< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

33/06/28

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: كفارة تغطية المحرم رأسه
 كان البحث في المسألة الواحدة والثلاثين من مسائل تروك الإحرام، قلنا أن في المسألة خمسة فروع، عالجنا أربعة فروع منها بقي الفرع الخامس حيث يقول السيد الماتن: و لا بأس بتغطية وجهه مطلقا.
 فالرجل يستطيع أن يغطي وجهه مهما شاء خلافاً للمرأة حيث أنها يجب عليها أن تتجنب تغطية الوجه عند اليقظة!
 الأقوال:
 ما يستفاد مما إفادة صاحب الجواهر وغيره من الفقهاء هو أن في المسألة ثلاثة أقوال:
 الأول: الجواز مطلقاً وهو المشهور.
 الثاني: هو وقد حكي عن ابن عقيل.
 الثالث: قد نقل عن بعض كتب الشيخ وهو لا يخلو من غرابة: يجوز مع الكفارة!
 قد اختار السيد الماتن وصاحب الجواهر وآخرون من كبار الفقهاء القول الأول وهو ما نذهب إليه.
 الأدلة:
 قد تمسكوا للجواز بالأدلة التالية:
 الأول: تقابل إحرام الرجل والمرأة.
 وفقاً للقاعدة القائلة: (إحرام الرجل في رأسه وإحرام المرأة في وجهها) يجوز للرجل تغطية الوجه وقد أوردنا روايات هذه القاعدة سابقاً ونأتي بواحدة منها هنا على سبيل المثال:
 حدیث 2: َ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ (عليه السلام) قَالَ الْمُحْرِمَةُ لَا تَتَنَقَّبُ لِأَنَّ إِحْرَامَ الْمَرْأَةِ فِي وَجْهِهَا وَ إِحْرَامَ الرَّجُلِ فِي رَأْسِهِ.
 الثاني: هناك روايات عديدة في الباب 55 من أبواب تروك الإحرام تدل على الجواز.
 حدیث 5: عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ رِئَابٍ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) الرَّجُلُ الْمُحْرِمُ يُرِيدُ أَنْ يَنَامَ يُغَطِّي وَجْهَهُ مِنَ الذُّبَابِ قَالَ نَعَمْ وَ لَا يُخَمِّرْ رَأْسَهُ [1] .
 إن الرجل في الأوضاع الاعتيادية لا يغطي وجهه ولكن قد تدعو الحاجة إلى ذلك مثل دفع الذباب كما في الرواية والإمام يجوز له ذلك ومن هنا يتبين أن الحكم بالجواز ليس من باب الضرورة. هذا من ناحية الدلالة وأما من ناحية السند فهي صحيحة.
 حدیث 7: ِ عَنْ زُرَارَةَ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا جَعْفَرٍ (عليه السلام) عَنِ الْمُحْرِمِ يَقَعُ الذُّبَابُ عَلَى وَجْهِهِ حِينَ يُرِيدُ النَّوْمَ فَيَمْنَعُهُ مِنَ النَّوْمِ أَيُغَطِّي وَجْهَهُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ قَالَ نَعَمْ.
 يبدو أنها الرواية السابقة وردت في سياق آخر وهي صحيحة سنداً.
 حدیث 8: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ فِي قُرْبِ الْإِسْنَادِ عَنِ السِّنْدِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ (عليه السلام) قَالَ الْمُحْرِمُ يُغَطِّي وَجْهَهُ عِنْدَ النَّوْمِ وَ الْغُبَارِ إِلَى طِرَارِ شَعْرِهِ.
 في هذه الرواية داعيان لتغطية الوجه هما النوم والغبار، والإمام (عليه السلام) حكم بالجواز بصورة الاخبار، وأما سنداً فالرواية ضعيفة بأبي البختري!
 وفي الباب 59 من أبواب تروك الإحرام رواية أخرى تدل على الجواز. وهناك روايتان في الباب 59، ح 2 والباب 61، ح 3؛ عن استعمال المنديل حيث تقول أن الإمام (عليه السلام) جفف وجهه بالمنديل بعد الوضوء وهو محرم، وقد استدل صاحب الجواهر بهاتين الروايتين! ولكن نحن نرى أن الروايتين لا تدلان على المدَّعى لعدم صدق التغطية باستعمال المنديل للتجفيف لأن معنى التغطية هو أن يستقر الساتر بعض الوقت على الموضع وإلا فمحض المرور لا تصدق معه التغطية! ولذلك لا يصح الاستدلال بها!
 كما أن هناك روايتان وردت فيهما الكراهة وقد قيل أن الكراهة أعم من الكراهة والحرمة، ونحن نرى أن الكراهة هنا لا تدل على الحرمة.
 حدیث 1: مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ‌ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ يُكْرَهُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَجُوزَ بِثَوْبِهِ فَوْقَ أَنْفِهِ وَ لَا بَأْسَ أَنْ يَمُدَّ الْمُحْرِمُ ثَوْبَهُ حَتَّى يَبْلُغَ أَنْفَهُ [2] .
 الإمام يقول أنه يكره على المحرم أن يغطي وجهه بثوبه ولكن إذا كان إلى حد الأنف فلا اشكال.
 الرواية المعارضة:
 حدیث 2: عَنْ حَفْصِ بْنِ الْبَخْتَرِيِّ وَ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ جَمِيعاً عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ يُكْرَهُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَجُوزَ ثَوْبُهُ أَنْفَهُ مِنْ أَسْفَلَ وَ قَالَ إضْحَ لِمَنْ أَحْرَمْتَ لَهُ.
 إن قوله (عليه السلام) أضح لمن أحرمت له؟ أي اكشف عن وجهك لمن احرمت له! والرواية بهذا الذيل تتعارض مع الروايات الأخرى.
 ولكن لا تستطيع هذه الرواية أن تعارض الروايات السابقة بذيلها لأنها:
 أولاً: ليس النهي شفاف فيه، قد يراد من لا تضح أي أجعله مكشوفاً أمام الشمس ولا تستظل لا أنه تحرم عليك تغطية الوجه!
 ثانياً: لو سلمنا أنها تدل على الحرمة غير أنها لا نستطيع الاستدلال بها لأنها قد اعرض المشهور عنها وأنها تنافي روايات متعددة!
 المسألة 32: كفارة تغطية الرأس بأي نحو شاة، و الأحوط ذلك في تغطية بعضه، و الأحوط تكررها في تكرر التغطية و إن لا يبعد عدم وجوبه حتى إذا تخللت الكفارة، و إن كان الاحتياط مطلوبا فيه جدا.
 يريد بقوله: كفارة تغطية الرأس بأي نحو شاة، أن التغطية بأي طريق كانت، لأنه عد الارتماس من التغطية!
 الأقوال:
 يقول صاحب الرياض: انه مقطوع بین الاصحاب و عن المنتهی انه لا خلاف فیه و فی الغنیة الاجماع علیه صریحا [3] .
 والنراقي في المستند [4] وكاشف اللثام [5] قالا مثل ذلك.
 الدليل:
 لا دليل في هذه المسألة إلاّ الاجماع ولذلك لا نستطيع القول بأن الاجماع مدركي، والبعض استدل بروايتين أو ثلاثة لا صلة لها ببحثنا أعني تغطية الرأس مثلاً استدلوا بالرواية القائلة: (من لبس ثوباً لا يحل له فعليه فدية)، وعلى فرض أنها تصلح دليلاً، لا دليل على كفارة الارتماس لأن الارتماس ـ على القول به ـ تغطية بالماء لا بالثوب!
 والشيء الوحيد الذي عثرنا عليه من الروايات هو المرسلة الواردة في الخلاف في كتاب الحج المسألة 82 حيث يقول: دلیلنا ما روی فیمن غطی رأسه ان علیه الفداء.
 بعيد جداً أن يكون الاجماع مستنداً إلى هذه المرسلة وإن قلنا أن الاجماع مدركي قد استند إلى هذه المرسلة فأنها تصبح بعمل الأصحاب حجة.
 ينبغي الانتباه إلى هذه النقطة بأنه عندما يكون دليلنا هو الاجماع يترتب عليه أمر هام لأن الاجماع دليل لبي ويجب فيه أن نأخذ بالقدر متيقن منه لأن الاجماع لا لسان له فلا اطلاق له. وإذا بنينا على القدر المتيقن فتسقط الفروع التي افترضها السيد الماتن لأن القدر المتيقن هو عندما تكون التغطية لجميع الرأس، وكذلك أن القدر المتيقن يكون في موضع تخللت الكفارة وإلا فإن الكفارة لا تتعدد!


[1] باب 55 من ابواب تروك احرام .
[2] باب 61 من ابواب تروك احرام.
[3] ج 7، ص 454.
[4] ج 13، ص 288.
[5] ج 6، ص 474.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo