< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

33/05/22

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: حرمة التدهين بالدهن المعطر.
 البحث في حرمة التدهين للمحرم، قلنا بأن المحرم لا يمكنه استخدام الدهون والكريمات لتلطيف جلد بدنه.
 كان الفرع الأول حول أصل الحرمة والفرع الثاني حول حرمة استخدام الدهون المعطرة قبل الاحرام علماً بأن عطره سيبقى بعد الاحرام أيضاً.
 ذكر صاحب الجواهر هنا فروعاً أخرى ومن جملتها لو علم بعدم بقاء عطره حين الاحرام فلا اشكال في استخدام الدهون المعطرة قبل ذلك، إنَّ الجواز في هذا الفرع من الواضحات ونحن نضيف أيضا أنه لو بقي عطره حين الاحرام من دون علم المحرم به فإن ذلك من باب الاستعمال اللاإرادي! فلا إشكال.
 ويقول صاحب الجواهر أيضا: إن الحرمة في استخدام الدهن المعطر هي في حال كون الاحرام واجباً وإن لم يكن واجباً فيمكن استعمال الدهون المعطرة، فلا يحرم مادام عطره باقياً، وهذا الفرع من الواضحات أيضاً.
 أما الفرع الثالث من المسألة فهو في امكان التدهين حال الاضطرار.
 الأقوال:
 لا خلاف في هذه المسألة وقد أشار العلماء إلى ذلك.
 الدليل: للمسألة دليلان:
 قاعدة الاضطرار: ما من شيء حرمه الله إلا أحله لمن اضطر به.
 وعليه فلو لم يتدهن فيصاب بحروق في الجلد مثلاً اثر سطوع الشمس أو يتسبب بتشقق أو نزيفٍ في أنفه مثلاً وهكذا بما يؤدي إلى مشقة شديدة فهنا بإمكانه أن يستعمل. وينبغي التنبيه إلى أن هناك فرق بين الاضطرار والحرج وهو أن الاضطرار ملازم للحرج دائماً لكن لا يلازم الحرج الاضطرار دائماً، والمضطر هو من لا طاقة له على تحمل الحرج، لكن الحرج قد يمكن أن يطاق ولا يصل إلى درجة الاضطرار.
 دلالة الروايات:
 حدیث 2: عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبَانٍ عَمَّنْ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ تَشَقَّقَتْ يَدَاهُ وَ رِجْلَاهُ وَ هُوَ مُحْرِمٌ أَيَتَدَاوَى قَالَ نَعَمْ بِالسَّمْنِ وَ الزَّيْتِ [1] .
 إن أبان بن عثمان من أصحاب الاجماع فعلى رأي من يقول بتصحيح ما يصح عن اصحاب الاجماع فلا يرى في ارسال السند بأساً، لكن نحن لا نقول بذلك.
 دیث 5: ِ عَنْ مُوسَى بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَحَدِهِمَا (عليه السلام) قَالَ سَأَلْتُهُ عَنْ مُحْرِمٍ تَشَقَّقَتْ يَدَاهُ قَالَ فَقَالَ يَدْهُنُهُمَا بِزَيْتٍ أَوْ بِسَمْنٍ أَوْ إِهَالَةٍ.
 ***
 يقول السيد الماتن في الفرع الرابع من المسألة: و لا (بأس) بأكل الدهن إن لم يكن فيه طيب.
 الأقوال:
 إنّ السيد صاحب الرياض [2] بعد نقل حديث معاوية بن عمار عن الامام الصادق × حيث قال: لَا تَمَسَّ شَيْئاً مِنَ الطِّيبِ وَ لَا مِنَ الدُّهْنِ فِي إِحْرَامِكَ.
 أضاف: المراد بالمس فيه الإدّهان لا مطلقه لجوازه في نحو الاكل اجماعاً كما في الروضة، وعن التذكرة وعن الخلاف والدروس نفي الخلاف عنه.
 فبناءً على ما قال فإن عدم المس في الرواية الآنفة الذكر منصرف إلى التدهين لتلطيف البدن وذلك لوجود روايات أخر، لا مجرد أن يلمس الدهن بيده ليضعه في فمه.
 الدليل:
 الأول: اصالة البراءة: لو شككنا في أن أكل طعام دسم يحرم حال الاحرام أو لا؟ ففي مثل هذا تجري اصالة البراءة، مع أنه لا رواية تدل على الحرمة في هذا الخصوص.
 الثاني: السيرة: فإنّ سيرة المسلمين جرت على اكل الاطعمة الدسمة حال الاحرام، ولا سيما أن أكثر المطبوخات تحتوي على الزيت والدهون.
 مضافا إلى أن في الأزمنة السابقة ـ خلافاً لزماننا ـ كان وقت الاحرام طويلا، وإن اسرعوا في قضاء أعمالهم فكانت الفترة تمتد إلى عشرة أو اثني عشرة يوماً، ومن البعيد جداً أن لا يتناولو شيئاً مطبوخاً خلال هذه الفترة.
 الثالث: دلالة الرواية:
 الباب 69 من أبواب تروك الاحرام الحديث 2 قد ورد في ذيل هذه الرواية التي ذكرنا صدرها آنفاً ما يلي: وَ قَالَ إِذَا اشْتَكَى الْمُحْرِمُ فَلْيَتَدَاوَ بِمَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَأْكُلَهُ وَ هُوَ مُحْرِمٌ.
 أي لو اضطر المحرم فإنه يمكنه أن يداوي نفسه بالاشياء التي يمكنه أكلها حال الاحرام.
 ويقصد الإمام بهذه الاشياء هي الأطعمة غير المعطرة، وعليه فإن في هذا القسم من الحديث قد افترض أن أمكان أكل الدهون الغير المعطرة من المسلمات، وعليه فيمكن مداواة اليدين بها.
 هذا وإن كان في سند هذه الرواية اشكال إلا أن ضعف السند مجبور بعمل الاصحاب.
 وعن حكم كفارته: يقول السيد الماتن: ولو كان في الدهن طيب فكفارته شاة، حتى للمضطر به، وإلا فلا شيء عليه.
 يستشف من هذه العبارة أنه لو كان الدهن غير معطر وإن كان التدهين حرام لكن لا كفارة عليه.
 نقول: إن البحث هو في التدهين لا في استعمال الشيء المعطر وعليه يكون الفرع الآنف الذكر خارج عن محل البحث.
 الأقوال:
 إن هنا الحكم موضع اجماع الفقهاء عدا شاذ منهم قال بخلافه.
 ففي الرياض [3] : القائل [بأن رفي استعمال الدهن الطيب شاة] هو الشيخ في النهاية والمبسوط والخلاف نافياً عنه الخلاف، كما مر في كفارة الطيب والسرائر والفاضل مدعياً عليه في المنتهى على لزوم الفدية فيه الاجماع وتبعهم جماعة من غير خلاف فيه بينهم بل مطلقاً أجده إلا من الماتن هنا في الشرائع والكتاب مع أنه أوجبها في بحث كفارة الطيب.


[1] الباب 69 من أبواب تروك الإحرام.
[2] ج6 ص 294.
[3] ج7 ص 460.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo