< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

33/07/07

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: التظليل وما تبقى من مسألة تغطية الوجه
 كان البحث في المسألة الخامسة والثلاثين من مسائل تروك الإحرام في حرمة تغطية الوجه للنساء أثناء الإحرام! حان الوقت لبحث كفارة تغطية الوجه عمداً أو اضطراراً، هل أنها واجبة أم لا؟
 يقول السيد الماتن: لا کفارة علی تغطیة الوجه ولا علی عدم الفصل بین الثوب والوجه وان کانت احوط فی الصورتین.
 إذن الكفارة لا تجب سواء كان لأصل التغطية أو لعدم الفصل بين الوجه والثوب عند الاسدال إلاّ أن دفعها احوط!
 الأقوال:
 يقول صاحب الحدائق: نقل الشهید فی الدروس عن الشیخ في المبسوط ان فدیة تغطیة المرأة وجهها شاة و قال الحلبی لکون یوما شاة ولو اضطرت فشاة لجمیع المدة و کذا فی تغطیة الرأس [1] .
 بعد ذلك أضاف صاحب الحدائق قوله: ولم اقف بشيء من هذا القولین علی دلیل و ظاهر الشهید التوقف فی المسألة.
 وعليه أن في المسألة ثلاثة أقوال:
 الأول: الكفارة دم شاة مطلقاً وهو قول الشيخ في المبسوط.
 الثاني: دم شاه لكل يوم وإذا اضطرت فلتمام المدة وهو قول الحلبي.
 الثالث: التوقف وهو ما استظهره صاحب الحدائق من عبارة الشهيد!
 لم ترد كلمة الفدية أو الكفارة في شيء من الروايات التي وصلتنا إلاّ رواية واحد علّها تدل، سنشير إليها، وأن كانت الكفارة واجبة لا شارة إليها الإمام وإن راودنا الشك فتجري البراءة!
 والرواية هي: لِكُلِّ شَيْ‌ءٍ خَرَجْتَ مِنْ حَجِّكَ فَعَلَيْهِ فِيهِ دَمٌ تُهَرِيقُهُ حَيْثُ شِئْتَ [2] .
 بحثنا هذه الرواية مراراً وتكراراً وقلنا أنها مخدوشة سنداً ودلالة أما سنداً لأنها من روايات قرب الاسناد وفي سند روايات قرب الاسناد كلام! وأما دلالة فإنَّ عبارة لِكُلِّ شَيْ‌ءٍ خَرَجْتَ مِنْ حَجِّكَ، ليس لها معنى محصل لأن ارتكاب تروك الإحرام لا تؤدي إلى الخروج من الحج.
 وهناك نسخة أخرى للحديث ورد فيها بدلاً عن (خَرَجْتَ)، (جرحت) فانه لا معنى في المقام لكلمة جرحت.
 زائداً إلى ذلك فإن الرواية تقتضي تخصيص الأكثر أو الكثير لأن كثيراً من تروك الإحرام إما أنها ليس لها كفارة أو كفارتها شيء آخر!
 ومن جهة أخرى أن قوله (عليه السلام): احرام الرجل فی رأسه و احرام المرأة فی وجهها. لا يتطابقان من جميع الجهات حتى في دفع الكفارة!
 ***
 التاسع عشر: التظليل فوق الرأس للرجال دون النساء، فيجوز لهن بأيّة كيفية، و كذا جاز للأطفال، و لا فرق في التظليل بين كونه في المحمل المغطى فوقه بما يوجبه أو في السيارة و القطار والطائرة و السفينة و نحوها المسقفة بما يوجبه، والأحوط عدم الاستظلال بما لا يكون فوق رأسه كالسير على جنب المحمل أو الجلوس عند جدار السفينة و الاستظلال بهما و إن كان الجواز لا يخلو من قوة.
 في المسألة ثلاثة فروع:
 الأول: لا يجوز للرجال أثناء السفر أن يستظلوا وهو جائز للنساء والأطفال.
 الثاني: لا فرق بين أنواع الاستظلال سواء كان في المحمل أو الطائرة أو السيارة أو السفينة.
 الثالث: وهو الاستظلال بما لا يكون فوق الرأس وسيأتي إيضاحه!
 أما الفرع الأول:
 فالأقوال فيه:
 قال الشيخ في الخلاق: انه لا خلاف بين الإمامية في المسألة ثم حكى الموافقة عن مالك واحمد لما ذهب إليه الإمامية وبعد ذلك نقل الجواز عن الشافعي [3] .
 وقد أدعي العلامة اجماع الأصحاب على ذلك ثم حكى حرمة التظليل عن عبدالله بن عمر ومالك وسفيان الثوري، وأهل المدينة ثم نقل الجواز عن الشافعي، فأضاف أنه نقل الجواز عن عثمان وعطا [4] .
 عندما نراجع مصادر الجمهور نجد أن الواقع غير ما ذكر لأنهم لم يعدُّوا الشافعي من القائلين بالحرمة. بل أن الجزوري في (الفقه على المذاهب الأربعة) نسب القول بحرمة التظليل إلى أحمد! ومن العجب أن ابن قدامة وهو حنبلي في كتابه المغني وهو في الفقه الحنبلي لم يذكر التظليل من جملة تروك الإحرام!
 ومن بين فقهائنا نُقل الخلاف عن ابن جنيد وقد نقل صاحب الجواهر عبارته ولكن عند التمعن فيها نجد أنه لم يكن مخالفاً بالمعنى الدقيق للكلمة لأن عبارته تحتمل وجوهاً.
 الدليل:
 أن الأخبار في ذلك كثيرة وقد جمع صاحب الوسائل عمدتها في الأبواب 64 إلى 68 من أبواب تروك الإحرام.
 وهي متواترة اجمالاً لأنها متفقة في المضمون ونعلم أن بعضها قد صدر عن الإمام.
 وهي على سبعة طوائف:
 الأولى: الروايات التي حرمت التظليل بصورة عامة.
 الثانية: الروايات التي تشير إلى مصاديق خاصة من التظليل مثل التظليل في المحمل والقبة.
 الثالثة: وهي التي تستثني النساء والأطفال من الحكم وهي تدل على التحريم بالدلالة الالتزامية!
 الرابعة: الروايات التي تستثني المرضى وهي بالمفهوم تدل على الحرمة!
 الخامسة: وهي التي تشير إلى ظل الجدار وأمثاله من دون الإشارة إلى السقف.
 السادسة: الروايات التي ذكرت الاحتجاج بين ابي يوسف وبعض الأئمة عند خلفاء بني العباس.
 السابعة: وهي الروايات التي تجيز التظليل فهي معارضة للطوائف الاخرى. سيأتي البحث عنها جميعاً بإذن الله!


[1] ج 15، ص 498.
[2] ح 5، باب 8 من أبواب بقية الكفارات.
[3] ج 2، ص 318.
[4] التذكرة، ج 7، ص 340.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo