< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

32/12/09

بسم الله الرحمن الرحیم

  عنوان البحث: لبس المخيط للرجال
  السادس من تروك الإحرام هو لبس المخيط، قال السيد الماتن في ذلك:"لبس المخيط للرجال كالقميص و السراويل و القباء و أشباهها بل لا يجوز لبس ما يشبه بالمخيط كالقميص المنسوج و المصنوع من اللبد. و الأحوط الاجتناب من المخيط و لو كان قليلا كالقلنسوة و التكة، نعم يستثنى من المخيط شد الهميان المخيط الذي فيه النقود"
  في هذه المسألة أربعة فروع:
  الأول: لبس المخيط للرجال كالقميص و السراويل و القباء و أشباهها‌
  الثاني: لا يجوز لبس ما يشبه بالمخيط كالقميص المنسوج و المصنوع من اللبد.
  الثالث: الأحوط الاجتناب من المخيط و لو كان قليلا كالقلنسوة و التكة.
  الرابع: يستثنى من المخيط شد الهميان المخيط الذي فيه النقود.
  و أما الفرع الأول:
  الأقوال:
  قام إجماع علماء المسلمين من شيعة و سنة على حرمة لبس المخيط للرجال حال الإحرام و علينا أن ننظر فيما بعد أن كلمة لبس المخيط هل وردت في الروايات أم لا؟
  ففي كشف اللثام عبارة جامعة حيث تقول: "لبس المخيط للرجال بلا خلاف كما في الغنية و المنتهى و في التذكرة عند علماء الأمصار، و في موضع آخر من المنتهى: أجمع العلماء كافة على تحريم لبس المخيط للمحرم" [1]
  و بقوله علماء الأمصار و العلماء كافة يشير إلى فقهاء الجمهور.
  و في المستند قال مثل ذلك و بعد ذكره أقوال الفقهاء و أنه لا خلاف بينهم أضاف: "بل بالإجماع المحقّق عند التحقيق" [2]
  و يعني بذلك أن الإجماع محصل توصل إليه من خلال التحقيق.
  و في الجواهر يقول: "و لبس المخيط للرجال بلا خلاف أجده فيه كما عن الغنية و المنتهى و التحرير و التنقيح و المفاتيح و غيرها على ما حكي عن بعضها، بل عن التذكرة و موضع آخر من المنتهى إجماع العلماء كافة عليه، بل عن الأخير منهما عن ابن عبد البر أنه لا يجوز لبس شي‌ء من المخيط عند جميع أهل العلم، ..." ثم قال بعد كلام له "نعم ما سمعته من معاقد الإجماعات كاف في جعل العنوان لبس المخيط و إن لم أجده في شي‌ء مما وصل إلينا من النصوص الموجودة في الكتب الأربعة و غيرها كما اعترف به غير واحد حتى الشهيد في الدروس حيث قال: لم أقف إلى الأن على رواية بتحريم عين المخيط" [3]
  إن صاحب الجواهر في قوله هذا قد أشار إلى أنه لم ترد كلمة لبس المخيط في الروايات، و ما ورد فيها هي مصاديق مثل القباء و القميص و السراويل و لذلك يجب أن نلجأ إلى معاقد الإجماعات لإثبات الحكم الكلي.
  و خلافا لما ورد في الجواهر أن هناك روايات في المستدرك تضمنت كلمة لبس المخيط و عمدتها من دعائم الإسلام و هي روايات مرسلة كما سيأتي في قسم الأدلة و ذلك معارض لما أتى به صاحب الجواهر من أنه لم ترد كلمة لبس المخيط في الكتب الأربعة و لا غيرها.
  الأدلة:
  "دَعَائِمُ الْإِسْلَامِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عليه السّلام أَنَّهُ نَهَى أَنْ يَتَطَيَّبَ مَنْ أَرَادَ الْإِحْرَامَ إِلَى أَنْ قَالَ أَوْ يَلْبَسَ قَمِيصاً إِلَى أَنْ‌ قَالَ ... ثَوْباً مَخِيطاً..." [4]
  "دَعَائِمُ الْإِسْلَامِ، رُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عليه السّلام أَنَّ الْمُحْرِمَ مَمْنُوعٌ مِنَ الصَّيْدِ وَ الْجِمَاعِ وَ الطِّيبِ وَ لُبْسِ الثِّيَابِ الْمَخِيطَةِ" [5] و هي في الواقع ثلاث روايات.
  "وَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عليه السّلام أَنَّهُ نَهَى أَنْ يَتَطَيَّبَ مَنْ أَرَادَ الْإِحْرَامَ ... أَوْ يَلْبَسَ قَمِيصاً ... أَوْ قُفَّازاً أَوْ بُرْقُعاً أَوْ ثَوْباً مَخِيطاً مَا كَانَ" [6]
  و لعل هذه الرواية هي الرواية الأولى.
  "... لَمَّا رَجَعَ مَوْلَانَا زَيْنُ الْعَابِدِينَ عليه السّلام مِنَ الْحَجِّ اسْتَقْبَلَهُ الشَّبْلِيُّ فَقَالَ عليه السّلام لَهُ حَجَجْتَ يَا شَبْلِيُّ؟ قَالَ: نَعَمْ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ. فَقَالَ عليه السّلام :أَنَزَلْتَ الْمِيقَاتَ وَ تَجَرَّدْتَ عَنْ مَخِيطِ الثِّيَابِ وَ اغْتَسَلْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَحِينَ نَزَلْتَ الْمِيقَاتَ نَوَيْتَ أَنَّكَ خَلَعْتَ ثَوْبَ الْمَعْصِيَةِ وَ لَبِسْتَ ثَوْبَ الطَّاعَةِ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فَحِينَ تَجَرَّدْتَ عَنْ مَخِيطِ ثِيَابِكَ نَوَيْتَ أَنَّكَ تَجَرَّدْتَ مِنَ الرِّيَاءِ وَ النِّفَاقِ وَ الدُّخُولِ فِي الشُّبُهَاتِ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فَحِينَ اغْتَسَلْتَ نَوَيْتَ أَنَّكَ اغْتَسَلْتَ مِنَ الْخَطَايَا وَ الذُّنُوبِ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فَمَا نَزَلْتَ الْمِيقَاتَ وَ لَا تَجَرَّدْتَ عَنْ مَخِيطِ الثِّيَابِ وَ لَا اغْتَسَلْت‌" [7]
  إن الرواية تتحدث عن أبعاد عرفانية تحدّث بها الإمام السجاد عليه السّلام عند لقائه الزاهد المعروف الشبلي في مراسم الحج ففي هذه الرواية وردت كلمة المخيط ثلاث مرات!


[1] كشف اللثام/ ج 5. ص 375
[2] المستند/ ج 12. ص 5
[3] الجواهر/ ج 18. ص 335
[4] المستدرك/ ج 9. أبواب الإحرام. باب 21. ص 2
[5] المصدر/ أبواب تروك الإحرام. باب 26. ح 1
[6] المصدر/ ح 2
[7] المصدر/ أبواب العود إلى منى. باب 17. ح 5

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo