< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

33/06/16

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: حكم تغطية الرأس للمحرم
 كان البحث في السابع عشر من تروك الاحرام وهو تغطية الرأس للرجال.
 قد تعرضنا لروايات الباب سنداً ودلالة وخلصنا في بحثها إلى انه تحرم تغطية الرأس، إلا أن هناك رواية معارضة يجب بحثها:
 حدیث 2: ُ عَنْ مُوسَى بْنِ الْحَسَنِ وَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هِلَالٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ وَ أُمَيَّةَ بْنِ عَلِيٍّ الْقَيْسِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَحَدِهِمَا (عليهما السلام) فِي الْمُحْرِمِ قَالَ لَهُ أَنْ‌ يُغَطِّيَ رَأْسَهُ وَ وَجْهَهُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ [1] .
 في بعض رجال سند الرواية بحث، وأما دلالة فالبعض لجأ إلى الجمع الدلالي فقال أن هذه الرواية تحمل على حال الاضطرار.
 أقول: إن تمكنا من حل التعارض دلالياً فبها، وإن آل الأمر إلى التعارض ترجح الروايات المشهورة التي وردت الفتاوى مطابقة لها!
 بقي هنا شيء:
 ما المراد من التغطية؟ هل أن المراد هو التغطية بالبرنس والكوفية والقماش أم يعم كل ما يغطي الرأس وان لم يكن متعارفاً كالتغطية بالطين والحناء والأعشاب!
 الأقوال:
 يقول الشيخ في المبسوط: ان من خضّب رأسه او طیّنه لزمه الفداء [2] .
 وقد حكي عن في التذكرى: انه لا خلاف فیه إلا من العامة! [3] .
 ومع هذا قد عارض سيد المدارك في ذلك والسيد الماتن قال بالتعميم احتياطاً!
 ما الدليل على التعميم؟
 الدليل الأول: فإن أصحاب هذا الرأي قد تمسكوا بالعمومات فقالوا أن ما ورد في الروايات عناوين مثل (خمّر رأسه) حيث انه قد منعت التغطية بصورة عامة سواء المتعارف منه وغير المتعارف.
 وقد أورد وعلى هذا الدليل بأنَّ العمومات منصرفة إلى المعتاد من التغطية كما هو الحال في الشبر عند تحديد الكر وفي غسل الوجه فإن المراد منه هو المعتاد!
 الدليل الثاني: قد وردت رواية في انه لا تغطي المرأة رأسها بالمروحة ومن الواضح أن المروحة قناع غير متعارف وبما أن إحرام المرأة في وجهها وإحرام الرجل في رأسه فمن هذا التناظر يستخلص انه لا يجوز للرجل أن يغطي رأسه بغير المعتاد!
 وما يرد على هذا الدليل هو انه قياس مرفوض في مذهبنا. فإن الرواية تقول احرام الرجل في رأسه وإحرام المرأة في وجهها وليس فيها أكثر من ذلك فلا تفيد انه كل ما كان ممنوعاً على المرأة فهو ممنوع على الرجل أيضاً!
 الدليل الثالث: من تروك الاحرام الارتماس في الماء وهو نوع من التغطية ولكن بغير المعتاد، ومن حرمة الارتماس نستكشف أن تغطية الرأس سواء كان بالمعتاد أو بغير المعتاد لا يجوز!
 وما يرد عليه هو ان هذا الدليل كسابقه قياس خاطئ؟ فإنه لا صلة لتغطية الرأس بالارتماس فمثلاً الوقوف تحت المِرشَّة جائز مع أن الماء يغطي الرأس به.
 وملخص القول أنه لا دليل على تعميم الحكم لكي يشمل المنع غير المعتاد من التغطية!
 مهما يكن من أمر فإن الروايات تهدف إلى أن يخرج الإنسان من الحياة الاعتيادية، وفي الأزمنة السالفة ـ خلافا لما نحن عليه الآن ـ كانوا في الغالب يغطون رؤوسهم بالكوفية والبرنس والعمامة وما كانوا يكشفون رؤوسهم إلا عند الحداد وحلول المصيبة، فإن كشف الرأس كان ينافي الترفه والتزين ومن هنا لا يتعارض ذلك مع استعمال الحناء للرأس، وعليه عند الشك نجري البراءة وأما الإجماع المدّعى في المسألة فمدركي فلا يصلح لأن يكون دليلاً وغاية ما يمكن القول به هو الحكم بالاحتياط ولا بأس به.
 يقول السيد الماتن: إنَّ تغطية بعض الرأس ككله لا يجوز.
 الأدلة:
 الأول: أن الاستثنآت التي مرت الإشارة إليها مثل استعمال عصابة القربة وشد الرأس للصداع فإنه جواز مثل هكذا موارد يدل على أنَّ تغطية بعض الرأس أيضاً لا يجوز ولعل شد الرأس للصداع واستعمال عصابة القربة كان للاضطرار لأنَّه لولا ذلك لوقع الناس في مشقة وتعب!
 الثاني: الرواية:
 حدیث 4: مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) يَقُولُ لِأَبِي وَ شَكَا إِلَيْهِ حَرَّ الشَّمْسِ وَ هُوَ مُحْرِمٌ وَ هُوَ يَتَأَذَّى بِهِ فَقَالَ تَرَى أَنْ أَسْتَتِرَ بِطَرَفِ ثَوْبِي فَقَالَ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ مَا لَمْ يُصِبْكَ رَأْسَكَ [4] .
 إن ذيل هذه الرواية يدل على أن تغطية بعض الرأس أيضاً لا يجوز لأن الإمام يقول: لا بأس بذلك ما لم يصبك رأسك، فإذا أصاب بعض الرأس أو كله ففيه بأس.


[1] باب 56 من ابواب تروك احرام.
[2] ج 1، ص 351.
[3] ج 1، ص 366.
[4] باب 67 من ابواب تروك احرام.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo