< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

33/03/26

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: حکم الفسوق حال الاحرام
 البحث في حرمة الفسوق و هو العاشر من تروک الاحرام، یقول السید الماتن:
 "العاشر- الفسوق، و لا یختص بالکذب ، بل یشمل السباب و المفاخرة دیضا، و لیس في الفسوق کفارة، بل یجب التوبة عنه، و یستحب الکفارة بشيء و الأحسن ذبح بقرة"
 إن السید یری للفسوق ثلاثة مصادیق هي الکذب و السباب و المفاخرة، إن السباب و الکذب و المفاخرة - علی بعض الوجوه تحرم حتی في غیر حال الاحرام إلا أنها عند الاحرام اشد حرمة، هذا هو الفرع الاول.
 و أما الفرع الثاني في أنه لا کفارة للفسوق و تکفي التوبة حال الارتکاب و إن استحبت الکفارة و الافضل أن تکون ذبح بقرة!
 اصل حرمة الفسوق:
 إن حرمة الفسوق في نفسه من المسلمات و قد قام علیها الاجماع بین المسلمین لأن حرمته في الاساس تنشأ من الآیة: 198 من سورة البقرة.
 الاقوال:
 یقول المحقق النراقي في المستند:
 "الرابع: الفسوق و هو محرم علی المحرم و المحرمة من حیث هو( من حیث هو في الاحرام) و إن کان حراما بنفسه مطلقا ایضا بالکتاب و السنة والإجماع المحکي و المحقق" [1]
 و یقول الفاضل الاصفهاني في ذلک بعد اشارة مقتضبة للموضوع:
 "بالنصوص و الاجماع" [2]
 کما أن شیخ الجواهر یقول:
 "بلا خلاف اجده فیه بل الاجماع بقسمیه علیه بل المحکی منها مستفیض کالنصوص" [3]
 و أما الآیة القرآنیة و هي الاصل في الحرمة:
 "الحج أشهر معلومات فمن فرض فیهن الحج فلا رفث و لا فسوق و لا جدال في الحج" [4]
 في الآیة ثلاثة جهات للبحث:
 الجهة الاولی: أن الآیة تقول: الحج اشهر معلومات، و الاشهر هي شوال و ذي القعدة و ذي الحجة، و لکن من الواضح أن الحج لیس هو الاشهر، و من هنا یری الطبرسی في مجمع البیان أنه لا بد من تقدیر في الآیة و هو: اشهر الحج اشهر معلومات! لکنه یمکن أن یکون التقدیر: الحج في اشهر معلومات!
 غیر أن البعض یری أن السیاق من باب المبالغة بأن الحج بدرجة من الاهمیة بحیث کأنه ارید في هذه الاشهر کلها.
 الجهة الثانیة:
 من الفاعل في قوله تعالی :«فمن فرض فیهن الحج»؟ الفاعل هو (من) و هذا المقطع من الآیة یعني: أن من فرض فیهن الحج علی نفسه بالاحرام. وهذا الوجوب لا یعني وجوب الاستطاعة وانما یعني أن الانسان ما لم یحرم لا یجب علیه أن یتم المناسک و لکنه عند ما یحرم یلزم علیه أن یتمها و إن کان حجه ندبیاً.
 الجهة الثالثة: هل أن الآیة تختص بالحج أم أنها تعم العمرة ایضاً؟ إن الآیة تعم عمرة التعمنع من باب اولی لأن الحج یؤدی في شهر خاص و عمرة التمتع في الأشهر الثلاثة کلها! و اما العمرة المفردة فیمکن ادخالها تحت الحکم في الآیة بالغاء الخصوصیة.
 حرمت الآیة الرفث و الفسوق و الجدال بلسان الإخبار و الحکایة کما لو قال احد: لا خیانة و لا کذب في بیتنا، و یعني بذلک أنه لا یحق لأحد في هذا البیت أن یکذب أو یخون.
 الی هنا اوضحنا اصل الحرمة.
 معنی الکلمات الثلاث:
 إن الرفث هو الجماع و هو واضح، و اما الفسوق فذکروا له تسعة معان کما في المستند:
 "المراد بالفسوق هو:
 1.الکذب مطلقا خاصة عند الأکثر، بل عن التبیان و مجمع البیان و روض الجنان: أنه روایة الأصحاب مشعرین بدعوی الإجماع.
 2. و مقیدا بالکذب علی الله تعالی و رسوله أو أحد الأئمة في المحکي عن الغنیة و المهذب و المصباح و الإشارة.
 3.و بالکذب علی الله خاصة في المنقول عن الجمل و العقود.
 4. و الکذب المطلق مع السباب عندالسید و الإسکافي و الشهیدین، و جمع آخر من المتأخرین.
 5. و مع المفاخرة عند بعض آخر، کما یظهر من الذخیرة.
 6.و مع البذاء علی قول محکي.
 7. و قیل: هو المفاخرة.
 8.و قیل: هو کل لفظ قبیح.
 9. و عن التبیان و الراوندی: حمله علی جمیع المعاصي التي نهي المحرم عنها" [5]
 و قد فسر فقهاء الجمهور الفسوق بالکذب.
 قبل بحث الفسوق من زاویة الروایات، نشیر الیها بحسب ما تفیده المصادر اللغویة، فان الفسوق بمعنی الخروج فإن قولهم فسقت التمر أي خرجت نواته منه، ثم استعملت في الخروج عن طاعة الله، فبناء علی المعنی اللغوی إن انسب الاقوال هو القول التاسع من الاقوال التسعة التي مرّ ذکرها.


[1] .المستند ، ج11، ص 380
[2] .کشف اللثام ج5، ص367.
[3] .الجواهر، ج18، ص355.
[4] .سورة البقرة ، آیة 197.
[5] .المستند، ج11، ص380.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo