< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیت الله مکارم الشیرازي

32/06/26

بسم الله الرحمن الرحیم

عنوان البحث: حكم الرجوع في الطلاق حال الإحرام

  كان الكلام في المسألة السادسة من مسائل تروك الإحرام، و قد وصل بنا البحث إلى الحديث عن المطلقة رجعيا بأن هل يجوز لزوجها المحرم الرجوع إليها أم لا؟ لأنه قد يكون الرجوع نوعا من الزواج و هو حرام على من أحرم.

  يقول السيد الماتن في ذلك:

  "و يجوز الرجوع في الطلاق الرجعي"

الأقوال:

  المسألة مسلمة من ناحية الأقوال كما تفيد عباراتهم.

  يقول الشيخ البحراني:

  "الظاهر أنه لا خلاف في جواز الطلاق للمحرم، و جواز مراجعة المطلقة، و شراء الإماء في حال الإحرام. اما الأول فيدل عليه- مضافا الى الأصل السالم عن المعارض- صحيحة أبي بصير قال: «سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: المحرم يطلق و لا يتزوج». رواها المشايخ الثلاثة نور الله مراقدهم في أصولهم. و روى في الكافي عن حماد بن عثمان عن ابي عبد الله عليه السلام قال: «سألته عن المحرم يطلق؟ قال: نعم». و اما الثاني فللأصل السالم عن المعارض، حيث ان مورد الأخبار النهي عن النكاح، و المراجعة ليست ابتداء نكاح، فلا يشمله النهي المذكور، لأن المطلقة رجعية في حكم الزوجة. و لا فرق في ذلك بين المطلقة تبرعا و المختلفة إذا رجعت في البذل".[1]

  يريد بالمطلقة تبرعا الرجعية التي لم تبذل مهرا لطلاقها، و المختلعة هي التي تسترجع ما بذلته و تقبضه فتصبح رجعية بما قبضت.

  و يقول الشيخ في الخلاف: من الخاصة

  "للمحرم أن يراجع زوجته إذا طلّقها: للمحرم أن يراجع زوجته سواء طلقها حلالا ثم أحرم، أو طلقها و هو محرم. و به قال الشافعي. و قال أحمد: لا يجوز ذلك. دليلنا: قوله تعالى «وَ بُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذٰلِكَ» و لم يفصل. و قال: «فَإِمْسٰاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسٰانٍ".[2]

  إذن الشيخ قد تمسك بإطلاق الآيتين و لم يذكر مخالفا من الخاصة فيبدو أن المسألة مسلمة.

  و ينبغي التنبيه على أن الإمساك بمعروف و التسريح بإحسان يعم جميع مرافق الحياة.

  يقول صاحب الجواهر: "و كيف كان فلا إشكال و لا خلاف في أنه يجوز للمحرم حال إحرامه مراجعة المطلقة الرجعية المحرمة فضلا عن غيرها و شراء الإماء في حال الإحرام بلا خلاف كما عن التذكرة و المنتهى الاعتراف به، بل و لا إشكال بعد عدم تناول النهي المزبور لمثله، فيبقى على الأصل و العموم الذي منه قوله تعالى «وَ بُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ» من غير فرق بين المطلقة تبرعا و التي‌ رجعت ببذلها".[3]

  و قد أشار إلى ذلك أيضا في: [ج 20- باب الكفارات] و [ج 29 باب الحلال و الحرام من النكاح].

الأدلة

  بما أنه لم تتوفر رواية في المقام فلم يبق إلا أن نتمسك بالأصل و إطلاق الآيات.

أما الأصل: فهو البرائة لأننا نشك في أنه هل من محرمات الإحرام هو عدم الرجوع إلى المطلقة رجعيا أم لا؟ نجري البرائة لعدم الدليل على ذلك.

و أما إطلاق الآيات: فإنا نتمسك بإطلاق الآيتين التين ذكرهما الشيخ فإنهما تدلان بإطلاقهما على أن الزوج يتمكن من الرجوع متى شاء مادامت المرأة في العدة. مع أن المطلقة الرجعية زوجة يجوز النظر إليها و الإختلاء بها و متى ما شاء الزوج يتمكن من إبطال الطلاق و إرجاع زوجته.

  هذا بالنسبة إلى الطلاق الرجعي، و أما الطلاق الخلعي الذي هو طلاق بائن أي مبتوت يلزم بحثه ليتبين هل أن الرجوع فيه زواج جديد أم لا؟

  قد يقال أن الرجوع بالبذل زواج جديد، ولكن يمكن القول بأنه بالبذل يتبدل الطلاق الخلعي إلى الطلاق الرجعي فيتبدل الموضوع لا أنه زواج جديد، و لذلك لم نجد أحدا فصّل بين الرجعي و الخلعي بعد الرجوع بالبذل، و يا حبّذا لو أشار السيد الماتن إلى الطلاق الخلعي.

إذن لا فرق بين الطلاقين كما قال صاحب الجواهر.

و هنا يجب التنبيه أن بعد إنتهاء العدة لا يمكن الرجوع بالبذل فيستقر الطلاق، و لذلك نقول عندما ترجع المخلوعة بما بذلت يلزم أن تخبر الزوج حتى يرجع إليها إن شاء لأن المال المبذول قد يكون عند الوكيل و الزوجة ترجع بالبذل من دون علم الزوج.

و ينبغي الإنتباء بأنه لا يحق للزوج أن يشترط عند الطلاق أنه ليس للزوجة أن ترجع بالبذل لأن هذا الشرط مخالف للكتاب و السنة فهو باطل.

  علما بأنه بين الحق و الحكم فرق من جهة أن الحق قابل للإسقاط دون الحكم، و الرجوع بالبذل حكم فلا يقبل الإسقاط.

المسألة 7:

لو عقد محلا على أمرأة محلة فالأحوط ترك الوقاع و نحوه و مفارفتها بطلاق، و لو كان عالما بالحكم طلقها و لا ينكحها أبدا.

  في هذه المسألة يتحدث السيد الماتن عن زواج المحرمة بأنه إذا كان الرجل محلا و المرأة محرمة هل تجري تمام الأحكام السابقة من البطلان و الحرمة الأبدية و ما إلى ذلك لو عقد عليها أم لا؟

  قد قال السيد الماتن بالإحتياط، لعله كان مترددا في المسألة و لذلك قال إنه لا تترتب آثار الزوجية و لا آثار عدمها و لذلك لا يجوز له أن يواقعها كما يجب عليه طلاقها، من ذيل كلام السيد الماتن يتبين أن هذا الحكم يختص بالجاهل و أم العالم بالحكم فلا يجوز له الزواج منها إحتياطا. و ستأتي تكملة البحث.

[1] الحدائق/ ج 15. ص 351.

[2] الخلاف/ ج 2. مسألة 117. ص 318.

[3] الجواهر/ ج 18. ص 315.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo