< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد سیدمحمود مددی

98/07/07

بسم الله الرحمن الرحیم

 

 

موضوع: المناقشة فیه /التفصیل بین الشبهات الحکمیة و الموضوعیة /الأقوال /الإستصحاب /اصول العملیة /علم الأصول

خلاصه مباحث گذشته:

وقع البحث فی تفصیل المحقق السید الخوئی القائل بعدم جریان استصحاب بقاء المجعول فی الشبهات الحکمیة و جریانها فی الشبهات الموضوعیة، و اما عدم الجریان فی الشبهات الحکمیة لمعارضته مع استصحاب عدم جعل الزائد. استصحاب عدم جعل الزائد اصل مؤمن و استصحاب بقاء المجعول اصل منجز و هذا الإستصحابان متعارضان.

قد اجاب المحقق السید الصدر عن الإشکال و قال بجریان استصحاب بقاء المجعول فی الشبهة الحکمیة و بحث الیوم بیان مختاره.

 

المناقشة: کون استصحاب عدم الجعل غیر عرفیّ (من المحقق السید الصدر)

قال المحقق السید الصدر: إن استصحاب بقاء المجعول فی الشبهة الحکمیة جار و هو علی نحوین، لأن المجعول علی نحوین:

النحو الأول

یُستصحب بقاء المجعول الفعلی، و فعلیة المجعول تابعة لفعلیة الموضوع الخارجی، فاذا تنجس الماء الخارجی بتغیره بالنجس ثم زال التغیر من قبل نفسه فإن المکلف بالنسبة إلی ذالک الماء علی یقین و شک، متیقن أنه قدتنجس حین التغیر و شاک فی طهارته و نجاسته بعد زوال التغیر من قبل نفسه!

و أرکان الإستصحاب عند العامی تامة فیجری إستصحاب الحکم الجزئی و هذا لایرتبط بالمجتهد لأنه یفتی و یخبر عن الحکم الکلی لا عن الحکم الجزئی.[1]

النحو الثانی

یُستصحب بقاء المجعول الکلی. إذا التفت المجتهد إلی جعل النجاسة علی الماء المتغیر فی الشریعة و شکّ فی شمول الجعل لما بعد زوال التغیّر و فی عدم الشمول فأرکان الإستصحاب عنده تامّة ـ عالم بنجاسة الماء المتغیر و محرز له و شاک فی بقاء ذلک إلی بعد زوال التغیر ـ فیشمله دلیل الإستصحاب عرفاً و اذا شمله الدلیل تمکن من أن یفتی أن الماء المتنجس المتغیر بعد زوال تغیره متنجس.

اشکال: قد طرح المحقق السید الصدر إشکالا و هو أن المجعول الکلی لیس له حدوث و بقاء کالمجعول الواقعی لأن الشارع إمّا جَعَلَ النجاسة علی الماء المتغیر فقط بحیث لاتنجس للماء بعد التغیر و إمّا جعل النجاسة علی الماء الذی تغیر [أی الماء اذا تغیر].

و لاشک فی البقاء فی کلتا الحالتین ـ لأنه إن جَعَلَ النجاسة للماء المتغیر فلانجاسة بعد زوال التغیر و إن جعلها للماء الذی تغیر [أی الماء اذا تغیر] فإن الماء بعد زوال تغیره هو موضوع هذا الجعل و مصداقٌ و فردٌ لهذا العنوان ـ و إذا لم یکن شکّ فی البقاء قد اختل الرکن الثانی فلایجری الإستصحاب.

و هذا بخلاف المجعول الواقعی، لأنه یتصور الحدوث و البقاء للمجعول الواقعی الخارجی [و یتصور تعلق الیقین بحدوثه و وقوع الشک فی بقائه] فإن وقع دمٌ فی هذا الماء الذی أمامنا و تغیر الماء قد حدثت النجاسة ـ و لها حدوث و بقاء کما أن لکل صفة حدوث و بقاء ـ و بعد زوال التغیر یُشکّ فی بقاء تلک النجاسة الحادثة و فی زوالها بزوال التغیر، فلایختل الرکن الثانی هنا و یجری استصحاب بقاء المجعول الواقعی الخارجی.

الجواب: و قد أجاب قدس سره عن ذلک بأنه یمکن أن تُلحظ نجاسة الماء الخارجیة [أی المجعول الخارجی] بلحاظین:

أحدهما: أن تُلحظ النجاسة بما هی امر ذهنیٌّ مجعولٌ فی عالم الإعتبار، قد نظر المولی بهذه النظرة و بهذا اللحاظ عند الجعل، فإن المجعول بهذا اللحاظ لا حدوث له و لابقاء له؛ و إنما لوحظت النجاسة المجعولة بهذا اللحاظ فی عالَم الإعتبار إما علی الماء المتغیر و إما علی الماء إذا تغیر. و قد اصطلح قدس سره علی هذا اللحاظ إلی نجاسة الماء المتغیر بـ «النجاسة بالحمل الشایع».

ثانیهما: أن تلحظ النجاسة بما هی صفة للماء الخارجی، فإن للنجاسة فی هذا اللحاظ حدوث و بقاء، فالنجاسة تحدث فی الماء بسبب التغیر و یشک فی بقائها بسبب زوال التغیر. و قد اصطلح قدس سره علی هذا اللحاظ الثانی بـ «النجاسة بالحمل الأولی».

و قال إنما المهم أن یعلم أن العبرة فی لحاظ النجاسة [المجعول] أیّ لحاظ من اللحاظین؟

إن نُظر إلیها بالحمل الشایع فهی امر ذهنیٌّ مجعول فی عالم الإعتبار و موجود بالجعل فی آن واحد و إن نُظر ألیها بالحمل الأولی فهی صفة للنجاسة الخارجیة و یتصور لها الحدوث و البقاء، فإذا تنجس الماء بالتغیر قدحدثت النجاسة و إن بقی تنجس الماء بعد زوال التغیر بقیت صفة النجاسة و إن زال التنجس لم تبق تلک الصفة، فیتصور لها حدوث و بقاء.

و یجب أن یکون النظر الی المجعول الکلی بأحد من النظرین کی یعلم ما یتقضی دلیل الإستصحاب فی ذلک النظر؟

إن نُظر إلیه بالنظر الأول أی بالحمل الشایع وقع الشک فی الحدوث فقط، یشک فی حدوث النجاسة للماء الذی تغیر و فی عدمه و یستصحب عدم الجعل.

إن نُظر إلیه بالنظر الثانی أی بالحمل الأولیّ ـ بما هی صفة للماء الخارجی ـ لایقع الشک فی الجعل و إنما یقع الشک فی البقاء فلامجری و لاموقع لاستصحاب عدم الجعل و إنما یجری استصحاب بقاء المجعول.

فتبین من ذلک لاتعارض فی البین، لأنه إن نُظر بالنظر الأول یجری استصحاب واحد و هو استصحاب عدم الجعل و إن نُظر بالنظر الثانی یجری استصحاب واحد و هو استصحاب بقاء المجعول و المهم تعیین کون العبرة بأی نظر من النظرین؟!

إن قیل: لاإشکال أن ینظر بکلا النظرین، فیجری استصحاب عدم العجل بالنظر الأول و یجری استصحاب بقاء المجعول بالنظر الثانی و تعارضان الإستصحصابان؟

کان الجواب: إن النظرین معاً متهافتان لأن استصحاب عدم الجعل معذِّر و استصحاب بقاء المجعول منجِّز، و یلزم أن یکون النظر بأحدهما کی یعلم مقتضی دلیل الإستصحاب!

و النظر العرفی من بین هذین النظرین هو النظر الثانی، و کان النظر الأول غیر عرفیٍّ؛ فإذا نُظر إلی نجاسة الماء المتغیر بالنظر العرفی لایوجد الا استصحاب واحد و هو استصحاب بقاء المجعول. و یفتی الفقیه بهذا النظر و یقول: «الماء المتغیر بعد زوال تغیره من قبل نفسه متنجس».[2] و[3]

الجواب عن ذلک علی التحقیق

قبل نقد کلام المحقق السید الصدر تُقدَّم نکتتین:

النکتة الأولی: توضیح مصطلح «المجعول الکلی»

اصطلحت مدرسة المحقق النائنیی اصطلاحین و هما «الجعل» و «المجعول» و وقفنا فی کلمات المحقق السید الصدر علی ثلاث مصطلحات و هی «الجعل» و «المجعول الکلی» و «المجعول الواقعی».

و ما هو المجعول الواقعی؟ و ما النسبة بینه و بین الجعل و المجعول عند مدرسة النائینی؟

و المراد من «المجعول الواقعی» عند المحقق السید الصدر هو المجعول عند مدرسة المحقق النائینی، کنجاسة هذا الماء و حرمة شرب هذا الخمر علی زید و وجوب الحج علی زید.

و ما هو المجعول الکلی؟ إن المجعول الکلی فی مصطلح المحقق السید الصدر هو الجعل عند مدرسة المحقق النائینی لکن مع نحو من نظر و اعتبار.

إن نُظر إلیه بالحمل الشایع فهو الجعل و إن نُظر إلیه بالحمل الأولی فهو المجعول الکلی. إن نُظر إلی نجاسة الدم ـ مثلاً ـ بالحمل الشایع فهو الجعل و إن نُظر إلیه إلیه بالحمل الأولی فهو المجعول الکلی.

و سننقد هذه النکتة فیما یأتی.

النکتة الثانیة: توضیح مصطلح الحمل الشایع و الحمل الأولی عند المحقق السید الصدر

إن للمصطلحین «الحمل الأولی و الحمل الشایع» معنی فی علم المنطق و معنی فی علم أصول الفقه و ماأرادهما المحقق السید الصدر بل اصطلحهما علی معنی آخر.

المصطلحان عند المنطقیون

إن «الحمل الأولی و الحمل الشایع» فی علم المنطق وصفان للقضیة و یقال هذه القضیة حمل أولی و تلک القضیة حمل شایع. و تتصف القضیة بالحمل الأولی و بالحمل الشایع بلحاظ موضوعها أی یُنظر فی الموضوع تارة إلی المفهوم و أخری إلی المصادیق. و لاتفکیک و لافرق عند المناطقة بین المفهوم و المعنا و هذا التوضیح مبنیّ علی ما هو عندهم من معنی المفهوم.

هم یقولون إن القضایا ثلاث، قضیة ملفوظة و قضیة مسموعة و قضیة معقولة، و حینما یبحث عن القضیة فیریدون منها القضیة المعقولة و یقولون إن القضیة المعقولة یتشکل من ثلاثة اجزاء، اثنان مفهومان ـ و هما الموضوع و المحمول ـ و الثالث هو النسبة بینهما.

و الموضوع فی القضیة المعقولة هو المفهوم دائماً و اذا وقع المفهوم موضوعاً فی هذه القضیة فتارة ینظر منه إلی نفس المفهوم و أخری ینظر منه إلی المصادیق؛ إن نظر إلی نفس المفهوم فالقضیة حملٌ أولیٌّ و إن نظر إلی المصادیق فالقضیة حمل شایع.

المصطلحان عند الأصولیین

إن «الحمل الأولی و الحمل الشایع» فی علم أصول الفقه وصفان للعنوان، فیقال الإنسان بالحمل الأولی و الإنسان بالحمل الشایع، الشجر بالحمل الأولی و الشجر بالحمل الشایع، الحجر بالحمل الأولی و الحجر بالحمل الشایع.

إن الأصولیین یریدون من وصف الحمل الأولی مفهوم العنوان و یریدون من وصف الحمل الشایع مصداق العنوان. الإنسان بالحمل الأولی موجود مجرد غیر مادی، أی مفهوم الإنسان هو مجرد غیر مادی. الإنسان بالحمل الشایع جسم أی مصداق الإنسان جسم.

و هذان المصطلحان مصطلحان عند المنطقیین و الأصولیین و لکن ما رعَیهما المحقق السید الصدر.

المصطلحان عند المحقق السید الصدر

اراد المحقق السید الصدر من مصطلح نجاسة الدم بالحمل الشایع حقیقة نجاسة الدم لامفهومها و حقیقتها امر جعلیٌّ اعتباریٌّ[4] یعنی هی أمر مجعول کلی فی عالَم الجعل.

و اراد من مصطلح نجاسة الدم بالحمل الأولی مفهوم النجاسة فی الذهن الذی ینظر الیه دائماً بنظر مرآتی فیری منه مصادیقه، و مصادیق نجاسة هذا الدم و نجاسة ذاک الدم و نجاسة ذلک الدم.

و هذا الإصطلاح منه قدس سره لایناسب المقام.

 


[1] السؤال: أ یمکن للمجتهد أن یفتی بذلک؟جواب الأستاذ: لو قال المجتهد أن هذا الماء متنجس، فهو خبر و تطبیق للفتوی و لا فتوی.
[3] السؤال: هذا إذا کان لسان دلیل نجاسة الماء المتغیر مجملاً؟جواب الأستاذ: نعم، إن دل الدلیل الإجتهادی علی حکم فهو و المفروض هنا هو قصور الدلیل الإجتهادی فی المقام.السؤال: لما لانحکم بالقدر المتیقن و هو نجاسة الماء المتغیر إلی حین زوال التغیر؟جواب الأستاذ: ما هو الوظیفة بالنسبة إلی بعد زوال التغیر؟ هل هی الإحتیاط أو البرائة؟ إن قلتَ تجری هنا البرائة فما تقول فی استصحاب بقاء المجعول الذی یعارض البرائة، و ما تتمکن أن تذهب الی البرائة الا اسقطتَ استصحاب بقاء المجعول. و قد اسقط المحقق السید الخویی استصحاب بقاء المجعول بالمعارضة، و قال المحقق السید الصدر بعدم جریان الأصل المعارض و هو استصحاب عدم الجعل لکون النظر فیه نظراً غیر عرفیّ، فإذا جری استصحاب بقاء المجعول لاتصل النوبة الی البرائة.
[4] الأستاذ الکریم: ما حقیقة النجاسة هل هی أمر واقعیٌ ام أمر اعتباری ام أمر وهمی؟ هی امر اعتباری.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo