< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد سیدمحمود مددی

98/07/10

بسم الله الرحمن الرحیم

 

 

موضوع: جریان الإستصحاب فی الحکم الشرعی الثابت بالشرع و عدم جریانها فی الحکم الشرعی الثابت بالعقل /التفصیل الثانی /الأقوال /الإستصحاب /اصول العملیة /علم الأصول

خلاصه مباحث گذشته:

وقع البحث فی الأقوال المفصِّلة فی الإستصحاب، و التفصیل الأول هو التفصیل بین الشبهة الحکمیة و الموضوعیة من المحقق السید الخویی، فإنه قال إن شک فی بقاء الحکم فی الشبهة الموضوعیة فیجری الإستصحاب و إن شک فی بقائه فی الشبهة الحکمیه لایجری استصحاب بقاء المجعول لمعارضته مع استصحاب عدم الجعل الزائد و الأصلان متعارضان متساقطان و تصل النوبة إلی الأصل المحکوم.

و قبلنا هذه المعارضة من المحقق الخویی. و وقع البحث فی نکات و الآن یأتی النکتة العاشرة.

 

النکتة العاشرة: المراد من «المجعول» فی استصحاب بقاء المجعول

ما هو المراد من المجعول فی استصحاب بقاء المجعول؟ هل هو المجعول الجزئی أو المجعول الکلی؟

لم‌یصرّح المحقق الخویی بمراده من المجعول و لکن مراده منه هو المجعول الجزئی و یستفاد من کلام المحقق السید الصدر أن المحقق السید الخویی یقول بتعارض استصحاب بقاء المجعول الکلی مع استصحاب عدم الجعل.

و المراد من المجعول فی استصحاب بقاء المجعول ـ علی المختار فی تعارض استصحابین ـ هو المجعول الجزئی، و لایجری استصحاب بقاء المجعول الکلی اصلاً.

و أما جریان استصحاب بقاء المجعول الجزئی واضحٌ لأن الماء قدر کرّ اذا تنجس بالتغیر ثم زال التغیر من قبل نفسه شُکّ فی طهارته و نجاسته و یستصحب بقاء النجاسة المجعولة و یعارضه استصحاب عدم تشریع النجاسة، و الإستصحاب الأول منجز و الثانی معذر فیتعارضان و یتساقطان.

و أما هل یجری استصحاب بقاء المجعول الکلی؟ علی المختار فی تعارض الإستصحابین لایجری استصحاب بقاء المجعول الکلی اصلاً، لأن الفقیه اذا بفرض فی ذهنه ماءً تنجس بالتغیر و یقول کل مآء تنجس بسبب التغیر فیشیر اشارة ذهنیاً إلی تلک المیاه و یقول هل تلک المیاه بعد زوال التغیر من قبله نفسه مطهرة أم لا!

فهو لایستطیع أن یستصحب المجعولی الکلی، لأنه تارة یرید أن یفتی بنجاسة المیاه بعد زوال التغیر مستندا إلی استصحاب المجعول الکلی و اُخری یرید الإستصحاب للعمل أی یرید أن یشرب الماء المتغیر الذی زال تغیره أو أن یتوضأ منه.

و لایجری استصحاب المجعول الکلی للإفتاء لأنه قد تقدم أن الإستصحاب لایقوم مقام القطع الموضوعی.

و لایجری ذلک الإستصحاب للعمل لأنه لاأثر لذلک بالنسبة إلی التکلیف فی هذه الواقعة، لأن ذلک الإستصحاب لایثبت التعبد بنجاسة هذا الماء الا بنحو الأصل المثبت. و الذی له الأثر إثنان، الأول هو الجعل و الثانی هو المجعول الجزئی و أما استصحاب بقاء المجعول الکلی لاأثر له، فعلی المختار لایجری استصحاب بقاء المجعول الکلی، و أما استصحاب بقاء المجعول الجزئی فهو جار فی نفسه و لکنه یعارضه استصحاب عدم الجعل الزائد.

نعم علی القول بقیام الإستصحاب مقام القطع الموضوعی ـ کما علیه المحقق الخویی ـ یجری استصحاب بقاء المجعول الکلی فی نفسه للإفتاء لا للعمل، لکن لایمکن أن یتمسک بذلک لکونه معارضاً باستصحاب عدم الجعل الزائد.

و الحاصل أن استصحاب بقاء المجعول الجزئی یجری فی نفسه عند المحقق السید الخویی للعمل لا للإفتاء لکنه یعارضه استصحاب عدم الجعل الزائد، و استصحاب بقاء المجعول الجزئی یجری فی نفسه عنده للإفتاء لا للعمل لکنه یعارضه استصحاب عدم الجعل الزائد ایضاً.

و لایخفی أن هذا التفصیل لایکون تفصیلاً حیقیقة، لأن التفصیل یکون فیما إذا لم یشمله الدلیل، و دلیل الإستصحاب هنا یشمل استصحاب بقاء المجعول لکنه یکون له معارض دائماً.

هذا تمام الکلام فی التفصیل الأول و المختار فی المسألة [الأصولیة] عدم جریان استصحاب بقاء المجعول للمعارضة و المرجع بعد المعارضة فی مسألة الماء المتغیر [الفقهیة] إلی قاعدة الطهارة و قاعدة الطهارة یفید للإفتاء و العمل.

التفصیل الثانی: حجیة الإستصحاب فی الحکم الشرعی الثابت بدلیل شرعی دون الحکم الشرعی الثابت بدلیل عقلی

إن کان الحکم الشرعی ثابتاً بالدلیل الشرعی جری الإستصحاب و إن کان ثابتاً بالدلیل العقلی لایجری الإستصحاب، هذا التفصیل من الشیخ الأعظم الأنصاری قدس سره و قال: «و لم أجد من فصّل بينهما إلّا أنّ في تحقّق الاستصحاب مع ثبوت الحكم بالدليل العقليّ تأمّلا».[1]

و الحکم الشرعی تارة یثبت بلادلیل و أخری یثبت بدلیل.

الثبوت بلادلیل فیما إذا کان الحکم من البدیهیات کوجوب صلوات الیومیة و وجوب صوم شهر رمضان و حرمة شرب الخمر، فإن هذه الأحکام ثابت عند کل أحد.

الثبوت مع الدلیل إذا کان الحکم من القضایا النظریة یحتاج ثبوتها إلی الدلیل و الدلیل إما شرعی و إما عقلی.

و الدلیل الشرعی ثلاثة، و هی الکتاب و السنة و الاجماع و الدلیل العقلی واحد و هو دلیل العقل.

و المراد من الدلیل العقلی هو الأحکام العقلیة التی یقع وسطاً فی البرهان فیثبت وجود حکم شرعی أو عدمه.

و قال الشیخ الأعظم قدس سره : إن کان الحکم الشرعی مستنداً إلی دلیل شرعی ـ کالکتاب و السنة و الإجماع ـ و شکّ فی بقائه جری الإستصحاب و إن کان مستنداً إلی دلیل عقلی ثم شکّ فی بقائه لم یجر الإستصحاب.

الحکم الشرعی الثابت بدلیل شرعی کنجاسة الماء المتغیر، فإن نجاسته مستندة إلی السنة ثم بعد زوال التغیر یقع الشک فی بقاء النجاسة فیستصحب هنا نجاسة الماء.

و الحکم الشرعی الثابت بدلیل عقلی کحرمة الصدق الضارّ، فإن حرمته ثبتت وجوداً بدلیل العقل ثمّ بعد مضی مدة یقع الشک فی کون هذا الصدق ضاراً فلایستصحب حرمته.

و تستند حرمة الصدق الضار وجوداً إلی حکمین من حکم العقل:

1. حکم العقل بـ«کون الصدق الضار قبیحاً» 2. حکم العقل بـ «أن کل ما حکم به العقل حکم به الشرع». یعنی حکم العقل فی الصغری بأن الصدق الضار قبیح محرّم و حکم فی الکبری بأن کلّ ما کان محرّما عند العقل فهو محرم عند الشارع فینتج أن الصدق الضار محرّم شرعاً.

فبعد حکم العقل بالصغری و الکبری یصیر الصدق الضار محرماً عند الشرع وجوداً ثم مضت مدة فشکّ فی بقاء حرمة هذا الصدق لاحتمال کون الصدق غیر ضارّ؛ أی شک فی کون هذا الصدق ضاراً أم لا و بتبعه شُکَّ فی کونه محرماً فلایجری الإستصحاب هنا، لااستصحاب الموضوع و لااستصحاب الحکم.

و یوجد مثالاً لعدم الحکم الشرعی المستند إلی الدلیل العقل و هو فیما اذا صلّی ناسی[2] السورة صلاة بلاسورة لزعمه أن أجزاء الصلاة هولآء الأجزاء التی یأتیه و هو یقطع حین الصلاة بکونه غیر مکلف بصلاة مع السورة لکون تکلیف الناسی بالمنسی قبیح عقلاً، فلایکلفه الشارع بالقبیح، فلاحکم و لاتکلیف للناسی شرعاً مستنداً إلی دلیل العقل. ثم بعد اتمام الصلاة التفت بأن أحد أجزاء الصلاة هو السورة و ماأتی حین النسیان، فهو یقطع بعدم التکلیف حین النسیان و الآن یشک فی وجوب الصلاة مع السورة علیه لاحتمال إجزاء الصلاة التی صلیها و احتمال وجوب الصلاة مع السورة علیه، فلایجری استصحاب عدم وجوب الصلاة مع السورة.

ثم أفاد قدس سره فی وجه عدم جریان الإستصحاب فی الحکم الشرعی المستند إلی دلیل العقل بأن موضوع أحکام العقلی لدی حاکمه ـ و هو العقل ـ مبیّن، و لایحکم العقل لحکم اذا لم یحرز قیود الموضوع و حدوده و لاإهمال و لاإبهام فی حکم العقل. إنّ العقل إذا احرز الموضوع حکم بحکمه و إذا لم یحرز الموضوع لم یحکم، فموضوع حکم العقل بقبح الصدق الضار هو «المضر» لا الصدق المضرّ، لأن الصدق لادخل له فی حکم العقل بالقبح، و کان جمیع القیود و الحدود الدخیلة فی الحکم حیثیتاتٍ تقییدیة، فإذا شک فی وجود قید لم یحکم العقل، و لیس فی حکم العقلی حیثیة تعلیلیة.

فإذا حکم العقل بـ«أن الإیذاء المضر حرامٌ» و «أن الصدق المضر حرامٌ» و «أن الصدق الظلمیّ حرام» یعنی حکم بـ«أن الظلم حرام» و «أن الإضرار حرام» أی هذا حرام لکونه ظلماً لکونه إضراراً، و اذا لم یکن الموضوع عنده مبیّناً لا یحکم.

فإذا شک العبد فی بقاء تکلیف شرعی أو فی بقاء عدم تکلیف مستنده حکم العقل فمعناه أن العقل لایحکم بشیئ و لاحکمَ له لما لایحرز موضوع حکمه أی لایحرز القبح و الحسن.

و قد تقدم أن من أرکان الإستصحاب بقاء الموضوع و لابقاء للموضوع هنا، أو قل أن الرکن احراز بقاء الموضوع ـ علی مختار الشیخ الأعظم ـ و لایحرز هنا بقاء الموضوع، فلایجری الإستصحاب فی حکم شرعی ثبت بدلیل عقلی.

المناقشة: بقاء الموضوع عرفاً (عند المحقق الخراسانی و تابعیه)

قد ناقش المحقق الخراسانی فی التفصیل الثانی و تبعه الآخرین منهم المحقق النائینی و المحقق السید الصدر.[3]

ناقشوا بأن عدم احراز الموضوع هل یکون بالنظر العرفی أو بالنظر الدقی؟ نعم إن الموضوع لایحرز بالدقة لکنه یحرز بالنظر العرفی. فإذا شکّ بعد فترة فی بقاء حرمة هذا الصدق، فقد یقول العرف بأن هذا الصدق نفس الصدق قبل الفترة، فیستصحب بقاء الحرمة.

فقد تقدم أن الإستصحاب لایجری فی الشبهة الحکمیة و أن الحرمة تنحلّ بالنسبة إلی امتداد الزمان و الإستصحاب لایجری فی الحکم الإنحلالی لکنه یجری فی موضوعه، أی إن العقل لایحرز الموضوع لکن العرف یحرزه و یقول هذا الصدق نفس ذاک الصدق فیشک فی کونه مضراً أم لا، و تعبَّد الشارعُ فی ظرف الشک بکونه مضراً و التعبد بکونه مضراً هو التعبد بالحرمة.

و علی القول بجریان الإستصحاب فی الشبهة الحکمیة یجری هنا استصحاب بقاء حرمة الصدق.

هذا تمام الکلام فی التفصیل الثانی و بعده یأتی الفصیل الثالث.

 


[2] قال الأستاذ الکریم فی جواب السؤال: إن الإلتفات شرط الفعلیة عند المشهور و شرط التنجز عند المختار.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo