< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد سیدمحمود مددی

98/06/31

بسم الله الرحمن الرحیم

 

 

موضوع: موارد کون الإستصحاب ذا أثر /الرکن الرابع: وجود أثر عملی /الأرکان /الإستصحاب/اصول العملیة /علم الأصول

خلاصه مباحث گذشته:

فقدتقدم أن الرکن الرابع من أرکان الإستصحاب «وجود أثر عملی» فیجری الإستحصاب فیما اذا کان له أثر عملی ـ إما شرعی و اما عقلی.

و ذکر الفقهاء موارد یخلتف الآراء فی وجود أثر عملی فیها. و المورد الأول ما إذا کان القطع موضوعاً لأثر و لاأثر للمستصحب. مثلاً قال المولی «اذا قطعت یوم الجمعة بحیاة ولدک فتصدق» و العبد قاطع بحیاة ولده یوم الخمیس و شکَ یوم الجمعة فی بقاء حیاة ولده.

تقدم أنه لایجری الإستصحاب لغرض ترتیب آثار القطع الشرعیة. لاحتیاج قیامه مقام القطع لثلاث جعلات 1. جعل وجوب التصدق عند القطع 2. جعل التعبد الإستصحابی عند القطع و الشک 3. جعل وجوب التصدق عند الإستصحاب و التعبد الإستصحابی. و إنما احتیج [فی مقام الثبوت] إلی هذه الجعلات و لایکون [فی مقام الإثبات] إلا دلیلان و هما «اذا قطعت یوم الجمعة بحیاة ولدک فتصدق» و «لاتنقض الیقین بالشک» و لایستفاد من هذا الدلیل الثانی الا الجعل الثانی، و لایستفاده من الجعلان الثانی و الثالث.

 

[1] الحاصل

فإذا کان المختار عدم جریان الإستصحاب و عدم قیامه مقام القطع الموضوعی الطریقی لیس للفقیه أن یتمسک بالإستصحاب فیفتیَ علیه.

فلو شک الفقیه فی بقاء نجاسة الماء المتغیر بعد زوال تغیره، لایستطیع أن یجری الإستصحابَ لعدم أثر عملی. لأن الأثر العملی قیام التعبد الإستصحابی مقام القطع الموضوعی الطریقی و لا دلیل لهذا القیام.

و لو شک فی جعل الحرمة لشرب التتن لایستطیع أن یتمسک بالإستحصاب فیفتیَ بالحلیة. نعم له أن یتمسک بدلیل البرائة و یفتی بحلیة شرب التتن لتمامیة ارکان القاعدة البرائة عنده و له أن یتسمک بدلیل القاعدة الطهارة فیفتیَ بطهارة الماء المتغیر الذی زال تغیره لتمامیة ارکان قاعدة الطهارة عنده. لأن موضوع البرائة و الطهارة هو «الشک» و لیس من رکنهما «الیقین» و الفقیه شاکّ.

فللعبید أن یتمسکوا بالإستصحاب فیشربوا الماء الذی تیقنوا بطهارته سابقاً و یشکون فی بقائها الآن و لیس لهم أن یُخبروا بأنه طاهر.

أمثلة اخری لعدم جریان الإستصحاب بغرض ترتب أثر جواز الإخبار لعدم قیام الإستصحاب مقام القطع الموضوعی الطریقی، فمثلاً إذا عُلم أن هذا الجدار ستة أذرع سابقاً و الآن لایعلم أنه قصُر ام لا! لایجری استصحاب بقائه ستة اذرع لغرض جواز الإخبار بـ«أنه ستة اذرع».

فإن کان یجری الإستصحاب فیه و قام مقام القطع الموضوعی الطریقی لکان کل استصحاب ذا اثر، لکون الأثر جواز الإخبار.

لوعُلم بأن السیارة توقفت فی الزقاق صباحاً و الآن شکّ فی بقائها هناک، و سأل سائلٌ هل السیارة موجودة الآن فی الزقاق؟ لایمکن الإخبار بکون السیارة فی الزقاق الآن.

12ـ استصحاب عدم الجعل

إن شُکّ فی الجعل هل یجری استصحاب عدم الجعل؟ فمثلاً اذا شُکّ فی وجوب غسل الجمعة هل یجری استصحاب عدم جعل وجوبها؟ اذا شک فی حرمة شرب التتن هل یجری استصحاب عدم جعل حرمته؟ هل یجری استصحاب عدم الجعل فی کل تکلیف وجوبیّ أو تحریمیّ شُکّ فیه؟

1.1الأقوال

قد أجری الأکثر من الفقهاء هذا الإستصحاب فی عمل أنفسهم، فیُجری فقیهٌ استصحاب عدم جعل وجوب غسل الجمعة فیترکه یوم الجمعة. أو یجری استصحاب عدم جعل حرمة شرب التتن فیشربه.

و قدذهب المحقق النائینی إلی عدم جریان استصحاب عدم الجعل.

1.2دلیل عدم جریان استصحاب عدم الجعل

ذهب المحقق النائینی إلی ذلک لاختلال الرکن الرابع و هو «وجود أثر عملی». لأنه لا أثر لهذا الإستصحاب أیّ أثر، لا أثر عقلی و لا أثر شرعی.

و أما لا أثر عقلی له، لأن الأثر العقلی اثنان «التعذیر» و «التنجیز». و الجعل حکم کلی و الحکم الکلی لایقبل التعذّر و التنجّز فلایکون معذَّراً و لامنجَّزاً. فإن التعذّر و التنجّز للمجعول الجزئی، و إنما هو الذی قدیتنجز و قدیتعذر.

و أما لا أثر شرعی له، لأن الأثر الشرعیَّ المطلوب من استصحاب عدم الجعل هو النیل إلی عدم جعل الحرمة لهذا التتن، و ترتب هذا الأثر لعدم الجعل عقلی و الإستصحاب لایثبت الوسائط العقلیة الا علی القول بالأصل المثبت.

و الغرض من استصحاب عدم جعل الوجوب لغسل یوم الجمعة النیل إلی عدم جعل الوجوب لغسل هذا الیوم الجمعة، و ترتب عدم غسل الیوم علی ذلک عقلی.

1.2.1المناقشة: (من المحقق الخوییّ)

قدناقش المحقق الخویی فیما افاده استاذه و تبعه المحقق الصدر.

إن هناک جعلٌ و تکلیف کلیٌّ و کذا هناک مجعولٌ و تکلیفٌ جزئیٌّ. فإذا قطع المکلف و علم بوجود تکلیف جزئیّ فقد کان قطعه منجِّزاً، و اذا قطع بعدم تکلیف جزئی فهذا القطع منجّز ایضاً.

و عمّم المحقق الخویی هذا المطلب و قال: إن عَلِمَ المکلف بالکبری أی علم بالجعل لا المجعول، کما اذا علم بأن شرب الخمر حرام علی المکلفین و علی نفسه بنحو کلی، لاأنه علم بأن شرب هذا حرام علیّ. فإذا علم بالکبری من ناحیة و علم بأن هذا خمر من ناحیة اخری، فإنه لاعلم له علی حرمة هذا علیه، لکن له علمان، علمٌ بأن شرب الخمر حرام علی المکلفین و علمٌ بأن هذا خمرٌ[2] .

فبناء علی هذا الفرض نسأل عن الذی لایعلم بأن شرب هذا علیّ حرام و لکن یعلم أن الخمر حرام علی المکلفین و یعلم أن هذا خمر هل یستحق العقوبة و هل کان عقابه قبیحاً؟ والجواب واضح و إنما هو یستحق العقوبة و لیس عقابه قبیحاً.

و هو إن علم بعدم جعل الحرمة لشرب التتن و علم بأن هذا تتن، و کان شرب التتن فی الواقع حراماً فهل قطعه معذر؟ أو یکون معذرا فیستحق العقوبة؟

و قال رحمه الله إن المعتبر فی العقاب و التنجز وصول شیئین 1. الجعل 2. الموضوع، و سواء فی ذلک الوصول، وصولهما وجدانا أو وصولهما تعبداً أو وصول احدهما وجداناً و وصول الآخر تعبداً.

و فی محل الکلام فی استصحاب عدم الجعل، وصل الموضوع بالوجدان و أما الجعل لایصل لابالوجدان و لابالتعبد، بل وصل عدم الجعل بالتعبد، فإذا کان شرب هذا التتن فی علم الله حراماً فعلیاً فکان العقاب علیه قبیحاً.

فأثر هذا الإستصحاب عقلی و ذاک الأثر العقلی هو التعذّر، و ما قاله المحقق النائینی من کون الإستصحاب مثبتاً مختص بالأثر الشرعی، أی استصحاب عدم الجعل لإثبات عدم المجعول ـ و هو أثر شرعی ـ اصل مثبت. و أما استصحاب عدم الجعل لإثبات التعذر و هو أثر عقلی لامشکل فیه.

فإذا وصل الجعل وجداناً أو تعبداً و وصل الموضوع وجداناً أو تعبداً لتنجز التکلیف، و إن وصل عدم الجعل تعبداً و وصل موضوعه وجدانا لتعذر التکلیف. فبالنتیجه ما یترتب علی استصحاب عدم الجعل اثر عقلی.

هذا الجواب من المحقق الخویی و قدقبله المحقق السید الصدر[3] .

نکتة: هذا الجواب جیدٌ و لکن هنا نکتة مضافة و هی: لو قال قائل بعدم جریان استصحاب عدم الجعل، قلنا یجری استصحاب عدم جعل المجعول، و قد تقدم و کذا سیأتی أن بعض الأمور انحلالی و بعض الامور تحلیلی.

لیس لخطاب «اکرم العالم» الا ظهور فی مدلول واحد و هو «وجوب اکرام العالم» و لیس ظاهراً فی وجوب اکرام زید العالم.

فإن قلنا یدل علی علی وجوب اکرام زید العالم فهذا دلالته التحلیلی. أی دلالته علی مدلول واحد حجة علی وجوب اکرام زید العالم و عمرو العالم و هکذا بعدد افراد العالم، لکن یتصف الخطاب بالحجیة بعدد افراد العالم و اتصافه بالحجیة انحلالی.

إن الظهور تحلیلیٌ و الحجیة انحلالی.

بعد هذه المقدمة نقول کان الجعل بالنسبة الی المجعول انحلالیاً، لا تحلیلیاً.

فإذا قال المولا: «الخمر نجس» دلّ هذا الخطاب علی نجاسة هذا الخمر و ذاک الخمر و ذلک الخمر بدلالة تحلیلیة. فالنجاسة بعدد النجس موجودة واقعاً أی النجاسة فی هذا الإناء موجودة و فی ذاک الإناء موجودة و فی ذلک الإناء موجودة، أی النجاسة مجعولة بعدد النجس و هذا انحلالی. فإذا جعل المولی النجاسة للدم ـ مثلاً ـ اعتبر النجاسة له، و تنحل النجاسة المجعولة بعدد الموضوعات.

و عُوِّض استصحاب عدم الجعل باستصحاب عدم المجعول، فلایُعلم جَعلُ حرمة الشرب لهذا التتن و لایعلم جعل الحرمة لذاک الشرب و هکذا، فیجری استصحاب عدم المجعول بعدد المجعول المشکوک، لکن العملیة الجعل واحدة و لاینحل بعدد افراد المجعول.

مثال ذلک فی الوضع، وُلد الیوم فی البلد خمسون مولوداً و قال السلطان: سمّیتُ من وُلد الیوم فی هذا البلد بعلیٍّ. و هنا صح ان یقال سمی السلطان هذا الطفل بعلی، و سمی ذاک بعلی و سمی ذلک بعلی، مع أنه تسمیته لاتکون الا واحدة، لکن التسمیة منحلة بعدد افراد التسمیة. [فالظهور هنا تحلیلی و لکن التسمیة انحلالیة]

23ـ استصحاب عدم النسخ

و کان لاستصاب عدم النسخ مباحث، لکن یبحث هنا من جهة أنه هل الرکن الرابع فی هذا الإستصحاب تامٌ و له أثر أم لا؟

فإذا عُلم بالحرمة أو بالوجوب فی أول الشریعة لکن یُشکّ فی امتدادها الی آخر زمان الشریعة زمان رحلة النبی صلی الله علیه و آله فیشک فی استمرارها و نسخها! فهنا هل یستصحب بقاء الجعل و بعبارة اخری هل یستصحب عدم النسخ؟


[1] الأستاذ الکریم: تقدم الفرق بین التمسک بدلیل الإستصحاب و بین التمسک بنفس الإستصحاب، و هو بعبارة اخصر یعنی فی التمسک بالدلیل لاحاجة بتواجد الأرکان الأربعة عند الفقیه، لکن فی التمسک بالإستصحاب یشترط أن یتواجد الأرکان عند المجتهد حتی یُجری الإستصحاب.و لا یمکن للفقیه أن تمسک بدلیل الإستصحاب و یفتی بالإستصحاب فی حق العامیّ حتی یجریَ العامی استصحاب بقاء القطع بحرمة المباشرة مع الزوجة ذات الدم إلی بعد انقطاع الدم و قبل الإغتسال، لأنه لایحصل القطع بالحرمة للعامی من فتوی المجتهد.و من ثَمّ قلنا لایجوز الإفتاء متکئا علی الأماره و فتوی المجتهد أمارة. و سوف یأتی البحث عن أنه لایجری الإستصحاب فی موارد قیام الأمارة، لأن رکن الإستصحاب «العلم بالحدوث» الجامع بین القطع و الإطمئنان، و لاعلم فی موارد قیام الأمارة.
[2] الأستاذ الکریم: إن المکلف موضوع التکلیف و هکذا نقول للعلم الثانی «علمٌ بأن هذا خمرٌ و أنا من المکلفین»، لکن اجعلوا العلم بکونه مکلفاً فی المقدر.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo