< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

33/06/21

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: حكم تغطية الرأس للرجل المحرم
 كان البحث في تغطية الرأس وهو السابع عشر من تروك الاحرام وصل البحث فيه إلى الفرع الرابع وهو:
 هل أن الأذن تعد من الرأس فلا يجوز تغطيتها أم لا؟ لأن بعض الموظفين تقتضي أعمالهم أن يظعوا سماعات على آذانهم.
 يقول السيد الماتن في هذا الشأن:
 والأذن من الرأس ظاهراً فلا يجوز تغطيته!
 الأقوال:
 يقول ثاني الشهيدين: المراد من الرأس منابت الشعر خاصة [1] .
 وعليه لا تعد الأذن من الرأس فتغطيتها جائزة.
 ويقول النراقي:
 واستوجه الفاضل في التحرير الدخول و تردّد في التذكرة و المنتهى [2] .
 إذن في المسألة ثلاثة أقوال:
 1ـ عدم الدخول.
 2ـ الدخول.
 3ـ الشك في الدخول وعدمه.
 ولكن الواقع في استعمال كلمة الرأس وجوه مختلفة فتارة يطلق على كل ما يعلوا الرقبة مثلما لو قيل قطع رأس فلان، أو في الديات فيقال لو كانت الجناية في الرأس فارشها كذا ولو كانت في الجسم فكذا، وفي الغسل يقال يغسل أولاً الرأس ثم الجهة اليمنى ثم اليسرى ففي جميع هذه الاستعمالات المراد من الرأس هو كل ما يعلو الرقبة!
 وتارة يطلق على منبت الشعر فقط وذلك عندما تكون الغاية حلق الرأس فلا تدخل الأذن ومن هنا عندما يقال أن فلاناً غطى رأسه فلا يشمل الأذن، وعليه إن الأدلة التي تتحدث عن تغطية الرأس وتمنعها لا تريد أكثر من منابت الشعر، حتى وان شك في ذلك فيكون الأمر من باب دوران الأمر بين الأقل والأكثر فنجري البراءة في الأكثر ونأخذ بالأقل.
 ومع هذا هناك روايتان ظاهرتان في شمول الرأس للأذن أيضاً والظاهر أن السيد الماتن قد أدخل الأذن في الرأس لهاتين الروايتين:
 حدیث 1: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ (الإمام موسى الكاظم (عليه السلام)) عَنِ الْمُحْرِمِ يَجِدُ الْبَرْدَ فِي أُذُنَيْهِ يُغَطِّيهِمَا قَالَ لَا [3] .
 هذه الرواية صحيحة والإمام لم يجوز تغطية الأذن فيها ولكن يجب الانتباه إلى انه عند تغطية الأذن لابد أن يغطي بعض الرأس من فوقه أو من اطرافه!
 وهناك روايات أخرى لم يعتمدها أحد إلا أنها تصلح للاستدلال بها:
 حدیث 8: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ نَاجِيَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ سَمَاعَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْمُحْرِمِ يُصِيبُ أُذُنَهُ الرِّيحُ فَيَخَافُ أَنْ يَمْرَضَ هَلْ يَصْلُحُ لَهُ أَنْ يَسُدَّ أُذُنَيْهِ بِالْقُطْنِ قَالَ نَعَمْ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ إِذَا خَافَ ذَلِكَ وَ إِلَّا فَلَا [4] .
 إن الإمام يشير إلى تغطية الأذن بالقطن من خلال ادخاله فيه فانه (عليه السلام) اناط جواز ادخال القطن بحالة الخوف فقط فهو (عليه السلام) يؤكد انه لو لم يخف فلا يجوز.
 ولكن نقول إن وضع القطن في الأذن لا تصدق عليه التغطية ولذلك لا يبعد أن نحمل الرواية على الكراهة أو الاستحباب، مع أن الرواية معرض عنها ولم يفت وفقها أحد.
 هذا كله من جهة الدلالة وأما من جهة السند، فإن محمد بن ناجية ضعيف لأن في كتب الرجال عدة رواة بهذا الاسم وكلاهما ضعيفان، كما أن مروان بن مسلم مشترك بين اثنين أحدهما ثقة دون الآخر ففي السند أيضاً خلل، فلا يمكن الاعتماد على هذه الرواية، فنكتفي بالرواية السابقة فالفتوى هي ما افتى به السيد الماتن من عدم جواز تغطية الأذن.
 ولكن ينبغي الانتباه إلى أنه لو كانت التغطية حرام مطلقاً لما جاز استعمال الهاتف الجوال ولما جاز وضع اليد على الأذن عند الأذان وتلاوة القرآن فإن أحد من الفقهاء لم يفت بذلك! لأنه لا يصدق عليه التغطية فإن التغطية هو ان يستر شيء شيئاً وهنا لم يتحقق ذلك!
 الفرع الخامس:
 يقول السيد الماتن: و يستثنى من الحكم عصام القربة و عصابة الرأس للصداع.
 الدليل:
 دليل الاستثناء روايتان قد مرت قبل هذا ونعيدها هنا:
 حدیث 1: مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) عَنِ الْمُحْرِمِ يَضَعُ عِصَامَ الْقِرْبَةِ عَلَى رَأْسِهِ إِذَا اسْتَسْقَى فَقَالَ نَعَمْ [5] .
 حدیث 4: عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهْبٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَعْصِبَ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ مِنَ الصُّدَاعِ [6] .
 لعل البعض يقول: إن ما يشد بالعصابة هو الجبهة عادة فلا يكون الشد على الرأس! ولكن واضح أن عقدة العصابة تقع خلف الرأس عادة فتغطي العصابة بعض الرأس وهو حرام كما أسلفنا!
 حدیث 4: مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) يَقُولُ لِأَبِي وَ شَكَا إِلَيْهِ حَرَّ الشَّمْسِ وَ هُوَ مُحْرِمٌ وَ هُوَ يَتَأَذَّى بِهِ فَقَالَ تَرَى أَنْ أَسْتَتِرَ بِطَرَفِ ثَوْبِي فَقَالَ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ مَا لَمْ يُصِبْكَ رَأْسَكَ [7] .
 هذا الرواية أيضاً صحيحة كالسابقتين والإصابة تكون على بعض الرأس!
 زبدة القول:
 إن تغطية الرأس وبعضه وحتى تغطية الأذن حرام.
 ولكن قد يقال أن في الرواية: احرام الرجل في رأسه وإحرام المرأة في وجهها، وعليه نستطيع أن نقول: أن ما يحرم على المرأة هو لبس القناع وأما تغطية بعض الوجه فلا يحرم وكذلك يمكن أن يقال في الرجل!
 إلا أن هذا التشبيه لا يكفي لتشريك الحكم بين الرجل والمرأة من جميع النواحي!


[1] مسالك، ج 1، ص 11.
[2] مستند، ج 12، ص 20.
[3] وسائل ج 9، باب 55 من ابواب تروك احرام.
[4] باب 70 من ابواب تروك احرام.
[5] باب 57 من ابواب تروك احرام، وهي صحيحة سنداً.
[6] باب 70 من ابواب تروك احرام، وهي صحيحة سنداً أيضاً.
[7] باب 67 من ابواب تروك احرام.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo