< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیت الله مکارم الشیرازي

32/05/30

بسم الله الرحمن الرحیم

المحاضرة الأخلاقية:

  في هذه المحاضرة نتحدث عن الحديث التالي:

  "وَ عَنْهُمْ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْخَرَّازِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ مَا يُعْبَأُ بِمَنْ سَلَكَ هَذَا الطَّرِيقَ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ ثَلَاثُ خِصَالٍ وَرَعٌ يَحْجُزُهُ عَنْ مَعَاصِي اللَّهِ وَ حِلْمٌ يَمْلِكُ بِهِ غَضَبَهُ وَ حُسْنُ الصُّحْبَةِ لِمَنْ صَحِبَهُ". [1]

  يستفاد من القرائن في هذا الحديث أن في عصر الإمامين الباقر و الصادق عليهما السلام كان متطرفون يعملون خارج إطار الموازين و الضوابط فكانوا يسلكون سلوكا متشنجا مع المخالفين مما يؤدي إلى حدوث مشاكل، في هذا الحديث يقول الإمام محمد الباقر عليه السلام: على من يسير في خط ولايتنا أن يتوفّر فيه ثلاث خصال لكي يتجنب مردودات أعماله السلبية:

الأولى: تقوى الله، يعني أن من يوالينا يجب أن تتوفر فيه خصلة التقوى لكي تجنبه تبعات المعاصي. يبدو أنه كان في الموالين لآل البيت من يقتصر على محبتهم و يظن أن ذلك يكفي في تكفير ذنوبهم، و الإمام محمد الباقر عليه السلام يقول أن الولاية من دون ورع و تقوى لا تكفي لانقاذ الإنسان من آثار معصية الله سبحانه.

الثاني من الخصال: الحلم الذي يتمكن الشخص به من إحتواء غضبه، لعل المخالف يُعنِّف أو يَسبُّ و لكن على الموالي أن يكظم غيضه.

الثالثة: حسن الخلق مع من يرافقه، و قد ذُكر في أحوال أهل البيت عليهم السلام أنهم كانوا كثيرا ما يغضّون الطرف عن سقطات الآخرين، هذا و إن كانوا أحيانا يتخذون موقفا متشدّدا في مواجهة هذه السقطات إلّا أنّ ذلك كان من المستثنيات.

  و على أيّ تقدير أنّ هذه الخصال من مستلزمات الولاية و بها تكمل ولاية الشخص و إلّا فلا يعتد بولايته كما قال الإمام عليه السلام: "ما يعبأ بمن سلك هذا الطريق إذا لم يكن فيه ثلاث خصال ....".

البحوث الفقهي:

العنوان: هل أن الفريضة هو الحج الأول أم الثاني على فرض المواقعة؟

  البحث في المسألة الثانية من تروك الإحرام و هي مواقعة النساء، قلنا بقي هنا أمران، وفي هذه المحاضرة نعالج الأمر الثاني و هو أن الحج الواقعي هل هو الحج الأول الذي حدثت فيه المواقعة أم الثاني الذي يأتي به من قابل؟ و الثمرة تظهر فيما إذا مات الرجل بعد الفراغ من الحج الأول، فإذا كان الحج الأول هو الفريضة فليس على الورثة أن يأتوا بحج نيابة عنه لأن حجه كان صحيحا و الحج الثاني كان عقوبة عليه، و إذا كان الحج الثاني هو الفريضة ففي هذا الحال يجب على الورثة إيتاءُ حج نيابة عنه.

الأقوال:

  المسألة ذات قولين، البعض ذهب إلى أن الحج الأول هو الحج الواقعي فهو الفريضة و الثاني عقوبة عليه، قال البعض أن الحج الواقعي هو الثاني و إنما يتم الأول ليخرج من الإحرام.

  يقول المحقق النراقي في المستند:

  "هل الحجّة الأولى فرضه و الثانية عقوبة، أو بالعكس؟ عن الشيخ و جماعة: الأول، و نقله في المدارك عن أحكام الصدّ من الشرائع، و يميل إليه كلام النافع. و نقل عن الشيخ في الخلاف و كثير من كتب الفاضل: الثاني، و إليه ذهب الحلّي في السرائر". [2]

  و صاحب الجواهر قد أشار إلى الأقوال فقال ما معناه: من عبر بالفساد فقد إختار القول الثاني و هم كُثْرٌ و من لم يعبر بذلك فإختار القول الثاني. [3]

الأدلة:

أدلة القائلين بأن السابق هو الحج الواقعي:

الأول من أدلتهم: الإستصحاب، بمعنى أنه بعد المواقعة نشك هل أن الحج قد فسد أم لا؟ نستصحب الصحة.

نقول: هذا بناء على جريان الإستصحاب في الشبهات الحكمية، و نحن لا نرى جريانه فيها و قد ذكرنا أدلة ذلك في مواضعها-، مضافا إلى أن جريان الأصل يتوقف على عدم توفر أدلة إجتهادية مخالفة و سيأتي أن هناك روايات تدل على خلاف ذلك.

و زد علىه، أنه من الأفضل أن نتمسك بأصل البرائة حيث أنها تجري في الشبهات الحكمية و الموضوعية معا، لأننا في هذا الحال نشك أن المواقعة مانع من الصحة أم لا؟ و عند الشك في الشرط أو المانع تجري البرائة.

إلى هنا إتضح أن الأصل يقتضي أن العمل كان صحيحا و ستأتي الأدلة الأخرى إن شاء الله.

[1] الوسائل/ ج 8 (ط الحديثة 12). أبواب أحكام العشرة. باب 2. ح 4.

[2] المستند/ ج 13. ص 236.

[3] الجواهر/ ج 20. ص 353.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo