم!
 وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ ثَعْلَبَةَ عَنْ يَعْقُوبَ الْأَحْمَرِ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) لَمَّا كَانَ غَزَاةُ الْحُدَيْبِيَةِ وَادَعَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) أَهْلَ مَكَّةَ ثَلَاثَ سِنِينَ ثُمَّ دَخَلَ فَقَضَى نُسُكَهُ فَمَرَّ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) بِنَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ جُلُوسٍ فِي فِنَاءِ الْكَعْبَةِ فَقَالَ هُوَ ذَا قَوْمُكُمْ عَلَى رُءُوسِ الْجِبَالِ لَا يَرَوْنَكُمْ فَيَرَوْا فِيكُمْ ضَعْفاً قَالَ فَقَامُوا فَشَدُّوا أَزْرَهُمْ وَ شَدُّوا أَيْدِيَهُمْ عَلَى أَوْسَاطِهِمْ ثُمَّ رَمَلُوا [4] .
 هذه الرواية أيضاً تختص بتلك الظروف أعني عصر الرسول (صلى الله عليه وآله) ولا تعم الأزمنة الأخرى.
 أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى فِي نَوَادِرِهِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقِيلَ لَهُ إِنَّ قَوْماً يَرْوُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) أَمَرَ بِالرَّمَلِ حَوْلَ الْكَعْبَةِ فَقَالَ كَذَبُوا وَ صَدَقُوا فَقُلْتُ وَ كَيْفَ‌ ذَاكَ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) دَخَلَ مَكَّةَ فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ وَ أَهْلُهَا مُشْرِكُونَ وَ بَلَغَهُمْ أَنَّ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ مَجْهُودُونَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً أَرَاهُمْ مِنْ نَفْسِهِ جَلَداً فَأَمَرَهُمْ فَحَسَرُوا عَنْ أَعْضَادِهِمْ وَرَمَلُوا بِالْبَيْتِ ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ وَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) عَلَى نَاقَتِهِ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ آخِذٌ بِزِمَامِهَا وَ الْمُشْرِكُونَ بِحِيَالِ الْمِيزَابِ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِمْ ثُمَّ حَجَّ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) بَعْدَ ذَلِكَ فَلَمْ يَرْمُلْ وَ لَمْ يَأْمُرْهُمْ بِذَلِكَ فَصَدَقُوا فِي ذَلِكَ وَ كَذَبُوا فِي هَذَا [5] .
 إن هذه الرواية معتبرة سنداً وواضحة دلالة وقد أشارت في ذيلها إلى أن الرسول الأكرم بأنه (صلى الله عليه وآله) لم يترمل ولم يأمر به.
 * * *
 الرابع من واجبات الطواف وهو جزء خلافاً لغيره حيث كانت شرائط في أكثرها:
 الرابع: إدخال حجر إسماعيل (عليه السلام) في الطواف، فيطوف خارجه عند الطواف حول البيت، فلو طاف من داخله أو على جداره بطل طوافه وتجب الإعادة ولو فعله عمدا فحكمه حكم من أبطل الطواف عمدا كما مرّ ولو كان سهوا فحكمه حكم إبطال الطواف سهوا ولو تخلف في بعض الأشواط فالأحوط إعادة الشوط والظاهر عدم لزوم إعادة الطواف وإن كانت أحوط.
 أقول: هناك نقطة لم يتطرق إليها السيد الماتن وهي أن حجر إسماعيل هل كان جزءاً من البيت ثم انفصل منه لسبب ما أم لم يكن من البيت أصلاً؟ لو تبين انه كان من البيت فلا يجوز الطواف من داخله لأن الآية تقول: وَ لْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتيقِ [6] . فيلزم أن يكون الطواف من خارج البيت! سيأتي بحث ذلك لاحقاً وسنقول أن ليس من البيت!
 
 


[1] الوسائل، ج 9، باب 21 من أبواب طواف، حدیث 4.
[2] الوسائل، ج 9، باب 21 من أبواب طواف، حدیث 6.
[3] الوسائل، ج 9، باب 21 من أبواب طواف، حدیث 2.
[4] الوسائل، ج 9، باب 21 من أبواب طواف، حدیث 3.
[5] الوسائل، ج 9، باب 21 من أبواب طواف، حدیث 5.
[6] سورة الحج، الآية: 29.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo