< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

33/03/19

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: تروک الاحرام - حکم النظر في المرآة للمحرم
 کان البحث في حکم النظر في المرآة و هو الثامن من تروک الاحرام و قلنا أنه بقیت امور و قد وصل بنا البحث الی الامر الثالث و هو أنه لا کفارة في النظر الی المرآة حتی في صورة العمد فالنظر في المرآة و إن کان حراما في نفسه و لکن لا یستتبع الحکم الوضعي و هو الکفارة.
 اقوال الفقهاء في ذلک:
 قد تطرق للمسألة لفیف من الفقهاء و قد حسبوه من المسلمات، یقول الشهید الثاني في المسالک (ج2 ، ص 256): «و علی کل حال فلا فدیة فیه ولم یأت بدلیل لذلک» فعد الحکم (قدس سره) من المسلمات التي لا تفتقر قد الی دلیل.
 الأدلة علی المسألة:
 الاول: لو شککنا في استلزام ترک من تروک الاحرام الی الکفارة فالاصل فیه البراءة!
 الثاني: لم ترد اشارة في الصحاح الاربعة التي تحدثت عن حکم النظر في المرآة في حین أنها کانت في مقام البیان فعدم ذکر الکفارة في هذه الحال دلیل علی عدم وجوبها هنا، و من الملفت أن بعض هذه الروایات ذکرت المستحبات عند النظر الی المرآة مثل استحباب التلبیة عند النظر و لکنها لم تذکر الکفارة و هذه قرینة علی أنها لا تجب!
 في وقتنا الراهن یتحسس الناس للغایة من النظر الی المرأةو لذلک قد الصقت الاوراق علی المرایا في المصاعد و الهوتیلات، و هو احتیاط لا بأس به.
 أجل أن في حدیث قرب الاسناد ورد أن:
 « لکل شيء خرجت من حجک فعلیه فیه دم تهریقه حیث شئت».
 و قد یستدل بذلک بوجوب الکفاره و لکن قلنا في بحث سابق أن في الحدیث اشکال سندا و دلالة، لانه لا شيء من التروک یخرج المحرم من الحج إلا ما ندر؟
 زائداً الی أن في کثیر من الموارد لم تکن الکفارة في التروک هو اهراق الدم فیستلزم تخصیص الاکثر!
 و قیل أن في بعض النسخ و ردت کلمة «جرحت» بدل کلمة «خرجت» و هي لا معنی لها في المقام!
 الامر الرابع: قد اسلفنا أن بعد النظر الی المرأة یستحب للمحرم تجدید التلبیة و الدلیل علی ذلک، الحدیث (4 الباب 34 من ابواب تروک الاحرام) الذي مر ذکره. ظاهر الحدیث هو الوجوب لأن الامر ظاهر في الوجوب و لکن بما أن احدا من الفقهاء لم یعمل به فنحمله عمل الاستحباب. زد علی أن التلبیه وجبت للدخول في الاحرام و من ارتکب واحداً من التروک لا یخرج عن الاحرام لکي یدخل بالتلبیة فیه ثانیة. و لعل الحکمة في تحدید التلبیة هو أن الناظر في المرأة یخل في احرامه فیحسن أن یجدد التلبیة لیجبر هذا الخلل!
 الامر الخامس:
 قال السید الماتن في نهایة عبارته: اما النظر بدون قصد الزینة فالاحوط ترکه!
 و قلنا أن الظاهر من احتیاطه هو الوجوب.
 و یرد علیه أنه وفقا للروایات التي اقمنا ها أن هذا الاحتیاط لیس بواجب لأن الروایات قیدت الرؤیة المحرّمة بالزنیه فلو کان النظر الی المرآة کان لأجل شرائها او لأجل ازالة الدم من الوجه مثلا فلا یمکن القول بحرمتها اصلا!
 قد یقال أن التعلیل بالزینة قد یکون للحکمة لا للعلة و نقول: أن الاصل في ذلک هو العلة دون الحکمة و الحکمة تحتاج الی دلیل، کما في قوله: لا تشرب الخمر لانه مسکر فان اللام ظاهرة في العلیة اعني ما دام أن هناک اسکار فالحرمة باقیة!
 و في موضع البحث أن التزیین علة و لا قرینة لحملها علی الحکمة لکي یقال أن الحکم لا یدور مدارها حتی نحکم بالحرمة!
 یقول السید الماتن:
 " لا بأس بالنظر الی الأجسام الصیقیلة و الماء الصافي مما یری فیه الأشیاء و لا بأس بالمنظرة إن لم تکن زینة و إلا فلا تجوز"
 في المسألة فرعان:
 الاول: یجوز النظر الی الاجسام الصیقلیة و الماء الصافي الذي تشاهد فیه الاشیاء.
 الثاني: أن النظّارة التي لم تکن للزینة او لم یقصد منها ذلک فیجوز استعمالها.
 الاقول:
 نادرا ما تجد من تعرض لهذه المسألة فإن صاحب الجواهر قد اشار الیها في عبارة مقتضبة في قوله:
 "و لا بأس بما یحاکي الوجه مثلا من مائ و غیره من الأجسام الصقیلة بل لا بأس بالنظر الی المرآة في غیر المعتاد فعله للزینة" [1]
 و لعل قوله « لا بأس بالنظر الی المرأة في غیر المعتاد فعله للزینة»
  یشیر الی ما یعمل في جدران اضرحة الائمة مثلا حیث تؤخذ للزینة لا للنظر فیها و هکذا ما ینصب علی الشاحنات او المنعطفات المروریة.
 یقول السید الخوئي في العتمد
 " لا دلیل علی التعمیم لکل جسم غیر معد للنظر إلیه للزینة فما یستعمله الإنسان للنظر فیه أحیانا للزینة یجوزا لانظر لأصالة الجواز" [2]
 أدلة المسألة:
 العمدة في الأدلة هنا هو أصالة البراءة لأننا لا نعلم حکم الاجسام الصیقلة! إلا أن هنا سؤال: أن بعض الاجسام شفافة للغایة بحیث یتمکن الانسان أن یری نفسه فیها بکل وضوح والمحرم یستطیع لأجل الزینة أن ینظر فیها إلا أنه في هذه الحال نتمکن أن نلغي الخصوصیة و نعمم الحکم لیشمل هذه الحالة ایضا؟
 لأن العلة و هي أنه من الزینة عامة، و هي متوفرة في الاجسام الصقیلة الشفافة، بل حتی لو لم یکن التعلیل نتمکن من التعلیل ایضا!
 و اما الفرع الثاني فنقول أن النظارة غیر المرآة قطعا لأنّ المرآة ینظر فیها و النظارة ینظر بها فلا یمکن تعمیم الحکم الی النظارة و ما شابهما من الناظور و المجهر و التلسکوب!
 و ما یستوقف الانسان هو قول السید الماتن أنه لو کانت النظارة للزینة لا یجوز استعمالها، هذا في حین أن الزینة لا تحرم علی نحو الاطلاق فلمّ حرم النظارة اذا کانت للزینة؟
 کلام السید الماتن هذا یؤید ما ذهبنا الیه من أن کل زینة حرام.


[1] .الجواهر، ج 18 ، ص 349.
[2] .المعتمد، ج 4 ، ص 151.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo