< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشيرازي

32/10/19

بسم الله الرحمن الرحیم

عنوان البحث: تروك الإحرام الإستمناء

  وصل بنا البحث عن حرمة الإستمناء إلى عرض الروايات و الإستدلال بها, تطرقنا إلى الآن إلى خمس روايات, فلنعرض ماتبقّى منها, علما بأن إحدى الروايات كانت معتبرة:

  "وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ إِنَّ عَلِيّاً عليه السلام أُتِيَ بِرَجُلٍ عَبِثَ بِذَكَرِهِ حَتَّى أَنْزَلَ فَضَرَبَ يَدَهُ حَتَّى احْمَرَّتْ قَالَ وَ لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا قَالَ وَ زَوَّجَهُ مِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِين‌"[1]

 في سند الرواية إشكال من ناحية أبى جميلة حيث لم تثبت وثاقته و باقي رجال السند فلا بأس بهم من هذه الجهة. هذا من ناحية السند, و أما الدلالة فإن الإمام عليه السلام زوّجه بعد التعزير معالجة لسبب الفساد. و هذه الرواية تختلف عن سابقتها التي ورد فيها نفس المضمون بإختلاف الرواي.

  "أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى فِي نَوَادِرِهِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سُئِلَ الصَّادِقُ عليه السلام عَنِ الْخَضْخَضَةِ فَقَالَ إِثْمٌ عَظِيمٌ قَدْ نَهَى اللَّهُ عَنْهُ فِي كِتَابِهِ وَ فَاعِلُهُ كَنَاكِحِ نَفْسِهِ وَ لَوْ عَلِمْتَ بِمَا يَفْعَلُهُ مَا أَكَلْتَ مَعَهُ فَقَالَ السَّائِلُ فَبَيِّنْ لِي يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فِيهِ فَقَالَ قَوْلُ اللَّهِ فَمَنِ ابْتَغى‌ وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ وَ هُوَ مِمَّا وَرَاءَ ذَلِكَ فَقَالَ الرَّجُلُ أَيُّمَا أَكْبَرُ الزِّنَا أَوْ هِيَ فَقَالَ هُوَ ذَنْبٌ عَظِيمٌ قَدْ قَالَ الْقَائِلُ بَعْضُ الذَّنْبِ أَهْوَنُ مِنْ بَعْضٍ وَ الذُّنُوبُ كُلُّهَا عَظِيمٌ عِنْدَ اللَّهِ لِأَنَّهَا مَعَاصِيَ وَ أَنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مِنَ الْعِبَادِ الْعِصْيَانَ وَ قَدْ نَهَانَا اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ لِأَنَّهَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ وَ قَدْ قَالَ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ"[2]

  إن كتاب نوادر الحكمة كان عند صاحب الوسائل و هو نقل منه مباشرة, و قد كان صحاب النوادر من وجوه القميين و ثقاتهم, و كان أبوه من كبار ثقاة قم و من وجهائهم, و يمكن أن يكون بين أحمد بن محمد بن عيسى و الإمام الصادق عليه السلام وسائط من الرواة إلا أنه يقول قدّس سرّه واثقا "سئل الصادق عليه السلام" يبدو منه أنه كان مطمئنا أن الرواية قد صدرت منه سلام الله عليه و لذلك يجد المرء مجالا للقول بإعتبار الرواية لتكون الثانية من الروايتين التين أشرنا إلى إعتبارهما و كانت الأولى منهما موثقة عمار.

  و هذه الرواية تجرّ البساط من تحت أقدام الذين يجوزون اللجوء إلى الحالة السرّيّة بذريعة المنع من الوقوع في الزنا.

ثلاث روايات أخرى

  هناك ثلاث روايات تصلح لأن تكون دليلا أو مؤيدا في المقام و لم نعرف أحدا من الفقهاء تمسك بهذه الروايات مع دلالتها بشكل أو بأخر على المدعى:

  "وَ عَنْهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْمُؤْمِنِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام الزِّنَا شَرٌّ أَوْ شُرْبُ الْخَمْرِ وَ كَيْفَ‌ صَارَ فِي شُرْبِ الْخَمْرِ ثَمَانُونَ وَ فِي الزِّنَا مِائَةٌ فَقَالَ يَا إِسْحَاقُ الْحَدُّ وَاحِدٌ وَ لَكِنْ زِيدَ هَذَا لِتَضْيِيعِهِ النُّطْفَةَ وَ لِوَضْعِهِ إِيَّاهَا فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ الَّذِي أَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِ"[3]

  بحسب ما تدل عليه هذه الرواية إن الملاك في الحرمة هو إضاعة النطفة, و هذا الملاك متوفر في الإستمناء فلا يضر إنه لم يصرّح به في الرواية, فنتمكن من تعميم العلة.

  "مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام وَ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا عليه السلام وَ عَنْ صَبَّاحٍ الْحَذَّاءِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي إِبْرَاهِيمَ مُوسَى عليه السلام فِي الرَّجُلِ يَأْتِي الْبَهِيمَةَ فَقَالُوا جَمِيعاً إِنْ كَانَتِ الْبَهِيمَةُ لِلْفَاعِلِ ذُبِحَتْ فَإِذَا مَاتَتْ أُحْرِقَتْ بِالنَّارِ وَ لَمْ يُنْتَفَعْ بِهَا وَ ضُرِبَ هُوَ خَمْسَةً وَ عِشْرِينَ سَوْطاً رُبُعَ حَدِّ الزَّانِي وَ إِنْ لَمْ تَكُنِ الْبَهِيمَةُ لَهُ قُوِّمَتْ وَ أُخِذَ ثَمَنُهَا مِنْهُ وَ دُفِعَ إِلَى صَاحِبِهَا وَ ذُبِحَتْ وَ أُحْرِقَتْ بِالنَّارِ وَ لَمْ يُنْتَفَعْ بِهَا وَ ضُرِبَ خَمْسَةً وَ عِشْرِينَ سَوْطاً فَقُلْتُ وَ مَا ذَنْبُ الْبَهِيمَةِ فَقَالَ لَا ذَنْبَ لَهَا وَ لَكِنْ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه و آله و سلّم فَعَلَ هَذَا وَ أَمَرَ بِهِ لِكَيْلَا يَجْتَرِئَ النَّاسُ بِالْبَهَائِمِ وَ يَنْقَطِعَ النَّسْلُ"[4]

  للرواية سندان, إن ذبح البهيمة و حرقها هو من أجل أن لا يلجأ الناس في إرضاء حاجتهم الجنسية إلى البهائم فلم يجدوا دافعا إلى ممارسة العمل الجنسي بالطرق الطبيعية فينقطع التناسل و هذا السبب موجود في الإستمناء فتصلح الرواية لأن تكون مؤيدا لما نحن بصدده.

  "مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الرَّيَّانِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ عليه السلام أَنَّهُ كَتَبَ إِلَيْهِ رَجُلٌ يَكُونُ مَعَ الْمَرْأَةِ لَا يُبَاشِرُهَا إِلَّا مِنْ وَرَاءِ ثِيَابِهَا وَ ثِيَابِهِ فَيَتَحَرَّكُ حَتَّى يُنْزِلَ مَا الَّذِي‌ عَلَيْهِ وَ هَلْ يَبْلُغُ بِهِ حَدَّ الْخَضْخَضَةِ فَوَقَّعَ ع فِي الْكِتَابِ ذَلِكَ بَالِغُ أَمْرِهِ"[5]

  من قول السائل: "و هل يبلغ به حد الخضخضة" يتبين أن حرمة الإستمناء كانت مسلمة و واضحة في ذهنه, فأجاب الإمام عليه السلام: "في الكتاب ذلك بالغ أمره" أي أنه بلغ حد الحرمة.

و بذا تبلغ الروايات إلى أحدى عشر رواية و المعتبر منها روايتان و الروايات التسعة الباقية فهي ضعيفة سندا و لكن ضعفها لا يضر لأنها متضافرة و إن كان عدد الروايات أقل من ذلك كانت أيضا كافية لإثبات المدعى فهي حجة دونما كلام و قد كان إلى جانبها روايات معتبرتان.

و هناك روايتان معارضتان للروايات السابقة:

  "وَ عَنْهُ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَيْمُونٍ وَ حُسَيْنِ بْنِ زُرَارَةَ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عليه السلام عَنْ رَجُلٍ يَعْبَثُ بِيَدَيْهِ حَتَّى يُنْزِلَ قَالَ لَا بَأْسَ بِهِ وَ لَمْ يَبْلُغْ بِهِ ذَاكَ شَيْئاً"[6]

  إن في سند الرواية حسين بن زرارة و قد أصر البعض على توثيقه إلا أنه لم يقم دليل على وثاقته و غاية ما في المقام هو أن الإمام عليه السلام دعا له و لأخيه و الدعاء لا يدل على الوثاقة بحال لأن الدعاء يكون للجميع حتى للفاسق, نعم يمكن أن يقال أن الرواية تصبح بالدعاء حسنة لا أكثر.

  و أما متنا فإن قول الإمام عليه السلام: "لا بأس به و لم يبلغ به ذاك شيئا" فلعله يدل على أنه لا عقوبة عليه من حد و لا تعزير.

  "وَ عَنْهُمْ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي يَحْيَى الْوَاسِطِيِّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ الْبَصْرِيِّ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَعْيَنَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَالَ سَأَلْتُهُ عَنِ الدَّلْكِ فَقَالَ نَاكِحُ نَفْسِهِ لَا شَيْ‌ءَ عَلَيْهِ"[7]

الرواية سندا:

  بعض المصادر الرجاليه لم تأت على ذكر لإسماعيل البصري إلا أن آية الله السيد الخوئي في معجمه قد ذكره فقال: "إن العلامة المجلسي يقول إنه إسماعيل بن فضل الثقة" و لكن لم يتضح لنا بأن المجلسي من أي طريق توصّل إلى وثاقته و قد قال السيد الخوئي أيضا أنه لم يثبت لنا ذلك. و لذلك أن إسماعيل البصري مجهول و به تصبح الرواية ضعيفة.

و أما دلالة:

  إن الرواية لم يرد فيها كلمة الإنزال فكيف عدّوها معارضة للروايات المتقدمة.

و ستأتي طرق الجمع على فرض معارضتها و سنشير إلى نتيجة البحث إن شاء الله.

[1] الوسائل/ ج 28 (ط- الحديثة). أبواب نكاح البهائم .باب 3. ح 2

[2] المصدر/ ح 4

[3] المصدر/ ج 20. أبواب النكاح المحرم. باب 28. ح 4

[4] المصدر/ ج 28. أبواب نكاح البهائم. باب 1. ح 1

[5] المصدر/ ج 20. أبواب النكاح المحرم. باب 30. ح 1

[6] المصدر/ ج 28. أبواب نكاح البهائم. باب 3. ح 3

[7] المصدر/ ج 20. أبواب النكاح المحرم. باب 28. ح 6

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo