< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

33/05/04

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: حكم لبس الخاتم حال الإحرام
 كان البحث في الثالث عشر من تروك الإحرام. قد كان فيه ثلاثة فروع: الأول في انه لو كان لبس الخاتم للزينة. والثاني كان في استعمال الحناء والأصباغ الأخرى. والثالث في الكفارة.
 المشهور في لبس الخاتم للزينة ـ بل ادعي الاجماع ـ انه يحرم للمحرم وقد عرضنا الروايات الدالة على الحرمة، وأما الروايات التي تدل على عدم الحرمة فهي متضافرة وفيها الصحاح ولذلك لمعلى انه يحرم للمحرم وقد عرضنا الروايات الدالة على الحرمة، وأما الروايات التي تدل على عدم إلاّ نتعرض لأسنادها وهي كما يلي:
 حدیث 1: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنْ نَجِيحٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ (عليه السلام) قَالَ لَا بَأْسَ بِلُبْسِ الْخَاتَمِ لِلْمُحْرِمِ [1] .
 هذا الحديث مطلق ولم يفرق فيه بين ما كان للزينة وما لم يكن.
 حدیث 3: الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ قَالَ رَأَيْتُ الْعَبْدَ الصَّالِحَ (عليه السلام) وَ هُوَ مُحْرِمٌ وَ عَلَيْهِ خَاتَمٌ وَ هُوَ يَطُوفُ طَوَافَ الْفَرِيضَةِ [2] .
 إن الإمام طاف وفي يده الخاتم ولا فرق في ذلك بين أن يكون طوافه مستحباً أو واجباً.
 حدیث 5: عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ عَمْرِو بْنِ‌ سَعِيدٍ عَنْ مُصَدِّقِ بْنِ صَدَقَةَ عَنْ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ تَلْبَسُ الْمَرْأَةُ الْمُحْرِمَةُ الْخَاتَمَ مِنْ ذَهَبٍ [3] .
 الخاتم هنا لا يكون إلا للزينة ولكن بما انه في يد المرأة المحرمة وهو جائز لها فلا يمكن التوسع منه إلى لبس الخاتم للرجل لأنه لا يمكن إلقاء الخصوصية وعليه نضع الرواية جانباً!
 قد تكررت هذه الرواية في الباب 49 من أبواب تروك الإحرام برقم 5 فليست رواية أخرى!
 حدیث 6: مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ فِي عُيُونِ الْأَخْبَارِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِيسَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى عَنْ مُوسَى بْنِ عُمَرَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ بَزِيعٍ قَالَ رَأَيْتُ عَلَى يد أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا ع وَ هُوَ مُحْرِمٌ خَاتَماً [4] .
 هذه الرواية مطلقة فلم يعلم أن لبس الخاتم كان للزينة أو لا وما تدل عليه إجمالاً هو الجواز.
 وزبدة القول: أن الروايات إما أنها عن النساء فلا فائدة فيها في المقام وإِما أنها في فعل الإمام ودلالة فعل الإمام على الحكم اجمالية، نعم أن الروايات الأولى مطلقة فهي لا تفرق بين ما لو كان لبس الخاتم للزينة أو لغيره أو هي معارضة للروايات المانعة!
 طرق الجمع بين الروايات المتعارضة:
 للجمع بين الروايات الناهية والمجزوة طريقان:
 الأول: الجمع بتقييد الاطلاقات.
 إن الروايات المانعة مقيدة بالزينة وما يقابلها من الروايات مطلقة فتحمل الروايات المطلقة على المقيدة، وحاصل هذا الجمع هو أنه لو كان لبس الخاتم للزينة فيحرم وإلا فهو جائز!
 وهو ما ذهب إليه المشهور من التفريق بين ما كان للزينة وما لم يكن فحرم الأول دون الثاني ولعل المشهور أفتى بذلك استناداً إلى هذا الجمع.
 وينبغي القول أن هذا الجمع في الواقع من قبيل حمل الظاهر على النص فظاهر المطلقات هو الجواز وأما المانعات فهي نص لأنها خاصة والنص ـ بطبيعة الحال ـ يقدم على الظاهر!
 الثاني: الجمع بالحمل على الكراهة.
 وذلك بأن نحمل الروايات المانعة على الكراهة لأن الروايات المجوزة مطلقة والمانعة ظاهرة في الحرمة، فتحمل الروايات المانعة على الكراهة حملاً للظاهر على النص!
 ومع ذلك كله أن الفقهاء في الغالب يقدمون الطريق الأول ـ أعني حمل المطلق على المقيد ـ على الثاني أعني تقديم النص على الظاهر لأنه هو الأشهر ولذلك نحن أيضاً نختار الطريق الأول ونضم صوتنا إلى صوت المشهور.
 بقي هنا أمران:
 الأول: تقدم أنه إذا قصد المحرم الزينة فيحرم عليه التختم وان لم يقصد فلا يحرم.
 قال صاحب الجواهر في ذيل ذلك: ليس هاهنا هيئة تختص باحديهما دون الأخرى ونحوه في المسالك وحاشية الكركي [5] .
 يعني انه ليس هناك خاتم يختص بالزينة وآخر لغيرها وإنما الفرق بينهما بالقصد فحسب.
 بعد ذلك يقول: ولا بأس به.
 والواقع أن الخواتم على قسمين، قسم منها ثمين يستعمل للزينة وقسم آخر زهيد لا قيمة له ولا يستعمل إلاّ للثواب، بناءً علة ذلك يأتي السؤال: لو كان الخاتم بطبيعته تزينياً فلو لم يقصد الزينة فهل يحرم التختم به حينئذ على المحرم لأنه لا يمكن فصل قصد الزينة منه أم لا يحرم؟
 إن القاعدة العامة تقتضي أن تكون هناك عناوين أولية مثل غسل الوجه فانه فعل قصدي لأنه قصد غسل الوجه ولكنها تتبع عناويناً ثانوية تفتقر إلى القصد أيضاً مثل ان يكون هذا الغسل للوضوء أو التبريد أو التطهير مثلاً! وكذلك في دفع المال الذي يكون تارة لأداء الدين وأخرى للزكاة وفي ثالثة للخمس فأولاً وبالذات لا يكون ظاهراً في واحدة منها والذي يخصصه بواحدة من هذه العناوين هو القصد.
 إذن العنوان تارة يكون مع الفعل ولا يحتاج إلى القصد ولكن في العنوان الثانوي إذا كان الفعل مُستركاً ومساوياً لجميع العناوين فيحتاج إلى القصد لتحديد العنوان المراد!
 لأن العمل قد يظهر في احد العناوين فحسب كما لو اعطيت القرآن بيد طفل فتارة تقصد بذلك أن يتسلى الطفل به وأخرى تقصد الاهانة إليه وأما إذا علمت انه سيمزقه فان فعلك هذا ينحصر في عنوان الاهانة ولا تستطيع أن تقول أني لم أقصدها لأن العمل ظاهر في الاهانة لأن الاعطاء هنا يلازم الاهانة فإرادة الملزوم هنا لا ينفك عن إرادة اللازم بعد العلم بالملازمة.
 وعليه في جميع أبواب الفقه إنما القصد يؤثر إذا كانت النسبة بين العناوين والفعل متساوية وأما إذا كان الفعل ظاهراً في أحد العناوين فلا يبقى تأثير للقصد حينئذ.
 بعد هذا الايضاح نقول ان إلاّ سر في لبس الخاتم لا يعدُ ما قدمناه لأنه، إذا كان الخاتم يحتمل الوجهين ـ أعني الزينة وغيرها ـ فيأتي ما نقله صاحب الجواهر وتبناه وأما إذا لم يحتمل إلا وجهاً واحداً وهو الزينة فلا يقبل منه.
 الثاني: إذا كان فعل لبس الخاتم يحتمل قصد الزينة كما يحتمل قصد الثواب فكيف تكون النية حينئذ؟ إن النية في ذلك على أقسام: تارة يكون كل داع مستقل وأخرى يكون كل داع جزء من النية وفي ثالثة يكون أحد الداعيين أصلي وآخر تبعي كما لو أراد الوضوء فتارة يكون التبريد إلى جانب الوضوء فكل واحد يعد داعياً مستقلاً وأخرى كلاهما يكونان داعياً واحد فكل واحد جزء من الداعي، وأخرى يكون الداعي هو الوضوء مثلاً والتبريد داعٍ تبعي!


[1] ح1، باب 46 من أبواب تروك الإحرام.
[2] ح3، باب 46 من أبواب تروك الإحرام.
[3] ح5، باب 46 من أبواب تروك الإحرام.
[4] ح6، باب 46 من أبواب تروك الإحرام.
[5] ج 18، ص 371.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo