< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

33/02/10

بسم الله الرحمن الرحیم

 المحاضرة الاخلاقیه
 في الکافي روایة عن فضیلة الیقین:
 "ابن محبوب عن هشام بن سالم قال سمعت أبا عبدالله علیه السلام یقول إن العمل الدائم القلیل علی الیقین أفضل عند الله من العمل الکثیر علی غیر یقین" [1]
 فالروایة تقول العمل الذي تتوافر فیه صفتان: دائم و قلیل و لکن مع الیقین افضل من العمل الکثیر الذي لا یرافقه الیقین.
 فهنا امران: قد یقوم الانسان بفعالیات کثیرة و واسعة و لکن بما أنها لا تلازم الیقین لا تکون ذا فائدة لان الانسان بها یصاب بالغرور هذا اولا، و ثانیا: إن العمل الکثیر الذي لا یقترن بالیقین یؤدي بالانسان الی الملل فیتخلی الانسان عن مواصلته ، و اما الذي یأتي بالقلیل الدائم الذي یحالفه الیقین فمثل هذا لایصاب بالغرور بل إن هذا العمل یؤثر في داخلته ایجابا لأن العمل المتواصل یتبدل الی عادةٍ في الانسان ثم الی ملکة فیستقر في قلبه! نستطیع أن تمثل لذلک بالإرواء التقطیري في الزراعة فإن صبَّ الماء دفعة و احدة قد یجرف التربة فیضرُّبها لأنَّ القشرة الفوقیة من التراب هي التي ینبت فیها الزرع فإذا جرفها الماء لا یبقی ما تنبت فیها البذرة کما تتضرَّر الزراعة في المراحل المقبلة، و لکن اذا کان الإرواء بالتقطیر اعني أن یکون قلیلا و دائما فحینذاک تتشبَّع التربة بالماء من دون أن یلحق بها ضرر.
 في حدیث عن الصادق علیه السلام یمثل الامام دعوة مسلم لجار نصراني له الی الاسلام و لکن من کثرة ما الزمه به من عبادات و اعمال و طقوس ارتدعن الاسلام بعد ما آمن به! فإن المرحلیة و التدرج من ضروریات نجاح کل عمل خصوصا في عملیه الدعوة الی الاسلام فلا یحسن أن نثقل کاهل حدیثي الایمان بالعمال المجهدة ، نحن في استلام الحقوق الشرعیة نتعامل برفق و تساهل حتی لا یؤدي الامر الی عدم دفع الحقوق من الاساس، قد یدعو الامر أن نقسط و قد نسمح أن یدفع المکلف بعضها الی مستحقیه بنفسه، فالتسهیل و المرونة امران مطلوبان عقلا و شرعاً.
 عنوان البحث الفقهي: حکم الکفارة عند تعدد الملبوس
 کان البحث في المسألة الثامنة عشرة من مسائل تروک الاحرام و کان للمسألة اربع فروع، قد درسنا الفرع الاول منها و حان الوقت لدراسة الفرع الثاني و الثالث حیث یقول:
 فلو لبس المتعدد ففي کل واحد شاة و لو جعل بعض الألبسة في بعض و لبس الجمیع دفعة واحدة فالأحوط الکفارة لکل واحد منه.
 إذن هنا فرعان:
 الاول: لو لبس ملابس متعددة فلکل واحد منها شاة.
 الثاني: لو جعل بعض الملابس في بعض و ارتداها فلکل واحدة منها کفارة علی حدة احتیاطاً.
 تحدثنا في المسألة الخامسة عشرة في الطیب عن تکرار الکفارة، بعض المعاصرین یری الاکتفاء بما مر في تکرار الکفارة في مبحث الطیب فلا یری ضرورة للتفصیل والتکرار لبحث کفارة لبس المخیط، في حین أنه لم ترد نصوص في تکرار کفارة الطیب و قد وردت روایات في تکرار کفارة المخیط و أن البحث فیها یختلف عما مر في مبحث الطیب!
 في المسألة صور مختلفة لأن المحرم قد یلبس ثوبا واحداً في مجلس واحد و أخری یلبس ثوباً واحداً في وقتین و في ثالثة یلبس ثوبین مختلفین _ کالقمیص و البنطلون في مجلسین و أخری یدخل ثوبا مثلاً في ثوب آخر فیلبسهما مرة واحدة! و علیه تارة تکون وحدة اللباس و أخری و حدة الملبوس و ثالثة وحدة الزمان في اللبس و في رابعة وحدة المکان !
  و هناک صورة أخری و هي ما اذا تخللت الکفارة!
 بعض الفقهاء مثل المحقق في الشرائع لم یذکر إلا صورتین فیقول: و لو تکرر منه اللبس فإن اتحد المجلس لم تتکرر و إن اختلف تکررت.
 و یقول صاحب الجواهر معلقا:
 "کما وافقه النهایة و الوسیلة و المهذب و الغنیة و السرائر بل في المسالک هکذا اطلق الاصحاب" اي حال تعدد المجلس وعدمه .
 و بعضهم فرق بین ما اذا تخللت الکفارة و اذا لم تتخلل فإن تخللت تتکرر الکفارة و إلا فکفارة واحدة!
 افضل تقسیم للمسألة هو ما افاده النراقي في المستند حیث ذکر للمسألة اربع صور:
 "و لو لبس متعددا فإما یتحد اللبس و یتعدد الملبوس شخصا مع وحدة الصنف، أو صنفا، أو یتحد الملبوس و یتعدد اللبس، أو یتعددان.فعلی الأول: کأن یلبس فمیصین بلبس واحد: لیس إلا کفارة واحدة ، بلا خلاف فیه یعرف، للأصل.
 و علی الثاني: کأن یلبس قمیصا و قباء بلبس و احد: فالظاهر تعدد الفداء لصحیحة محمد المتقدمة، و حملها علی صورة تعدد اللبس لاوحه له و أغلبیته لو سلمت لیست بحد یوجب الانصراف إلیه.
 و علی الثالث: کأن یلبس قمیصا واحدا مرتین: فإن تخلل التکفیر بینهما تتعدد الکفارة لاقتضاء وجود السبب وحود المسبب. و إن لم یتخلل لم تجب إلا کفارة واحدة سواء اختلف مجلس اللبسین أو اتحد، لأصالة تداخل الأسباب علی ما هو التحقیق عندنا.
 و علی الرابع: فمع تعدد الملبوس صنفا أو تخلل التکفیر تتعدد الکفارة، و إلا فلا، و یظهر وجهه مما سبق" [2]
  هنا ندرس المسألة أولا حسب القاعدة و من دون النظر الی الروایة الخاصة اعني روایة محمد بن مسلم فبعد ذلک اذا کان نص فنأخذ به و إن لم یکن نص فنعتمد القاعدة، و لهذه المناسبة سنتطرق للمسألته الاصولیة اعني تداخل الاسباب في البحث الآتي ان شاء الله.


[1] .الکافی، ج 2، ص 57.
[2] .المستند، ج13، ص 275

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo