< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیت الله مکارم الشیرازي

32/05/21

بسم الله الرحمن الرحیم

عنوان البحث: كفارة إتيان النساء

  ما زال البحث في تروك الإحرام، في نهاية المسألة الأولى منها قلنا أنّ هناك أمور، و ما نعالجه الآن هو الأمر الثالث و هو أنّ كفارة المواقعة هل هي بدنة أم تخيير بين الأنعام الثلاثة أو الترتيب بأن تكون البدنة للغني و الشاة للفقير و البقرة للمتوسط بينهما؟

  يقول السيد الخوئي بهذا الشأن « المشهور أنّه على الترتيب»، و أما السيد الماتن يقول أنّها بدنة للجميع على الأحوط. ففي المسألة أقوال و منشأ الأقوال هو إختلاف الروايات حيث وردت فيها طوائف كما نجد في أبواب كفارات الإستمتاعات، هذه الروايات تارة تتحدث عن حج التمتع و أخرى عن العمرة المفردة و لكن بما أنهّا تدلّ على المراد بمجموعها فلا نبحثها من زاوية هذا التقسيم بل نبحثها في إطارها العام و بغض الطرف عن هذه الخصوصيّة، و عند دراستها نجد أنّها تنقسم إلى ستّة طوائف:

الطائفة الأولى: و هي التي تتحدث عن البدنة أو الجزور و المعنى واحد.

  وَ عَنْهُ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ رَجُلٍ مُحْرِمٍ وَقَعَ عَلَى أَهْلِهِ فَقَالَ إِنْ كَانَ جَاهِلًا فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْ‌ءٌ وَ إِنْ لَمْ يَكُنْ جَاهِلًا فَإِنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَسُوقَ بَدَنَةً وَ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَقْضِيَا الْمَنَاسِكَ وَ يَرْجِعَا إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي أَصَابَا فِيهِ مَا أَصَابَا وَ عَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ.[1]

  سند الرواية صحيح و الظاهر أنّه لا فرق بين الجاهل القاصر و المقصر للإطلاق الذي تتسم به هذه الروايات.

  وَ عَنْهُ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ النَّخَعِيِّ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ مُحْرِمٍ وَقَعَ عَلَى أَهْلِهِ قَالَ عَلَيْهِ بَدَنَةٌ قَالَ فَقَالَ لَهُ زُرَارَةُ قَدْ سَأَلْتُهُ عَنِ الَّذِي سَأَلْتَهُ عَنْهُ فَقَالَ لِي عَلَيْهِ بَدَنَةٌ قُلْتُ عَلَيْهِ شَيْ‌ءٌ غَيْرُ هَذَا قَالَ عَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ.[2] و هي صحيحة كسابقتها.

  وَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ حَرِيزٍ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ سَأَلْتُهُ عَنْ مُحْرِمٍ غَشِيَ امْرَأَتَهُ وَ هِيَ مُحْرِمَةٌ قَالَ جَاهِلَيْنِ أَوْ عَالِمَيْنِ قُلْتُ أَجِبْنِي فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعاً قَالَ إِنْ كَانَا جَاهِلَيْنِ اسْتَغْفَرَا رَبَّهُمَا وَ مَضَيَا عَلَى حَجِّهِمَا وَ لَيْسَ عَلَيْهِمَا شَيْ‌ءٌ وَ إِنْ كَانَا عَالِمَيْنِ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا مِنَ الْمَكَانِ الَّذِي أَحْدَثَا فِيهِ وَ عَلَيْهِمَا بَدَنَةٌ وَ عَلَيْهِمَا الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ فَإِذَا بَلَغَا الْمَكَانَ الَّذِي أَحْدَثَا فِيهِ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَقْضِيَا نُسُكَهُمَا وَ يَرْجِعَا إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي أَصَابَا فِيهِ مَا أَصَابَا قُلْتُ فَأَيُّ الْحَجَّتَيْنِ لَهُمَا قَالَ الْأُولَى الَّتِي أَحْدَثَا فِيهَا مَا أَحْدَثَا وَ الْأُخْرَى عَلَيْهِمَا عُقُوبَةٌ .[3] هذه الرواية أيضاً صحيحة و هي تشتمل على ما لو كانت المرأة محرمة.

  وَ عَنْهُ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ وَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ وَ صَفْوَانَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ وَقَعَ عَلَى امْرَأَتِهِ وَ هُوَ مُحْرِمٌ قَالَ إِنْ كَانَ جَاهِلًا فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْ‌ءٌ وَ إِنْ لَمْ يَكُنْ جَاهِلًا فَعَلَيْهِ سَوْقُ بَدَنَةٍ وَ عَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ فَإِذَا انْتَهَى إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي وَقَعَ بِهَا فُرِّقَ مَحْمِلَاهُمَا فَلَمْ يَجْتَمِعَا فِي خِبَاءٍ وَاحِدٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُمَا غَيْرُهُمَا حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ.[4] و هذه أيضاً صحيحة.

الطائفة الثانية: و هي التي تشير إلى الترتيب بمعنى أنّه لو لم يتمكن من ذبح بدنة فعليه ذبح شاة!

  وَ عَنْهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِيهِ علیه السلام فِي حَدِيثٍ قَالَ فَمَنْ رَفَثَ فَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ يَنْحَرُهَا وَ إِنْ لَمْ يَجِدْ فَشَاةٌ وَ كَفَّارَةُ الْفُسُوقِ يَتَصَدَّقُ بِهِ إِذَا فَعَلَهُ وَ هُوَ مُحْرِمٌ.[5] الرواية معتبرة و المراد من " لم يجد " هو الفقر و الحاجة و إلّا أنّ البُدْن متوفّرة في أيّام الحج فلا وجه لحمل " لم يجد " على إنعدام البُدْن أثناء أداء الفريضة.

و هنا سؤال: لو تمكّن الحاج من ذبح البقرة فهل يكفي ذبح الشاة؟ و الجواب: بما أنّ ألرواية تدلّ على الترتيب إجمالا، فلا يكفي ذبح الشاة حينئذ.

  عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ فِي قُرْبِ الْإِسْنَادِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ جَدِّهِ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِيهِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّفَثِ وَ الْفُسُوقِ وَ الْجِدَالِ مَا هُوَ وَ مَا عَلَى مَنْ فَعَلَهُ قَالَ الرَّفَثُ جِمَاعُ النِّسَاءِ وَ الْفُسُوقُ الْكَذِبُ وَ الْمُفَاخَرَةُ وَ الْجِدَالُ قَوْلُ الرَّجُلِ لَا وَ اللَّهِ وَ بَلَى وَ اللَّهِ فَمَنْ رَفَثَ فَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ يَنْحَرُهَا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَشَاةٌ وَ كَفَّارَةُ الْجِدَالِ وَ الْفُسُوقِ شَيْ‌ءٌ يَتَصَدَّقُ بِهِ إِذَا فَعَلَهُ وَ هُوَ مُحْرِمٌ.[6] سند هذه الرواية و سابقتها ح 4 باب 3 - واحد فكلاهما عن الحميري عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر، و مضمون الروايتين أيضاً واحد فلعلّهما رواية واحدة علما بأنّ في سند روايات قرب الإسناد كلام.

الطائفة الثالثة: و هي التي تقول: عليه بقرة أو جزور.

  وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عِمْرَانَ الْحَلَبِيِّ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ رَجُلٍ طَافَ بِالْبَيْتِ وَ بِالصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ وَ قَدْ تَمَتَّعَ ثُمَّ عَجَّلَ فَقَبَّلَ امْرَأَتَهُ قَبْلَ أَنْ يُقَصِّرَ مِنْ رَأْسِهِ قَالَ عَلَيْهِ دَمٌ يُهَرِيقُهُ وَ إِنْ جَامَعَ فَعَلَيْهِ جَزُورٌ أَوْ بَقَرَةٌ.[7] ذيل الحديث هو موضوع بحثنا و هو ظاهر في التخيير.

الطائفة الرابعة: و هي الروايات التي قالت: عليه دم شاة.

  وَ عَنْهُ عَنْ عَلِيٍّ عَنْهُمَا عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قُلْتُ مُتَمَتِّعٌ وَقَعَ عَلَى امْرَأَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُقَصِّرَ فَقَالَ عَلَيْهِ دَمُ شَاةٍ.[8] و هي صحيحة سنداً.

الطائفة الخامسة: و هي الروايات التي تحدثت عن سوق الهدي و هي تشمل الأصناف الثلاثة بإطلاقها:

  مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ فِي آخِرِ السَّرَائِرِ نَقْلًا مِنْ نَوَادِرِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ الْبَزَنْطِيِّ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام فِي حَدِيثٍ قَالَ قُلْتُ لَهُ أَ رَأَيْتَ مَنِ ابْتُلِيَ بِالرَّفَثِ وَ الرَّفَثُ هُوَ الْجِمَاعُ مَا عَلَيْهِ قَالَ يَسُوقُ الْهَدْيَ وَ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ أَهْلِهِ حَتَّى يَقْضِيَا الْمَنَاسِكَ وَ حَتَّى يَعُودَا إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي أَصَابَا فِيهِ مَا أَصَابَا فَقُلْتُ أَ رَأَيْتَ إِنْ أَرَادَا أَنْ يَرْجِعَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ الطَّرِيقِ‌ قَالَ فَلْيَجْتَمِعَا إِذَا قَضَيَا الْمَنَاسِكَ.[9]

  مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ‌ بَاشَرَ امْرَأَتَهُ وَ هُمَا مُحْرِمَانِ مَا عَلَيْهِمَا فَقَالَ إِنْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ أَعَانَتْ بِشَهْوَةٍ مَعَ شَهْوَةِ الرَّجُلِ فَعَلَيْهِمَا الْهَدْيُ جَمِيعاً وَ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَفْرُغَا مِنَ الْمَنَاسِكِ وَ حَتَّى يَرْجِعَا إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي أَصَابَا فِيهِ مَا أَصَابَا وَ إِنْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ لَمْ تُعِنْ بِشَهْوَةٍ وَ اسْتَكْرَهَهَا صَاحِبُهَا فَلَيْسَ عَلَيْهَا شَيْ‌ءٌ.[10] و هي في المضمون نفس سابقتها. هذه الروايات تدلّ على التخيير.

الطائفة السادسة: و فيها دلالة على التخيير.

  مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنْ صَبَّاحٍ الْحَذَّاءِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ مُوسَى علیه السلام أَخْبِرْنِي عَنْ رَجُلٍ مُحِلٍّ وَقَعَ عَلَى أَمَةٍ لَهُ مُحْرِمَةٍ قَالَ مُوسِراً أَوْ مُعْسِراً قُلْتُ أَجِبْنِي فِيهِمَا قَالَ هُوَ أَمَرَهَا بِالْإِحْرَامِ أَوْ لَمْ يَأْمُرْهَا أَوْ أَحْرَمَتْ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهَا قُلْتُ أَجِبْنِي فِيهِمَا فَقَالَ إِنْ كَانَ مُوسِراً وَ كَانَ عَالِماً أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ وَ كَانَ هُوَ الَّذِي أَمَرَهَا بِالْإِحْرَامِ فَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ وَ إِنْ شَاءَ بَقَرَةٌ وَ إِنْ شَاءَ شَاةٌ وَ إِنْ لَمْ يَكُنْ أَمَرَهَا بِالْإِحْرَامِ فَلَا شَيْ‌ءَ عَلَيْهِ مُوسِراً كَانَ أَوْ مُعْسِراً وَ إِنْ كَانَ أَمَرَهَا وَ هُوَ مُعْسِرٌ فَعَلَيْهِ دَمُ شَاةٍ أَوْ صِيَامٌ.[11]

طرق معالجة الجمع بين الطوائف الستة من الروايات:

أول طريق لحلّ التعارض هو الجمع الدلالي العرفي و هو علي نحوين:

الجمع بالترتيب بين الأنعام الثلاثة كما ذهب إليه المشهور و هو أن يكون على الغني بدنة و على الفقير شاة و على الذي بينهما بقرة؛ و الشاهد على هذا الجمع الرواية التي قالت: " إن لم يجد فشاة " و هي و إن لم تتعرّض للبقرة إلّا أنّه بإلغاء الخصوصية نضم البقرة إليها. الجمع بالتخيير بين الأنعام ليختار الحاج ما شاء منها، و الشاهد عليه الرواية التي قالت: " فعليه بدنة و إن شاء بقرة و إن شاء شاة ... "

و هناك طريق ثالث للخروج من تبعات التعارض و هو الإحتياط لأنّ الروايات متنافيه فيما بينها و طرق الجمع مختلفة فعلى جميع الأصناف من غني و فقير و متوسط الحال أن يدفعوا بدنة، و الشاهد على ذلك هو الرواية التي كانت تقول عمن غشي أهله:" يجمع أصحابه له المال لكي لا يفسد حجه " و هي تدل على أنّه من لم يكن له مال فعليه أن يستدين لشراء بدنة لكي لا يفسد حجه؛ و عليه أنّ مختار السيد الماتن من الإحتياط هو الأفضل.

[1] الوسائل/ المجلد 9(ط - الحديثة 13). أبواب كفارات الإستمتاع. باب 3. ح 2.

[2] المصدر/ ح 3.

[3] المصدر/ ح 9.

[4] المصدر/ ح 12.

[5] المصدر/ ح 4.

[6] المصدر/ ح 16.

[7] المصدر/ باب 13. ح 5.

[8] المصدر/ ح 3.

[9] المصدر/ باب 3. ح 15.

[10] المصدر/ باب 4. ح 1.

[11] المصدر/ باب 8. ح 2.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo