< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

33/10/24

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: حكم الترك العمدي للطواف
 كان البحث في طواف عمرة التمتع، قلنا لو ترك الطواف عمداً أو جهلاً بالحكم تبطل عمرته ولا فرق في ذلك بين الجاهل القاصر والمقصر لاطلاق الروايات. والموضوع الآخر الذي أشرنا إليه هو أنه متى يتحقق الترك؟ قلنا ـ على ما نذهب إليه ـ أن الترك إنما يتحقق لو بدأت أعمال الحج ولم يبق وقت لإتمام أعمال العمرة.
 بقي هنا أمران:
 الأول: من بطلت عمرته بترك الطواف كيف يخرج من العمرة؟
 الأقوال في المسألة:
 يقول النراقي في المستند: لو کان ترك الطواف بالعمد و بطلت مناسکه ففي حصول التحلل بمجرد ذلك والبقاء علی احرامه الی ان يأتي بالفعل الفائت في محله لحصول التحلل أو حصول التحلل بأفعال العمرة اوجه کما قال في الذخیرة. و بالأخير قطع المحقق الثاني [1] .
 إن المحقق النراقي في عبارته الأنفة الذكر يأتي بثلاثة طرق للخروج من الإحرام ولم يختر واحدة منها!
 أما الطريق الأول وهو انه بمحض بطلان العمرة يخرج المحرم من احرامه، فهذا غير صحيح لأن المحرم لابد أن يخرج من احرامه بنسك والإحرام لا يبطل تلقائياً أصلاً.
 والطريق الثاني هو ما يثير العجب لأن المحرم يجب عليه ـ حسب هذا الطريق ـ أن يبقى للعام المقبل على احرامه.
 وأما الطريق الثالث فهو أن يأتي بعمرة مفردة ليخرج من الإحرام، ولهذا العمل نظير في أعمال الحج كما لو احرم ثم لم يوفق لإتيان المناسك ففي هذا الحال عليه أن يأتي بعمرة مفردة ليخرج من احرامه!
 وصاحب الحدائق بعد ذكر الوجوه الثلاثة نقل عن بعض المعلقين على قواعد العلاّمة قوله: ان المسألة قویة الاشكال من حیث استصحاب حکم الاحرام الی ان یعلم حصول المحلل و انما یعلم بإتيان افعال العمرة ومن اصالة عدم توقفه (أي احلال) علی ذلك [أي أن اصالة البراءة تفيد بطلان العمرة ولا تستلزم البقاء على الإحرام إلى السنة المقبلة] مع خلو الاخبار الواردة في مقام البیان منه [أي أنها لا تأمر بإتيان الأعمال والظاهر منها أنه ببطلان العمرة ينتهي كل شيء] [2] .
 وهناك وجه رابع وهو أن يعدل الشخصي من حج التمتع إلى الأفراد ويتوجه إلى عرفات بإحرامه السابق، وما يدل على ذلك روايتان:
 حدیث 2: ِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى وَ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ وَ فَضَالَةَ عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) عَنِ الْمَرْأَةِ الْحَائِضِ إِذَا قَدِمَتْ مَكَّةَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ قَالَ تَمْضِي كَمَا هِيَ إِلَى عَرَفَاتٍ فَتَجْعَلُهَا حَجَّةً ثُمَّ تُقِيمُ حَتَّى تَطْهُرَ فَتَخْرُجُ إِلَى التَّنْعِيمِ فَتُحْرِمُ فَتَجْعَلُهَا عُمْرَةً قَالَ ابْنُ أَبِي عُمَيْرٍ كَمَا صَنَعَتْ عَائِشَةُ [3] .
 الرواية صحيحة، وأما دلالته فالمرأة الحائض التي تقدم إلى مكة يوم التروية ـ أي الثامن من ذي الحجة ـ تذهب بإحرامها إلى عرفات وتبدل عمرتها إلى حج الأفراد ثم تقيم في مكة حتى تطهر فتخرج إلى أقرب مواقف العمرة المفردة فتحرم كما فعلت عائشة بأمر من رسول الله (صلى الله عليه وآله)!
 حدیث 6: عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنِ الْحَلَبِيِّ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) عَنْ رَجُلٍ أَهَلَّ بِالْحَجِّ وَ الْعُمْرَةِ جَمِيعاً ثُمَ‌ قَدِمَ مَكَّةَ وَ النَّاسُ بِعَرَفَاتٍ فَخَشِيَ إِنْ هُوَ طَافَ وَ سَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ أَنْ يَفُوتَهُ الْمَوْقِفُ قَالَ يَدَعُ الْعُمْرَةَ فَإِذَا أَتَمَّ حَجَّهُ صَنَعَ كَمَا صَنَعَتْ عَائِشَةُ وَ لَا هَدْيَ عَلَيْهِ.
 ما يسبق إلى الذهن من إشكال هو أن الروايتين تختصان بصاحب العذر، وما نحن بصدده هو في من ترك الطواف عمداً حتى ضاق به الوقت.
 لكنه في باب الصوم نقول من أجنب ليلاً وأخر الغسل عمداً إلى أن ضاق وقته فانه يكفيه التيمم ويصح صومه وأن كان عاصياً لأن اطلاقات أدلة التيمم تعم هذا المورد. وكذلك من نحن فيه فالمحرم وإن ترك الطواف عمداً حتى ضاق وقته من دون عذر غير انه يستطيع أن يعدل إلى الإفراد! فهل نستطيع أن نأتي بهذا التوجيه أم لا؟
 للبحث صلة!


[1] ج 12، ص 127.
[2] ج 16، ص 166.
[3] وسائل ج 8 باب 21 من اقسام الحج.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo