< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

33/07/06

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: حكم اسدال الثوب على الوجه للمحرمة
 كان البحث في المسألة الخامسة والثلاثين من مسائل تروك الإحرام وهي حرمة تغطية المرأة وجهها وهي محرمة وقد استثني من ذلك صورة الاسدال فيجوز لها أن تسدل ثوبها على وجهها حال حضور الأجنبي.
 بقي هنا أمور:
 الأول: هل أن الاسدال جائز مطلقاً أم أن ذلك لا يجوز إلاّ مع حضور الأجنبي؟ لو استثنينا رواية سماعة فإن سائر الروايات مطلقة كما أن ظاهر الفتاوى هو ذلك في كثير من الموارد، وعلى رأينا أن الاسدال مقيد بما إذا كان أجنبياً وذلك للأدلة التالية:
 أولاً: انصراف الاطلاقات إلى ما لو كان أجنبي حاضراً لأنه لا مبرر لذلك مع عدم حضور الأجنبي.
 ثانياً: إذا كان الاسدال جائزاً على كل حال فلماذا منعت الروايات تغطية الوجه؟ إنَّ الاسدال تغطية للوجه وترخيص الاسدال مطلقاً يؤدي إلى إضعاف ووهن حرمة تغطية الوجه للمرأة.
 ثالثاً: قد صرحت رواية سماعة بأن المرأة تسدل ثوبها لتتستر عن الرجال، وقد أوردنا إشكالاً على سند الرواية فتصبح الرواية مؤيداً لا دليلا مستقلاً!
 الرابع: كان في إحدى الروايات بأنه يحرم تغطية الوجه لأنه يلزم أن يتغير لون الوجه بإشعاع الشمس ومع الاسدال الدائم لا يحصل هذا الغرض فتهدر حكمة الحكم.
 الخامس: في سنن البيهقي رواية عن عائشة وقد نقلها صاحب الجواهر أيضاً وهي: انها قالت: كانت الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع رسول الله (ص) فإذا جاؤونا سدلت احدينا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزنا كشفنا [1] .
 وبذلك كله ينتفي ترخيص الاسدال عل كل حال وعلى نحو الاطلاق.
 الأمر الثاني: هل يجب التحرز عن التصاق الشادور مثلاً على الوجه؟
 حكى الشهيد في الدروس انه المشهور فيجب التحرز عن ذلك.
 إن الشادور إذا اسدل على الوجه يلتصق بالوجه غالباً ومع ذلك لم ترد في الروايات أصلاً الإشارة إليه:
 وقيل في إثبات شرط عدم الالصاق بأنه نستطيع أن نجمع بين روايات حرمة التنقيب ولبس البرقع وروايات الاسدال بان التنقيب ولبس البرقع في حال التصاقهما بالوجه والاسدال فيما لو لم يلتصق ولذلك رخصه الشارع.
 نقول: إن هذا التفريق يؤدي إلى الاغراء بالجهل لأن في الاسدال يلتصق الثوب بالوجه غالباً ومع ذلك الإمام لم ينبه عليه فالفرق غير فارق! وليس بصحيح.
 زد على ذلك أن كلمة التغطية لم تتضمن التصاق الساتر بالوجه! إن من يدلِّي قطعة قماش على وجهه مع عدم التصاق القماش تصدق التغطية وإن لم يسمى برقعاً ونقاباً!
 ومن جهة ثانية أنه من البعيد جداً أن يكون الالصاق وعدمه تعبدياً محضاً يجب الالتزام به على كل حال، وعندما ازال الإمام المروحة عن وجه المرأة يبدو أنها لم تكن ملتصقة بوجهها.
 وعليه لا دور للاصاق وعدمه في جواز وعدم جواز الاسدال، فالإسدال مع وجود الأجنبي جائز وان التصدق الثوب وانه غير جائز مع عدم حضور الأجنبي وإن لم يلتصق!
 الأمر الثالث: مع حضور الأجنبي هل ان الاسدال واجب ام جائز؟ ومن العجب أن البعض قال بالوجوب بل أن كاشف اللثام ادعى قيام الاجماع على الوجوب.
 وقيل أن ظاهر الروايات هو وجوب الاسدال لأن قوله (عليه السلام) (تسدل) فعل مضارع وهو بحكم الأمر فيفيد الوجوب، فيجب ذلك كما تجب تغطية الوجه.
 ويرد عليه أولاً انه أن المشهور بين الفقهاء أن تغطية الوجه والكفين وقد استثنوهما من عموم الستر.
 ثانياً: وان كان ظاهر الروايات هو الوجوب ولكن في مثل هذه الموارد لا تدل على الوجوب لأن الأمر في مقام توهم الحضر لأنهم كانوا يتوهمون حظر الاسدال والإمام (عليه السلام) يقول اسدل! يعني أن الاسدال جائز.
 حتى قيل أن النظر يقصد التلذذ والريبة لا يجوز ولكن لا يجب على المرأة في هذه الحالة أن تستر نفسها، هذا وإن قلنا نحن في حاشية العروة أنه يجب احتياطاً لازماً أن تستر المرأة نفسها إذا كانت نظرات الرجل إليها غير بريئة وتكون مثاراً للمفسدة!
 إن قلت: إنّ تغطية الوجه أمام الأجنبي حين الإحرام مستحبة فكيف رخص الشارع ترك واجبوهو الاسدال من اجل امر مستحب ـ وهو اسدال الثوب على الوجه؟!
 قلت: قد يكون ام مستحب أقوى ملاكاً من الحرام فيرجحه الشارع على الحرام، كما لو قال الشارع اترك تطهير المسجد لأجل الصلاة جماعة فان تطهير المسجد واجب وإقامة الصلاة جماعة مستحبة، فإنه لا تجد المرأة اشكالاً في ذلك!
 وفي موضوع البحث فإن التعفف أمر هام ولاسيما في موسم الحج حيث انها عبادة عظيمة فيلزم أن يكون في أعلى المستويات وفي مثل ذلك قد يرجح الشارع التستر المستحب على الاسفار الواجب!


[1] ج 5، ص 48.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo