< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد سیدمحمود مددی

98/09/06

بسم الله الرحمن الرحیم

 

 

موضوع: المقدمة /التنبیه الثالث: فی استصحاب الکلی /الفصل الرابع: فی التنبیهات /الإستصحاب/اصول العملیة

خلاصه مباحث گذشته:

وقع البحث فی جواب السؤال عن الفرق بین استصحاب الکلی و استصحاب الفرد من حیث أن الماهیة موجودة بعین وجود فرده أی الکلی الطبیعی موجود بعین وجود فرده. قد اجیب عنه بأجوبة و تقدم جواب المحقق العراقی و المحقق السید الصدر و أحلنا النظر فیهما إلی نذکر التحقیق من الجواب.

 

1الجواب الثالث: استصحاب الکلی هو استصحاب الفرد بلامعرفة عنوانه، استصحاب الجزئی هو استصحاب الشخص (علی التحقیق)

یأتی الجواب بعد ذکر مقدمة.

1.1مقدمة

قدتقدم فیما سبق أن کلَّ موجودٍ فی العالَم فرد من ماهیة،[1] فإن کان الموجود موجوداً حقیقیاً فهو فرد من افراد الماهیة الحقیقیة و إن کان الموجود موجوداً وهمیاً فهو فرد من أفراد الماهیة الوهمیة.

فإذا اشرتَ بأی شیئ اردتَ فیمکن أن تُحمل علیه ثلاثةُ عناوین، إن اشرتَ الی زید یمکن لک أن تقول «هذا إنسان» و «هذا فرد للإنسان» و «هذا زید»؛ و إن اشرت إلی عمرو یمکن لک أن تقول «هذا انسان» و «هذا فرد للإنسان» و «هذا عمرو». و الوجدان یحکم بصدق هذه الأحمال و صحتها.

و إن اشرت الی هذا الحجر یمکن لک أن تقول «هذا حجر» «هذا فرد للحجر» «هذا هذا الحجر». و قد تقدم فی مباحث الألفاظ إن التعبیر بـ«هذا القلم» و «هذا الحجر» قدقام مقام الأسماء فی إفادة فائدتها فقولک «هذا هذا القلم» مثل قولک «هذا زید».

و نواجه هنا سؤالا و هو ما المشار الیه لـ«هذا» فی هذه القضایا و الجمل؟ هل المشار الیه فی هذه الجمل امر واحد، أو أمران أو ثلاثة أمور؟ أی هل یشار إلی شیئ واحد بثلاثة عنوان أو یشار الی ثلاثة اشیاء بتلک العناوین الثلاثة أو یشار الی شیئ واحد بعنوان و یشار الی شیئین بعنوانین؟

فإن اجبنا عن هذا السؤال فقداجبنا عن السؤال الماضی عن الفرق بین استصحاب الکلی و استصحاب الجزئی و ینحل المشکلة فی مسائل اُخر.

و المحتملات فی المشار الیه کثیرة و اربعة منها بدویّة:

الأول: الذات فقط (أی الماهیة فقط)

الثانی: الوجود فقط

الثالث: المرکب من مجموع الوجود و الماهیة

الرابع: الماهیة المقیدة بالوجود

قلنا إن کل موجود فی العالَم فرد لماهیة أی یحلِّل الذهن کلَّ موجود إلی حیثیتین مستقلتین، احدیهما الذات (الماهیة) و الأخری الوجود. و الفرق بین الذات المرکبة و الذات المقیدة فی أن الجزء الثانی ـ و هو الوجود ـ فی الذات المرکبة جزء حقیقیّ و فی الذات المقیدة جزء تحلیلی.

*[2] و نجیب السؤال بأن المشار إلیه لـ«هذا» فی تلک القضیة هو الماهیة و الذات علی نحو الحصة التوأمة؛ لاالماهیة المقیدة و لاالماهیة المرکبة.

و تقدم أن الماهیة المقیدة تتشکل من جزئین احدهما حقیقی و الآخر تحلیلیّ و الجزء التحلیلی هو التقید و أن الماهیة المرکبة تتشکل من جزئین حقیقیین و هما الذات و الوجود. و النظر فی الحصة التوأمة إلی الذات و یکون القید و التقید خارجین. و الواقعیة الخارجیة واحدة ینظر إلیها الذهن بثلاثة لحاظ و هذا ما یقدر علیه الذهن.

فإذا یقال «هذا إنسان» یشار بـ«هذا» إلی الذات، و الذات مضاف إلی الوجود و متحد معه فی الواقع، لکن الإضافة و التقید لاتلاحظان لأن «الإنسان» اسم للماهیة، لا الماهیة المضافة. و إن اضافة الماهیة الی الوجود و اتحادها معه امر واقعی لااعتباری لکنه لایجب لحاظها فی عالَم الذهن فیشار الی ذات زید و یقال «هذا إنسان».

و إذا یقال «هذا فردٌ للإنسان» یشار بـ«هذا» إلی الذات و تلاحظ الذات مضافة إلی الوجود و لکن فی مقام الحمل یُحمل المحمول علی الذات باعتبار المضاف فقط و هذا الذی یقدر علیه الذهن.

و یجب لحاظ الإضافة لأن الموجود فی الخارج له ذاتٌ و وجودٌ و إذا لم‌تلاحظ الإضافة فکان المشار الیه هو نفس الماهیة لاالفرد، و اذا اردتَ أن تقول «هذا فردٌ للإنسان» فیجب لحاظ الإضافة کی تکون الإشارة الی الفرد.

و ما الإضافة؟ الإضافة هی الإتحاد بین الذات و الوجود. و لحاظ الإضافة علی أنحاء، تارة علی نحو المرکبة و أخری علی نحو المقیدة و أخری علی نحو الحصة التوأمة. و اذا اردتَ أن تحمل «الفرد» علی «هذا» أترید أن تحمله علی الذات المضافة ـ مرکبة أو مقیدة ـ ام ترید أن تحمله علی الذات فقط لکن علی الذات التی تلاحظ إضافتها؟

إن لم‌تُلاحِظ الإضافةَ فماکان «هذا» فرداً للماهیة.

و إن لاحظتَها و حملتَ «الفرد» علی الذات المضافة ـ مرکبة أو مقیدة ـ فلاتکون هی فرداً للإنسان، لأن ماهیة الإنسان لیس فیها الإضافة.

[فیجب أن یحمل المحمول علی المضاف فقط] فالفردیة فیما إذا تلاحظ الإضافة لکن یُحمل «الفرد» علی المضاف فقط و تُخرَج الإضافة من الموضوع.

و یصطلح علی هذه الذات فی هذه القضیة الحصة التوأمة، تجاه الحصة المقیدة. و الفرق بین المقید و بین الحصة التوأمة فی أن التقید جزءٌ فی المقید و خارج عن الحصة التوأمة. کما أن الفرق بین المرکب و بین الحصة التوأمة فی أن القید جزء فی المرکب و خارج عن الحصة التوأمة، فالقید و التقید فی الحصة التوأمة خارجان.

و إذا یقال «هذا زیدٌ» یشار بـ«هذا» إلی الذات؛ فنسئل عن المسمّی بزید «ما هو یسمی بزید حقیقة؟» و المحتملات المعتنی بها فیه ثلاثة و نضیف إلیها واحدة فتمّت باربعة و هی:

    1. ذات الموجود علی نحو الحصة التوأمة، أی القید و التقید خارج عن المسمّی.

    2. المقید أی أن المسمی هو ذات المضافة إلی الوجود علی نحو یکون التقید جزء المسمی

    3. المرکب أی أن المسمی هو مجموع الذات و الوجود

و أما تسمیة نفس الوجود بزید لایحتمل، و تُذکر هذه المحتملات فی مباحث الألفاظ و نضیف إلیها احتمالاً رابعاً و هو:

    4. کون المسمّی مبهمة علی نحو الشبهة المعنائیة.

تقدّم تعریف الشبهة المعنائیة بقسمیها و قلنا إن مسمّی بعض الألفاظ فی الواقع مبهم کالبحر، فإن هناک حفرة و ماء و هل البحر أسم للماء أو اسم لماء الحفرة أو اسم لمجموع الحفرة و الماء؟ و فی الحفرة ایضاً محتملات و لیس من البعید أن یضع العرف لفظ «البحر» علی ذلک الشیئ فی الخارج و لیس له تعین فلایمکن أن یقال إن اللفظ اسم للماء أو أسم لماء الحفرة أو اسم لمجموع الحفرة و الماء.

فیحتمل أن تکون المسمی فی اسامی الأعلام مشکوکاً علی نحو الشبهة المعنائیة. فلا یُعلم أن المسمی بزید هل هو ذات الموجود أو ذاته مقیداً أو ذاته مرکباً؟

و المختار أن المسمّی فی الأعلام عند ارتکاز العرف هو الذات علی نحو الحصة التوأمة أی المحتمل الأول.

فالمشار إلیه بـ«هذا» حینما یقال «هذا انسان» هو الذات و لاتلاحظ فی الإضافة.

و المشار الیه حینما یقال «هذا فرد للإنسان» أو یقال «هذا زید» هو الذات، و تلاحظ الإضافة و لکنها خارجة عن الحمل.

1.1.1الفرق بین الفرد و الشخص

إنّ الذات اضیفت إلی الوجود و کلّ وجودٍ وجودٌ خاصٌّ عینُ التشخص. فإن لوحظت اضافة الماهیة [و الذات] إلی الوجود فالملحوظ هو الفرد و إن لوحظت اضافة الماهیة إلی وجود خاص فالملحوظ هو الشخص، فکلّ فردٍ شخصٌ و کلّ شخصٍ فردٌ و اختلفا بالإعتبار.

ففی الفرد تلاحظ الإضافة الی الوجود.

و فی الشخص تلاحظ الإضافة الی وجود خاص.

و الماهیة الموجودة فی الخارج هی التی تلاحظ فی الإضافة.

1.2التحقیق فی الفرق بین استصحاب الکلی و استصحاب الجزئی

بعد بیان المقدمة یبـیَّن الفرق بین استصحاب الکلی و استصحاب الجزئی.

و الشک فی البقاء إما شکٌّ بقاء العدم أی أنّ أمراً کان معدوماً فشکّ فی بقاء عدمه و إما شکٌّ فی حدوث الشیء کالشک فی حدوث هلال رمضان و إما شکٌّ فی بقاء شیء، فالإستصحاب لایخلو عن هذه الأقسام الثلاثة.

و المیزان فی جریان استصحاب بقاء العدم أو عدم الحدوث أو بقاء شیئ هو موضوع الحکم الشرعی، فإنه تارة یکون العدم موضوعاً للأثر و أخری یکون الحدوث موضوعاً للأثر و ثالثة یکون بقاء شیئ موضوعاً.

إن شُکَّ فی بقاء العدم أو فی حدوث شیئ لایتصف الإستصحاب فیهما باللکلی و لابالجزئی بل یقال له «الإستصحاب» بلاوصف.

و إن شُکَّ فی بقاء شیئ إما أن یکون الشخص موضوعاً للأثر و إما أن یکون الفرد موضوعاً للأثر. و لامعنی لکون الماهیة موضوعاً للأثر، لأن الماهیة إن کانت غیر موجودة فلایقع موضوعاً و إن کانت موجودة فهی فرد.

کون الشخص موضوعاً للأثر کوجود زید لارثه أباه، فإن زیداً إن کان باقیاً فیرث أباه و لم‌یبق فلایرث.

و کون الفرد موضوعاً للأثر کالمؤمن لحرمة قتله و کالمؤمن لحرمة غیبته و کالمؤمن فی المسجد عند الزوال لوجوب التصدق،

ففرد المؤمن موضوع لهذه التکالیف و کون المؤمن زیداً أو عمرواً أو خالداً لیس بمهم.

فإن کان الشخص موضوعاً للأثر و شکّ فی بقائه فیجری استصحاب بقاء الشخص فقط، فإن ورد الدلیل «إن کان زید فی المسجد عند الزوال فتصدق» و تیقنت بحضوره فی المسجد قبل الزوال و شککت فی بقائه عند الزوال، جری استصحاب بقاء شخص زید و لو استخدمتَ لفظا کلیا و اشرتَ الی الشخص بعنوان کلی و قلتَ ذاک الفرد کان فی المسجد و الآن کذلک.

فإن کان الفرد موضوعاً للأثر و شکّ فی بقائه مثلا ورد دلیل بأنه «إن کان انسان فی المسجد عند الزوال فتصدق» و انت تیقنت بوجود فرد و لو علمتَ شخصه و تعرف أن ذلک الفرد هو زید و لکن الفرد هو الموضوع، فیجری هنا استصحاب بقاء الفرد و ذاک استصحاب کلی و تعبّد الشارع ببقائه و لاببقاء زید، لأن تمام الموضوع هو الفرد و کونه زیدا لاأثر فی الحکم.

إلی هنا لاغبار فی البحث، لکن العلماء واجهوا موارد کان الفرد الموضوع للأثر و لم‌یعلموا عنوانه الخاص و اسمه الخاص، کما اذا ورد فرد فی المسجد و لایُعلم أنه زید أو عمرو و فسمّوا الإستصحاب هنا استصحاباً کلیاً.

و استصحاب الکلی ذو أثر فی بعض الأمثلة کما اذا علم المکلف بأنه حدث منه حدثٌ إما حدث النوم و إما حدث الجنابة و یعلم بأنه إن کان الحدث حدث نوم لم یبق لأنه توضأ بعد و إن کان حدث جنابة فهو باق، فشک فی بقاء ذاک الحدث و لم یعلم المکلف عنوانه الخاص، فیجری هنا استصحاب الفرد. و یصطلح علی استصحاب الفرد هنا باصطلاح استصحاب الکلی لعدم معلومیة الفرد عند المکلف. فیشیر إلی ذاک الفرد الحادث الذی لایعلم عنوانه و یقول: «إن ذاک الفرد ـ و هو إما حدث النوم و إما حدث الجنابة ـ حدث و أشکّ فی بقاءه» فیجری استصحابه و یصطلح علیه باصطلاح استصحاب الکلی.

و هل یجری استصحاب حدث النوم؟ من حیث أن الحدوث لایقین به و أن حدث النوم یقینی الإرتفاع بعد الوضوء، لایجری استصحاب الفرد. و هل یجری استصحاب حدث الجنابة؟

و أما حدث النوم موضوع لأثر و حدث الجنابة موضوع لأثر و هما موضوع لآثار مشترکة؛ إن المحدث بحدث النوم یحرم علیه مس کتاب الله و کذا المحدث بحدث الجنابة.

فالمکلف یشیر إلی ذاک الحدث و یقول: «إن ذاک الحدث قد حدث قطعاً و هل هو باق ام لا؟» و هو یحتمِل بقاءَ نفس ذاک الحدث. و اصطلح العلماء علی الإستصحاب فی مثل هذا بالإستصحاب الکلی.[3]

و للکلام تتمة، و سیبحث عن المناقشات فی کلام الآخرین من الشیخ أبو علی إلی المحقق السید الصدر.

الحمد لله رب العالمین.

 


[1] عن الأستاذ الکریم: «المراد من العالَم ما سوی الله عز و جل و بقید العالَم یغنینا عن استثناء الله عز و جل لأنه تبارک و تعالی لیس له ماهیة».
[2] المجلس 36 الأربعاء 6/9/1398.
[3] السؤال: و هل هذا من موارد العلم الإجمالی؟جواب الأستاذ الکریم: اصطلاح العلم الإجمالی فیما إذا تعلق العلم بتکلیف قطعی لایعلم أن ذاک التکلیف هل فی هذا أو فی ذاک.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo