< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

33/02/16

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: تداخل الاسباب و عدمه
 کان البحث في تداخل الاسباب و تداخل المسببات و عدم التداخل فیهما بوصفهما قاعدتین کلیتین، قد انهینا البحث في تداخل الاسباب و استقر رأینا علی عدم التداخل فیها الا ما خرج بالدلیل.
 ثم تابعنا البحث في تداخل المسببات و قد قلنا في معنی تداخلها انه لو توجه للمکلف امران من قضیتین شرطیتین هل یستطیع المکلف أن یمتثل الأمر بفعل واحد؟ مثلا لو کان علی المرأة غسلان غسل للحیض و غسل للجنابة فهل یمکن امتثالهما باغتسال واحد؟
 ینبغي التنبیه علی أن البحث هنا بحسب القاعدة من دون النظر الی الأدلة الخاصة!
 من قال بالتداخل في الاسباب لا سبیل له لبحث تداخل المسببات لأن القضیتین الشرطیتین یفیدان واجبا واحدا فتتداخل الاسباب و هذا یؤدي الی تداخل المسببات، و من هنا ینحصر النزاع في تداخل الاسباب علی القول بعدم تداخل الاسباب!
 تقدم منا أن للمسألة اربع صور، اثنان منها خارجتان عن محل النزاع:
 الاولی: أن تکون النسبة بین المأمورین التباین کما لو نذر أن یصوم یوم الخمیس إذا تعافی مریضه و أن یصوم یوم الجمعة اذا عاد ابنه سالما من السفر! هنا امران و النسبة بین المأمور به الاول و الثاني هو اتباین فلا وجه للتداخل!
 الثانیة: النسبة بین المأمور به الاول و الثاني التساوي کما لو نذر إن تعافی مریضه یصوم یوم عید الغدیر و إن عاد ابنه من السفر سالما یصوم یوم النیروز و قد صادف وقوع کلا العیدین في یوم الخمیس مثلا ! لا کلام هنا ایضاً في تداخل المسببین!
 الثالثة: فیما اذا کانت النسبة بین المأمور به الأول و الثاني العموم و الخصوص المطلق کما لو نذر إن تعافی مریضه أن یکرم عالما و أن عاد مسافره سالما یکرم فقیها مع العلم بأن النسبة بین الفقیه و العالم هو العموم و الخصوص المطلق، فلو اکرم فقیها فهل یعد ممتثلا لکلا الأمرین ام لا ، لا بد من التعدد؟! فیجري النزاع هنا من أن المسببات تتداخل ام لا؟
 الرابعة: اذا کانت النسبه عموم و خصوص من وجه، و مثاله ما لو نذر إن تعافی مریضه یکرم هاشمیا و إن عاد مسافره سالما یکرم عالما فإن النسبة بین العنوانین عموم و خصوص من وجه، ففي هذه الصورة لو اکرم الناذر عالما هاشمیا هل یکون ممتثلا و وافیا لکلا النذرین؟ هنا ایضا یجري النزاع!
 البعض ذهب الی أنه لا مانع من القول بالتداخل لأن ذلک المصداق الخاص واجد للمصلحتین فالامتثال حاصل، و هذا کما لو قال الطبیب للمریض کُل الفاکهة لکي تتعافی معدتک و کل التفاح لیذهب وجع رکبتک مثلاً فأن اکل التفاح یحقق کلا الغرضین! فیکون ممتثلا للآمرین معاً!
 و مثال العموم و الخصوص الوجهي کما لو قال الطبیب کل ما یقویک و ینعشک ثم قال: کل فاکهة لتصح، فلو اکل فاکهة یعد ممتثلا! فصاحب هذا الرأي یرای بفعل الجامع یحقق المکلف مصلحتین فیکون ممتثلا لکلا الامرین!
 و الجواب: نحن ما علینا بالمصالح لاننا نتعامل مع ظاهر الادلة، و ظاهر القضیة الشرطیة هو الحدوث عند الحدوث بمعنی أنه لکل شرط جزاء، و أن اکتفینا بالقدر الجامع و امتثال واحد فهذا یعني أن القضیة الشرطیة الثانیة لا دور لها! و بعبارة ثانیة: نحن نواجه امرین: ظهور القضیة الشرطیة و اطلاق الجزاء، و ظهور القضیة الشرطیة یقتضي أن لکل شرط جزاء و إلا لا یبقي معنی للحدوث عند الحدوث، و اما اطلاق الجزاء یقتضي کفایة الفرد الجامع في الامتثال و قد اسلفنا أن ظهور القضیة الشرطیة اقوی من ظهور الجزاء فیقدم علیه، و من هنا یتضح أن المصالح و المفاسد لا تصلح لأن تکون حلا لأن الأدلة تفید أن هنا امران و هما یتطلبان امتثالین!
 اضاءة:
 بناء علی ما تقدم نقول أنه لا وجه لبحث تداخل المسببات، ولم یرد هذا البحث إلا في مباحث المتاخرین، و الدلیل علی عدم الوجه في بحثه هو ان تداخل المسببات یأتي عقیب بحث تداخل الاسباب، ونظراً لذلک لا تبقی جدوی فیه لأن الامرین یطلبان امتثالین و اذا وسع المحل یجب التکرار الا أن یقوم دلیل علی التداخل کما في الغسل حیث قام دلیل خاص علی التداخل.
  و ملخص القول:
 نحن ذهبنا الی عدم تداخل الاسباب و هو یقتضي عدم تداخل المسببات ایضاً.
 بقي هنا امران:
 الاول: ما قلناه الی الآن هو حسب القاعدة حیث قلنا بعدم التداخل و لکن کثیرا ما نعدل عما تقتضیه القاعدة لتوفر دلیل خاص، و مثل ذلک اذا لم یکن المحل قابلا للتعدد فنحکم هنا بالتداخل ففي الحدث الاکبر مثلا البعض یری أن الاغسال من العناوین القصدیة، اعني أن غسل الجنابة مثلا یجب ایتانه بعنوان الجنابة فاذا کان الامر کذلک تصبح الاغسال ذوات ماهیات مختلفة، ولکن اذا قلنا أن الجنابة سبب للحدث الاکبر و النفاس سبب آخر فلا یکونا عندئذ من العناوین القصدیة کما تدل الأدلة ، فالامر یتبع القول بالتداخل و عدمه الا أن یقوم دلیل خاص.
 و کذلک لو قام الدلیل علی أن المصلحة التي أقرها الشراع قد تحققت فلا یلزم اکثر من فعل واحد کما لو قام الدلیل علی کفایه عقوبة واحده لمن ارتکب منکرین. و کذلک في منزوحات البئر لو وقع في البئر کلبان او حیوانان مختلفان ، فما هو الواجب عند ذلک؟ هل ننزح لکل واحد نصابه الخاص ام نقول أن المعیار هو رفع القذارة من ماء البئر؟ و هو یحصل بنزح الاکثر و هو خمسون دلواً و لا حاجة الی نزح سبعین دلوا للکلب خمسون و للحیوان الآخر عشرون بل یکفي نزح الخمسین ، هذا في حین أن ما یستقاد من الروایات هو أن الغرض رفع القذارة! و کذلک لو عرفنا أن المطلوب هو التکرار کما في الکفارات و الخسارات و الضحانات ففي هذه الحال حتی اذا قلنا بالتداخل یجب التکرار کما لو فعل الشخص منکراً مثل الزنا و القذف، ففي هذه الصورة نقول بعدم التداخل.
 و ملخص القول:
 لو قامت القرائن علی الوحدة نستثني ذلک من القاعدة التي تقتضي التعدد و اذا قامت القرائن علی التعدد ناخذ بها و ذلک موافق للقاعدة!

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo