< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

33/06/13

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: حكم نتف وسقوط شعر الوجه والرأس بمرور اليد
 كان البحث في الفرع الأول من المسألة الثلاثون من مسائل تروك الاحرام وهو ان نتف المحرم إبطيه ليتتبع الكفارة وكفارة نتف الابطين دم شاة على المشهور بل أدعي الاجماع عليه وكفارة نتف الابطين الواحد اطعام ثلاثة مساكين على المشهور أيضاً.
 إلا ان السيد الماتن قال: كفارة نتف الإبطين شاة، و الأحوط ذلك في نتف إحدهما. قلنا ان هناك روايتان الثانية منهما ضعيفة ولكن قد عمل المشهور بها!
 والندرس ما بقي من الأحاديث في هذا الشأن:
 حدیث 1: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ جَمِيعاً عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ رِئَابٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) قَالَ مَنْ حَلَقَ رَأْسَهُ أَوْ نَتَفَ إِبْطَهُ نَاسِياً أَوْ سَاهِياً أَوْ جَاهِلًا فَلَا شَيْ‌ءَ عَلَيْهِ وَ مَنْ فَعَلَهُ مُتَعَمِّداً فَعَلَيْهِ دَمٌ [1] .
 في سند الرواية إشكال من ناحية سهل بن زياد من حيث انه موضع خلاف بين العلماء.
 في هذا الحديث وردت كلمة أبطه وهي قد يراد بها الجنس فتعم كلا الإبطين فتتفق عند إذ مع الروايات السابقة، وإن قيل أن المراد هو الإبط الواحد فلا يمكن عند ذلك الأخذ به لضعف السند وعدم العمل به من جانب الفقهاء لأنها تعين الشاة كفارة للإبط الواحد.
 وفي المستدرك:
 ح1: الْمُقْنِعُ، وَ إِذَا نَتَفَ الرَّجُلُ إِبْطَهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ فَعَلَيْهِ دَمٌ [2] .
 هذا الحديث لو كان حديثاً جديداً ولم يكن فتوى للشيخ الصدوق، فهو حديث مرسل.
 والنقطة المهمة التي يجب التنبيه عليها هو أنَّ صحيحة حريز قد وردت بتعبيرين احدهما للشيخ الطوسي وهي ابطين والثاني للشيخ الصدوق وهو ابطه.
 والمشهور أخذ بنسخة الشيخ الطوسي في التهذيب وأفتى بها وترك نسخة الشيخ الطوسي مما يكشف عن ان نسخة الشيخ الصدوق كانت خاطئة عندهم!
 مع غض الطرف عما تقدم لو قلنا أن هناك تعارض بين النسختين ففي هذا الحال يلزم أن نأخذ بالقدر المتيقن نجري في البراءة في المشكوك، ولذلك نقول أَنَّ القدر المتيقن هو دم شاة في الابطين وأما في الإبط الواحد فهو مشكوك فنجري البراءة فيه وعندئذ ستكون رواية عبدالله بن جبلة حاكمة حيث تفيد أن كفارة نتف الابط الواحد اطعام ثلاثة مساكين.
 ومع ذلك أن السيد الماتن قد مال إلى القول بالاحتياط الواجب لتكون كفارة الإبط الواحد دم شاة فاكتفى بالاحتياط ولم يفت بذلك.
 بقي هنا أمران: في ذيل المسألة أمران لم يتعرض لها السيد الماتن:
 الأول: لو حلف الشخص أبطه بدلا عن النتف ما هو حكمه؟ إن حكم الحلق هو لأنه نستطيع أن نلغي الخصوصية لعدم الفرق بين النتف والحلق عرفاً ولاسيما أن الشارع لا يريد الترفه والتزين للمحرم وفي الحلق ترف!
 الثاني: لو نتف بعض شعر الإبط لا جميعه فهل يجري عليه حكم نتف الكل وبعبارة لو أَنّه نتف بعض شعر الإبطين فهل تجب عليه كفارة دم شاة؟ إنّ صاحب الجواهر يقول بأن الكفارة هنا ترتبط بنتف الكل فليبس في نتف البعض كفارة دم! وبهذا خالف ما قاله في بحث خلق بعض الرأس حيث قال أنه بحكم حلف الكل فعليه دم شاة!
 ويرد عليه:
 إن الحلق والنتف منصرفان إلى جميع أو مقدار معتد به من الشعر وأما إذا لم يكن البعض معتدّاً به لا تشمله الروايات، علماً بأنَّ هذا البعض يكون مشمولاً للروايات الآتية القائلة بأن ما هو مقدار كفارة قطع شعرات من البدن حال الاحرام؟!
 * * *
 وأما الفرع الثاني:
 يقول السيد الماتن: وإذا مس شعره فسقط شعره أو أكثر فالاحوط كف طعام يتصدق به.
 أقوال العلماء:
 يقول صاحب الحدائق بهذا الصدد: هذا الحکم مما لا خلاف فیه بین الاصحاب کما هو ظاهر المنتهی و التذکرة و نقل عن ابن حمزة التصدق بکفین و قال الصدوق فی المقنع بکف او کفین [3] .
 وقال صاحب الجواهر: لو مس لحیته او رأسه فوقع منهما شيء اطعم کفا من طعام کما فی النافع و القواعد و محکی الغنیة و السرائر بل فی المدارك نسبته الی قطع الاصحاب بل عن ظاهر المنتهی و التذکرة الاجماع علیه [4] .
 يقول صاحب الجواهر في نهاية بحثه بأنه لو لا الاجماع لكان الحكم بالاستحباب قوي!
 الدليل:
 الروايات في هذا الموضوع وردت في الباب 16 من أبواب بقية الكفارات فهي مختلفة جداً في تعبيرتها نقسمها إلى ستة طوائف:
 الطائفة الأولى:
 وهي الروايات الموافقة لما ذهب إليه المشهور:
 حدیث 5: عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَنِ الْحُسَيْنِ عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) إِذَا وَضَعَ أَحَدُكُمْ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ أَوْ لِحْيَتِهِ وَ هُوَ مُحْرِمٌ فَسَقَطَ شَيْ‌ءٌ مِنَ الشَّعْرِ فَلْيَتَصَدَّقْ بِكَفٍّ مِنْ طَعَامٍ أَوْ كَفٍّ مِنْ سَوِيقٍ [5] .
 هذه الرواية صحيحة سنداً، وأما دلالة فكلمة السويق غير واضحة لنا لعلها كانت نوعاً من الحلوى. ولكن يظهر من الروايات انه كان نوعاً يحسى حسواً كما في رواية عن الرضا (عليه السلام): (شَرِبَ شَرْبَةَ سَوِيق‌). مهما كان من أمر فانه في ذيل الرواية ورد ما يلي: وَ رَوَاهُ الصَّدُوقُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ بِكَفٍّ مِنْ كَعْكٍ أَوْ سَوِيقٍ.
 صاحب الوسائل لم يفرد هذا المقطع من الرواية برقم مستقل! والكعك كان يشبه الكيكلة في وقتنا الراهن فكان خبزاً محلياً!
 الطائفة الثانية:
 وهي التي تقول بالتخيير بين كف وكفتين:
 حدیث 1: مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ مَنْصُورٍ (بن حازم) عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) فِي الْمُحْرِمِ إِذَا مَسَّ لِحْيَتَهُ فَوَقَعَ مِنْهَا شَعْرَةٌ قَالَ يُطْعِمُ كَفّاً مِنْ طَعَامٍ أَوْ كَفَّيْنِ.
 قد مرَّ في مباحث أصول الفقه بأنه لا يمكن فرض التخيير بين الأقل والأكثر الاستقلاليين لأنه عندما يأتي المكلف بالأقل يسقط الأمر الإلزامي بالأكثر فيصبح مستحباً، وان سقط الأمر بإتيان الأقل فيكون الأكثر هو الواجب فحسب، ومن هنا نجد ان الأكثر دائماً مستحب فمثلاً إذاً قلنا بالتخيير في التسبيحات الأربعة بين الواحدة والثلاثة فهذا يعني أن الواحدة واجبة وأما الأكثر فمستحب وقد افتينا نحن بذلك!
 وسيأتي البحث في الطوائف الأخرى بإذن الله!
 
 


[1] باب 10 من ابواب بقیة کفارات الاحرام.
[2] ج 9، ص 301.
[3] ج 15، ص 518.
[4] ج 20، ص 411.
[5] باب 16 من ابواب بقیة الکفارات.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo