< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد سیدمحمود مددی

98/07/06

بسم الله الرحمن الرحیم

 

 

موضوع: التفصیل بین الشبهات الحکمیة و الموضوعیة /الأقوال /الإستصحاب /اصول العملیة /علم الأصول

خلاصه مباحث گذشته:

وقع الکلام فی الأقوال المفصلِّة فی حجیة الإستصحاب، و التفصل الأول جریان الإستصحاب فی الشبهات الموضوعیة دون الشبهات الحکمیة و قائله هو المحقق السید الخویی. و حاصل ما قاله قدس سره أن الشک فی الحکم الشرعی لایخلو عن نحوین، فإنه إما الشک فی الحکم الکلی یعنی الجعل و إما الشک فی الحکم الجزئی یعنی المجعول، و الشک فی الحکم الکلی و الجعل إما یکون فی الجعل و إما یکون فی الحدوث، إن وقع الشک فی الحدوث اُستصحب عدم الجعل و یرتب علیه الأثر و إن وقع الشک فی البقاء اُستحصب بقاء الجعل أو اُستصحب عدم النسخ لکن هذه المسألة الأخیرة و الشک فیها لیس فی محل الإبتلاء.

و إن وقع الشک فی بقاء المجعول فهو الذی یبحث الیوم عنه.

 

1التفصیل الأول: التفصیل بین الشبهات الحکمیة و الشبهات الموضوعیة (قول المحقق الخویی الأخیر)

ذهب المحقق السید الخویی قدس سره فی قوله الأخیر إلی عدم جریان استصحاب بقاء المجعول الا فی موردین الأول اذا کانت الشبهة موضوعیة الثانی إذا کان الإستصحاب اصلا تعذیریاً.

الشک فی الحکم الشرعی یتصور علی نحوین لاثالث لهما لأن الشک فیه إما فی الحکم الکلی و إما فی الحکم الجزئی أی إما فی الجعل و إما فی المجعول.

فإن وقع الشک فی الجعل فإما أن یکون فی الحدوث و إما فی البقاء[1] و لاثالث لهما، لأن الحکم الکلی یحدث بعملیة الجعل و یبقی الا أن یرتفع بالنسخ.

و إن وقع الشک فی بقاء الجعل اُستحصب بقاء الجعل أو اُستصحب عدم النسخ لکن هذه المسألة و الشک فیها خارجة عن محل الإبتلاء و محل البحث لیس فی هذا الشک لأنه لایکون تکلیف یقع الشک فی نسخه و إنما یقع الشک فی جعل الحکم. فلایکون مورد فی الشریعة یقال فیه أن الحکم فیه فلانٌ ـ مثلاً ـ و یشک فی نسخها فی آخر حیات النبی صلی الله علیه و آله.

و أما الشک فی حدوث الجعل کثیر، لأن التکالیف کلها حادثة و علیها یشکّ فی حدوث جعلها، کما یشک فی وجوب اطاعة الأب و وجوب اطاعة البعل، و کالشک فی حرمة شرب التتن و حرمة استماع الغنا المتولد من غیر صوت الإنسانی و حرمة أکل اللحم الموجَد من غیر الحیوان بل یوجد من الصناعات الجدیدة، فیستصحب عدم جعل هذه الأحکام.

و تظهر الثمرة فی تنجز المجعول و عدمها؛ فیکفی فیه احراز الجعل و احراز الموضوع صغری و کبری، إما وجدانا و إما تعبداً.

فإن احرز العبد بأن الشارع حرّم شرب التتن و احرز أن هذا تتنٌ فقدتنجز المجعول أی حرمة شرب التتن.

فإن تَعَبَّدَ الشارع بعدم الجعل أو عدم الموضوع فقد کان العبد معذَّرا فی المخالفة و إن تَعَبَّدَ الشارع بعدم جعل الحرمة علی شرب التتن ـ و کان شربه فی الواقع محرمة ـ فقد تعذر العبد فی مخالفته.

الحاصل: استصحاب بقاء الجعل خارج عن الإبتلاء و استصحاب عدم الجعل لامحذور فی جریانه و الأرکان فیه تامة فیجری.

* قال المحقق السیّد الخویی رحمه الله : إن موضوع المجعول ـ الذی شک فی بقائه ـ علی قسمین: تارة یکون الزمان مفرِّداً له و أخری لایکون مفرِّداً له.[2]

فإن كان الزمان مفرّداً للموضوع و كان الحكم انحلالياً لایجری الإستصحاب و إن لم يكن الزمان مفرّداً و لم يكن الحكم انحلالياً فهو خارج عن محل الکلام.

و معنی مفرِّدیة الزمان للموضوع أی کون الحکم منحلّاً بالنسبة إلی أفراد الزمان و ینحلّ التکلیف لکل فرد من أفراد الموضوع بحسب امتداد الزمان، فیکون لکل فرد من الأفراد الزمان حکم مستقل. کحرمة الوطء حین الحیض فإنّ للوطء أفراداً كثيرة بحسب امتداد الزمان من أوّل الحيض إلى آخره، و ينحل التكليف و هو حرمة وطء الحائض إلى حرمة امور متعددة، و هي أفراد الوطء الطولية بحسب امتداد الزمان.

و أما بعد انقطاع الدم و قبل الإغتسال هل‌ الحرمة باقیةٌ؟

فذهب المحقق السید الخویی قدس سره إلی عدم جریان استصحاب الحرمة، لاختلال الرکن الثالث «وحدة القضیة المتیقنة و القضیة المشکوکة» لأن الحرمة انحلالیة بحسب افراد الزمان، فإن للوطء الساعةَ الأولی حرمةً و للوطء الساعةَ الثانیة حرمة أخری و هکذا یکون لکل فرد من أفراد الوطء بحسب امتداد الزمان حرمة مستقلة، فإن تلک الحرمة السابقة قد مضی [إما بالموافقة و اما بالعصیان] و الوطء المفروض وقوعه بعد انقطاع الدم قبل الاغتسال فرد جدید و حرمته المشکوکة ـ إن کانت محرمة ـ جدیدة لم تعلم من أوّل الأمر حتى تستصحب بقاءها.

و إن لم يكن الزمان مفرّداً و لم يكن الحكم انحلالياً و کان الحکم حکماً واحداً مستمراً و شکّ فی بقاء الحکم هل یجری الإستصحاب ام لا؟

و مثاله کماء قدر کرّ لاقی النجس و تغیر ثم زال التغیر من قبل نفسه فالماء زمن التغیر متنجسة و بعد زوال التغیر یشکّ فی بقاء النجاسة و هذه النجاسة بحسب امتداد الزمان نجاسة واحدة حدثت من حین التغیر و إن تبقی بعد زوال التغیر فهی نفس النجاسة السابقة تستمر بعد زوال التغیر کما أن معروضها هو نفس الماء الذی یستمر فی عمود الزمان، فهل یجری الإستصحاب ام لا؟

قال المحقق السیّد الخویی رحمه اللهیجری الإستصحاب إن کانت الشبهة موضوعیة، و إن کانت الشبهة حکمیة تعارض استصحاب بقاء النجاسة مع استصحاب عدم جعل الجاسة الزائدة.

کون الشبهة موضوعیة کما إذا تنجس ماء هذا الإناء ثم یشک بسبب الإشتباه فی الأمور الخارجیة فی أنه هل یُطهِّره شخص ام لا! فیستصحب نجاسة ماء هذا الإناء.[3]

کون الشبهة حکمیة کما إذا تنجس ماء قدر کرّ بسبب التغیر ثم زال تغیره من قبل نفسه و شک فی بقاء النجاسة بسبب الشبهة فی جعل النجاسة لماء زال عنه التغیر! فاستصحاب بقاء نجاسة هذا الماء الی بعد زوال التغیر معارض باستصحاب عدم جعل النجاسة الزائدة، لأنه یُعلم أنه لاتُجعل النجاسة للماء المتغیر فی أول الشریعة ثم جُعلت و لکن هل جعلت للماء المتغیر حین التغیر فقط أو جعلت للماء و لو الی بعد زوال التغیر! فیستصحب عدم جعل النجاسة الزائدة. و هذا الأصل اصل مؤمن یعارض الإستصحاب بقاء المجعول و هو اصل منجز.

و أرکان هذان الأصلان ـ أحدهما معذر و الأخر منجز ـ تامة و بعد تمامیة الأرکان یتعارضان و یتساقطان و المرجع بعد التساقط إلی قاعدة الطهارة.

فاستصحاب بقاء المجعول فی الشبهة الموضوعیة یجری بلامعارض. و هو فی الشبهة الحکمیة یعارض استصحاب عدم الجعل الزائد و بعد التعارض یتساقطان الأصلان.

و قد استثنی المحقق السید الخویی قدس سره من عدم جریان استصحاب بقاء المجعول فی الشبهة الحکمیة مورداً و هو ما إذا کان الإستصحاب مؤمناً کما اذا لاقی الماء القلیل شیئاً متنجساً الذی هو لیس من أعیان النجسة و لا علیه عین النجس، فیشکّ فی تنجس هذا الماء القلیل ـ کما تنجس الید بالدم ثم ازیل الدم بالمندیل و صار الید عاریا من عین النجاسة ثم لاقی الماء مع الید ـ ذهب المشهور فی هذه المسألة إلی تنجس المآء القلیل و ذهب جماعة إلی اعتصام الماء القلیل حین ملاقاته مع المتنجس، فإن شکّ فی تنجس المآء بعد ملاحظة ادلة الطرفین هل یجری استصحاب بقاء طهارت الماء القلیل و هل یجری استصحاب عدم جعل الطهارة لهذا الماء[4] ؟ قال المحقق السید الخویی: یجری الإستصحابان و لاتعارض بینهما، لأن استصحاب عدم جعل الطهارة لایفید أن شربها محرّم، و إنما المحرم شرب الماء النجس و لاتفید ذلک الإستصحاب أن شرب هذا الماء شرباً للنجس، فیجری هنا استصحاب بقاء المجعول لکونه معذراً و مؤمّناً.

و الحاصل أن المحقق السید الخویی قال بجریان استصحاب بقاء الموضوع فی الشبهات الموضوعیة و قال بعدم جریان استصحاب بقاء المجعول فی الشبهة الحکمیة لتعارضه مع استصحاب عدم الجعل الزائد، و لکن استثنی موردین الأول اذا کان استصحاب بقاء المجعول فی الشبهة الموضوعیة و الثانی اذا کان استصحاب بقاء المجعول اصلاً معذراً و مؤمناً.

لایخفی أن قوله قدس سره قد شُهِر بالتفصیل فی الألسنة لکن لایعدّ تفصیلاً فی المسألة بالدقة لأن الأرکان عنده قدس سره فی استصحاب بقاء المجعول تامة و الدلیل یشمله لکن لایجری لوجود المعارض.

1.1نکتة فی کون استصحاب عدم الجعل الزائد معارضاً أو حاکماً

قد اختار المحقق التبریزی مقالة استاذه قدس سرهما عدم جریان استصحاب بقاء المجعول فی الشبهة الحکمیة مع اختلاف فی مبناها.

قال المحقق السید الخویی بعدم الجریان للتعارض، لکون أحد الأصلین منجزاً و الأخر معذراً و قال المحقق التبریزی بعدم الجریان لکون استصحاب عدم الجعل الزائد حاکماً علی استصحاب بقاء المجعول.

یختلف القولان فی أن الأصلین لایجریان فی التعارض و لکن یجری الحاکم دون المحکوم فی الحکومة. و تظهر الثمرة فیما اذا کان الأصل الطولی یخالف استصحاب عدم الجعل الزائد.

ذهب المحقق الخویی قدس سره إلی التعارض لاالحکومة لأنه قال باختصاص الحکومة لما اذا کانت السببیة بین الحاکم و المحکوم شرعیة و إن کان المجعول هنا مسبباً من الجعل و کذا کان عدم المجعول مسبباً من عدم الجعل لکن السببیة لیست بشرعیة فعلی هذا تعارض الأصل المنجز مع الأصل المعذر.

مارأیتُ أن اجاب المحقق التبریزی لذاک المبنی و أتی تقریباً واضحاً للحکومة الا أن اجاب و لم أسمعه أو کُتب فی کتاب لم اره، نعم سمعتُ مرة قال قدس سره بأن استصحاب عدم الجعل الزائد هو استصحاب عدم المجعول، أی أن الجعل و المجعول واحد.

فإن کان الجعل و المجعول امراً واحداً فلایبقی للحکومة معنیً؟! الا أن یراد من المجعول أمرا آخر و أن یراد من الحکومة معنی التقدم تسامحاً، أی یجری فی المسألة استصحاب عدم الجعل الزائد فقط.

نعم یتصور نحو من الحکومة یأتی فی آخر المبحث.

و اذا تعارض استصحاب بقاء المجعول مع استصحاب عدم الجعل الزائد تساقطا و تصل النوبة إلی الأصل الطولی و الأصل الطولی فی مثال الماء المغیر الذی زال تغیره من قبل نفسه قاعدة الطهارة[5] .

و قد ناقش المحقق السید الصدر فی مختار استاذه و قال بجریان استصحاب بقاء المجعول بلامعارض.[6]

و یقع البحث غدا فی توضح مناقشته.

 


[1] السؤال: أ لیس باقی الأقسام مشترک حکماً مع القسمین المتقدمتین؟جواب الأستاذ: و لیحبث عن هذا فی محله و لینظر إلی أنه هل للشک فیه اثرٌ ام لا؟ کالشکّ فی وجوب الحج علی الخنثی، و لم تصطلح مدرسة المحقق النائینی اصطلاح «الجعل» و «المجعول» علی هذا الحکم المشکوک فیه.
[3] الأستاذ الکریم: فإن حرمة الشرب لاتستصحب هنا و لکن إن اُستصحب النجاسة ثبت حکمها ای النجاسة الظاهریة.
[4] الأستاذ الکریم اما عدم التعارض بینه و بین استصحاب عدم جعل النجاسة لهذا الماء واضح و الآن یبحث عن المعارضه بینه و بین استصحاب عدم جعل الطهارة لهذا الماء القلیل.
[5] و لاتعارض بین استصحاب عدم الجعل الزائد و قاعدة الطهارة کونهما اصلین مؤمِّنین و معذرِّین.
[6] الأستاذ الکریم: و قد حکمی بعض تلامذة السید الصدر عنه لولا أنا لایکون احدٌ أن اجاب من مقالة الأستاذ. و یشعر هذا بأن الشبهة المحقق الخویی قویة و أن المناقشة صعب و لولا صعوبتها لانتقل إلی اذهان الآخرین.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo