< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

33/02/13

بسم الله الرحمن الرحیم

 کان البحث في تکرار المحرم ارتکاب احد التروک کما لو لبس المخیط مرتین او لبس مخیطین مرة واحدة ففي هذه الحال هل تتکرر الکفارة ام لا؟
 ترتبط هذه المسألة بمسألة تداخل الاسباب و المسببات الاصولیه، و سنحاول في المقام أن ندرس هذه المسأله الاصولیة المعقدة بصورة مضغوطة:
 ملخص تاریخ المسألة:
 یستشف مما افاده الاعلام أن المسألة کانت مطروحة منذ بدایات البحث الاصولي و إن لم تعنون بهذا العنوان فعلی سبیل المثال أن الشیخ الطوسي «من اعلام القرن الخامس الهجري» في کتاب الخلاف اورد:
 «کل موضع تجتمع علی المرأة عدتان فإنهما لا تتداخلان، بل تأتي بکل واحدة منهما علی اکمال» [1]
 ثم جاء المحقق الحلي لیقول في المعتبر عن تعدد سجدة السهو عند تکرار السهو «إن تداخل الاسباب خلاف الظاهر» [2]
 فهو یصرح بکلمة تداخل الاسباب ثم یصرح بأن لکل سهو سجدة! ثم جاء صاحب الجواهر لیقول عمن نذر الحج و ناب الحج عن آخر أنه یستطع أن یأتي بالجحین في سنة واحدة ثم قال: (اجزأ عنهما علی تردد) [3]
 و عن وجه عدم الجواز قال: «إن الأصل عدم تداخل الاسباب» إن المسألة مطروحة علی طاولة البحثا مذزمن الشیخ الطوسي الی یومنا هذا.
 و یظهر مما قاله ابن قدامه أن المسألة مطروحة للبحث بین فقهائ الجمهور ایضا!
  هذا بالنسبة الی تاریخ المسألة.
 وقد اختلف الاعلام في أنّ مسألة تداخل الاسباب اصولیة ام فقهیة! فالبعض و من جملتهم آیة الله السید حسن البجنوردي في کتابه :«القواعد الفقهیة» (ج 3، ص 207) اعتبروها قاعدة فقهیة. إلا أن العلماء في بحوثهم الاصولیة عالجوها في مبحث مفهوم الشرط بأن تعدد الشرط هل یؤدي الی تعدد الجزاء ام لا؟
 و نحن نری أن المسألة اصولیة في الصمیم و لیست بفقهیة و ذلک لأن القاعدة الفقهیة لابد و أن تتضمن حکماً شرعیا، في حین أن هذه المسألة خالیة من حکم شرع تماما! اجل أنها تقع في طریق استنباط الحکم الشرعي. کثیر من الاعلام قد خلط بین المسألتین و نحن قد اوضحنا الفرق بینهما في مقدمة کتابنا:«القواعد الفقهیة»
 قبیل الدخول في صلب الموضوع یلزم أن نقدم امورا:
 الاول: ما المراد من تداخل الاسباب و ما المقصود من تداخل المسببات؟ و ما دار البحث حوله بین الاصحاب هو تداخل الاسباب و اما المتأخرون فقد اضافوا مبحث تداخل المسببات الی البحث السابق ایضاً.
 تداخل الاسباب یعني أن تعدد الاسباب و الشرائط. في الجمل الشرطیة هل تتطلب تعدد الجزاءات ام لا؟ ام أنها لا تتطلب اکثر من جزاء؟ مثلا لو قال المولی: من لبس مخیطا فعلیه کفارة، لو فرضنا أن محرما کرر الشرط و هو لبس المخیط هل تتکرر کفارته ام لا تکرر؟
 کذلک لو قال المولی: من افطر في شهر رمضان فعلیه کفارة فلو افطر الصائم في یومین متتالیین فهل تتکرر الکفارة ام لا تتکرر؟
 ففي کلا المثالین اذا کانت الکفارة واحدة فهو تداخل الاسباب و اذا تعددت فهو عدم تداخلها.
 و أما المقصود من تداخل المسببات هو علی فرض عدم تداخل الاسباب أنه لو کانت عدة واجبات بعهدة المکلف هل تسقط هذه الواجبات لو أتی بفعل واحد و بنیة واحدة ام لا تسقط؟
 کما لو طهرت المرأة من الحیض بعد أن کانت مجنبة من قبل و لا مست میتاً! فلو أتت بغسل واحد فتعد ممتثلة و تسقط عنهما جمیع الاغسال؟ ام یجب علیها أن تأتي لکل سبب غسلا علی حدة!
 و منها تبین أن «تداخل الاسباب و عدمها» یختص بالتکالیف و «تداخل المسببات و عدمها» بالامتثال و هي اسهل من « تداخل الاسباب» و ستأتي الأدلة لیتبین أنه ما الاصل في کل واحدة من المسألتین؟
 الثاني: أنّ موضع البحث في المسألة هو ما لم یکن نص خاص و لا قرینة و أن یکون المحل قابلا للتعدد، فلو کان نص دال علی للتعدد او قامت قرینة علی ذلک فنأخذ بهما و کذلک إذا کان الموضع غیر قابل للتعدد لا مجال للحدیث عن التداخل، کما احدث جنبا ثم احدث عشرة مرات بعد ذلک، لا یعد محدثا باعتبارها، و کذلک لو فجر بمحصنة ثم ارتد فیحکم علیه بالقتل بطبیعة الحال! فها هنا لا معنی للتداخل و عدمه لأنه لا یقبل الموضع التلبس بالحدث اکثر من مرة، فلا معنی للوحدة و التعدد حینئذ. و کذلک الامر في من قتل عشرة اشخاص مثلا فلو أن اولیاء الدم طالبوا بإنزال عقوبه القصاص في حقه فإنه لا یُقتل اکثر من مرة! و أما الدیة عمن تبقی من القتلی فتؤخذ من امواله! فما یرد في الاحکام الصادرة عن المحاکم من أن فلانا یُحکم بالموت عشرة مراة فإن ذلک یعني أنه یقتل و تصادر امواله و ما یمتلک، لصالح اولیاء الدم!
 و کذلک الافطار في شهر رمضان فلو افطر مرة في نهار شهر رمضان فعلیه کفارة و لا معنی للافطار في ذلک الیوم حتی تسجل علیه کفارة اخری لانه لیس بصائم، فالافطار لا یقبل التکرار و التعدد ! و علیه لو لم یقم دلیل خاص علی تعدد الکفارة لا معنی لبحث مسألة تداخل الاسباب و عدمها هنا!
 الثالث: هل أن موضع البحث هو ما لو کان المورد من قبیل القضیة الشرطیة ام تعم الشرطیة و غیرها!
 البعض ظن أن البحث عما لو کانت القضیة شرطیة کما لو قال إذا قتل زید انسانا فحکمه کذا و اذا طلق زوجته فحکمه کذا و ...
 إلا أن ذلک غیر صحیح و إن عالج الاصولیون المسألة في مبحث مفهوم الشرط، فإن البحث في المسألة یرد و إن کانت الجملة خبریة کقوله: «علی من لبس المخیط دم شاة» و السبب في ذلک هو أن القضیة الشرطیة قابلة للتبدیل الی قضیة حملیة کما أن القضیة الحملیة قابلة للتبدل الی قضیة شرطیة لأن الموضوع فیها في حکم الشرط و المحمول فیها بحکم الجزاء! کما لو قیل «علی من افطر في شهر رمضان کفاره» فیمکن القول « اذا افطر الصائم فعلیه کفارة» إن کل قضیة حملیة قابلة لأن تکون شرطیه و کل شرطیة قابلیة لأن تکون حملیة!


[1] .الخلاف، ج 5، ص 75
[2] .المعتبر، ج 2، ص 403.
[3] .الجواهر ، ج 35، ص 392

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo