< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد سیدمحمود مددی

98/08/12

بسم الله الرحمن الرحیم

 

 

موضوع: التنبیه الثانی: الواسطة الخفیة /التنبیهات /فی مقدار ما یثبت بالإستصحاب /الإستصحاب /اصول العملیة

خلاصه مباحث گذشته:

قد وقع البحث فی تنبیهات الفصل الثانی من الإستصحاب و تلک التنبیهات حول الأصل المثبت. و قد تم التنبیه الأول و انتهی الکلام إلی التنبیه الثانی.

 

1التنبیه الثانی: فی حجیة الأصل المثبت إذا کان الواسطة خفیّةً

قد ذهب الشیخ الأعظم الأنصاری قدس سره إلی عدم اعتبار الأصل المثبت و استثنی منه إذا کان الواسطة خفیةً، فالأصل المثبت حجة عنده اذا کان الواسطة خفیة.[1]

و مراده قدس سره من خفاء الواسطة بین المستصحب و الأثر الشرعی أن یری العرف أثرَ الواسطة أثراً لذی الواسطة.

و متی لایری العرف الواسطة و یری الأثرَ أثراً لذی الواسطة فالأصل المثبت هناک حجة و یترتب الأثر علی الواسطة أی اللازم.

1.1أمثالاً لخفاء الواسطة

و ذکر الشیخ الأعظم له ثلاثة أمثلة.[2]

1.1.1المثال الأول: استصحاب عدم الحاجب لإثبات غسل البشرة فی الوضوء و الغسل

احتمل العبد وجود الحاجب فی أعضاء الوضوء او الغسل، و اصطلح الفقهاء علی المانع من وصول الماء إلی البشرة باصطلاح الحاجب و هل هنا یجری استصحاب عدم الحاجب؟

فإن وجود الحاجب لم یکن ازلیاً، و کان حادثاً و یحتمل عدم حدوثه فیستحصب عدم حدوثه فبالنتیجة یکون الوضوء و الغسل صحیحین.[3]

إن استصحاب عدم الحاجب اصل مثبت، لأن الطهارة و رفع الحدث لیسا أثراً لعدم الحاجب بل هما أثران لوصول الماء إلی البشرة، أی عدم الحاجب لیس موضوعاً لحصول الطهارة بل یکون موضوع حصول الطهارة و رفع الحدث هو وصول المآء إلی البشرة.

و وصول الماء إلی تمام الأعضاء یلزم و یترتب عقلاً علی غسل تمام الأعضاء حال عدم وجود الحاجب فالوصول أثر عقلی لعدم الحاجب و وجود الحاجب مانع عقلاً عن وصول المآء إلی تمام البشرة فی الأعضاء.

لکن الشیخ الأعظم الأنصاری قال بجریان الإستصحاب هنا لأن العرف لایری الواسطة و یری الطهارة اثراً شرعیاً لغسل الأعضاء و عدم الحاجب فیها.

و بمکان جریانه لایُفحص عن الحاجب قبل الوضوء و الغسل، و لاإطمئنان بعدم الحاجب عند المکلف لأن یدیه و قدمیه یتناولان الأشیاء فیحتمل أن یکون فیهما مانعا و حاجباً قدر الحنطة، مع کون الفحص عن تمام الأعضاء غیر ممکن عادة لعدم إمکان رؤیة بعض الأعضاء الا مع الرؤیة فی مرآتین أو الإستعانة برؤیة شخص آخر.

1.1.2المثال الثانی: استصحاب رطوبة النجس إلی حین الملاقاة

إن فی الجسم النجس ـ فی المثال ـ رطبة مسریة قطعاً و لاقاه الجسم الطاهر قطعاً و لکن شُکّ فی بقاء الرطبة إلی حین الملاقاة، فإن بقیت الرطبة إلی حین الملاقاة تنجس الملاقی بعد و إن لم یبق الرطبة إلی ذلک الحین لم یتنجس الملاقی.

فاستصحاب بقاء الرطبة إلی حین الملاقاة اصل مثبت، لأن موضوع التنجس لیس ملاقاة الطاهر مع المتنجس الرطبة بل الموضوع عبارة عن سرایة رطوبة النجاسة من النجس إلی الطاهر بنحو یتأثر الجسم الطاهر من رطوبته. فالسرایة موضوع التنجس و بقاء الرطوبة إلی حین الملاقاة یلزم السرایة عقلاً فاستصحاب بقاء الرطوبة لایثبت السرایة.

لکن الشیخ الأعظم قال بـ«أن الواسطة خفیة و اذا لاقتِ الیدُ الجسمَ النجسَ یری العرف الموضوع محققةً و لایری السرایة و من هذه الجهة جری استصحاب بقاء الرطوبة فینتج تنجس الملاقی.

1.1.3المثال الثالث: استصحاب عدم دخول هلال شهر شوال

إذا تحقّق الهلال[4] فقد خرج شهرٌ و دخل شهرٌ آخر سواء رآه شخص ام لا. فاذا مضت من أول شهر رمضان تسعة و عشرون یوماً و لیلةً و أتی اللیل الثلاثون أو الیوم الثلاثون و وقع الشک فی دخول شهر شوال استصحب عدم دخول هلال شهر شوال فثبت وجوب صوم الیوم الثلاثین[5] و حرمة صوم الیوم الحادی و الثلاثین و وجوب صلاة العید أو استحبابها و کذلک أثبت الفقهاء جمیعَ الأحکام باستصحاب عدم دخول شهر شوال مع کون الإستصحاب اصلاً مثبتاً، لأن کون الغدوة یوماً ثلاثین لیس أثراً شرعیاً لعدم دخول شهر شوال، بل کون الغدوة یوماً ثلاثین تابع لمضیّ ثلاثین یوماً من دخول شهر رمضان، و کذا کون الیوم الحادی و الثلاثین أول یوم من شوال لیس أثراً شرعیاً لعدم دخول شهر شوال بل کونُ یومٍ أول شوال تابع لدخول الشهر فی اللیلة الماضیة، فاستصحاب عدم دخول الشهر لإثبات کون الیوم الحادی و الثلاثین أولَّ شوال أصلٌ مثبتٌ لما لایمکن أن یکون شهرٌ إحدی و ثلاثین یوماً.

فکون الیوم الحادی و الثلاثین اول شهر شوال لازم عقلی لعدم دخول شهر شوال و مع ذلک أجری الفقهاء الإستصحاب و یقولون بوجوب صوم یوم الثلاثین و حرمة صوم یوم الحادی و الثلاثین، لأن العرف یری الوجوب و الحرمة أثراً لعدم تحقق هلال شهر شوال.

هذا أمثلة من الشیخ الأعظم لکلامه و قد أیّد هذا الکلام تلمیذه المحقق الخراسانی و قال بحجیة الإستصحاب إذا کانت الواسطة خفیة و یری العرف الأثر أثرا للمستصحب لا للازمه.

فیلاحظ کلامه فی مرحلتین، الأولی فی تحقیق دعواه و الثانیة فی تحقیق أمثلته، لأنه یمکن أن تکون دعواه صحیحةً و أمثلة غیر صحیحة و یمکن أن یکون دعواه غیر صحیحة و أمثلته صحیحة.


[3] عن الأستاذ المکرم: إن احتمال وجود الحاجب یتصور فی موردین: الأول: احتمالُ حدوثه قبل العمل أو فی أثنائه، احتمل العبد وجود الحاجب فی أعضاء وضوئه أو غسله فی الإبتداء أو فی الأثناء، فإن جری استصحاب عدم الحاجب صحّ الوضوء و الغسل الذَین یرید العبد أن یبتدءهما أو أتمهما. الثانی: احتمالُ حدوثه فی الأعضاء بعد الفراغ عن العمل، احتمل العبد وجود الحاجب فی الأعضاء و هو فرغ عن العمل؛ فهذا المورد الثانی إمّا یکون مورداً لقاعدة الفراغ و إمّا لایکون مورداً لها. و سوف یأتی البحث عن موارد جریان قاعدة الفراغ و یذکر هناک أن المورد الذی یبحث عن جریانها موردین و الکل یتفق علی جریانها فی مورد و المشهور علی عدم جریانها فی مورد آخر. و المورد الذی قال المشهور بعدم جریان قاعدة الفراغ فیه ما إذا غفل العبد حین الوضوء عن الحاجب و المانع، فإن قلنا فی هذا المورد بجریان استصحاب عدم الحاجب ینفعنا بدل القاعدة الفراغ..
[4] عن الأستاذ الکریم: «اصطلاح «الهلال» عند بعض و علی التحقیق عبارة عن قوس القمر قابل لرؤیة العین العادیة لولا المانع».
[5] السؤال: لم لایجری استصحاب بقاء شهر رمضان لإثبات وجوب صوم یوم الثلاثین؟جواب الأستاذ: استصحاب بقاء شهر رمضان لإثبات وجوب صوم یوم الثلاثین اصل مثبت، لأنه لایجب صیام شهر رمضان بل یجب صیام أیام شهر رمضان أی یجب صوم یوم الأول و یوم الثانی و یوم الثالث و هکذا، فاستصحاب بقاء شهر رمضان لایثبت کون الغدوة یوم الثلاثین و لایمکن استصحاب یوم الثلاثین، لأنه لایکون لذلک الیوم حالة سابقة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo