< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

33/05/09

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: استخدام الحناء
 البحث في الثالث عشر من تروك الإحرام، وقد كان في عبارة السيد الماتن ثلاثة فروع، كان الفرع الثاني في الحناء وقد قلنا انه يعم كل أنواع الأصباغ أيضاً. ذكرنا الأقوال في المسألة وقلنا ان المحقق في المختصر قال بالكراهة وقال صاحب الرياض انه المشهور كما ان قليلاً من الفقهاء قال بالحرمة!
 دليل القول بالكراهة:
 إن القائل بالكراهة تمسك بروايتين الأولى منهما تدل على الجواز دون الكراهة ولكن نحملها على الكراهة بقرينة الروايات الأخرى:
 حديث 1: محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن عبدالله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سألته عن الحناء فقال إن المحرم ليمسه ويداوي به بغيره وما هو بطيب وما به بأس [1] .
 إن الرواية صحيحة سنداً، غاية ما يستفاد منها هو الجواز دون الكراهة، والأهم من ذلك أن الرواية ليست في استعمال الحناء للزينة بل للعلاج! اللهم إلا أن يقال أن قول: (ليمسه) عام يشمل كل استعمال إلا ان هذا الحمل بعيد جداً. ولاسيما أن الإمام في ذيل الرواية يشير إلى عدم كون الحناء طيباً ولم يشر إلى الزينة! إذن لأكثر من سبب لا نستطيع أن نعتمد على هذه الرواية!
 حديث 2: عن محمد بن الفضيل عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله (عليه السلام)، سألته عن امرأة خافت الشقاق فأرادت أن تحرم هل تخضب يدها بالحناء قبل ذلك قال ما يعجبني ان تفعل [2] .
 هذه الرواية ضعيفة سنداً لأن في السند محمد بن الفضيل وقد عد في كتب الرجال من الغلاة وقد ضعف إلا أن يقال أن ضعف السند يجبر بعمل المشهور، وأما دلالاته فالرواية تتحدث عن تخضيب اليدين قبل الإحرام إلا ان الكراهة بعد الإحرام من باب أولى والدليل على الكراهة هو قول الإمام: (لا يعجبني) وهو لا يدل على أكثر من الكراهة!
 دليل القول بالحرمة:
 إن القائل بالحرمة تمسك بروايتين صحيحتين قد مرتا في بحث سابق:
 حديث 4: عن حماد عن حريز عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال لا تكتحلُ المرأةُ المُحرمةٌ بالسواد إن السواد زينة وكل زينة حرام [3] .
 في هذه الرواية وان لم يكن الكلام عن الحناء بل عن الكحل الأسود إلا انه من باب قياس منصوص العلة فيمكن القول: ان السواد زينة وكل زينة حرام.
 حديث1: محمد بن الحسن بإسناده عن موسى بن القاسم عن عبد الرحمن يعني ابن أبي نجران عن حماد يعني ابن عثمان عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال لا تنظر في المرآة وأنت محرم فانه من الزينة [4] .
 هذه الرواية في النظر إلى المرآة وليست بصدد تبيين حكم الحناء ولكن بما أنه ورد فيها التعليل فمن باب قياس منصوص العلة نستند إليها!
 إلا أن في الاستدلال بالروايتين إشكالين:
 الأول: يلزم البحث في انه هل ان كل زينة حرام؟ لو تمكنا من إثبات ذلك نستطيع أن نحل كثيراً من الإشكالات على ضوء ذلك فنحدد مصاديق الحرمة، فيجب أوّلاً إثبات الكبرى الكلية ثم تحديد المصاديق!
 الثاني: إن الفقهاء يقولون أن الحناء حرام للزينة أي أن القصد دخيل في تحقق الحرمة، هذا في حين ان هذه الروايات لا تشير إلى القصد أصلاً فباطلاقاتها تشمل عدم القصد أيضاً.
 وعليه لا تثبت دعوى الحرمة بهاتين الروايتين!
 اللهم إلا ان يقال ان ما كان مصداقاً قطعياً للزينة عرفا يتبعه القصد تلقائياً! وذلك كما لو دعوت زيداً مع العلم بأن ابنه يلازمه دائماً فهنا بحكم الملازمة تعد دعوة زيد دعوة لابنه أيضاً وذلك لو علم بالملازمة، وعليه لا يستطيع المسضيف أن يقول لم أقصد دعوة الابن لو أخذنا بذلك فإشكال الحرمة يزول.
 إلى هنا عرضنا أدلة طرفي النزاع في القول بالكراهة والحرمة إلا أن هناك روايات لم يلتفت إليها الفقهاء وردت في باب التقصير في منى فإنها تدل على الحرمة أو فيها أشعار بذلك:
 حديث3: عن عبدالرحمن عن علاء قال قلتُ لأبي عبدِالله (عليه السلام) تَمَتَّعتُ يوم ذبحْتُ وحلقتُ أفالطخُ رأسي بالحناء، قال نعم من غير أن تمس شيئاً من الطيب، قلتُ أفالبس القميص، قال نعم إذا شئت قلت أفاغطي رأسي قال نعم [5] .
 ما يستفاد من هذه الرواية انه كان في ذهن الراوي أن استعمال الحناء قبل التقصير حرام وأما بعد التقصير فكل شيء يحل إلا الطيب والنساء وبعد طواف النساء يحلان هذان أيضاً فالسائل كان في شك هل ان حرمة استعمال الحناء مستمرة إلى ما بعد التقصير أم لا؟ فموضع الاستدلال في الرواية هو ما كان مرتكزاً في منى السائل والإمام لم يخطئ ما كان في ذهنه!
 حديث 5: عن الحسين بن سعيد عن صفوان وفضالة عن العلاء قال قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) إني حلقتُ رأسي وذبحتُ وأنا متمتعٌ أطلي رأسي بالحناء قال نعم من غير أن تمس الطيب قلتُ وألبسُ القميص وأتقنع قال نعم قلتُ قبل أن أطوف بالبيت قال نعم [6] .
 حديث 7: عن محمدُ بن يعقوب عن أبي علي الأشعري عن محمد بن عبدالجبار عن صفوان بن يحيى عن سعيد بن يسار قال سألتُ أبا عبدالله (عليه السلام) عن المتمتع قلت إذا حلق رأسه يطليه بالحناء قال نعم الحناء والثياب والطيب وكل شيء إلا النساء رددها عليّ مرتين أو ثلاثاً قال وسألت أبا الحسن (عليه السلام) عنها قال نعم الحناء والثياب والطيب وكل شيء إلا النساء [7] .
 في هذه الرواية أضيف الطيب على ما يحل وهو غير مفتى به.
 حديث 13: عن محمد بن خالد الطيالسي عن العلاء قال قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) إذا حلقت رأسي وأنا متمتع أطلي رأسي بالحناء قال نعم من غير أن تمس شيئاً من الطيب قلت وألبس وأتمتع قال نعم قلت قبل أن أطوف بالبيت قال نعم [8] .
 حديث 2: كتابُ محمد بن المثنى الحضرمي، عن جعفر بن محمد بن شريح الحضرمي عن ذريح المحاربي عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال سألته عن المتمتع أيطلي رأسه بالحناء قال نعم [9] .
 مهما يكن من شيء فان هذه الروايات دالة أو مشعرة بأن حرمة استعمال الحناء كان مرتكزاً في ذهن الرواة والإمام لم يُخطِّئ فلو أضفنا ذلك إلى أدلة القول بالحرمة ربما استفدنا الحرمة والسيد الماتن يرى لذلك وجه.
 بناء على ما تقدم انه لا يبعد استخراج حرمة استعمال الحناء من مجموع الروايات للمحرم!


[1] ح1، باب 23 أبواب تروك الإحرام.
[2] ح2، باب 23 أبواب تروك الإحرام.
[3] ح 4، باب 33، أبواب تروك الإحرام.
[4] ح 1، باب 33، أبواب تروك الإحرام.
[5] ح 10، باب 13، أبواب تروك الإحرام.
[6] ح 5، باب 13، أبواب تروك الإحرام.
[7] ح 7، باب 13، أبواب تروك الإحرام.
[8] ح 13، باب 13، أبواب تروك الإحرام.
[9] ج 9، باب 74، أبواب تروك الإحرام.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo