< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

33/06/27

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: حكم غمس الرأس في الماء للمحرم
 كان البحث في المسألة الواحدة والثلاثين من مسائل تروك الإحرام في حكم ارتماس أو غمس الرأس في الماء وحرمة تغطية الرأس، تحدثنا عن الفرع الأول وحان الوقت لبحث الفرع الثاني، يقول السيد الماتن في ذلك: ولا يجوز تغطية رأسه عند النوم.
 أي لا يجوز للمحرم أن يغطي رأسه حال النوم.
 الأقوال:
 تعرض لهذه المسألة عدد من الفقهاء بل يستثني من كلام صاحب الجواهر دعوى الاجماع حيث قال: لا اشکال فی اقتضاء النصوص والفتاوی حرمة تغطیة المحرم رأسه عند النوم [1] .
 يعني باقتضاء النصوص الاطلاقات.
 كما أنَّ سيدنا الاستاذ في المعتمد [2] ، أتى بمثل ذلك وأدعى عدم الخلاف في المسألة.
 الدليل:
 إن الروايات التي كانت تفيد أنَّ المحرم يحرم عليه تغطية الرأس فإنها مطلقة تعم حالتي النوم واليقظة، مضافاً إلى أنه في ذلك رواية خاصة:
 حدیث 5: عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ رِئَابٍ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) الرَّجُلُ الْمُحْرِمُ يُرِيدُ أَنْ يَنَامَ يُغَطِّي وَجْهَهُ مِنَ الذُّبَابِ قَالَ نَعَمْ وَ لَا يُخَمِّرْ رَأْسَهُ وَ الْمَرْأَةُ لَا بَأْسَ أَنْ تُغَطِّيَ وَجْهَهَا كُلَّهُ [3] .
 وردت هذه الرواية في الباب 59، ح 1 مع فرق قليل.
 مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ جَمِيعاً عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ رِئَابٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) قَالَ قُلْتُ الْمُحْرِمُ يُؤْذِيهِ الذُّبَابُ حِينَ يُرِيدُ النَّوْمَ يُغَطِّي وَجْهَهُ قَالَ نَعَمْ وَلَا يُخَمِّرْ رَأْسَهُ وَالْمَرْأَةُ الْمُحْرِمَةُ لَا بَأْسَ بِأَنْ تُغَطِّيَ وَجْهَهَا كُلَّهُ عِنْدَ النَّوْمِ.
 قد ورد في ذيل كلا الروايتين انه يجوز للمرأة المحرمة أن تغطي وجهها عند الخلود إلى النوم وسيأتي أن ذلك جائز للمرأة بسبب النص وقد أفتي وفقها فلا يظنن أحد أن الرواية معرض عنها لكي يؤدي ذلك لسقوطها عن الاعتبار.
 حدیث 8: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ فِي قُرْبِ الْإِسْنَادِ عَنِ السِّنْدِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ (عليه السلام) قَالَ الْمُحْرِمُ يُغَطِّي وَجْهَهُ عِنْدَ النَّوْمِ وَالْغُبَارِ إِلَى طِرَارِ شَعْرِهِ [4] .
 قوله إِلَى طِرَارِ شَعْرِهِ يعني حدود الشعر. هذا الحديث من قرب الاسناد وفي سنده أبي البختري وقد ضعف فالرواية تصبح مؤيداً!
 هناك رواية معارضة وهي:
 حدیث 2: عَنْ مُوسَى بْنِ الْحَسَنِ وَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هِلَالٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ وَأُمَيَّةَ بْنِ عَلِيٍّ الْقَيْسِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَحَدِهِمَا (عليه السلام) فِي الْمُحْرِمِ قَالَ لَهُ أَنْ‌ يُغَطِّيَ رَأْسَهُ وَ وَجْهَهُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ [5] .
 إن في سند الرواية أحمد بن هلال وأمية بن علي وكلاهما ضعيفان ولكن ضعفهما لا يضر مع وجود ابن أبي عمير في طبقتها فلا إشكال سنداً! وأما دلالة فقد صرحت الرواية بأن المحرم يستطيع أن يغطي رأسه ووجهه فالرواية معارضة لما سبقها إلا أنها لا تقاوم ما سبق لأن الروايات السابقة معمول بها وقد اعرضوا عن هذه.
 قد حاول الشيخ الطوسي أن يجمع بينهما جمعاً دلالياً بحمل هذه الرواية على حال الضرورة، ولكن لا نستطيع الركون إلى ذلك لعدم وجود الشاهد على هذا الجمع وأن سار القدماء على ذلك ـ أعني الجمع الدلالي ـ من دون شاهد يذكر!
 الفرع الثالث:
 يقول السيد الماتن: فلو فعل غفلة أو نسيانا أزاله فورا، ويستحب التلبية حينئذ بل هي الأحوط.
 والاحتياط هنا استحبابي.
 الأقوال:
 يقول صاحب الجواهر عن هذا الحكم: بلا خلاف ولا اشکال [6] .
 إلا ان هذه المسألة لا تفتقر إلى الاجماع لأنه واضح عند الغفلة لو ارتكب شخص حراماً مثل تروك الإحرام فعندما يتذكر يجب عليه أن يزيل ذلك فوراً.
 ومع ذلك هنا رواية خاصة:
 حدیث 2: ُ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ حَرِيزٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) عَنْ مُحْرِمٍ غَطَّى رَأْسَهُ نَاسِياً قَالَ يُلْقِي الْقِنَاعَ عَنْ رَأْسِهِ وَ يُلَبِّي وَ لَا شَيْ‌ءَ عَلَيْهِ [7] .
 لا كلام في الإزالة فوراً وإنما الكلام في التلبية هل أنها مستحبة أم واجبة؟!
 بعض الفقهاء مثل السيد الماتن قالوا بالاستحباب وفريق آخر من الفقهاء قال بالوجوب غير أن صاحب المدارك ذهب إلى أنه لا خلاف في الاستحباب! هذا في حين أن الشيخ الطوسي وابن حمزة وابن سعيد قالوا بالوجوب. إن المسألة ليست اجماعية فأن المشهور بين الفقهاء هو الاستحباب ونفر منهم قال بالوجوب.
 مهما كان فإن الإمام يقول: يلبي، فانه فعل مضارع ظاهر في الوجوب وهو في حكم الأمر.
 إن صاحب الجواهر تجاوز المسألة بحذاقة فقال الأقوى هو الاستحباب من دون أن يذكر السبب.
 يبدو لنا أن دليل صاحب الجواهر هو أن التلبية تختص بوقت الإحرام ولا تجب إلا في ذلك الوقت، وبعد ذلك لا تكون في الغالب إلا مستحبة، وواضح أن يرتكب التروك لا يخرج عن الإحرام لكي تجب عليه التلبية بل إن الذي يرتكب التروك عمداً عليه أن يكفر ولا يبطل إحرامه فضلاً عن أن يأت بذلك ناسياً فمن هذه القرينة نعرف أن التلبية مستحبة، حتى إذا شككنا في الوجوب نجري البراءة ونقول بالاستحباب.
 الفرع الرابع:
 يقول السيد الماتن: نعم لا بأس بوضع الرأس عند النوم على المخدة ونحوها.
 يجوز للمحرم أن يضع رأسه على الوسادة وإن كانت الوسادة رخوة تغطي أكبر قدر من رأسه، وقد أفتى فريق من العلماء بالجواز والدليل هو السيرة المستمرة على أن المحرم ينام في الغالب على الوسادة من دون نكير! فلا تجد من ينام جالساً بحيث لا يتغطى شيء من رأسه أثناء النوم!
 طبعاً أن شيخ الجواهر عالج القضية من طريق الضرورة وحكم بالجواز لذلك فيقول: لا يستطيع الإنسان أن لا ينام وان نام لا يضع رأسه على شيء!
 مع البعض يقول وضع الرأس على المخدة لا يعد تغطية للرأس عرفاً!
 
 


[1] ج 18، ص 388.
[2] ج 28، ص 478.
[3] باب 55 من ابواب تروك احرام.
[4] باب 55 من ابواب تروك احرام.
[5] باب 56 من ابواب تروك احرام.
[6] ج 18، ص 389.
[7] باب 5 من بقیة الکفارات.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo