< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

33/11/14

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: حكم الحدث أثناء الطواف
 كان البحث في المسألة الأولى في انه لو انتقض الوضوء أثناء الطواف أو عرض عليه الحدث الأكبر فما هو حكم الطواف عند ذلك؟ سبق وأن قلنا لو اتم أربعة اشواط يتمكن من تحصيل الطهارة واتمام ما تبقى وإلا عليه أن يتطهر ويستأنف الطواف! قلنا لا فرق بين الحدث الأكبر والأصغر إلاّ في انه عند الحدث الأكبر يجب أن يخرج من المسجد فوراً. بالطبع أن البحث في انتقاض الطهارة من غير عمد والا فإن طوافه باطل!
 وصل بنا البحث بعد الإشارة إلى أقوال العلماء إلى الروايات وكانت الرواية الأولى وهي في الحقيقة روايتان مرسلتان لابن ابي عمير ولجميل ومراسيل ابن ابي عمير كمسانيده معتمدة إلاّ ان الرواية في الحدث الأصغر ولكن نحن بتنقيح المناط نلحق الحدث الأكبر به.
 حدیث 4: عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ عَمَّنْ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) عَنِ امْرَأَةٍ طَافَتْ أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ وَ هِيَ مُعْتَمِرَةٌ ثُمَّ طَمِثَتْ قَالَ تُتِمُّ طَوَافَهَا وَ لَيْسَ عَلَيْهَا غَيْرُهُ وَ مُتْعَتُهَا تَامَّةٌ وَ لَهَا أَنْ تَطُوفَ بَيْنَ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ لِأَنَّهَا زَادَتْ عَلَى النِّصْفِ وَ قَدْ قَضَتْ مُتْعَتَهَا فَلْتَسْتَأْنِفْ بَعْدَ الْحَجِّ وَ إِنْ هِيَ لَمْ تَطُفْ إِلَّا ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ فَلْتَسْتَأْنِفِ الْحَجَّ.. [1] .
 في نسخة وردت عبارة تِمُّ طَوَافَهَا بناء على ذلك يجب توجيهها لانها مخالفة للاجماع ولم يُفْت أحد بأنه لا يلزم الآتيان بما تبقى من الأشواط! فيجب القول بأن الآتيان بالأشواط الثلاثة من الواضحات وفقاً للروايات الأخرى وذلك بعد تحصيل الطهارة.
 وهناك نسخة آل البيت تقول تُتِمُّ طَوَافَهَا وعليها لم يرد الإشكال السابق.
 ان قلت: أن هذه الرواية تعني الحدث الأكبر فكيف نستطيع أن نعمم الحكم إلى الحدث الأصغر؟ أجل إذا كان مورد الحديث هو الحدث الأصغر فيمكن تعميم الحكم بالأولوية خلافاً للعكس.
 قلت: ما يستفاد من الروايات في الباب أن الحديث عن الحاج وهو انه لو واجه الطائف مانعاً كيف يصنع؟ والشاهد على التفصيل بين الأربعة أشواط وما دونها يأتي في المريض أيضاً فان العرف عندما يقرأ هذه الروايات لا يفرق بين الحدث الأكبر والأصغر والمرض وما شابه ذلك فلا يفترض العرف خصوصية للحدث الأكبر أو المرض المنصوص عليهما فيعمم الحكم لكل مانع! فلا فرق بين المانع لو كان سهيلاً أو زلزلة أو قيام صلاة جماعة! وان كان في صلاة الجماعة حكم خاص!
 بقي هنا أمران:
 الأول: إن السيد الماتن لم يتعرض لتحديد معنى النصف بأن النصف هو النصف العشري الذي هو ثلاثة ونصف أم النصف الكامل وهو أربعة أشواط؟!
 قبل الخوض في نقل الأقوال وعرض الأدلة يلزم الإشارة إلى نقطة نبه عليها بعض المعاصرين بأن المراد من النصف هو الركن الثالث وهو الركن الشامي لأن الركن الأول هو الحجر الأسود والثاني هو ركن حجر إسماعيل المسمى بالركن العراقي لأنه في اتجاه العراق والركن الثالث هو الركن الشامي من ثم الركن اليماني ثم يليه ركن الحجر الأسود، ويمكن القول عندما تطوي مسافة ضلعي الكعبة المشرفة قد طويت ما يعادل النصف إلاّ أن ذلك يصح مع شيء من المسامحة لأن اضلاع الكعبة غير متساوية وذلك لأن بعض الاضلاع اقصر وبعضها أطول فشكلها الهندسي بين المستطيل غير متساوي الاضلاع إلاّ أن هذا المقدار من الفرق لا يضر!
 الأقوال:
 اختلفت أقوال العلماء في المسألة فالأكثر قالوا يتجاوز النصف إلاّ أن البعض قال بإتمام الأربعة أشواط. ومن جملة الذين قالوا بتجاوز النصف الشيخ في النهاية وابن سعيد في الجامع ومن الملفت أن المحقق في الشرائع قال بتجاوز النصف وقد فسره صاحب الجواهر بأربعة أشواط، وبعد نقل ما أفاده المحقق في قوله: فان جاوز النصف، قال: أي طاف أربعة أشواط كما فسره في المسالك وحاشية الكركي بل جعل المراد بالمجاوز ذلك [2] . وعليه كل من قال بالمجاوزة فمراده أربعة أشواط.
 ما تقتضيه القاعدة:
 إن القاعدة تقتضي إتمام أربعة أشواط لأن الأصل في المسألة بطلان الطواف بالحدث سواء كان أربعة أشواط أو أقل أو اكثر لأنه بانتفاء الشرط ينتفي المشترط والمتيقن الحاصل من مجموع الروايات التي بعضها قال بالنصف والبعض الآخر بإتمام الأربعة أشواط ـ هو أربعة أشواط كاملة وعليه لو شككنا في الأقل من أربعة أشواط نحكم بالبطلان.
 إلى هنا من البحث ثبت أن الأصل يوافق القول بأربعة أشواط وسيأتي البحث في الروايات والحصيلة.


[1] الوسائل، باب 85 من ابواب طواف حدیث 4.
[2] جواهر الکلام، ج 19، ص 326.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo