< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

33/11/15

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: ماذا يعني النصف في الطواف
 كان البحث في المسألة الأولى في من احدث أثناء الطواف فقلنا أن في المسألة تفصيل بين الأربعة أشواط وما دونها فإذا كان الطائف في الرابعة من الأشواط فيستطيع أن يتطهر ويأتي بما تبقى من الأشواط وإذا كان في ما دون الأربعة فعليه أن يستأنف بعد تحصيل الطهارة أن هذه المسألة موضع اتفاق بين الفقهاء إلا أن الشيخ الصدوق اختلف مع باقي الفقهاء اعتماداً على رواية معارضة تصحح الطواف مطلقاً حسب ما ورد في من لا يحضره الفقيه فيقول مهما كان يمكن تحصيل الطهارة وإتيان ما تبقى في الأشواط، ثم يضيف الشيخ الصدوق من أن العمل بهذه الرواية رخصة جائزّ والرواية هي:
 مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَى بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ حَرِيزٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) عَنِ امْرَأَةٍ طَافَتْ ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ رَأَتْ دَماً قَالَ تَحْفَظُ مَكَانَهَا فَإِذَا طَهُرَتْ طَافَتْ وَ اعْتَدَّتْ بِمَا مَضَى [1] .
 هذه الرواية تقطع التفصيل وهي صحيحة سنداً، ثم يقول الشيخ الصدوق (وبهذا الحديث افتي لأنه رخصة ورحمة).
 وهذا يعني أنه نحمل الروايات الأخرى على الاستحباب ولكن يرد عليها:
 أولاً: انه قد اعرض الأصحاب عن هذه الرواية فلا تصلح لحمل الروايات المفصلة ـ وهي كثيرة ـ على الاستحباب.
 ثانيا: لو قلنا بالتعراض بين هذه الرواية والروايات الأخرى فيلزم وفقاً للقول: خذ بما اشتهر بين أصحابك الأخذ بالروايات المفصلة!
 لأن هذه الرواية معارضة للشهرة الروائية كما هي معارضة للشهرة الفتوائية!
 ثالثاً: نستطيع أن نجمع جمعاً دلالياً بين هذه الرواية والروايات الأخرى بأن نحمل الروايات المفصلة على الطواف ورواية الصدوق على الطواف المستحب كما فعل الشيخ الطوسي وصاحب الجواهر وبذا لا تصل النوبة إلى الأخذ بالمرجحات.
 عود على بدء.
 قلنا أنه بقي هنا أمران:
 الأول: تقدم في المحاضرة السابقة بأن المراد من النصف هل هو أكمال أربعة أشواط أو أن المراد هو النصف العشري أي ثلاثة أشواط ونصف؟
 قلنا أنه قد اختلفت كلمة الفقهاء في ذلك.
 قد يقال: مؤدى كلا القولين شيء واحد لأن الشوط الرابع يقع في الوسط سواء قلنا بالعدد العشري أو بالعدد الصحيح.
 إلا أن هذا غير صائب فقد ورد في الروايات انه يجب التجاوز من النصف فاذا قلنا أن النصف هو الأربعة يلزم بحسب الروايات أن نتجاوز الأربعة إلى الخمسة في حين انها لا قائل بها!
 وأما ما تدل عليه الروايات:
 الروايات متعددة، عدد منها يشير إلى جواز النصف ورواية تتحدث عن الشوط الرابع:
 مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَى بْنِ الْقَاسِمِ عَنِ النَّخَعِيِّ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ جَمِيلٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحَدِهِمَا (عليه السلام) فِي الرَّجُلِ يُحْدِثُ فِي طَوَافِ الْفَرِيضَةِ وَ قَدْ طَافَ بَعْضَهُ قَالَ يَخْرُجُ وَ يَتَوَضَّأُ فَإِنْ كَانَ جَازَ النِّصْفَ بَنَى عَلَى طَوَافِهِ وَ إِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنَ النِّصْفِ أَعَادَ الطَّوَافَ [2] .
 الرواية وان وردت عن جميل مرسلة إلا أنها وردت عن أبي عمير مرسلة أيضاً ومراسيل ابن أبي عمير كمسانيده معتبرة!
 وَ رَوَاهُ الْكُلَيْنِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحَدِهِمَا (عليه السلام) مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ سَلَمَةَ بْنِ‌ الْخَطَّابِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ وَ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ إِذَا حَاضَتِ الْمَرْأَةُ وَ هِيَ فِي الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ وَ بَيْنَ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ فَجَاوَزَتِ النِّصْفَ فَعَلَّمَتْ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ فَإِذَا طَهُرَتْ رَجَعَتْ فَأَتَمَّتْ بَقِيَّةَ طَوَافِهَا مِنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي عَلَّمَتْهُ فَإِنْ هِيَ قَطَعَتْ طَوَافَهَا فِي أَقَلَّ مِنَ النِّصْفِ فَعَلَيْهَا أَنْ تَسْتَأْنِفَ الطَّوَافَ مِنْ أَوَّلِهِ [3] .
 في سند هذه الرواية علي بن أبي حمزة وهو ضعيف، ومحمد بن زياد وهو متعدد ومجهول.
 وأما دلالة فلو كان المراد من النصف الشوط الرابع فلم يبق داع إلى تعليم الموضع وهذا قرينة على أن المراد هو النصف العشري وهو ثلاثة أشواط ونصف!
 عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ الْحَلَّالِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ (عليه السلام) قَالَ سَأَلْتُهُ عَنِ امْرَأَةٍ طَافَتْ خَمْسَةَ أَشْوَاطٍ ثُمَّ اعْتَلَّتْ قَالَ إِذَا حَاضَتِ الْمَرْأَةُ وَ هِيَ فِي الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ أَوْ بِالصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ وَ جَاوَزَتِ النِّصْفَ عَلَّمَتْ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ الَّذِي بَلَغَتْ فَإِذَا هِيَ قَطَعَتْ طَوَافَهَا فِي أَقَلَّ مِنَ النِّصْفِ فَعَلَيْهَا أَنْ تَسْتَأْنِفَ الطَّوَافَ مِنْ أَوَّلِهِ [4] .
 في سند الرواية خلل من ناحية قوله: عمن ذكره ومن ناحية أحمد بن عمر الحلال! وأما دلالة فتعليم المحل يتماشى مع النصف العشري؟
 عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ عَمَّنْ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) عَنِ امْرَأَةٍ طَافَتْ أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ وَ هِيَ مُعْتَمِرَةٌ ثُمَّ طَمِثَتْ قَالَ تُتِمُّ طَوَافَهَا وَ لَيْسَ عَلَيْهَا غَيْرُهُ وَ مُتْعَتُهَا تَامَّةٌ وَ لَهَا أَنْ تَطُوفَ بَيْنَ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ لِأَنَّهَا زَادَتْ عَلَى النِّصْفِ وَ قَدْ قَضَتْ مُتْعَتَهَا.. [5] .
 فإن قوله: زادت على النصف يكشف عن ان المراد هو النصف العشري لا النصف العددي لأنه إذا جاوز النصف في الأربعة فلا يصح قول: زادت على النصف اذن المراد هو النصف العشري دون النصف العددي!
 مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ سَعِيدٍ الْأَعْرَجِ قَالَ سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) عَنِ امْرَأَةٍ طَافَتْ بِالْبَيْتِ أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ وَ هِيَ مُعْتَمِرَةٌ ثُمَّ طَمِثَتْ قَالَ تُتِمُّ طَوَافَهَا فَلَيْسَ عَلَيْهَا غَيْرُهُ وَ مُتْعَتُهَا تَامَّةٌ فَلَهَا أَنْ تَطُوفَ بَيْنَ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ وَ ذَلِكَ لِأَنَّهَا زَادَتْ عَلَى النِّصْفِ وَ قَدْ مَضَتْ مُتْعَتُهَا وَ لْتَسْتَأْنِفْ بَعْدَ الْحَجِّ [6] .
 للرواية سندان وأما دلالة فوفقاً لما مر في هامش الرواية السابقة فان هذه الرواية تدل على النصف العشري!
 الرواية المعارضة.
 عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ رِئَابٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ (عليه السلام) فِي رَجُلٍ طَافَ طَوَافَ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ اعْتَلَّ عِلَّةً لَا يَقْدِرُ مَعَهَا عَلَى إِتْمَامِ الطَّوَافِ فَقَالَ إِنْ كَانَ طَافَ أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ أَمَرَ مَنْ يَطُوفُ عَنْهُ ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ فَقَدْ تَمَّ طَوَافُهُ وَ إِنْ كَانَ طَافَ ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ وَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الطَّوَافِ فَإِنَّ هَذَا مِمَّا غَلَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُؤَخِّرَ الطَّوَافَ يَوْماً وَ يَوْمَيْنِ فَإِنْ خَلَّتْهُ الْعِلَّةُ عَادَ فَطَافَ أُسْبُوعاً وَ إِنْ طَالَتْ عِلَّتُهُ أَمَرَ مَنْ يَطُوفُ عَنْهُ أُسْبُوعاً.. [7] .
 في سند الرواية سهل بن زياد وفيه كلام وأما من حيث الدلالة فالمعيار أربعة أشواط وثلاثة!
 محصل البحث:
 أن الفاظ الروايات تحمل على المفاهيم العرفية فإذن يحمل النصف على المعنى العرفي وهو النصف العشري ولاسيما أن الإمام فسر في رواية أربعة أشواط بالزيادة على النصف. وعليه وأن قلنا أن القاعدة تقتضي الأربعة أشواط ولكن أن الروايات تقول ثلاثة أشواط والنصف وبذلك نصحح الطواف السابق.
 وسيأتي البحث عن أنه لو كان الحدث على رأس الثلاثة والنصف!


[1] الوسائل، من ابواب الطواف، باب 85، حدیث 3.
[2] الوسائل، باب 40 من ابواب طواف حدیث 1.
[3] الوسائل، باب 85 من ابواب طواف، حدیث 1.
[4] الوسائل، باب 85 من ابواب طواف، حدیث 2.
[5] وسائل، باب 85 من ابواب طواف، حدیث 4.
[6] وسائل، باب 86 من ابواب طواف، حدیث 1.
[7] وسائل، باب 45 من ابواب طواف، حدیث 2.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo