< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

33/05/17

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: حكم حلي المرأة حال الإحرام
 إن بحثنا هو في الترك الرابع عشر من تروك الاحرام الذي هو ترك لبس الحلي للمرأة، إن حرمة استعمال الحلي بالنسبة للمرأة حال الإحرام أمر مسلّم ولا غبار عليه، إلا أن فيه استثناءات.
 بقي هنا أمور:
 الأول:
 قال صاحب الجواهر: ما كان معتاداً ولم تقصد به الزينة لا بأس به بلا خلاف [1] .
 أي يجوز للمرأة المحرمة استعمال الحلي المعتادة قبل الاحرام، بشرط عدم قصد الزينة.
 وفي كشف اللثام: ويجوز لها ليس المعتاد من الحلي إذا لم تقصد الزينة اتفاقاً وللاخبار والأصل [2] .
 ويعني بالأصل هو أصالة البراءة.
 والاتفاق هو أعلى مرتبة من الاجماع، لأنه قد يكون في الاجماع مخالف معين، لكن في الاتفاق لا أحد مخالف في البين والكل متفقون.
 قال صاحب الجواهر في عبارته الأخيرة: ان المسئلة فی غایة التشویش فی کلامهم.
 إن قصده هو أن أصل المسألة متفق عليها، لكن التشويش في فروعها. من حيث أنه هل هو بقصد الزينة أو لا؟ وهل يجب ستره عن الزوج والمحرم عليها أو لا، وهكذا من موارد.
 إن البعض أشار إلى حديث واحد في الحلي المعتادة وهو الحديث 1 من الباب 49 من أبواب تروك الاحرام الذي قرأناه بالامس وهو حديث صحيح:
 مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَجَّاجِ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ (عليه السلام) عَنِ الْمَرْأَةِ يَكُونُ عَلَيْهَا الْحُلِيُّ وَ الْخَلْخَالُ وَ الْمَسَكَةُ وَ الْقُرْطَانِ مِنَ الذَّهَبِ وَ الْوَرِقِ تُحْرِمُ فِيهِ وَ هُوَ عَلَيْهَا وَ قَدْ كَانَتْ تَلْبَسُهُ فِي بَيْتِهَا قَبْلَ حَجِّهَا أَ تَنْزِعُهُ إِذَا أَحْرَمَتْ أَوْ تَتْرُكُهُ عَلَى حَالِهِ قَالَ تُحْرِمُ فِيهِ وَ تَلْبَسُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ تُظْهِرَهُ لِلرِّجَالِ فِي مَرْكَبِهَا وَ مَسِيرِهَا ظاهر (مِنْ غَيْرِ أَنْ تُظْهِرَهُ لِلرِّجَالِ).
 الظاهر يجب عليها أن تستر الحلي حتى عن زوجها، ومفهوم ذلك هو أنه يجوز لها أن تظهره للنساء. ولكن يجوز اظهاره للنساء قاصدة منه الزينة؟ الظاهر من أقوالهم العلماء أنه لا يجوز إذا كان بذلك القصد. وسنوضح رأينا في المسألة إن شاء الله.
 حدیث 9: ِ عَنْ حَرِيزٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ إِذَا كَانَ لِلْمَرْأَةِ حُلِيٌّ لَمْ تُحْدِثْهُ لِلْإِحْرَامِ لَمْ تَنْزِعْ حُلِيَّهَا.
 الرواية صحيحة سنداً.
 وأما دلالة فهي تقول أنه لو لم تلبس الحلي في الاحرام بل كانت معتادة عليه، فلا اشكال في استعماله وهي محرمة.
 حدیث 10: ِ عَنِ الْحَلَبِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ لَا بَأْسَ أَنْ تُحْرِمَ الْمَرْأَةُ فِي الذَّهَبِ وَ الْخَزِّ.
 الرواية صحيحة سنداً وأما دلالة فهي كسابقتها.
 لكن ينبغي التنبه إلى أن في المسألة قيدان:
 الأول: عدم اظهاره للرجال.
 والثاني: أن لا يكون اظهاره للنساء بقصد الزينة.
 وقد قلنا سابقاً بأنَّ هنا يكون القصد قهرياً فهي وإن لم يقصد منها الزينة لكنها تستتبع الزينة قهرا.
 وللتوضيح أنَّ القصد على قسمين: قهري تبعي واستقلالي.
 إنَّ القصد القهري التبعي حصال على كل حال، ولكن قد يكون القصد مستقلاً.
 والاستقلال هو أن تنوي المرأة لبس الحلي لاظهاره لهن بعد القدوم مثلاً!
 يبدو أن الروايات منصرفة عن هذه الصورة وشمولها لهذه الحالة بعيد لأن الإحرام ليس فرصةً للتباهي والتفاخر كما أنه لا ينبغي أن يكون أثر للرفاهية بعد الاحرام مما كان قبله، فلو لم يقل الامام (عليه السلام) في الرواية الآنفة الذكر بجواز الحلي المعتادة لقلنا بحرمة استعمالها.
 وفي عدم جواز اظهار الزينة للأجنبي نقول: وإن كان اظهارها للاجنبي في غير الاحرام لا يجوز لكن أثمه حال الاحرام أشد، على أنه لا يجوز ذلك حال الاحرام حتى للزوج والمحارم أيضاً.
 أما الفرع الثاني في كلام السيد الماتن (قدس سره): وليس في لبس الحلي كفارة وإن فعلت حراماَ.
 أي أنه ليس هنا حرمة وضعية وإن كان الحرمة التكليفية باقية على حالها.
 لم يتعرّض كثير من العلماء للكفارة في المسألة وعلّها كانت مسلّمة عندهم.
 كما أنَّ الروايات أيضاً لم تتعرض لها مع أنها كانت في مقام البيان.
 زد على ذلك أنه لو شككنا في وجوب الكفارة وعدمه تجري أصالة البراءة.
 أما الترك الخامس عشر من تروك الاحرام فيقول السيد الماتن (قدس سره) عنه:
 الخامس عشر- التدهين و إن لم يكن فيه طيب، بل لا يجوز التدهين بالمطيب قبل الإحرام لو بقي طيبه إلى حين الإحرام، و لا بأس بالتدهين مع الاضطرار، و لا يأكل الدهن إن لم يكن فيه طيب، و لو كان في الدهن طيب فكفارته شاة حتى للمضطر به، و إلا فلا شي‌ء عليه.
 ففي المسألة خمسة فروع:
 الفرع الأول: إن التدهين وإن لم يكن فيه طيب فهو نوع من الرفاهية التي ينبغي على المحرم اجتنابها.
 الفرع الثاني: لا يجوز التدهين بالمطيب قبل الاحرام الذي يبقى طيبه إلى حين الاحرام.
 الفرع الثالث: لا بأس بالتدهين مع الاضطرار.
 الفرع الرابع: ولا بأس بأكل الدهن المطيب.
 الفرع الخامس: لو كان في الدهن طيب فكفارته شاة حتى للمضطر عليه، وإن لم يكن فيه طيب فلا كفارة.
 وهذا يعني أن التدهين بالذات لا كفارة فيه وما يوجب الكفارة هو الطيب فحسب.
 إن في هذه المسألة مسائل مستحدثة عديدة كاستعمال الكريمات وعصارات الدهون وما شابه، أو السباحة في حوضٍ فيه دهن مطيب، وما إلى ذلك. سيأتي البحث عنها إن شاء الله.


[1] ج18 ص 373.
[2] ج5 ص387.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo