< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

33/05/10

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: حكم لبس الخاتم واستعمال الحناء
 كان البحث في الثالث عشر من تروك الإحرام، ان السيد الماتن مزج بين مسألتين إحديهما لبس الخاتم للزينة والثانية استعمال الحناء فيقول: الأحوط ترك استعمال الحناء للزينة، بل لو كان فيه الزينة فالأحوط تركه و إن لم يقصدها، بل الحرمة في الصورتين لا تخلو من وجه.
 أكثر الفقهاء قد أفتوا بالكراهة في استعمال الحناء ولذلك قال السيد الماتن بالاحتياط، ثم قال: إن كان الاستعمال مصداقاً للزينة يبقى الاحتياط على حاله وإن لم يقصدها المحرم، ثم إضاف انه في الصورتين ـ أي قصد أم لم يقصد الزينة ـ فإن القول بالحرمة لا يخلو من وجه!
 قد ذكرنا أدلة القول بالحرمة وهي رواية المرآة والكحل حيث ورد فيهما قوله: لأنه زينة، فهو حرام، وسيأتي البحث في أن الزينة هل أنها محرمة على الاطلاق؟ أجل قد ورد نهي في استعمال الحناء على الرأس غير أنه لم يتضح بعد أن الحرمة هي بسبب استعمال الحناء لأنه زينة أم أنها من أجل أن الحناء يؤدي إلى التغطية وهو حرام مستقل، وسيأتي البحث عن ذلك أيضاً.
 وعلى أية حال إن قلنا بالكبرى الكلية وهي ان كل زينة حرام فنأخذ بما ذهب إليه السيد الماتن وإلا فلابد من القول بالكراهة، وعليه إن الفتوى هنا مبنائية وإلى هنا لم نختر واحداً من الرأيين من الحرمة والكراهة.
 بقي هنا أمور:
 الأول: هل أن للحناء موضوعية؟ أم أن جميع الأصباغ التي تصبغ بها الشعور ويستعملها الرجال والنساء واردة تحت الحكم؟ الانصاف أنها داخلة تحت الحكم وذلك لأن:
 أولاً: ليس في الحناء خصوصية وسواء قلنا بالحرمة أو الكراهة فالعرف يلغي الخصوصية وفي الوقت الراهن تستعمل الألوان بدلاً عن الحناء بكثرة.
 ثانياً: وفقاً لعمومات حرمة التزيين إن قلنا كل زينة حرام فالألوان تدخل تحت هذا العنوان.
 الثاني: لو تخضَّب المحرم بالحناء أو بصبغ من الأصباغ قبل الإحرام وعلم ببقاء الأثر إلى وقت الإحرام فهل يجوز له ذلك أم لا؟ يقول السيد الماتن: ولو استعمله قبل الإحرام للزينة أو لغيرها لا إشكال فيه ولو بقي أثره حال الإحرام.
 فريق من الفقهاء عارض فقال بالحرمة مثل الشهيد الثاني في الروضة، ومن قال بالكراهة في استعمال الحناء قال بها هنا أيضاً، والدليل على ذلك هو رواية الكناني:
 حديث 2: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ عَنْ أَبِي الصَّبَّاحِ الْكِنَانِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ سَأَلْتُهُ عَنِ امْرَأَةٍ خَافَتِ الشُّقَاقَ فَأَرَادَتْ أَنْ تُحْرِمَ هَلْ تَخْضِبُ يَدَهَا بِالْحِنَّاءِ قَبْلَ ذَلِكَ قَالَ مَا يُعْجِبُنِي أَنْ تَفْعَلَ [1] .
 والرواية وان كانت ضعيفة سنداً بمحمد بن فضيل إلا أن الأصحاب قد عملوا بها.
 وأما دلالة فإن المرأة قد عملت ذلك قبل الإحرام وكان قريباً منه. فمن الطبيعي أن يبقى أثر الحناء أو الصبغ، كما أن القصد كان المعالجة دون الزينة والإمام قال لا يعجبني فانه ظاهر في الكراهية.
 إلا أن هنا يمكن أن نفترض ثلاثة صور:
 الأولى: أن لا يكون الإنسان قاصداً للزينة.
 الثانية: أن يقصد الزينة ولكنه لا يعلم أن أثره باق بعد الإحرام!
 الثالثة: أن يقصد الزينة ويعلم أن أثرها يبقى إلى ما بعد الإحرام.
 والسؤال هو هل أن السيد الماتن يقول بالجواز حتى في الصورة الثالثة؟ ولاسيما انه في الطيب صرح: لو استعمل المحرم الطيب قبل الإحرام فعليه أن يزيله بالغسل أو يبدل ملبسه في حين انه لا فرق بين الطيب والحناء للمحرم والطيب يحرم حدوثاً وبقاءً.
 أجل يمكن القول بعدم الحرمة أو الكراهة على رأي من يدخل قصد الزينة في الحكم، ولكن على ما نقول به نحن من أن العلم ببقاء الزينة ملازم للقصد ـ الذي نسميه بالقصد القهري ـ فلا فرق بين الصور الثلاثة فنقول بالحرمة أو الكراهة فيها جميعاً، وبذلك نختلف مع السيد الماتن.
 الثالث: الفرق في الحكم بين المرأة والرجل في حرمة الحناء للتزين أم لا؟
 بعض الفقهاء ـ حسب ما في الجواهر [2] ـ مثل الشيخ وابن ادريس الحلي ويحيى بن سعيد والعلامة في بعض كتبه قالوا بأن الكراهة تختص بالمرأة لأن مورد الرواية السابقة ـ أعني رواية الكناني ـ هو المرأة فقط وإن لم تقصد الزينة!
 والبعض مثل الفاضل الاصفهاني ـ في كشف اللثام الجزء 5 ـ، له إضافة وهي أن استعمال الحناء يؤدي إلى تزيين المرأة وتجميلها وهو مثار للشهوة!
 إلا أن هذا غير صحيح من جهتين:
 الأولى: لا فرق في الزينة بين الرجل والمرأة بل أن في الروايات أن الرجال في العصر الأول كاكراهة تختص بالمرأة لأن مورد الرواية السابقة ـ أعني رواية الكنانينوا يخضبون شعورهم ليبدوا شباباً! فلو كان الدليل هو الروايات التي تفيد أن كل زينة حرام فلا فرق في هذا الحال بين المرأة والرجل.
 وثانياً: البعض مثل صاحب الجواهر قد تمسك بقاعدة الاشتراك في التكليف بأن الأحكام مشتركة بين المكلفين حتى النبي والأئمة (عليهم السلام) إلا أن يقوم دليل خاص على أن الحكم يختص بالنبي أو الرجل أو المرأة! ووفقاً لهذه القاعدة إذا ثبت حكم الواحد من الناس فانه يثبت للجميع!


[1] ح 2، باب 23 من ابواب تروك احرام.
[2] ج 18، ص 420.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo