< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشيرازي

32/10/26

بسم الله الرحمن الرحیم

عنوان البحث: تروك الإحرام- الإستمناء

  قد تحدثنا سابقا عن مختلف شؤون الإستمناء و الأن نواصل البحث عن كفارته حال الإحرام و عن بطلان الحج و إتيانه من قابل و قد قال كثير من الفقهاء به.

  لا خلاف في وجوب الكفارة للإستمناء بين الذين تعرضوا للمسألة، و قد قلنا أن الدليل الأول على وجوب الكفارة هو قياس الأولوية لأن في الجماع مع الأهل كفارة و الإستمناء أقبح من الجماع مع الأهل فتثبت الكفارة بالأولوية.

  و يرد عليه أنه لا أولوية في ذلك لأن التمتع بالأهل أقوى من التمتع بالإستمناء، و ما هو ممنوع في الحج هو نفس التمتع فتنعكس الأولوية إلى أولوية متعة النساء على متعة الإستمناء.

دلالة الروايات على الحرمة:

  "مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ‌ صَفْوَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَجَّاجِ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ عليه السلام عَنِ الرَّجُلِ يَعْبَثُ بِأَهْلِهِ وَ هُوَ مُحْرِمٌ حَتَّى يُمْنِيَ مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ أَوْ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مَا ذَا عَلَيْهِمَا قَالَ عَلَيْهِمَا جَمِيعاً الْكَفَّارَةُ مِثْلُ مَا عَلَى الَّذِي يُجَامِعُ"[1]

  يقول السائل: "يعبث بأهله" و الإمام عليه السلام يجيب: "عليهما جميعا الكفارة مثل ما على الذي يجامع" فقول السائل "يعبث بأهله" ليس لها خصوصية فالحكم في الرواية يشمل كل عمل يؤدي إلى الإمناء سواء كان باليد أو بغيره، فعليه كفارة و هي بدنة. و الرواية صحيحة سندا.

و الثانية موثقة إسحاق بن عمار:

  "مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ الْخَرَّازِ عَنْ صَبَّاحٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ عليه السلام قَالَ قُلْتُ مَا تَقُولُ فِي مُحْرِمٍ عَبِثَ بِذَكَرِهِ فَأَمْنَى قَالَ‌ أَرَى عَلَيْهِ مِثْلَ مَا عَلَى مَنْ أَتَى أَهْلَهُ وَ هُوَ مُحْرِمٌ بَدَنَةً وَ الْحَجَّ مِنْ قَابِلٍ"[2] .

  دلالة الروايتن تامه و الإجماع المدعى ناشىء من هاتين الروايتن.

الروايات المعارضة القائلة بعدم الكفارة

  الروايتان السابقتان كانتا تدلان على الكفارة إلا أن هناك رواياتين تدلان على عدمها فلنبحث هذه الروايات ثم نعقب بالجمع بينهما.

  "مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنْ سَمَاعَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام فِي الْمُحْرِمِ تُنْعَتُ لَهُ الْمَرْأَةُ الْجَمِيلَةُ الْخِلْقَةِ فَيُمْنِي قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْ‌ءٌ"[3]

  هذه الرواية تنصرف إلى ما لو كان الإمناء لا عن علم و إختيار و إلا إذا كان عن عمد و علم و إختيار كانت تجب الكفارة بقرينة الروايتين فالرواية خارجة عن محل النزاع فلا تعارض بينها و بين ما سبق من الروايتين.

  "وَ بِالْإِسْنَادِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام فِي مُحْرِمٍ اسْتَمَعَ عَلَى رَجُلٍ يُجَامِعُ أَهْلَهُ فَأَمْنَى قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْ‌ءٌ"[4]

  هذه الرواية كسابقتها تُحمل على حالة العلم و العمد فهذا الشخص و إن إستمع إلى من كان يجامع أهله غير أنه لم يقصد الإنزال من ذلك بل كان يبغي لذة الإستمتاع فحسب.

  "وَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ وُهَيْبِ بْنِ حَفْصٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام عَنْ رَجُلٍ تَسَمَّعَ كَلَامَ امْرَأَةٍ مِنْ خَلْفِ حَائِطٍ وَ هُوَ مُحْرِمٌ فَتَشَاهَى حَتَّى أَنْزَلَ قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْ‌ءٌ"[5]

  هذه الرواية أيضا تحمل على حالة الإستمتاع بالصوة من دون قصد الإنزال.

  "وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَمَاعَةَ الصَّيْرَفِيِّ عَنْ سَمَاعَةَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَالَ فِي مُحْرِمٍ اسْتَمَعَ عَلَى رَجُلٍ يُجَامِعُ أَهْلَهُ فَأَمْنَى قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْ‌ءٌ"[6]

  هذه الرواية كسابقاتها لا تدل على الإنزال عن علم و عمد، و إن دلّت، فهي تحمل على غير حالتي العلم و العمد بقرينة السابق من الروايات.

و عليه هذه الروايات الأربعة لا تدل على الإنزال العمدي و عند الجمع تحمل على عدم حالة الإختيار، و لا خلاف في أنه لو قصد الإنزال فعليه بدنة.

المقام الثاني: فساد الحج و إتيانه من قابل

  إلى هنا عالجنا وجوب الكفارة على من أمنى عامدا عالما، بقي أن نعالج وجوب الحج عليه من قابل ففي المسألة قولان، قول يذهب إلى فساد حجه و لزوم الإتيان من قابل و هو المشهور و قد نُقل عن جملة من المتقدمين و المتأخرين منهم الشيخ في التهذيب، و عدد أخر من القدماء مثل صاحب المهذب و إبن حمزة في الوسيلة و إبن سعيد في الجامع و من المتأخرين العلامة في المختلف و الشهيدين و الكركي، كما أنه نُسب إلى الأكثر.

  و قد تطرق صاحب الجواهر للأقوال في المجلد 20 من كتابه ص 367 و 368.

  و في مقابل هؤلاء أقلية مثل إبن إدريس و الحلبي و الشيخ في الإستبصار و الخلاف، و منهم المحقق في الشرائع حيث يقول أن عدم القضاء أشبه بالقواعد!

و الدليل:

  من ذهب إلى وجوب القضاء إستند إلى الروايتين اللتين مرّتا في بحث وجوب الكفارة:

  "مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ‌ صَفْوَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَجَّاجِ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ عليه السلام عَنِ الرَّجُلِ يَعْبَثُ بِأَهْلِهِ وَ هُوَ مُحْرِمٌ حَتَّى يُمْنِيَ مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ أَوْ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مَاذَا عَلَيْهِمَا قَالَ عَلَيْهِمَا جَمِيعاً الْكَفَّارَةُ مِثْلُ مَا عَلَى الَّذِي يُجَامِعُ"[7]

  "مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ الْخَرَّازِ عَنْ صَبَّاحٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ عليه السلام قَالَ قُلْتُ مَا تَقُولُ فِي مُحْرِمٍ عَبِثَ بِذَكَرِهِ فَأَمْنَى قَالَ‌ أَرَى عَلَيْهِ مِثْلَ مَا عَلَى مَنْ أَتَى أَهْلَهُ وَ هُوَ مُحْرِمٌ بَدَنَةً وَ الْحَجَّ مِنْ قَابِلٍ"[8]

ينبغي ملاحظة إطلاق الحديثين فهل هما يدلان على مشابهة الإستمناء للمجامعة في القضاء و الكفارة معا أم يدلان على المشابهة في الكفارة فحسب! يبدو أن الحديثين لا يدلان على أكثر من وجوب الكفارة!

و البعض إستند إلى حكم الإستمناء حال الصوم حيث تقول الرواية "أَوْ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مَاذَا عَلَيْهِمَا" فإن في صيام شهر رمضان تثبت الكفارة و يبطل الصيام. و لكن يلاحظ عليه أنه لا صلة للصيام بالحج، فهذا من قبيل القياس الباطل.

  و سيأتي الحديث عن أدلة المخالفين!

[1] الوسائل/ ج 13 (ط الحديثة). أبواب كفارات الإستمتاع. باب 14. ح 1

[2] المصدر/ باب 15. ح 1

[3] المصدر/ باب 20. ح 1

[4] المصدر/ ح 2

[5] المصدر/ ح 3

[6] المصدر/ ح 4

[7] المصدر/ باب 14. ح 1

[8] المصدر/ باب 15. ح 1

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo