< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد سیدمحمود مددی

98/11/12

بسم الله الرحمن الرحیم

 

 

موضوع: المورد الثانی: فی تقدیم الأصل السببی علی الأصل المسببی /المقام الثانی: فی تقدیم بعض الاصول علی البعض /خاتمة الاصول العملیة /اصول العملیة/علم أصول الفقه

خلاصه مباحث گذشته:

وقع البحث فی خاتمة الاصول العملیة و انعقد الکلام فی مقامین. المقام الأول: تقدیم الأمارة علی الأصل و اخترنا تقدُّم الأمارة علی الاصل سواء کان الأصل موافقاً ام مخالفاً للأمارة لعدم الإطلاق فی دلیل الاصل. المقام الثانی: تقدیم بعض الاصول علی بعض آخر و البحث فیه فی ثلاثة موارد، المورد الأول فی تقدیم الإستصحاب علی غیره الا علی ثلاث قاعدة الفراغ و قاعدة التجاوز و اصالة الصحة و اخترنا تقدمه للتخصیص لأن دلیل الإستصحاب مقیِّد لأدلة سائر الاصول. الیوم نبحث عن المورد الثانی.

 

*[1] المورد الثانی: فی تقدیم الأصل السببی علی الأصل المسببی

المراد من الأصل السببی هو الأصل الجاری فی الموضوع و المراد من الأصل المسببی هو الجاری فی الحکم.[2]

إن کان الأصل الجاری فی الموضوع موافقاً مع الأصل الجاری فی الحکم لجریا معاً و إن کان مخالفاً له تقدم الأصل السببی علی الاصل المسببی دائماً. مثاله المعروف الثوب المتنجس الذی غُسل بالماء مشکوک الطهارة، فالثوب بعد الغَسل یشک فی طهارته و نجاسته لو کان الماء طاهراً لطهُر الثوب و لو کان متنجساً فالثوب باق علی نجاسته. فالحکم عبارة عن طهارة الثوب و نجاستها و موضوعه عبارة عن طهارة الماء و نجاسته الذی غسل الثوب به.

و ارکان استصحاب النجاسة فی الثوب تامة و أما إن جری استصحاب النجاسة فی الماء جری الإستصحابان و لامعارضة بینهما و أما لو کان الأصل الجاری فی الماء استصحاب الطهارة أو قاعدة الطهارة ـ اذا کانت حالته السابقة غیر معلومة ـ لتقدّم الأصل الجاری فی الماء علی الأصل الجاری فی الثوب فلایجری استصحاب النجاسة فی الثوب بالإتفاق.

و إنما الکلام فی وجه عدم جریان الإستصحاب فی الثوب مع کون ارکانه تامة و کان نجاسته السابقة متیقنة قبل الغسل و مشکوکة بعد الغسل فأیُّ رکن من أرکان الإستصحاب مختل و لم لایجری استصحاب النجاسة فی الثوب؟ و بالجملة اذا تخالف الأصل السببی مع الاصل المسببی و منافیا له لایجری الأصل المسببی و تقدّم الأصل السببی، و ما هو الوجه فی عدم جریان الأصل المسببی؟

ذکرت وجوهٌ لتقدم الاصل السببی و عدم جریان الاصل المسببی و ستشار إلی أربعة منها.

0.1الوجه الأول: الحکومة (عند مدرسة المحقق النائینی)

و القائلین فی هذه المدرسة تشمل المحقق السید الخویی ایضاً لأنه قدس سره قد اعرض عن ما قال سابقاً فی کل مرة لما رآی فی عدم تمامیة الوجه.

قالت مدرسة المحقق النائینی: إن الأصل السببی حاکم علی الأصل المسببی لإلغاء الشک فی الأصل السببی و جعله کأن لم‌یکن. فإذا اُلغی الشک فیکون الأصل السببی حاکماً علی الأصل المسببی و هذا یعنی تقدم اصل الطهارة فی الماء علی استصحاب النجاسة فی الثوب.

0.1.1المناقشة الأولی: فرض وجود الشک فی دلیل الإستصحاب

نوقش فی هذا الوجه بمناقشاة ثلاثة، احدیها مبنائیة و إثنتان منها بنائیة. و المناقشة المبنائیة مناقشة بمبنی الذی قالته مدرسة المحقق النائینی.

قالت بتقدم الأصل المحرز علی الأصل غیر المحرز دائماً و مراده من الأصل المحرز هو الإستصحاب، قال بتقدم الإستصحاب لإلغاء الشک فی دلیله و جعل الشک بمنزلة کأن لم‌یکن.

قداشیر إلی هذا المبنی من قبل و ناقشنا فیه بأنه لایوجد فی الأصول العملیة اصل عملیُ محرز اُلغی فیه الشک بل فُرض وجود الشک فی دلیل الإستصحاب و کان وجود الشک مفروغاً عنه و قد افاد فی الدلیل: «إذا شککتَ واقعاً لاترفع الید عن الیقین بسبب الشک».

0.1.2المناقشة الثانیة: عدم کون الإصل السببی اصلاً محرزاً دائماً

لو تسلّمنا ذلک المبنی ناقشنا فی محل الکلام بناء علی ذلک المبنی بمناقشتین، احدیهما أن الأصل السببی لایکون اصلاً محرزاً دائما بل قد تکون اصلاً محرزا و قد تکون اصلاً غیره کقاعدة الطهارة فاذا لم یکن حالة الماء فی السابقة معلومة جرت قاعدة الطهارة فی الماء و تُقدَّم القاعدة فی الماء علی استصحاب نجاسة الثوب بلاخلاف. فحینئذ لامعنی لحکومة الأصل غیر المحرز کقاعدة الطهارة التی هی اصل غیر محرز عند مدرسة المحقق النائینی.

و لهذه المناقشة عدل المحقق السید الخویی عن هذا البیان فی الحکومة الی بیان آخر.

0.1.3المناقشة الثالثة: الإحتیاج إلی دلیلین فی الحکومة

فلو کان الأصل السببی استصحاب الطهارة فی الماء فلا معنی للحکومة ایضاً لأنه یُحتاج فی الحکومة الی دلیلین لأن الحکومة کالتقیید و التخصیص ربط بین الدلیلین لا بین الأصلین دو بین الحکمین، فکما یُحتاج فی التقیید و التخصیص الی الدلیلین احدهما العام و الآخر الخاص، احدهما المطلق و الآخر المقیِّد فذلک یُحتاج فی الحکومة الی الدلیلین احدهما حاکم و الآخر محکوم.

لو فرضنا الأصل السببی استصحابَ الطهارة فی الماء فیکون دلیلُه روایةَ زرارة و یکون دلیل إستصحاب النجاسة فی الثوب روایة الزرارة ایضاً فاذا کان دلیل الأصلین فی الموضوع و الحکم هو روایة زرارة لامعنا للحکومة کما لامعنا للتقیید و التخصیص فی الدلیل الواحد.

0.2الوجه الثانی: من باب تقدم الأمارة علی الأصل (عند المحقق السید الخویی)

بالنظر الی هذا الوجه یعلم أن المحقق السید الخویی قد اکثر التفکر فی هذا الوجه. فإنه قدس سره قال: »یقدَّم الأصل السببی علی الأصل المسببی من باب تقدیم الأمارة علی الأصل».

توضیح ذلک: قد غُسل الثوب المتنجس بالماء المشکوک و قامت الأمارة بأن «الغَسل بالماء الطاهر مطهر» فالغَسل محرز بالوجدان و لکن الماء هنا مشکوک و لایعلم أن الثوب غُسل بالماء الطاهر ام لا؟! قدافادت القاعدة الطهارة بأن هذا الماء طاهر فیحرز الجزء الآخر بالأصل، فإذا اُحرز جزءٌ بالوجدان و جزءٌ آخر بالأصل فأفادت تلک الأمارة طهارة هذا الثوب.

و إن افاد الإستصحاب نجاسة الثوب و لکن تقدم فی تعارض الأمارة مع الأصل أن الأمارة تتقدم و یؤخذ هنا بالأمارة و تقدم الأمارة فی محل الکلام.

0.2.1المناقشة: عدم کون المدلول الإلتزامی للأمارة

و لبیان المناقشة تقدم مقدمة.

المقدمة: فإن کان هنا مائع متنجس فقلنا «إن شربه حرام». و یلزم وصول حرمة هذا المائع فهل تصل حرمته إلینا؟ فإن وصل فبأیّ وصول وصل إلینا؟ هل بالقطع أم بالأمارة؟

و لیس لنا القطع بحرمة هذا المایع، لأن حرمة شرب المتنجس لیس من مسلمات الفقه ـ و إن کان تنجسه عندنا مقطوع ـ و لیس لنا الأمارة لأنه ماأخبر الثقة بحرمة شربه علینا، فکیف صارت حرمة هذا المایع علینا منجزة؟ قد اجبنا من قبلُ بأن زرارة اخبر ـ حسب الفرض ـ «شرب المتنجس حرام» فمدلوله المطابقی عبارة عن حرمة شرب المتنجس و مدلوله الإلتزامی عبارة عن حرمة شرب هذا المایع المتنجس و یکون الخبر حجة فی مدلوله المطابقیّ و الإلتزامی، فقد قام خبر الثقة علی حرمة شرب هذا المایع.

و نقول فی المناقشة علی کلام المحقق السید الخویی أن الثقة أخبر بأن «الغسل بالماء الطاهر مطهّر» فإن غسلنا الثوب بالماء الطاهر فیکون مدلول الخبر الإلتزامیّ أن هذا الثوب طاهر. لکن جزء الموضوع فی محل الکلام ـ و هو الماء الطاهر ـ قد اُحرز بالأصل لأنه استصحب طهارة الماء أو اجریت فیه القاعدة الطهارة، و علی هذا فلایکون للخبر هنا مدلول إلتزامی لأن طهارة هذا الثوب لازم عقلی للأصل لأنا لنعلم بطهارة الماء و نجاستها.

و لتبیین المناقشة نمثل مثالاً آخر. لو اخبر الثقة بأن «زیداً فی المسجد» فیکون مدلوله الإلتزامی أنه لیس فی المدرسة. و لکن لو أخبر الثقة بأن «زیدا فی المسجد صباحاً» و شککنا عند الزوال فی أن زیداً هل فی المسجد ام فی خارجی؟ و استصحبنا بقائه فی المسجد، فهل یدلّ خبر الثقة بالدلالة الإلتزامیة أن زیداً لایکون فی المدرسة عند الزوال؟ لا، لأن الخبر بالنسبة الی هذا المطلب ساکت و إنما یدل علی عدم کون زید فی المدرسة عند الصباح، فإن استصحبنا بقائه فی المسجد و قلنا فزیدٌ لیس فی المدرسة عند الزوال و هذا لیس مدلولاً التزامیاً للخبر.

و فی محل الکلام فالخبر الذی افاد بأن «الغَسل بالماء الطاهر مطهر» ساکتٌ عن طهارة هذا الثوب الذی غُسل بالماء المشکوک، لأنه یدل بالدلالة الإلتزامیة علی طهارة الشیئ الذی غسل بالماء الطاهر، لا الشیء الذی غسل بالماء المشکوک.

و قد عدل المحقق السید الخویی عن هذا الوجه الثانی أیضاً الی الوجه الثالث.[3]

و قد یأتی الوجه الثالث و الوجه الرابع غذا ان شاء الله تعالی.


[1] المجلس 73 السبت 12/11/1398.
[2] الأستاذ الکریم: لو کان السببیة غیر شرعیة لکان اجراء الاصل فی السبب لتبیین الحکم فی المسبب لکان الاصل اصلاً مثبتاً.
[3] بحوث فی علم الأصول، السید محمد باقر الصدر، ج6، ص355.. قد بدأ المحقق السید الصدر بنقل هذه العدولات من استاذه من هذه الصفحة

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo