< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

33/11/16

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: النصف في الطواف
 البحث في الطهارة عند الطواف، قلنا بقي أمران، في الأمر الأول بينا معنى النصف بأن المراد من النصف هو النصف العشري لا العددي والقرائن في الروايات تدل على ذلك خصوصاً إن الروايات التي قالت بأربع أشواط لا تشير إلى التجاوز عن النصف. البعض حاول أن يجمع بين الطائفتين بالجمع الدلالي فلا يبقى بعد ذلك تعارض بين الروايات، لأن الروايات التي قالت بجواز النصف أرادت أن تبين القاعدة والتي قالت بأربعة أشواط أرادت بيان المصداق.
 أقول: لو استطعنا الآخذ بهذا الجمع فيرتفع التعارض فتجري قاعدة خذ بما اشتهر بين إصحابك فنبني على النصف العشري!
 قال السيد الماتن: و لو کان قبله فالاحوط الاتمام مع الوضوء و الاعادة.
 أقول: يبدو أن السيد الماتن كان متردداً في ترجيح الروايات الدالة على النصف العشري على الروايات الدالة على أربعة أشواط، ولذلك قد أحتاط ليكون قد عمل بكلا الطائفتين من الروايات.
 ولكن نقول أن هذا الاحتياط صحيح فيما إذا جاز الثلاثة أشواط ونصف ولم يبلغ الأربعة أشواط ولكن الظاهر من قوله: وان كان قبله يشمل ما كان أقل من الثلاثة والنصف أيضاً بمعنى انه لو أتى بشوطين أيضاً عليه أن يحتاط. ومن هنا يظهر ان سماحته يميل إلى فتوى الشيخ الصدوق حيث قال: انه يستطيع أن يتطهر ويكمل الأشواط من دون إعادة على نحو الترخيص.
 الأمر الثاني:
 ما هو الحكم لو كان الحدث على رأس الثلاثة أشواط والنصف هل انها تلحق بالأكثر فعليه أن يكمل الأشواط أو بالأقل فيلزم أن يستأنفها؟ لم تشر الروايات إلى حكم النصف ذاته وعليه يجب أن نلجأ إلى القاعدة التي تفيد أن الحدث يبطل الطواف مطلقاً إلا ما خرج بالدليل وما ثابت بالدليل هو جواز النصف فحسب لا النصف ذاته!
 وهذا يشبه ما في حكم الدم حيث انه لو كان أقل من الدرهم فهو معفو وإذا كان أكثر فيضر وأما إذا كان بقدر الدرهم ذاته فنعمل بحسب القاعدة حيث تفيد أن الدم يضر بلباس المصلي إلاّ ما خرج بالدليل والذي خرج هو أقل من الدرهم وأما نفس الدرهم فهو داخل تحت القاعدة.
 المسألة الثانية: لو کان له عذر عن المائیة تیمّم بدلا من الوضوء و الغسل و الاحوط مع رجاء ارتفاع العذر الصبر الی ضیق الوقت.
 في المسألة فرعان:
 الأول: في الطواف أيضاً يحل التيمم محل الوضوء والغسل.
 الثاني: لو احتمل انه إلى آخر الوقت سيرتفع عذره فعليه أن يصبر وقد عبروا عن ذلك فقهياً بقولهم (جواز البدار لذوي الأعذار).
 أما الفرع الأول:
 أقوال الفقهاء فيه:
 قال صاحب الحدائق: هو یستباح بالتیمم مع عدم الماء ام لا؟ قال صاحب المدارك: المعروف من مذهب الاصحاب استباحة الطواف بالطهارة الترابیة کما یستباح بالمائیة و ذهب فخر المحققین الی ان التیمم لا یبیح للجنب الدخول في المسجدین و لا لبس في ما عداهما من المساجد و مقتضاه عدم استباحة الطواف به ایضا و هو ضعیف [1] .
 قال في کشف اللثام: و هل یکفي التیمم اذا تعذرت المائیة؟ سبق في اول الطهارة جوبه له وسبق منا عن فخر الاسلام (فخر المحققین) ان المصنف لا یری اجزائه للطواف بدلا من الغسل والإجماع علی اجزائه له بدلا عن الوضوء [2] .
 وفي الجواهر: والد فخر المحققين مخالفاً في حين أن صاحب الحدائق عد فخر المحققين نفسه مخالفاً! ومخالفة فخر المحققين لم تثبت ولعل صاحب الحدائق قد أخطأ في ذلك.
 يقول صاحب الجواهر: لكن عن فخر الدين عن والده انه لا يرى اجزاء التيمم فيه [3] .
 وعليه أن المسألة اجماعية مع انفراد العلامة بالمخالفة وأما ابنه فخر المحققين فمخالفته مشكوكة!
 الأدلة:
 هناك روايات كثيرة في باب التيمم تقول أن التراب أحد الطهورين:
 مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ بَابَوَيْهِ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) بِأَسَانِيدِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُمْرَانَ وَ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) فِي حَدِيثٍ قَالَ إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ التُّرَابَ طَهُوراً كَمَا جَعَلَ الْمَاءَ طَهُوراً [4] .
 الرواية مطلقة!
 عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ أَبِي هَمَّامٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ غَزْوَانَ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ آبَائِهِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) عن النَّبِيَّ (صلى الله عليه وآله) ... يَا أَبَا ذَرٍّ يَكْفِيكَ الصَّعِيدُ عَشْرَ سِنِينَ [5] .
 خلال عشر سنين الإنسان يجنب وكثير من الناس يقصدون مكة.
 عن زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) قَالَ إِنَّ التَّيَمُّمَ أَحَدُ الطَّهُورَيْنِ [6] .
 بهذا المضمون وردت ثلاث روايات في باب التيمم.
 هل ان العلامة وابنه ـ احتمالا ـ لم يطلعوا على هذه الأحاديث وعلى هذا الاجماع؟! لا مبرر لهم إلاّ الانصراف عن المسجدين وهو غير ثابت لأن رواية عشر سنين عامة تشمل المسجدين فلا دليل على الاستثناء!


[1] الحدائق، ج 16، ص 86.
[2] کشف اللثام، ج 5، ص 406.
[3] الجواهر، ج 19، ص 270.
[4] الوسائل ج 1، باب 1 من ابواب ماء مطلق، حدیث 1.
[5] الوسائل، باب 14 من ابواب تیمّم الحدیث، حدیث 12.
[6] وسائل ج 1، باب 21 من ابواب تیمّم، حدیث 3.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo