< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

33/07/02

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: محاضرة اخلاقية
 عن الإمام هادي (علیه السلام): إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ الدُّنْيَا دَارَ بَلْوَى وَ الْآخِرَةَ دَارَ عُقْبَى وَ جَعَلَ بَلْوَى الدُّنْيَا لِثَوَابِ الْآخِرَةِ سَبَباً وَثَوَابَ الْآخِرَةِ مِنْ بَلْوَى الدُّنْيَا عِوَضاً [1] .
 الدنيا ليست غايتنا ومنتهى أملنا، فإن الذي لا يؤمن بالآخرة وجعل الدنيا غايته سيسمح لنفسه أن يظلم ويغضب حق الآخرين لأن الذي لا يفكر في نتيجة عمله وجزاء أفعاله لا يجد للخلاق معنى ولا يهتم إلاّ بمصالحه الشخصية.
 ومن ينظر للدنيا بوصفها مزرعة وقنطرة يجب أن يجتازها لكي يصل للضفة الأخرى ستتغير نظرته للأشياء، ومن جملة ما قيل في الدنيا: الدُّنْيَا سُوقٌ رَبِحَ فِيهَا قَوْمٌ وَخَسِرَ آخَرُونَ.
 واضح أن من يعمل في السوق لا يقيم فيه إلى الابد بل يكسب شيئاً من المال لكي يعود إلى بيته ليسير أمور معاشه. وقد وصفت أيضاً بأنها: وَدَارُ مَوْعِظَةٍ لِمَنِ اتَّعَظَ بِهَا فإن الذي يتعظ لا يبقى عند من اتعظ منه وإنما يذهب ليعمل بما اتعظ به. وقد وصفها الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) أَلَا وَإِنَّ الْيَوْمَ الْمِضْمَارَ وَغَداً السِّبَاق‌.
 لو نظرنا للدنيا من هذه الزاوية تصبح الحياة هادفة بعيدة كل البعد عن العبثية والابتذال، وما ينتج من ذلك هو وجوب الالتزام ببعض المقررات والضوابط، فلو أردنا أن نعيش حياة طيبة طاهرة يجب علينا أن نحتمل الصعوبات والمنغصات، إن شهوة المال والمنصب والجنس توسوس الإنسان فإن في العيش بطهر وكرامة كلفة يجب على الإنسان احتمالها.
 ولذلك يقول الإمام الهادي (عليه السلام) أن الله سبحانه جعل الدنيا دار ابتلاء وامتحان والآخرة دار قرار.
 ثم يشير (عليه السلام) أن الله سبحانه جعل الابتلاءات سبباً للسعادة في الآخرة وثواب الآخرة عوضاً عن ابتلاءات الدنيا!
 ***
 عنوان البحث الفقهي: حكم تغطية الوجه حال الإحرام
 البحث في الثامن عشر من تروك الإحرام وهو التنقب ولبس البرقع، قد مر الحديث عن الفرع الأول ـ وهو أصل في المسألة ـ والثاني، حان الوقت لمعالجة الفرع الثالث وهو أن تغطية بعض الوجه أيضاً لا يجوز للمرأة عند الإحرام!
 وقد اشكلنا نحن على هذه الفتوى لأن المنهي عنه هو البرقع والنقاب واما المروحة فهي تعمل عمل النقاب، فالنقاب والبرقع وما شابههما كلها تحرم، والنقاب يغطي أكثر الوجه لأن اللواتي يستعملن النقاب لم يظهر منهن إلاّ العينان وقسماً من الجبهة وعليه لا يحرم استعمال الكمامة التي تغطي الأنف وأطراف الفم دون الكمامات الكبيرة التي تعد نقاباً كذلك في المقنعة التي تغطي أطراف الوجه والنظارات السود التي تغطي ما أحاط بالعين فهذه الموارد وما شابههما لا تضر بالإحرام.
 بعض الاعلام مثل صاحب الجواهر قاس تغطية بعض الوجه للمرأة بتغطية بعض الرأس للرجل، فإن تغطية بعض الرأس للرجل لا يجوز قطعاً وكذلك المرأة لأن في الحديث: احرام المرأة فی وجهها وإحرام الرجل فی رأسه. ولذلك كل ما قيل في تغطية بعض الرأس للرجل يأتي في تغطية بعض الوجه للمرأة!
 ويرد عليه:
 في حرمة تغطية بعض الرأس للرجل رواية خاصة حيث قال الإمام عندما تريد النوم إذا أردت تغطية وجهك، غطه إلى منبت الشعر وهذا يكشف عن أن تغطية بعض الرأس أيضاً لا يجوز، ولم يرد مثل هذا الدليل الخاص في المرأة، وأما رواية احرام المرأة في وجهها وإحرام الرجل في رأسه ليس التشبيه فيه من جميع الجهات فلم يكن أكثر من مقابلة بين الوجه والرأس!
 الفرع الرابع:
 في حكم وضع اليد على الوجه للغسل أو لإغراض أخرى فقد تعرض نفر من الفقهاء لذلك فقالوا لا بأس في ذلك فتستطيع المرأة أن تضع يدها على وجهها في كل حال.
 بناء على ما اسسناه من أن المحظور هو النقاب والبرقع فلا إشكال في ذلك أصلاً!
 وأما على مبنى القوم حيث حرموا تغطية بعض الوجه فلا إشكال أيضاً لأن أدلة الستر منصرفة عن وضع بعض أعضاء البدن على بعض آخر لأن التغطية تطلق على الستر بأشياء خارجية فلو وضع أحد يده على يده الأخرى لا يقال عرفاً أنه غطى يده!
 مضافاً إلى ما قلنا بأن التعليل الذي ورد في رواية من انه لو تنقبت لا يتغير وجهها فإن ذلك من باب الحكمة لا العلة نظراً للترخيص الذي ورد في بعض الروايات من أن المرأة تستطيع أن تستدل الشادور على قسم من وجهها أو تنزل اطراف مقنعتها إلى حد ما على وجهها!
 أدعي أن هنا رواية تفيد النهي عن تغطية الوجه باليد حال الإحرام وهي:
 حدیث 10: عَنْ سَمَاعَةَ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) عَنِ الْمُحْرِمَةِ... إِنْ مَرَّ بِهَا رَجُلٌ اسْتَتَرَتْ مِنْهُ بِثَوْبِهَا وَلَا تَسْتَتِرُ بِيَدِهَا مِنَ الشَّمْسِ... [2] .
 إن قوله: وَلَا تَسْتَتِرُ بِيَدِهَا مِنَ الشَّمْسِ... تختص بعدم الاستظلال للمرأة وهو مستحب لها فلا صلة لذلك بتغطية الوجه باليد لأن العبارة وردت في كلام الإمام (عليه السلام) دون سؤال الراوي!
 الفرع الخامس:
 وهو وضع المرأة وجهها عند النوم أو في غير النوم على الوسادة كما لو أرادت أن تأخذ قسطاً من الراحة ولعلها تغطي كامل وجهها بالوسادة عند ذلك.
 نفر من الفقهاء تعرض للمسألة وأفتى بالجواز فالننظر ما هي الأدلة على ذلك!
 الأول: السيرة المستمرة على أن الحجيج رجالاً ونساءاً كانوا ينامون ويضعون وجوههم على أشياء من دون نكير!
 الثاني: الضرورة تقتضي أن يكون هذا الفعل جائزاً لأنه لا يستطيع الإنسان أثناء النوم أن يواظب لكي لا يغطي وجهه شيء!
 الثالث: على ما نذهب إليه أن ما يحرم هو استعمال النقاب والبرقع وكل ما كان مثلهما فلا يحرم غيرها وأما وضع الوجه على الوسادة فليس واحداً منها فلا يحرم!
 


[1] بحار الأنوار، ج 75، ص 365.
[2] باب 48 من ابواب تروك احرام.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo