< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

33/05/03

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: حكم التختم حال الاحرام
 حان الوقت للبحث في الثالث عشر من تروك الاحرام وهو حرمة التختم حال الاحرام
 يقول السيد الماتن:
 الثالث عشرـ لبس الخاتم للزينة فلو كان للاستحباب أو الخاصية فيه لا للزينة لا إشكال فيه، والأحوط ترك استعمال الحناء للزينة، بل لو كان فيه الزينة فالأحوط تركه وإن لم يقصدها، بل الحرمة في الصورتين لا تخلو من وجه ولو استعمله قبل الاحرام للزينة أو لغيرها لا إشكال فيه ولو بقي أثره حال الإحرام، وليس في لبس الخاتم واستعمال الحناء كفارة وإن فعل حراماً.
 الفرع الاول: يحرم التختم للزينة، وإن كان للسنّة أو لخاصية في فصّه مثلا فيجوز، فعلى سبيل المثال ما قيل من خواص العقيق من أنه يردع الاعداء ويدفع صولتهم!
 الفرع الثاني: الاحوط لزوما ترك الاختضاب بالحناء للزينة، ثم يقول: لو كان فيه الحناء زينة فالأحوط تركه وإن لم يقصده، ثم قال بعدها:
 إن القول بالحرمة في هذين الفرضين [أي فيما لو كانت الزينة مقصودة. وفيما لو لم تقصد الزينة لكن كان فعله مصداقاً للتزين] لا يخلو من وجه. إن هذه الفتوى ظاهرة في الحرمة.
 ثم يقول: ولو اختضب المحرم قبل الاحرام للزينة أو لغيرها لا إشكال فيه ولو بقي أثره حال الإحرام.
 ثم يقول في الفرع الثالث: لا كفارة في التختم والاختضاب، لكن من فعلهما فقد ارتكب حراماً تكليفياً.
 لقد ذكر أكثر الفقهاء ـ كصاحب الجواهر وصاحب الرياض وصاحب المستند ـ مسألة التختم والاختضاب كل على حدة، وفي مسألتين مستقلتين.
 أما مسألة التختم:
 إن المشهور حرمة التختم للزينة، وقليل من قال بالكراهة.
 الأقوال:
 حكى النراقي (قدس سره) في مستنده [1] ، عن المختصر النافع للمحقق قولين في المسألة، قول بالحرمة وقول بالكراهة، وينقل في ذيل كلامه عن كتاب الذخيرة للسبزواري قوله: لا اعرف خلافاً في حرمته.
 ثم عقب صاحب المستند عليه قائلاً: إن ثبت الاجماع وإلا فلا دليل تاماً على الحرمة.
 وكذلك نقل صاحب الرياض [2] ، عن مختصر النافع قوله وفي المسألة قولان وإن اشبههما الكراهة وهناك شهرة عظيمة على الحرمة التي كادت تكون اجماعاً بل لا خلاف فيها يظهر كما صرح به جمع ممن تأخر.
 وعدّ في حاشية الرياض ثلاثة من هؤلاء المتأخرين الذين أشير إليهم آنفاً وهم الفاضل المقداد في التنقيح، والفيض الكاشاني في المفاتيح، والمحقق السبزواري في الذخيرة.
 كما أن صاحب الجواهر [3] قد تعرض إلى مسألة التختم ويظهر من كلامه بأن أكثر العلماء قد ذهبوا إلى الحرمة.
 وخلاصة القول: إن في المسألة قولان والأشهر منها هو الحرمة وغير المشهور هو الكراهة.
 الدليل:
 الدلالة الروائية:
 إن الدليل المعتمد عليه في مسألة التختم هو رواية ضعيفة.
 حدیث 4: ِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَهْزِيَارَ عَنْ صَالِحِ بْنِ السِّنْدِيِّ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَلِيٍّ يَعْنِي ابْنَ رِئَابٍ عَنْ مِسْمَعٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) فِي حَدِيثٍ قَالَ وَسَأَلْتُهُ أَيَلْبَسُ الْمُحْرِمُ الْخَاتَمَ قَالَ لَا يَلْبَسُهُ لِلزِّينَةِ [4] .
 وصاحب ابن السندي مجهول، ومسمع هو مسمع بن عبد الملك و فيه تأمل أيضاً لأنه لم يوثقه إلاّ حسن بن علي بن فضّال، وكذلك قول الامام الصادق(عليه السلام) في حق مسمع (اعتدتك لأمر مهم). حيث كان مسمع بن عبد الملك كبير قومه وعشيرته. وعلى أية حال فاشكال السند في هذه الرواية هو في جهالة صاحب ابن السندي هذا من ناحية السند.
 وأما دلالة فالرواية واضحة حيث فصّل فيها بين الزينة وغيرها.
 وقد وردت روايات ثلاث أخر غير شفافة من حيث الدلالة.
 حدیث 1: مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَى بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَعْنِي ابْنَ أَبِي نَجْرَانَ عَنْ حَمَّادٍ يَعْنِي ابْنَ عُثْمَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ لَا تَنْظُرْ فِي الْمِرْآةِ وَ أَنْتَ مُحْرِمٌ فَإِنَّهُ مِنَ الزِّينَةِ [5] .
 قيل إن هذا الحديث هو من باب قياس منصوص العلة. حيث النظر في المرآة من الزينة وكل زينة حرام، ولبس الخاتم لو كان للزينة فهو حرام أيضاً.
 وإن كان ظاهر الرواية حرمة كل زينة، لكن لنا رأي في أصل حرمة النظر في المرآة بأنه زينة أم لا! وعليه فلا يمكننا العمل بهذه الرواية.
 حدیث 4: عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) لَا يَنْظُرُ الْمُحْرِمُ فِي الْمِرْآةِ لِزِينَةٍ فَإِنْ نَظَرَ فَلْيُلَبِّ.
 حدیث 2: قَالَ الْكُلَيْنِيُّ وَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى لَا يَلْبَسُهُ لِلزِّينَةِ. وهذه الرواية مرسلة [6] .
 وهنا ينبغي البحث بأن اللام في (للزينة) هل هي لام التعليل أي لا يلبسه لأنه زينة. وبهذه تكون الرواية من باب قياس منصوص العلة.
 لكن هناك احتمال ثان وهو كون اللام غائية، أي لا يلبسه لقصد الزينة، يعني أن للحرام هنا جزئين جزء منه حرمة التختم نفسها والجزء الآخر هي الزينة.
 فإن كانت اللام غائية (كما هو الظاهر) ففي الحقيقة تكون الحرمة لو اجتمع التختم والحرمة معاً.
 وعلى أقل تقدير يمكن القول بأن اللام مرددة بين الأمرين ـ أن تكون تعليلية أو غائية ـ وهذه الرواية مبهمة وبهذا لا يمكن الاستناد إليها ولذلك تمسك البعض بالاجماع وأما رواية مسمع نبذوها لضعف سندها، وهذا التردد موجود في دلالة سائر الروايات المتعرضة لمسألتنا.
 ومن الملفت ورود روايات متعددة أخر قائلة بجواز التختم. كما ورد في رواية بأن الراوي شاهد الإمام (عليه السلام) في الطواف متختماً.
 نعم، ينبغي الالتفات إلى أن الطواف قد يكون للإحرام وقد يكون لغيره كما في طواف الزيارة وطواف النساء الذي يكون بعد الاضحية في العيد والتقصِّ وحل الاحرام. فقد يكون الرواية قد رأى الإمام(عليه السلام) في الطواف الذي لا يكون الطائف فيه محرماً.
 سنفصل البحث في هذه الروايات في البحث الآتي إن شاء الله تعالى.


[1] ج 12 ص44 و45.
[2] ج 6 ص313.
[3] ج18 ص370.
[4] الوسائل ج9 الباب 46 من تروك الاحرام.
[5] الباب 43 من أبواب تروك الإحرام.
[6] الباب 46 من أبواب تروك الاحرام.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo