< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

33/11/08

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: النية والطهارة في الطواف
 بعد الفراغ من بحث أصل الطواف حان الوقت لمعالجة شرائط الطواف وواجباته.
 يقول السيد الماتن: القول في واجبات الطواف‌ و هي قسمان‌ الأول في شرائطه و هي أمور: الأول النية‌ بالشرائط المتقدمة في الإحرام.
 إن السيد الماتن لا يبحث تفاصيل النية هنا ويحيل القارئ إلى بحث النية في باب الإحرام.
 ثم يقول: الثاني ـ الطهارة من الأكبر و الأصغر، فلا يصح من الجنب و الحائض و من كان محدثا بالأصغر، من غير فرق بين العالم و الجاهل و الناسي.
 إن السيد الماتن (قدس سره) يقسم الشرائط هنا إلى قسمين:
 الأول: الشرائط التي هي في حقيقتها شرائط.
 الثاني: الشرائط التي ليست في حقيقتها شرائط بل تشبهها وهي في الواقع اجزاء كما هو الحال في شروع الطواف فانه يبتدئ بالحجر الأسود ويختتم به فان الشروع والخاتمة سميت بالشرط في حين انه جزء لأنه يمثل شوطاً كاملاً والشوط جزء من مكونات الطواف.
 توضع ذلك هو أن الشرط يفترق عن الجزء في أن الجزء داخل في المركب وأما الشرط فهو خارج عنه وفي الحقيقة أن الشرط كيفية في الاجزاء المكونة للشيء ففي الصلاة مثلاً أن الحمد والسورة والسجود والركوع والقيام والتوجه للقبلة اجزاء لها ولكن الطهارة كيفية داخلة فيها.
 وبعبارة ثانية: أن الجزء داخل بنفسه في المركب ولكن الشرط بصورة بحيث يكون هو خارجاً ولكن التقيد به داخلاً!
 وبعبارة ثالثة: أن الجزء من مكونات العلة الفاعلة ولكن الشرط ليس علة بل هو مكمل لفاعلية الفاعل كما لو قال الطبيب لمريضه: إن هذا الدواء يتكون من خمسة اجزاء ولكن لكي يؤدثر أثره فعليك أن تتناوله على ريقك فإن الأكل على الريق ليس جزء للعلة بل له دور في فاعلية الدواء أكثر فأكثر!
 وأما النية فلم يتطرق إليها السيد الماتن وغيره من الفقهاء على نحو التفصيل ولعله لوضوحها ولكن نحن ننبه على أربع نقاط في ذلك:
 الأولى: أن النية تجب في جميع العبادات والمعاملات وقد جرت العادة عند الفقهاء أن يبحثوا النية في أول العبادة وهي الوضوء تفصيلاً كما أنها ركن أساسي في المعاملات والعبادات لأنهما من الأمور الاعتبارية فما لم تتحقق النية لا يوجد الأمر الاعتباري.
 الثانية: ليس الحديث هنا عن نية واحدة بل عن عدة نوايا فان في الطواف أربع نوايا:
 1ـ نية عنوان الطواف لأنه قد يطوف الإنسان ولكن للمشاهدة فحسب أو لغرض تصليح البناء لا لأداء الواجب العبادي فإِنَّ الطواف عنوان قصدي ولا يحصل إلاّ بحصول قصده!
 2ـ نية الجزئية لأنه قد يكون الطواف للاستحباب وما نحن بصدده هو الطواف الذي يكون جزءاً من عمرة التمتع.
 3ـ أن يكون عامداً وأن يكون منتبهاً إلى طوافه لا أن يأتي بالعمل سهواً وعن شرود بال.
 4ـ أن ينوي القربة لله سبحانه في طوافه!
 صحيح أن في المعاملات لا يوجد قصد للقربة إلاّ انه يقصد فيها العنوان.
 ويجب القول انه في الطواف لا تجب النية التفصيلية بل تكفي النية الإِجمالية فيكفي أن تكون النية في اعماق النفس فلا يجب أن يقصد جميع التفاصيل لأن النية أمر بسيط فلا مجال للوسوسة فيها!
 الثالثة: أن للنية فروع مثل قصد الوجه قد فصل البعض قصد الوجه إلى وصفي ووغائي كما لو نويت عند الطواف أن تأتي الطواف الواجب فهذا هو الوصفي وأما إذا نويت أن تأتي بالطواف لوجوبه فحينئذ يكون قصد الوجه غائياً، ولا يجب شيء من ذلك كما لا يجب قصد التمييز.
 الرابعة: أن النية خلافاً للبعض عقلية لا شرعية فان الدليل على لزوم النية هو العقل فان العقل يحكم بلزوم قصد عنوان البيع حتى يتحقق البيع وبلزوم قصد صلاة الظهر لكي تتحقق الصلاة وما اضافه إليها الشرع هو قصد القربة فقط لا شيء آخر! ومن الملفت أن النية مع انها داخلة في جميع الاعمال لم تشر الروايات إليها، حتى أن المراد من رواية انما الأعمال بالنيات هو قصد القربة.
 وفي موضوعة الطواف لم تتطرق الروايات إلى النية فيه وذلك لأن الطابع الغالب في النية هو الجانب العقلي لا الشرعي. أجل قد وردت روايات كثيرة في قصد القربة وانه لا يجوز الرياء في الأعمال.
 وأما المطلب الثاني هو بحث الطهارة في الطواف.
 الأقوال:
 ان لزوم الطهارة في الطواف الواجب اجماعي عند الإمامية دون المستحب، يقول صاحب الحدائق: قد نقل اجماع علمائنا کافة علی وجوب الطهارة و اشتراطها فی الطواف الواجب. نقله العلامة فی المنتهی [1] .
 وقال العلامة في التذكرة: الطهارة شرط في الطواف الواجب فلا یصح طواف المحدث عند علمائنا و به قال مالك و الشافعي لما رواه العامة فی ان النبي (صلى الله عليه واله) قال: الطواف بالبیت صلاة الا انکم تتکلمون فیه [2] .
 وقال صاحب الجواهر: فالواجبات الطهارة من الحدث الاكبر و الاصغر في الطواف الواجب بلا خلاف اجده بل الاجماع بقسمیه علیه [3] .


[1] ج 16، ص 83.
[2] ج 8، ص 84.
[3] ج 19، ص 269.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo