< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیت الله مکارم الشیرازي

32/06/21

بسم الله الرحمن الرحیم

المحاضرة الأخلاقية:

  "مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَمَّرِ بْنِ خَلَّاد عَنْ أَبِي الْحَسَنِ عليه السلام قَالَ إِذَا كَانَ الرَّجُلُ حَاضِراً فَكَنِّهِ وَ إِذَا كَانَ غَائِباً فَسَمِّه". [1]

  كان لدعاء الأشخاص بين العرب طريقان، دعاء بالإسم كما لو قال له يا حسن و يا حسين و أخرى دعاء بالكناية كما لو قال له يا أبا الحسن و أمثال ذلك. إن الدعاء بالكناية لا يعني أن للمدعو ولد، أحيانا كانوا يكنّون الشخص تفاؤلا بأن يكون له ولد بل أنهم كانوا يكنّون الأطفال في صغرهم فكانوا يدعونهم بأبي فلان و أم فلان.

  إن الكنية إسم يتضمن الإحترام و هي تشبه اللقب في أوساطنا فمثلا لو أردنا أن نكنّ الإحترام لأحد لدعوناه: السيد الحسيني خلافا لما لو أردنا دعاء الشخص بطريقة إعتيادية فندعوه: يا سيد حسن مثلا.

  إن الإسلام إهتمّ بجميع قضايا الحياة فعالج حتى الجزئيات منها، و من هذا الباب تعرض للأسامي التي يكره وضعها و هي الأسامي التي تؤدي إلى الغفلة فيقول أنه لا تسموا أولادكم مالكا مثلا لأنه يُشعر بأنه مالك و غني فيترك ذلك في نفسه إنطباعا سيّئا لأن المالك الأصلي هو الله سبحانه و ما في أيدينا نحن هو أمانة، و كذلك كلمة خالد لأن المسمى بهذا الإسم قد يشعر بالخلود و الخلود لله سبحانه دون غيره، و قد ورد في الروايات أن الإمام عليه السلام غیّر من کان إسمه مالکا أو قادرا إلى عبد المَلِك و عبد القادر.

  و كذلك أوصى الأئمة عليهم السلام بعدم التسمية بالحكيم لأنه يؤدي إلى التبختر و الغرور فيظن صاحب الإسم أنه كثير الحكمة و المعرفة. و من هنا أوصوا عليهم السلام أن تكون التسمية بأسماء تذكّر بالله سبحانه مثل عبد الرحمن و عبدالله و كذلك يجب التحرز من التسمية بالأسماء التي تختص بالمولى سبحانه مثل "إله" للمذكر أو "إلهة" للمؤنث.

  كذلك يجب التحرز من الأسماء السخيفة الجوفاء التي تسيء الأدب كما لو سميت البنت كأسا (=ساغر) أو خاطفة القلب (=دلبر)، فإن الأبوين عندئذ لا يفكرون إلا برغباتهم و مشتهياتهم و لا يفكرون بمستقبل أطفالهم. ما أقرته الراويات الإسلامية من حقوق للأطفال على الأبوين هو أن "يحسن إسمه" يعني أن يختار له إسما حسنا فمن هذه الأسامي هي أسماء الأنبياء و الأئمة و أسامي الصحابة مثل سلمان و أبي ذر و المقداد.

  يلزم التنبيه على أن للأسماء دور تلقيني لأنها تتكرر بإستمرار فتذكّر الفرد بما يقترن بالإسم من أشياء خصوصا أنه يلازم الإنسان طوال عمره فإذا كان الإسم غير لائق فسيترك على الفرد إنطباعا سلبيا.

عنوان البحوث الفقهي: حرمة تحمل الشهادة في العقد و أدائها للمحرم

  البحث في الثالث من تروك الإحرام و هو حرمة تحمل الشهادة و أدائها في عقد النكاح للمحرم. قد ذكرنا أقوال الفقهاء في البحث السابق للمسألة حيث تبين أنها مسلمة إجمالا.

الأدلة:

  دليل هذا الحكم روايتان مرسلتان دلالتهما على المدّعى حسنة:

  "وَ عَنْهُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ أَبِي شَجَرَةَ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام فِي الْمُحْرِمِ يَشْهَدُ عَلَى نِكَاحِ مُحِلَّيْنِ قَالَ لَا يَشْهَدُ".[2]

  إن إبن أبي شجرة مجهول الحال و البعض قال: إبي شجرة و هو الآخر مجهول الحال أيضا، مع أنه قد ورد في السند: "عمن ذكره" فتصبح الراوية مرسلة.

  "وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَالَ الْمُحْرِمُ لَا يَنْكِحُ وَ لَا يُنْكِحُ وَ لَا يَشْهَدُ فَإِنْ نَكَحَ فَنِكَاحُهُ بَاطِلٌ".[3]

  إن الحسن بن علي هو إبن فضال على ما يبدو و هو ثقة و إن كان فاسد المذهب.

  هذه الرواية أيضا مرسلة لأنه ورد في سندها: "عن بعض أصحابنا"، و هي نفس الرواية الثامنة من الباب الأول من أبواب تروك الإحرام فلم تكن رواية مستقلة.

  و مع ذلك ضعف سند الروايتين مجبور بعمل الأصحاب فلا إشكال من هذه الناحية، و أما دلالة فأصل المسألة مسلم و إنما الإشكال في حدود دلالة الرواية لأن مفعول كلمة: "لا يشهد" لم يُعيّن بعدُ فيحتمل أن يكون تحمل الشهادة و يحتمل أن يكون أدائها فالرواية مشوبة بالغموض.

  و هناك بحث آخر و هو أنه عند أداء الشهادة بين يدي القاضي يلزم أن يُنظر أنه حين تحمل الشهادة هل كان مُحلّا أم محرما؟ فلعله عند تحمل الشهادة كان محلا و إن كان محرما عند أدائها، فهل مفروض المسألة يشمل هذا الوجه أيضا؟ البعض تمسك بإطلاق الروايتين فقال إن المنع يعم جميع الصور و لكن قد يقال أن الحديثين مشوبان بالغموض كما اسلفنا فلا إطلاق، فلابد من الأخذ بالقدر المتيقن إلا أن المتيقن هل هو تحمل الشهادة أم أدائها؟ أياً كان فيمكن إلغاء الخصوصية منه و تسرية الحكم للفرد الآخر لأن كلا من تحمل الشهادة و أدائها لا يليقان بالمحرم و لذلك تمنع جميع الإستمتاعات فيجب على المحرم أن يجتنب عنها و من هنا نقول أنه تسري الحرمة على جميع الصور.

  فلا إشكال في هذه المسألة و إن عبّر السيد الماتن بالإحتياط، و لعل السبب في ذلك هو تأمله في إلغاء الخصوصية أو الإطلاق أو إعتبار الرواية، و أما بالنسبة لنا فلا تأمل لنا في شيء من ذلك فنفتي بالحرمة من دون إحتياط.

[1] الوسائل/ ج 12 (ط الحديثة). أبواب أحكام العشرة. باب 5. ح 1.

[2] المصدر/ أبواب تروك الإحرام. باب 14. ح 5.

[3] المصدر/ ح 7.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo