< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

33/10/22

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: حكم ترك طواف العمرة عمداً
 إن السيد الماتن عالج الطواف في أربعة فروع:
 الأول: الطواف أول واجبات العمرة.
 الثاني: أنه سبعة اشواط حول الكعبة المعظمة بتفصيل وشرائط آتية.
 الثالث: وهو ركن تبطل العمرة بتركه عمداً إلى وقت فواته سواء للعالم بالحكم أو للجاهل به.
 الرابع: ووقت فواته ما إذا ضاق الوقت بإتيانه وإتيان سائر أعمال العمرة وأدراك الوقوف بعرفات.
 فإن أصل المسألة في الفرعين الأول والثاني من المسلمات فإن هذين الفرعين أعني وجوب الطواف وانه سبعة أشواط، مضافاً إلى اجماع الفقهاء ودلالة الروايات إنهما من ضروريات الدين.
 أما كونه أول واجبات الحج مع ان الإحرام سابق عليه، فقد قلنا انه أول النسك وان الإحرام لم يكن أكثر من كونه مجموعة من التروك!
 وأما الفرع الثالث وهو كون الطوف ركن وأن ترك عمداً تبطل العمرة بتركه! وقد قلنا أن الركنية في الطواف تعني انه لو تركها عمداً تبطل وأما لو تركها سهواً فلا تبطل وهذا خلافاً للركنية في الصلاة حيث أن تركها يبطل الصلاة سواء كان عن عمد أو سهو.
 وأما الطواف الواجب غير الركني فلا تبطل العمرة بتركه وان كان عن عمد كما في طواف النساء.
 الأقوال:
 إن المسألة اجماعية ولم نعثر على مخالف فيها.
 يقول المحقق النراقي في المستند [1] : بلا خلاف كما صرح به جماعة.
 وفي الجواهر [2] ، الطواف فی النسك المعتبر فیه عمرة او حجا رکن اجماعا محکیا عن التحریر ان لم یکن محصلا .
 الدليل:
 وقد استدل على ركنية الطواف بالأدلة التالية:
 الأول: أن عدم إتيان المأمور به عمداً يؤدي إلى عدم الاجزاء لأن الاجزاء فيما لو أتى المكلف بالمأمور به فلو لم يأت به فلا اجزاء.
 الثاني: انتفاء المركب بانتفا جزئه وقد استدل صاحب الجواهر بهذا الدليل فيقول أن العمرة مركبة من اجزاء ومنها الطواف فلو لم يؤت به يتلاشى المركب، واليعلم ان جميع اجزاء المركب اركان إلاّ ان يرد دليل خاص في الاستثناء كما في طواف النساء حيث ورد الدليل انه لو ترك لا يضر بالعمرة!
 ويلاحظ عليه أن هذا الدليل هو نفس الدليل السابق لأن المركب هو نفس المأمور به وأن لم يأت المكلف بجزء فلا يعد ممتثلاً للمركب وهو عدم الاجزاء بعينه!
 الثالث: هو الروايات التي دلت على عدم الاجزاء لو لم يؤت بالطواف.
 حدیث 1: مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَى بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَجَّاجِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَقْطِينٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ (عليه السلام) عَنْ رَجُلٍ جَهِلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ طَوَافَ الْفَرِيضَةِ قَالَ إِنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ جَهَالَةٍ فِي الْحَجِّ أَعَادَ وَ عَلَيْهِ بَدَنَةٌ [3] .
 الرواية أما سنداً فلا اشكال فيها فهي معتبرة وأما دلالة فهي تفترق عما نحن فيه في أمرين:
 أـ أنها تتحدث عن صورة الجهل ونحن نتحدث عن العلم والعمد.
 ب ـ وأنها في طواف الحج وبحثنا في طواف العمرة.
 وقد أجيب:
 أما الأول فانه لو كان الحكم في حال الجهل هكذا ففي العمد والعلم من باب أولى.
 وأما الثاني فنعمم الحكم من الحج إلى العمرة بإلغاء الخصوصية عرفاً فتلحق العمرة بالحج بل قيل أن الحج يحتوي على العمرة والحج معاً.
 وهناك إشكال آخر وهو انه: أليس لكلام الإمام: على وجه جهالة، مفهوم ليخرج حالة العلم بأنه لو ترك عالماً فلا يعيد؟! وقد أجيب أنه بالمفهوم يخرج النسيان دون العلم!
 كما قد أشكل أن الكفارة تصح للعامد فلم وضعت للجاهل؟!
 وقد اجيب أيضاً أن الجاهل في الحج بحكم العامد فلكي يتعلم الناس أحكام الطواف وضع الشارع الكفارة وبما أن أحكام الطواف من الواضحات فيعد جاهلاً مقصراً بالقطع واليقين.
 حدیث 2: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ جَهِلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ حَتَّى رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ قَالَ إِذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ جَهَالَةٍ أَعَادَ الْحَجَّ وَ عَلَيْهِ بَدَنَةٌ.
 أما السند: فللرواية سندان اولهما من التهذيب للشيخ الطوسي وقد ورد فيه علي بن أبي حمزة وهو ضعيف، والخلل الآخر في الرواية هو أنه لم يذكر الإمام في المسألة.
 وثانيهما للصدوق في من لا يحضره الفقيه وهو من ان ابي حمزة أيضاً إلاّ انه ذكر الإمام فيه وهو أبو الحسن الكاظم (عليه السلام).
 هذا من ناحية السند وأما من ناحية الدلالة فقد ورد في الرواية: سها أن يطوف ومعلوم أن السهو لا يؤدي إلى البطلان إلاّ أن يحمل السهو على الجهل.


[1] ج 12، ص 122.
[2] ج 19، ص 370.
[3] وسائل ج 9 باب 56 من ابواب طواف.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo