< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

33/06/07

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: حكم كفارة ازالة الشعر عند الاضطرار
 كان البحث في كفارة إزالة الشعر للمحرم، بدأنا بكفارة الاضطرار لحلق الرأس قلنا أن الاجماع في الجملة قائم على ذلك وأن الكفارة تدور بين ثلاثة أمور: الصوم ثلاثة أيام، والصدقة على ثلاثة مساكين والهدي وهو دم شاة.
 وقد وردت الخصال في الكتاب العزيز، إلا أنه وقع الخلاف في أن التصدق على ستة مساكين لكل واحد مدان من الطعام أم على عشرة مساكين لكل واحد مد. والأصل في ذلك صحيحة حريز بن عبدالله، وقد استندنا اليها في البحث السابق إلا أن هناك روايات أخرى لم يستند لها الفقهاء لكنها تصلح للاستدلال بها:
 حدیث 3: عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ عَنْ مُثَنًّى عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ إِذَا أُحْصِرَ الرَّجُلُ فَبَعَثَ بِهَدْيِهِ فَآذَاهُ رَأْسُهُ قَبْلَ أَنْ يُنْحَرَ هَدْيُهُ فَإِنَّهُ يَذْبَحُ شَاةً فِي الْمَكَانِ الَّذِي أُحْصِرَ فِيهِ أَوْ يَصُومُ أَوْ يَتَصَدَّقُ عَلَى سِتَّةِ مَسَاكِينَ وَ الصَّوْمُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَ الصَّدَقَةُ نِصْفُ صَاعٍ لِكُلِّ مِسْكِينٍ [1] .
 الرواية لم تشر إلى حلق الرأس ولعل السبب في عدم استناد الفقهاء اليها هو ذلك، غير أن الإمام حكم بالكفارة في حق من آذاه شعره وإنما كان ذلك لأنه حلق رأسه وإلاّ لا وجه للكفارة! وهذه قرينة! والكفارة مخيرة بين الخصال الثلاثة، ونصف الصاع الذي ورد في الخبر هو مدان وهما أقل من الكيلو بقليل.
 حدیث 4: مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (عليه السلام) قَالَ مَرَّ النَّبِيُّ (صلى الله عليه وآله) عَلَى كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ الْأَنْصَارِيِّ وَ هُوَ مُحْرِمٌ وَ قَدْ أَكَلَ الْقَمْلُ رَأْسَهُ وَ حَاجِبَيْهِ وَ عَيْنَيْهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) مَا كُنْتُ أَرَى أَنَّ الْأَمْرَ يَبْلُغُ مَا أَرَى فَأَمَرَهُ فَنَسَكَ نُسُكاً لِحَلْقِ رَأْسِهِ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَالصِّيَامُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَ الصَّدَقَةُ عَلَى سِتَّةِ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ.
 في مرسلة الصدوق هذه عَيَّن لكل مسكين من المساكين الستة صاعاً في حين أن الرواية السابقة عينت لكل مسكين نصف صاع من ستة مساكين.
 إن صاحب الوسائل لحل التعارض جمع بين الروايتين بالجمع الدلالي فحمل الزيادة على الاستحباب فقال: أَقُولُ الصَّاعُ مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ.
 دليل القول باطعام عشرة مساكين:
 إن القائلين بأنَّ الصدقة بعشرة مساكين ولكل واحد منهم مد قد استندوا إلى رواية محمد بن عمر بن يزيد علما بأن سندها ضعيف لأن عمر بن يزيد مجهول الحال وإن كان باقي رجال السند ثقات.
 وأما دلالة فالرواية لا تشير إلى المد وإنما تشير إلى اشباع عشرة مساكين وفي ذيل الرواية جاء (أنه يذبحها فيأكل) وهو يتعارض مع ظاهر الروايات التي تفيد أن الكفارة تختص بالمساكين دون غيرهم.
 يقول صاحب الرياض [2] بهذا الصدد في عبارةً مفصلة نختصرها بما يلي:
 وهذا القول مروي عن الفاضلين في الشرائع والقواعد وغيرهما فقالوا إطعام عشرة مساكين لكل مدّاً وفاقاً لابن حمزة للخبر (خبر عمر بن يزيد) وفيه ضعف سنداً [من جهة محمد بن عمر بن يزيد] ومتنا لتضمنه مالا يقول به أحد [وهو الأكل من الكفارة] ودلالتاً لعدم تصريح فيه بالمد [لم ترد كله المد في الرواية وما ورد هو الاشباع فحسب].
 ثم حاول صاحب الرياض أن يردّ هذه الاشكالات واحدة تلو الأخرى:
 أما ضعف السند فيجبر بالشهرة وقد صرح صاحب المسالك بالشهرة!
 وفي عدم ورود كلمة المد في الرواية، يقول أن المراد من الاشباع هو قدر المد وفي باب كفارات الصيام وغيره هو انه يشبع أو يعطي مداً من الطعام وهنا أتى الإمام بالإشباع بدلاً من المد والغرض واحد.
 وعن جواز الأكل من الكفارة فيقول هناك أحاديث شتى لم يعمل الأصحاب ببعض اجزائها وإن عملوا بالبعض الآخر وهذا لا يضر.
 ونحن لا نقول بذلك لأنه لو لم يعمل ببعض الحديث تتزلزل الثقة بالحديث برمته والدليل هو بناء العقلاء فلو وصلت رسالة من أحد بأيدينا توصي بإعطاء شيء ما لشخص معين ونحن نعلم بالقطع واليقين انه يجب أن لا يعطي شيء لهذا الشخص، فهذا يؤدي إلى الشك في صحة أصالة الرسالة!
 ومهما يكن من أمر إن المستند المهم الذي اعتمده أصحاب هذا القول هو رواية عمر بن يزيد إلا أن هذه الرواية لا تستطيع أن تقاوم صحيحة حريز والروايتين ولاسيما أن رواية حريز قد عمل بها الفقهاء.
 وهناك احتمال ابداه الشهيد الثاني في المسالك [3] وهو التخيير بين الستة لكل واحد منهم مدان والعشرة بكل واحد منهم مد لعل هذه الفتوى من باب الجميع الدلالي بين رواية عمر بن يزيد ورواية حريز اعني ان الرواية الأولى ذكرت فردا من هذا التخيير والرواية الثانية ذكرت فرداً آخر فالمصداق واحد، وقد يقال أن قوله إذاً فتخيير قد يكون من باب ما لو تعارضت الروايتان ولم يكن مرجحاً فنحكم بالتخيير في مثل ذلك، وعليه في الأول كان التخيير دلالياً وهذا التخيير روائي!
 وهناك احتمال رابع وهو أن نعطي لكل مسكين صاع وهو أربع امدد، طبعاً هذا الاحتمال لا قائل به.
 وملخص القول:
 عند الاضطرار إذا حلق المحرم رأسه تدور الكفارة بين ثلاثة خصال: ذبح الشاة، صوم ثلاثة أيام وإطعام ستة مساكين ولكل واحد مدان إذن نحن نوافق ما ذهب إليه السيد الماتن.


[1] ح 3، باب 14، أبواب بقية الكفاءات.
[2] ج 7، ص 443.
[3] ج 1، ص 145.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo