< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد سیدمحمود مددی

98/11/01

بسم الله الرحمن الرحیم

 

 

موضوع: المقام الأول: تقدیم الأمارة علی الأصل /خاتمة الاصول العملیة فی النسبة بین الأمارة و الأصل /اصول العملیة

خلاصه مباحث گذشته:

وقع البحث فی النسبة بین الأمارة و الأصل و تقدم أنه لو قامت الأمارة علی اثبات تکلیف أو نفیه و جری فیه اصلٌ عملیٍ شرعی مخالف لتلک الأمارة لماجری الأصل و قدمت الأمارة علی الأصل کما لو قامت علی نجاسة هذا الماء أمارة و کانت حالته السابقة طهارة فما جری الإستصحاب باتفاق الکل و وقع الکلام فی وجه تقدیم الأمارة علی الأصل، تقدم وجوه اربعة للتقدیم و نوقش فیها و الآن یذکر الوجه الخامس.

 

0.1الخامس: عدم العموم و الإطلاق فی أدلة الأصول العملیة

لیس لأدلة الاصول عمومٌ و اطلاقٌ کی یشمل الموارد التی قامت فیها الأمارة علی خلاف الاصل، فعدم جریان الأصل مستند إلی عدم المقتضی فی أدلة الأصول.

و الوجوه الأربعة المتقدمة متفرعة علی وجود اطلاق أو عموم فی ادلة الأصول. الوجهان الأول و الثانی الورود و الثالث هو الحکومة و الرابع هو التخصیص و التقیید و کلها یتفرع علی فرض الإطلاق و العموم. لکن نقول فی هذا الوجه الخامس لیس لأدلة الأصول العملیة اطلاقٌ أو عمومٌ فلامکانة للورود و الحکومة و التخصیص.

ففی المثال لاتعلم أن هذا الماء طاهر أو نجس و اخبرک الثقة بأنه نجس و ورد ایضاً ادلة الأصول کـ«لاتنقض الیقین بالشک» و «رفع مالایعلمون» و «کل شیئ لک حلال» و «کل شیئ طاهر» فهذا الماء المشکوک لدیک الذی أخبرک الثقة بأنه نجس لایشمله ادلة الأصول بأیّ وجهٍ.

توضیح ذلک، اذا یقال «التکلیف» فالمراد منه الوجوب و الحرمة و لاینحصران بالوجوب و الحرمة الشرعیین بل لدی العرف و واجبات و محرمات عرفیة و کذا لدی العقلاء واجبات و محرمات عقلائیة فإن السرقة عند العقلاء من المحرمات العقلائیة و ردّ الأمانة من الواجبات العقلائیة. و کذا یوجد واجبات و محرمات قانونیة.

الحرمة العقلائیة أی العمل ممنوع لدی العقلاء و الوجوب العقلائیة أی العمل واجب عند العقلاء بمعنی أن مرتکب الحرام و تارک الواجب مستحق للعقوبة لدیهم کما أن العقلاء قائلون بأن الخائن للأمانة و السارق مستحق للعقوبة. و أما هل یعاقَب أم لا بحث آخر لاارتباط باستحقاق العقوبة العقلائی.[1]

فإذا کان هناک تکالیف ـ سواء کانت عرفیة أو عقلائیة أو قانونیة ـ فالأشخاص یحرزونها إما بالوجدان و إما بالأمارة.

الإحراز الوجدانی إثنان و هما القطع و الإطمئنان کما یسمعون من المولی أو یقرئونه فی کتاب القانون، و الإحراز بالأمارة کالظهور و خبر الثقة عن التکلیف و خبر اهل الخِبرة و قول المسؤول و ذی الید.

و ربما یقع الشک فی التکلیف ـ العرفیّ أو العقلائی أو القانونی ـ و لایُحرز بالوجدان و بالأمارة فحینئذ للعقلاء و العرف فی وعاء الشک اصولٌ عملیة، و کل الأصول العملیة لدی العرف و العقلاء اثنیان الأول: الإحتیاط و الثانی البرائة[2] ، و هذان الأصلان فیما اذا لم‌یُحرز الشخص التکلیف وجداناً أو بالأمارة.

و انحصار هذین الأصلین بموارد عدم احراز التکلیف ـ وجداناً أو بالأمارة ـ امر مرکوز فی اذهان العرف و العقلاء فهذا الإرتکاز بعد تحققه فی أذهانهم یمنع عن انعقاد الإطلاق لدلیل الأصل العملی الشرعی، و کل الأصول العملیة الشرعیة یرجع ایضاً إلی اصلین الإحتیاط و البرائة، فبعد تحقق الإرتکاز ینحصر دلیل الأصل العملی الشرعی بموارد لم‌یُحرز التکلیف بأیّ احراز من الإحراز الوجدانی أو الإحراز بالأمارة.

و التحقیق أنه لیس لأدلة الأصول ـ سواء کانت موافقة او مخالفة ـ اطلاقٌ کی یشمل الموارد التی یُحرز التکلیف إما وجداناً أو بالأمارة.

لایخفی أن التعبیر بـ«تقدیم الأمارة علی الأصل» لیس تعبیراً دقیقاً، لأنه استخدم عنوان التقدیم فی موارد یشمله دلیل الأمارة و دلیل الأصل ثم یقدّم دلیل الأمارة لکنه هنا اذا قامت الأمارة علی التکلیف أو نفیه لایشمل دلیلُ الأصل بأیّ وجه لهذا المورد لمانعیة تلک الإرتکاز. و لایخفی أن الأصول العملیة لیست لموارد الشک بل لموارد عدم احراز التکلیف لأنه اذا احرز التکلیف بالأمارة لایجری الأصل و لو کان المکلف شاکاً ایضاً و من هنا لایخفی دقّة التعبیر فی «اختصاص الأصول العملیة بموارد لم‌یحرز التکلیف» و لایعبّر باختصاص الأصول العملیة بموارد الشکّ.

فإذا قامت الإمارة علی نجاسة هذا الماء لایشمله دلیل الإستصحاب «لاتنقض الیقین بالشک» سواء کان الإستصحاب مخالفاً أو موافقاً.[3]

و هذه النکتة الإرتکازیة المانعة عن العموم و الإطلاق فی ادلة الأصول نکتة مهمة فی فهم خطابات الشرعیة، کما أنه علی اساس هذا الإرتکاز تُقسَّم خطابات الشارع بالواجبات و المحرمات، و بالتکالیف المحرزة و غیر المحرزة و القول بأن الشارع فی ظرف عدم الإحراز عیَّن للمکلف وظائف عملیة من البرائة و الإحتیاط.

و هذا تمام الکلام فی تقدیم الأمارة علی الأصل.

1ذیلٌ فی النسبة بین الأمارة و الأصل العقلی

اذا قامت الأمارة علی اثبات التکلیف أو نفیه فما هو مقتضی الاصل العقلی؟

لیس الأصل العقلی الا اثنین و هما الإحتیاط و البرائة. الإحتیاط بمعنی عدم قبح العقوبة علی مخالفة التکلیف و البرائة بمعنی قبح العقوبة علی المخالفة.

یعنون البرائة العقلیة فی السابق بـ«قبح العقوبة بلابیان» و یعنون الیوم بـ«قبح العقوبة علی المخالفة» علی ضوء الأنظار و الأبحاث.

فإذا قامت الأمارة علی التکلیف فلیس هناک برائة عقلیة و اذا قامت الأمارة علی عدم التکلیف فلیس هناک احتیاط عقلی.

و اذا قامت الأمارة علی النجاسة فلیس هناک برائة عقلیة ایضاً و اذا قامت علی الطهارة فلیس هناک احتیاط عقلی ایضاً.

فینعدم البرائة العقلیة عند الأمارة علی التکلیف و ینعدم الإحتیاط العقلی عند الأمارة علی عدم التکلیف، فما النکتة فی عدم الأصل العقلی مع وجود الأمارة و الحال أن احتمال التکلیف متوفر فی الحالتین؟

قبل الجواب عن هذا السؤال اشیر الی انظار الاصولیین فی البرائة العقلیة. مجموع الأنظار فیه اربعة:

الأول: «البرائة فی غیر مورد الإحتیاط، و الإحتیاط فی موردین، فی القطع بالتکلیف و فی الشک فیه و کانت الشبهة شبهة حکمیة قبل الفحص» و هو قول المشهور. فهم قائلون بأن العقوبة فی مورد اطمئن الشخص بالتکلیف و کانت الشبهة موضوعیة أو حکمیة بعد الفحص قبیح عقلاً.

الثانی: «انکار الأحکام العقلیة أی انکار الحسن و القبح العقلیین مع أنه لو قلنا بهما فمورد الإحتیاط العقلی واحد و هو القطع بالتکلیف و فی غیر مورده تجری البرائة العقلیة حتی فی الشبهة الحکمیة قبل الفحص» و هو قول المحقق الإصفهانی. و نحن قلنا بأنه إن قبلنا مقدمات الحسن و القبح العقلیین ـ و هی ثلاث مقدمات ـ و قلنا بهما لتبعنا المحقق الإصفهانی.

الثالث: «جریان الإحتیاط العقلی فی موارد احتمال التکلیف، و مراده من الإحتمال معناه الوسیع الشامل للوهم و الشک و الظن و القطع بالتکلیف و فی مورد عدم احتمال التکلیف فهو مجری البرائة العقلیة کما اذا قطع المکلیف بأن هذا الماء طاهر و فی علم الله نجس فهذا الماء مجری للبرائة العقلیة و العقوبة علی مخالفته قبیح عقلاً» و هو قول المحقق السید الصدر.

الرابع: «نفس قول الثالث مع توسعة الإحتیاط العقلی بمورد آخر و هو فیما انتفی احتمال التکلیف تفصیلاً و لکن احتمل اجمالاً ـ و تقدم توضیح الإحتمال الإجمالی فی ما سبق بمناسبة ـ ففی غیر هذین الموردین تجری البرائة العقلیة» و هو قول تبعناه. فعلی هذا القول اذا انتفی احتمال التکلیف تفصیلاً و لکن احتمل اجملاً یجب الإحتیاط و اذا انتفی احتمال التکلیف تفصیلاً و اجمالاً فهو مجری البرائة العقلیة.

و بعد بیان هذه الأقوال الاربعة نجیب غداً إن شاء الله عن السوال عن وجه تقدیم الأمارة علی الأصل العقلی!


[1] عن الأستاذ الکریم: و البحث عن أن احکام العقلائیة امضائیة أو استقلالیة بحث آخر و الآن نقول فقط إن للعقلاء احکاماً عقلائیة.
[2] عن الأستاذ الکریم: البرائة العقلائیة مقبول و مقولٌ للمحقق السید الصدر فإنه انکر البرائة العقلیة و لکن قال بالبرائة العقلائیة. و التحقیق انکار البرائة العقلائیة الا فی مورد، و قبول البرائة العرفیة. لکنه فی دائرة التکالیف الشرعیة لاتستقیم أیّ برائة الا البرائة الشرعیة.و عن الأستاذ فی جواب السؤال: و القانون اکتفی بهذین الأصلین العرفیین و العقلائیین و لیس له برائة و احتیاط بالإستقلال.
[3] السؤال: بعضٌ من الفقهاء قالوا تثبت النجاسة بالعلم بها.جواب الأستاذ: هذه المسألة مسألة فقهیة و لایرتبط بمسألتنا الأصولیة و فیها اختلاف بین المشهور و صاحب الحدائق فی أن النجاسة هل امر دار مدار العلم أم لا! و قال المشهور بأن موضوعها هو العلم بالملاقاة و لا الملاقاة الواقعیة. ثم یبحث هنا فی أنه اذا اخبر الثقة عن النجاسة و هل تثبت النجاسة؟.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo