< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشيرازي

32/11/13

بسم الله الرحمن الرحیم

  عنوان البحث: تروك الإحرام الطيب
  كان البحث في المسألة العاشرة في الرياحين فقد أفتى السيد الماتن بحرمتها على المحرم و قد أستثنى منها أربعة كما و قد أستثنى خلوق الكعبة. بعد عنونة المسألة ينبغي أن نتطرق إلى الأقوال.
  الأقوال في المسألة:
  قد تعرض صاحب الجواهر للمسألة [1] ، و قد أفتى المحقق بالكراهة حسب نقل الجواهر. و صاحب المستند قد تعرض أيضا للمسألة و صور الأقوال بطريقة جيدة فهو يقول:
  "و منها: استعمال الرياحين. فإنّه مكروه على الأظهر، وفاقا للإسكافي، و الشيخ و الحلّي و المحقّق و الفاضل في أكثر كتبه، و جمع من المتأخّرين ... خلافا للمحكيّ عن المفيد و المختلف، فحرّماه، و اختاره في المدارك و بعض مشايخنا" [2] .
  و العلامة في المختلف:
  "مسألة: منع المفيد- رحمه اللّه- من شمّ الرياحين. و جعله الشيخ مكروها، و هو قول ابن إدريس" [3] .
  و قال الشهيد في الدروس:
  "الترك الثالث: الطيب ... و في الرياحين قولان: أقربهما التحريم ..." [4] .
  و الحاصل أن المسألة خلافية و لا يمكن دعوى الشهرة لأحد طرفي الخلاف.
  الدليل:
  مقتضى الأصل الأولي في المسألة هو البرائة لأننا نعلم أن الطيب بأقسامه حرام فهل تحرم الرياحين أيضا؟ فالأمر يدور بين الأقل و الأكثر و في مثل ذلك نجري البرائة عن الأكثر.
  و إنما نؤسس الأصل قبل الخوض في الدليل لأجل أنه لو لم نخرج بنتيجة من الروايات نعتمد الأصل، و كذلك لو تمكنا من إثبات أصل المدعى بالروايات في حين أنها كانت قاصرة في إثبات ذلك في الفروع ففي هذه الحال أيضا نلجأ إلى إجراء البرائة أيضا، هذا من ناحية الأصل. و أما الروايات.
  الدليل الروايي:
  الروايات على طائفتين عامة و خاصة:
  الروايات العامة:
  فإن هذه الطائفة من الروايات تحرم الطيب بوجه عام و لكن قد سبق منا أن الرياحين ليست من الطيب في شيء!
  و قد ورد في المستند:
  "... و الظاهر -كما قيل- إنّه الجسم ذو الريح الطيّبة يؤخذ للشمّ غالبا غير الرياحين. و الحاصل: أن يكون معظم الغرض منه التطيّب أو يظهر منه هذا الغرض، لا مطلق ما له رائحة طيّبة ..." [5] .
  و عليه أن هذه الروايات العامة لا تثبت بها حرمة الرياحين على المحرم. إلا أن هناك روايات عامة تحظر التلذذ بالرائحة الطيبة و إن لم تكن من الطيب في شيء.
  كانت هناك ثلاث أو أربع روايات و كانت ثلاثة منها لمعاوية بن عمار و قد تكون رواية واحدة قد جاء فيها عنوان التلذذ و هي:
  "وَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ وَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ عَنْ صَفْوَانَ وَ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السّلام قَالَ لَا تَمَسَّ شَيْئاً مِنَ الطِّيبِ وَ لَا مِنَ الدُّهْنِ فِي إِحْرَامِكَ وَ اتَّقِ الطِّيبَ فِي طَعَامِكَ وَ أَمْسِكْ عَلَى أَنْفِكَ مِنَ الرَّائِحَةِ الطَّيِّبَةِ (وَ لَا تُمْسِكْ عَلَيْهِ مِنَ الرَّائِحَةِ الْمُنْتِنَةِ) فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَتَلَذَّذَ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ" [6] .
  فإن قوله عليه السّلام: "و أمسك على أنفك من الرائحة الطيبة" عامة تشمل عامة الرياحين و الأعشاب التي فيها رائحة طيبة.
  الروايتان 11 و 9 من هذا الباب جائت بنفس المضمون.
  "وَ عَنْهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ حَرِيزٍ عَمَّنْ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السّلام قَالَ لَا يَمَسُّ الْمُحْرِمُ شَيْئاً مِنَ الطِّيبِ وَ لَا الرَّيْحَانِ وَ لَا يَتَلَذَّذُ بِهِ وَ لَا بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ (فَمَنِ ابْتُلِيَ بِذَلِكَ) فَلْيَتَصَدَّقْ بِقَدْرِ مَا صَنَعَ قَدْرَ سَعَتِهِ" [7] .
  إن الرواية مرسلة سندا لأنه ورد في سندها: "حريز عمن أخبرة"، و أما دلالة و هي و إن أشارت إلى الريحان إلا أننا نستفيد العموم منها و الشاهد على ذلك قوله: "وَ لَا يَتَلَذَّذُ بِهِ وَ لَا بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ " و الريح الطيبة عامة.
  "وَ عَنْهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ حَرِيزٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السّلام قَالَ لَا يَمَسُّ الْمُحْرِمُ شَيْئاً مِنَ الطِّيبِ وَ لَا الرَّيْحَانِ وَ لَا يَتَلَذَّذُ بِهِ فَمَنِ ابْتُلِيَ بِشَيْ‌ءٍ مِنْ ذَلِكَ فَلْيَتَصَدَّقْ بِقَدْرِ مَا صَنَعَ بِقَدْرِ شِبَعِهِ يَعْنِي مِنَ الطَّعَامِ" [8] .
  لو عاد الضمير في قوله "لَا يَتَلَذَّذُ بِهِ" إلى الطيب فهي عامة و لكنها تعود للريحان فهي من الروايات الخاصة.
  كما أن هناك روايات خاصة بعضها دلت على حرمة الريحان و بعض أخر على جواز إستعماله فهي متعارضة و عند توفر الروايات الخاصة فالعمومات تفقد مفعولها و الروايات الخاصة هي:
  "وَ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السّلام قَالَ لَا تَمَسَّ رَيْحَاناً وَ أَنْتَ مُحْرِمٌ وَ لَا شَيْئاً فِيهِ زَعْفَرَانٌ وَ لَا تَطْعَمْ طَعَاماً فِيهِ زَعْفَرَانٌ" [9] .
  بحسب هذه الرواية مس الريحان حرام فحرمة الشم من طريق أولى!
  "وَ عَنْهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السّلام قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ لَا تَمَسَّ الرَّيْحَانَ وَ أَنْتَ مُحْرِمٌ وَ لَا تَمَسَّ شَيْئاً فِيهِ زَعْفَرَانٌ وَ لَا تَأْكُلْ طَعَاماً فِيهِ زَعْفَرَانٌ الْحَدِيثَ" [10] .
  هذه الرواية هي نفس الرواية السابقة مع فرق بسيط.
  "وَ عَنْهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ حَرِيزٍ عَمَّنْ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السّلام قَالَ لَا يَمَسُّ الْمُحْرِمُ شَيْئاً مِنَ الطِّيبِ وَ لَا الرَّيْحَانِ وَ لَا يَتَلَذَّذُ بِهِ وَ لَا بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ (فَمَنِ ابْتُلِيَ بِذَلِكَ) فَلْيَتَصَدَّقْ بِقَدْرِ مَا صَنَعَ قَدْرَ سَعَتِهِ" [11] .
  هذه الرواية قد أوردناها في الطائفة التي تدل على العموم إلا أنها في الوقت نفسه تعد من الروايات الخاصة لأنها تقول: "وَ لَا الرَّيْحَانِ".
  "وَ عَنْهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ حَرِيزٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السّلام قَالَ لَا يَمَسُّ الْمُحْرِمُ شَيْئاً مِنَ الطِّيبِ وَ لَا الرَّيْحَانِ وَ لَا يَتَلَذَّذُ بِهِ فَمَنِ ابْتُلِيَ بِشَيْ‌ءٍ مِنْ ذَلِكَ فَلْيَتَصَدَّقْ بِقَدْرِ مَا صَنَعَ بِقَدْرِ شِبَعِهِ يَعْنِي مِنَ الطَّعَامِ" [12] .
  قد أوردنا هذه الرواية في طائفة الروايات العامة لأنه قلنا لو عاد الضمير فيها إلى الطيب فهي من الروايات العامة و لكنه يعود على الوجه الأرجح إلى الريحان لقربه منه. فتصبح الرواية من الروايات الخاصة.
  و المحصل من عرض هذه الروايات هو أن ما يدل على الحرمة روايتان و مرسلة و سنأتي بإذن الله بالروايات التي تدل على الجواز و بها يحصل التعارض كما أشرنا أنفا و سنبحثك عن الطريق في رفع التعارض بينها.


[1] الجواهر/ ج 18. باب المكروهات للمحرم. ص 433
[2] المستند/ ج 12. ص 50
[3] المختلف/ ج 4. ص 71
[4] الدروس/ ج 1. ص 373
[5] المستند/ ج 4. ص 374
[6] الوسائل/ ج 12 (ط الحديثة). أبواب تروك الإحرام. باب 18. ح 5
[7] المصدر/ ح 6
[8] المصدر/ ح 11
[9] المصدر/ ح 3
[10] المصدر/ ح 10
[11] المصدر/ ح 6
[12] المصدر/ ح 11

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo