< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

33/11/09

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: شرط الطهارة في الطواف
 وصل بنا البحث إلى الشرط الثاني من شرائط الطواف ألا وهو شرط الطهارة من الحدث الأكبر والأصغر، وسيأتي أن المشهور فصل بين طواف الفريضة وطواف النافلة فاشترطها في الأول دون الثاني، ومن الملفت أن عبارة السيد الماتن جاءت مطلقة فلم يفصل بين الطواف الواجب والمندوب في ذلك، ولاسيما أنه (قدس سره) في عنوان البحث يقول: القول في واجبات الطواف.
 قد ذكرنا أقوال العلماء وحان الوقت للإتيان بأدلة المسألة: وردت روايات وفيرة في الباب 38 من أبواب الطواف من الوسائل في ذلك، وبعضها ورد في الباب أربعين تدل بالدلالة الإلتزامية على شرط الطهارة لأنها تتحدث عما لو طرأ الحدث أثناء الطواف فما هو حكمه؟ ومنها يفهم شرطية الطهارة في الطواف. كما أنه قد وردت روايات في أبواب السعي تشير إلى أن الطهارة ليست شرطاً في السعي وأنها شرط في الطواف.
 حدیث 1: مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) لَا بَأْسَ أَنْ يَقْضِيَ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ إِلَّا الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ وَ الْوُضُوءُ أَفْضَلُ [1] .
 إن الرواية صحيحة سنداً ومطلقة دلالة، وأما قوله (عليه السلام) وَ الْوُضُوءُ أَفْضَلُ يراد به الوجوب دون الاستحباب وقد يراد به أنه أفضل في مجموع الأعمال.
 حدیث 2: وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ لَا بَأْسَ أَنْ يَطُوفَ الرَّجُلُ النَّافِلَةَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ ثُمَّ يَتَوَضَّأَ وَ يُصَلِّيَ فَإِنْ طَافَ مُتَعَمِّداً عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ فَلْيَتَوَضَّأْ وَ لْيُصَلِّ وَ مَنْ طَافَ تَطَوُّعاً وَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ فَلْيُعِدِ الرَّكْعَتَيْنِ وَ لَا يُعِدِ الطَّوَافَ.
 سند الرواية صحيح، وأما دلالة فإن قوله: ليس في طواف النافلة وضوء يدل بالمفهوم على أن في طواف الفريضة وضوء.
 حدیث 8: عَنْ صَفْوَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ قُلْتُ لَهُ رَجُلٌ طَافَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ فَقَالَ إِنْ كَانَ تَطَوُّعاً فَلْيَتَوَضَّأْ وَ لْيُصَلِّ.
 إن للجملة الشرطية في الرواية مفهوم فانه يقول: إن كان الطواف مندوباً فلا حاجة إلى الوضوء وإنما توضأ للصلاة فقط فبالمفهوم تدل على وجوب الوضوء لطواف الفريضة.
 حدیث 9: عَنِ النَّخَعِيِّ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ قُلْتُ لَهُ‌ إِنِّي أَطُوفُ طَوَافَ النَّافِلَةِ وَ أَنَا عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ قَالَ تَوَضَّأْ وَ صَلِّ وَ إِنْ كُنْتَ مُتَعَمِّداً.
 فإن الرواية تكشف عن انه كان في ذهن عبيد بن زرارة ان الوضوء هل أن الوضوء شرط في طواف النافلة؟ وكأن السبب في هذا الشك هو أن الوضوء في طواف الفريضة واجب!
 أن الأحاديث التي اوردناها عن عبيد بن زرارة وردت بمضمون واحد.
 ***
 في هذا البحث نتطرق لطواف النافلة أيضاً وإن لم يتطرق له السيد الماتن:
 الأقوال:
 إن المشهور بين الفقهاء هو عدم وجوب الوضوء في الطواف المندوب وان اوجبه البعض.
 ففي المسالك: اما الطواف المندوب فهی من کماله علی الاقوی و جعلها العلامة فی النهایة من شرطه تبعا لأبي الصلاح. لإطلاق قوله (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم): الطواف بالبيت صلاة [2] .
 إن هذه الرواية لم ترد في المصادر الروائية الشيعية وإنما وردت في عوالي اللتالي وهو لم يكن في درجة عالية من الاعتبار.
 وأما من طريق الجمهور فقد ورد في كتب كثيرة من جملتها كتب السنن وكتاب المستدرك على الصحيحين للحاكم وهي من الكتب المعتبرة عندهم.
 فقد وردت في كتاب الحاكم روايات فيها شرائط الصحة في مسلم والبخاري إلاّ انهما لم يوردوها في كتبهم.
 وهكذا في باب طواف النافلة وردت روايات تشترط الوضوء في الطواف المندوب:
 حدیث 11: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ فِي قُرْبِ الْإِسْنَادِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْفَضْلِ الْوَاسِطِيِّ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ (عليه السلام) قَالَ إِذَا طَافَ الرَّجُلُ بِالْبَيْتِ وَ هُوَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ فَلَا يَعْتَدُّ بِذَلِكَ الطَّوَافِ وَ هُوَ كَمَنْ لَمْ يَطُفْ [3] .
 إن الرواية مطلقة وهي مقيدة بالروايات المتضافرة التي دلت على أن ليس في طواف النافلة وضوء. ومن جملتها حديث (3) حيث يقول:
 مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ رَزِينٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ سَأَلْتُ أَحَدَهُمَا (عليه السلام) عَنْ رَجُلٍ طَافَ طَوَافَ الْفَرِيضَةِ وَ هُوَ عَلَى غَيْرِ طَهُورٍ قَالَ يَتَوَضَّأُ وَ يُعِيدُ طَوَافَهُ وَ إِنْ كَانَ تَطَوُّعاً تَوَضَّأَ وَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ.
 إن الإمام يقول بأن الطواف صحيح ولكنه يتوضأ لصلاة الطواف!
 وقد وردت الرواية (10) مطلقة أيضاً عَنْ زَيْدٍ الشَّحَّامِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) فِي رَجُلٍ طَافَ بِالْبَيْتِ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ قَالَ لَا بَأْسَ.
 فانها صحيحة ومطلقة تشمل طواف الفريضة والنافلة معاً، إذن الطوائف على ثلاثة أصناف:
 الروايات التي تشترط الوضوء مطلقاً.
 والروايات التي لا تشترط الوضوء مطلقاً.
 الروايات المفصلة بين طواف الفريضة والنافلة حيث اشترطت الوضوء في الأول دون الثاني، أن الطائفة الثالثة شاهد للجمع بين الطائفة الأولى والثالثة، وما يلزم التنبيه عليه هو ان اصل المسألة كانت من المسلمات عند الرواة وإنما السؤال كان عما يتفرع عليها.


[1] وسائل باب 38 من ابواب طواف.
[2] ج 2، ص 328.
[3] وسائل باب 38 من ابواب طواف.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo