المحاضرة الأخلاقية:

 عن الإمام الهادي (عليه السلام): الْهَزْلُ فُكَاهَةُ السُّفَهَاءِ وَ صِنَاعَةُ الْجُهَّالِ [1] .

 إن الهزل في الأساس من الهُزَالُ وهو يعني الغثاثة والنحافة والحيوان المهزول هو الحيوان النحيف، ومن هنا يقال لكل كلام تافه وفارغ (هزل)، ويضاف إليه جانب سلبي فالكلام التافه الذي يتضمن قبحاً يطلق عليه الهزل، وبذلك يتضح الفرق بين الهزل والمزاح. الهزل قد يحتوي على مضامين ايجابية وربما تضمن عضة إلاّ إن الهزل هو الكلام الفارغ القبيح.

 ومن هنا يقول الإمام (عليه السلام): أن السفهاء عند مزاحهم يلجأون إلى الهزل والكلمات الغير لائقة التي ربما تكون في صورت الإساءة وقد تكون في المسائل الجنسية والعرض وربما كانت من باب إضاعة الوقت.

 وأما الروايات فقد ورد منها في المزاح الشيء الكثير فتارة تنظر إليه بإيجابية فيقال أن المزاج في حدود العقل حسن ولكن اللامعقول والذي يراد به الإساءة والإيذاء وإراقة ماء الوجه فهذا منه قبيح ممنوع.

 في المواطن كثيرة نجد أن الحدود بين هذين الصنفين تبقى خفية فإن كثيراً من الناس ينتقمون ويسيئون ويحسدون مازحين! أحياناً تجد أن بعض المزاج فيه من الجد أكثر من الجد الواقعي نفسه! وعندما تنبه يقول كنا نمزح ومن خلال ذلك يصلون إلى مأربهم ويركبون كبيرة من الكبائر.

 على أهل العلم أن يكونوا على دراية من الوقوع في شرك الشيطان لأن مجالسهم للترويح والترفيه محدودة ومن خلال ذلك يجد الشيطان إلى مجالسهم طريقاً!

 * * *

 عنوان البحث الفقهي: شرط وضع الكعبة على الجانب الأيسر

 كان البحث في الشرط الثالث من شروط الطواف وهو كون البيت على الجانب الأيسر فإذا مال الطائف بسبب ازدحام الطائفيين فاستدبر الكعبة أو استقبلها فلا إشكال.

 من المؤيدات لذلك هو الروايات الكثيرة التي وردت في استلام الحجر وباقي أركان الكعبة لأنه بالاستلام يصبح الطائف مقابل الكعبة، كذلك بعد الاستلام لا يرجع إلى حالته الأولى فوراً بل يعود إليها شيئاً فشيئاً وهذا يشير إلى أنه لا يلزم أن تكون الكعبة على الجانب الأيسر للكعبة دائماً بل يكفي أن تدور حول الكعبة من اليمين إلى اليسار فحسب فلا وجه للتدقيقات التي يبديها البعض.

 وعليه يمكن القول بأنَّ الدليل على وجوب وضع الكعبة على اليسار لبي وليس فيه وعليه إطلاق فلا ضرورة للتدقيق بهذا الشأن!

 بقي هنا شيء:

 إن السيد الماتن لم يتطرق هنا إلى مستحبات الطواف في حين أن صاحب الجواهر قد تطرق إليها بالتفصيل وقد أيد ما أورده بالروايات.

 من جملة المستحبات: الوقوف عند الحجر قليلاً، التحميد والتسبيح والصلوات على النبي (صلى الله عليه وآله)، رفع الأكف بالدعاء، استلام الحجر وتقبيله، الدعاء في جميع الأشواط وأن يكون على سكينة ووقار.

 البعض قال في المستحبات أن يهرول في الثلاثة أشواط الأولى ويمشي بهدوء فيما تبقى وفي ذلك رواية تقول: یرمل ثلاثا و یمشی أربعا [2] .

 مع ذلك أن هذا الاستحباب موضع بحث، وأن البعض خصه بطواف القدم أي الطواف الأول الذي يأتي به الحاج، والبعض خص هذا الاستحباب بعصر الرسالة حيث كان يريد الرسول (صلى الله عليه وآله) أن يبرز شجاعة المسلمين واستقامتهم من خلال ذلك.

 ومن جملة المستحبات ان يقف في الشوط الرابع إلى جانب المستجار ويلصق نفسه به كما يضع خده وبطنه عليه ويقرأ المأثور من الدعاء وأن يستقبل الركنين اليماني وما فيه الحجر الأسود، وهكذا كل ما يكون قريبا من البيت فثوابه أكثر، والبعض قال كل ما تكون خطواته أكثر فثوابه أكثر، في حين إذا قلنا باستحباب القرب إلى البيت فانه كل ما يكون إلى البيت أقرب فستكون خطواته أقل!!!

 مهما كان فالقرب من البيت أثناء الطواف أكثر ثواباً!

 ما ينبغي الانتباه إليه هو أن العمل بكثير من هذه المستحبات في وقتنا الراهن متعذر فيلزم تركها والاكتفاء بالدعاء والعمل على حفظ روحانية الطواف.

 يستفاد من المستحبات الأنفة الذكر أن الطواف يحتوي على روحانية عالية تتطلب الاهتمام بها! في مثل هذا الظرف يجب على الإنسان أن يشعر بحضور الباري سبحانه في قلبه لا أن يشغل نفسه بأن لا يميل الكتف الأيسر عن جهة البيت وما شابه ذلك!

 وهناك نقطة أخيرة وهي أنه من مستحبات الطواف هو الدعاء الذي يمكن إتيانه بقصد القربة المطلقة فلو أن الأدعية لم يكن لها دليل ثابت نستطيع الإتيان بها بحسب الأدلة المطلقة التي وردت في استحباب أصل الدعاء ولكن بعض المستحبات مثل إلصاق البطن وما شابه ليس لها دليل معتمد، ولذلك لجأ الفقهاء لتصحيح إتيانها بقاعدة التسامح في أدلة السنن، وبما انه لا نقول بهذه القاعدة فيجب الإتيان بالعمل بقصد الرجاء.